+ الرد على الموضوع
عرض النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سورة الأعراف 007 - الدرس(16-60): تفسير الآية 34 ، لكل أمة طاغية نهاية محرقة

  1. #1
    muslem Guest

    افتراضي سورة الأعراف 007 - الدرس(16-60): تفسير الآية 34 ، لكل أمة طاغية نهاية محرقة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
    أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس السادس عشر من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الرابعة والثلاثين ، وهي قوله تعالى :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾

    معاني الآية وأبعادُها :
    لهذه الآية أبعاد كثيرة ، ومعاني دقيقة وخطيرة .

    1 – معنى الأُمّة :
    أولاً : من هي الأمة ؟ جمعٌ كبير من البشر ، لهم صفات مشتركة ، بينهم قواسم مشتركة ، الأمر الذي حدا بعلماء النفس إلى وضع علم جديد اسمه علم نفس الأمة ، معظم الأمم لها خصائص مشتركة .
    مثلاً : الله عز وجل وصف اليهود فقال :

    ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾

    ( سورة البقرة الآية : 96 )
    أمّة تؤكد العمل ، أمة تحرص على المال ، أمة غارقة في الشهوات ، أمةٌ أمة مبدأ ، أمةٌ أمة خير ، الأمم بين أفرادها قواسم مشتركة .

    خصائص أمةِ الإسلام :
    لكن الله سبحانه وتعالى خص الأمة العربية والإسلامية بهذه الآية حينما قال :

    ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾

    ( سورة آل عمران الآية : 110 )
    لكن هذه الخيرية لها علتها :

    ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾


    ( سورة آل عمران الآية : 110 )
    فإن لم نأمر بالمعروف ، ولم ننهَ عن المنكر ، ولم نؤمن بالله الإيمان الذي يحملنا على طاعته ، نحن كأية أمة خلقها الله ، لا نملك أية ميزة على بقية الأمم ، وهذا معنى قوله تعالى يخاطب من ادعى أنهم أبناء الله وأحباءه :

    ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

    ( سورة المائدة الآية : 18 )
    وإذا قال المسلمون في آخر الزمان : نحن الأمة المختارة ، نحن أمة سيد الأنبياء والمرسلين ، الجواب الإلهي جاهز :

    ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

    2 – لكل أمّةٍ أجلٌ تقف عنده :
    لذلك أيها الإخوة ، الآية الكريمة :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ﴾
    لكل تجمعٍ كبير صفات مشتركة ، هذه الأمة كبرت ، وقويت ، وسيطرت لها أجل ، هذه الأمة ارتقت في مدارج الفضائل ، لكن لها أجل ،

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾

    وفي قوم عاد عبرة لمَن يعتبر !!!
    مثلاً الله عز وجل ضرب مثلاً للأمم الطاغية ، المتجبرة ، المستكبرة ، التي تنتهك الأعراض ، وتنهب الثروات ، وتظلم العباد ، وتقتل ، وتسفك الدماء ، هذه الأمم الطاغية المستكبرة ، المتجبرة ، ضرب الله لنا مثلاً عنها .

    قوم عاد قال تعالى عنهم :

    ﴿ لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾

    ( سورة الفجر )
    تفوق في شتى المجالات ، قال :

    ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾

    ( سورة فصلت الآية : 15 )
    تفوّق وغطرسة .

    ﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ﴾

    ( سورة الشعراء )
    تفوق عمراني مذهل .

    ﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾

    ( سورة الشعراء )
    وصناعي .

    ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾

    ( سورة الشعراء )
    وعسكري .

    ﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾

    ( سورة العنكبوت )
    وعلمي ، تفوق عمراني ، وصناعي ، وعسكري ، وعلمي ، وغطرسة ، بل تفوق في شتى الميادين .
    أيها الإخوة ، لو أردنا أن تضغط حركتهم في الحياة فهما كلمتان :

    ﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
    الطغيان قصف ، والإفساد ، أفلام .

    ﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
    لم يطغوا في بلدهم ، بل في البلاد في شتى البلاد .

    ﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾

    ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾

    ( سورة الفجر )
    لعاد ، ولمن كانت على شاكلة عاد ، كيف أهلكهم الله ؟

    ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة﴾

    ( سورة الحاقة )
    أيها الإخوة ، ما أهلك الله قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هم أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال :

    ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾

    ( سورة فصلت الآية : 15 )
    ما كان فوق عاد إلا الله ، ومع ذلك أهلكها الله ، وفي هذا إشارة لطيفة حينما قال الله عز وجل :

    ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى﴾

    ( سورة النجم )
    إشارة لطيفة إلى أن هناك عاداً ثانية ، والعالم يعاني منها ما يعاني ، وصفات عاد الثانية تنطبق على صفات عاد الأولى .
    إذاً : الأمم الطاغية لها أجل ، لذلك اسمعوا هذه الكلمات الدقيقة : أية أمة قوية جداً لم يكن فوقها إلا الله قوية جداً ، متغطرسة ، لها نفوذ في كل البلاد ، خططت لتبني مجدها على أنقاض الشعوب ، وتبني حريتها على تقييد الشعوب ، وتبني ثقافتها على إزالة ثقافات الشعوب ، وتبني أمنها على إخافة الشعوب ، وتبني قوتها على إضعاف الشعوب ، وتبني غناها على إفقار الشعوب ، هذه الأمة القوية ، نجاح خططها على المدى البعيد لا يتناقض مع عدل الله فحسب ، بل مع وجوده ، لأن :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
    بالتعبير الدارج كل أمة لها عشرة أيام .


    وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ : كلمةٌ تدعو إلى التفاؤل :
    لذلك أيها الإخوة ، هذا يدعو إلى التفاؤل ، هذا يبعدنا عن الشعور بالإحباط ، والشعور بالقهر ، والشعور باليأس ، والقهر ، واليأس ، والقهر ، والإحباط ليست من صفات المؤمنين .
    أين هم الرومان ؟ أين هم المغول ؟ أين هم اليونان ؟ أين هم الفراعنة ؟ وأين هو المعسكر الشرقي ؟ والقطب الواحد ؟ لعل الله سبحانه وتعالى يهيئ له خطة قد لا يسر بها الأصدقاء .

    3 – معنى : لكل أمّةٍ أجلٌ :
    أيها الإخوة ، معنى :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
    أي لم يَدُم لهم ذلك ، وما مِن شيء يستمر ،

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
    من ألا تيئس ، من أجل ألا تشعر بالإحباط ، من أجل ألا تستسلم ، من أجل ألا تضعف معنوياتك .

    ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

    ( سورة آل عمران )
    الله عز وجل له سياسة ، يمدهم ، ويقويهم ، ويفعلون ما يريدون ، ويقولون ويتبجحون ، ويتغطرسون ، ويهددون ، ويتوعدون ، إلى أن يقول ضعيف الإيمان : أين الله ؟ وقد قالها ضعاف الإيمان ، يمد اللهُ القويَّ ، يعطيه قوة ، يفعل ما يقول ، يفرض ثقافته على بقية الشعوب ، يفرض إرادته على بقية الشعوب ، يقصف ، يدمر ، حتى يقول ضعيف الإيمان : أين الله ، ثم يظهر آياته ، حتى يقول الكافر : لا إله إلا الله ، هناك امتحانان صعبان امتحان يوصلان المؤمن الضعيف إلى أن يقول : أين الله ، وامتحان آخر يوصل الكافر إلى أن يقول : لا إله إلا الله .
    أيها الإخوة ، الله عز وجل يمدهم ، يمدهم ويقويهم ، ويتوهم ضعف الإيمان أنهم يفعلون ما يريدون ، ولكنه يأخذهم فجأة :

    ﴿ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾

    ( سورة القمر )
    ويجعلهم أحاديث .

    سُنةُ الله مع الطغاة والظالمين :
    لذلك أيها الإخوة ، دققوا في هذه الآية ، هذه الآية ترسم سياسة الله مع الطغاة :

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾

    ( سورة القصص الآية : 4 )
    علا علواً كبيراً وقال :

    ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾

    ( سورة النازعات )
    وقال :

    ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾

    ( سورة القصص الآية : 38 )
    لأنه رأى رؤية في ما ترويه الكتب أن طفلاً من بني إسرائيل سيقضي على ملكه ، فأمر يذبح أبناء بني إسرائيل جميعاً ، وأي قابلة لا تخبر عن مولود ذكرٍ تقتل ، القضية سهلة ، لكن الطفل الذي سيقضي على مُلكه رباه هو في قصره ، وهذا مِن حكم الله العظمى ، إذاً :

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾

    ( سورة القصص الآية : 4 )
    السياسة الواضحة له :

    ﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾

    ( سورة القصص الآية : 4 )
    الفتن الطائفية ، أنت كردي ، أنت آشوري ، أنت عربي ، أنت سني ، أنت شيعي الورقة الرابحة في أيدي الطغاة الفتن الطائفية ، ولا يستطيع المسلمون إسقاط هذه الورقة إلا بوعي ، وتقارب ، ومحبة ، إذاً :

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾


    ( سورة القصص )
    لماذا ؟ الآن دققوا كلام رب العالمين :

    ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾

    ( سورة القصص )
    إذاً الله عز وجل يسلط الكافر على المؤمن المقصر ، فإذا عاد المؤمن المقصر إلى الله قواه ، وعالج به الكافر ، هذه سياسة الله .
    هذه آية أصل في الموضوع أعيدها ثانية :

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ ﴾

    ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾

    ( سورة القصص )
    إذاً :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾

    ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
    التعديل الأخير تم بواسطة muslem ; 09-01-2013 الساعة 08:20 AM

  2. #2
    muslem Guest

    افتراضي

    لابد من اتخاذ الأسباب :
    ولكن :

    ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا ﴾

    ( سورة التوبة الآية : 105 )

    ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾

    ( سورة الأنفال الآية : 60 )
    والله عز وجل لن يطالبنا بالقوة المكافئة ، هذا فوق إمكاناتنا ، ولكنه طالبنا بالقوة المتاحة .

    ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾

    ( سورة الأنفال الآية : 60 )
    ويجب أن يكون عدوكم عدواً لله .
    أيها الإخوة ، لماذا ينتقم الله من الطغاة ؟ ينتقم منهم لتحقيق السلامة بين البشر ، لئلا ييأس البشر ، لمعالجة البشر ، الظالم سوط الله ، ينتقم به ثم ينتقم منه .

    ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾

    ( سورة الأنعام )
    أيها الإخوة ، سأقول كلمة دققوا فيها : لو أراد خصوم الطغاة أن ينتقموا منهم لما استطاعوا أن ينتقموا منهم كما ينتقم الله منهم .

    ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

    ( سورة البروج )
    لو أراد خصوم الطغاة أن ينتقموا من الطغاة بكل ما أوتوا من قوة لا يستطيعون أن ينتقموا معشار انتقام الله منهم .
    إذا رأيت فساداً ، أو طغياناً فلا تيأس ، واقرأ قوله تعالى ،

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾

    الحكمةُ في تسليط الظالم والمصائب على الناس :
    لكن النقطة الدقيقة ، وهذا بعلم الله عز وجل هناك شريحة اجتماعية واسعة جداً لا يمكن أن تلجأ إلى الله ، ولا أن تصطلح معه ، ولا أن تقبل عليه ، ولا أن تلتزم منهجه إلا إذا عضك الظالم ، فالظلم لهم دور كبير جداً ، هم يعضون المؤمنين ، والمؤمنون يلجئون إلى الله ، يلوذون بالله ، يحتمون بالله ، يقبلون على الله ، يلجئون إلى المساجد .
    عقب زلزال في تركيا أقسم لي أحد الإخوة في اسطنبول أن المساجد في الصلوات الخمس لا تتسع للمصلين ، من شدة الخوف .
    فهذه المصائب لها دور كبير جداً في هداية البشر ، ولا أبالغ أن معظم الناس أتوا إلى الله ، وفروا إليه في التعبير القرآني ، وأقبلوا عليه ، واصطلحوا معه عقب تدبير إلهي حكيم ، والبطولة أن تأتيه طائعاً ، البطولة أن تأتيه بعد الدعوة البيانية .

    ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾

    ( سورة الأنفال الآية : 23 )
    أكمل شيء أن تستمع إلى درس ، إلى خطبة ، أن تقرأ كتابا ، أن تقرأ آية ، أن تشرح آية ، تهتم ، تتعظ ، تستقيم ، تلتزم ، هذا أكمل إنسان .

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

    ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

    ( سورة القصص الآية : 50 )
    هناك معالجة أصعب ، التأديب التربوي :

    ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

    ( سورة السجدة )
    إن لم تُجدِ الدعوة البيانية أخضعك الله للتأديب التربوي ، وهذا أصعب ، كالتهاب معدة حاد ، بالحمية الشديدة تشفى ، لم تلتزم بالحمية إذاً لابد من عملية جراحية ، العملية أصعب ، فيها تخدير ، وفيها فتح بطن ، أما لو التزمت حمية شديدة فلا حاجة للعملية ، فإما أن تأتيه طائعاً مستجيباً ، متمسكاً ، ملتزماً ، أو لا بد من تأديب تربوي ، فإن لم تتب عقب الشدة فهناك طريقة ثالثة هي الإكرام الاستدراجي ، تأتي الدنيا ، وأنت لست على طاعة الله ، تأتي الدنيا من أوسع أبوابها :

    ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾

    ( سورة الأنعام الآية : 44)
    إذاً دعوة بيانية ، تأديب تربوي ، إكرام استدراجي ، وقصمٌ :

    ﴿ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
    أيها الإخوة ، إذاً هناك شريحة من البشر كبيرة جداً لا سبيل إلى أن تعرف الله ، وأن تصطلح معه إلا عن طريق الشدة ، لذلك :
    أوحى ربك إلى الدنيا أن تشددي ، وتضيقي ، وتكدري على أوليائي حتى يحبوا لقاءي .
    شهد الله أن المؤمن إذا عرف الله يرى أنه إذا أخضعه لشدة هو في العناية المشددة ، ضمن الإمكان ، في إمكان أن تهتدي ، فالله وضعك ضمن ظرف صعب .
    لذلك بالضبط دققوا في هذا المثل : إنسان معه مرض خبيث في الدرجة الخامسة ، ولا أمل بشفائه ، بقي له أشهر ، وسأل الطبيب : ماذا آكل ؟ يقول له : كل ما شئت ، أما إنسان معه التهاب معدة ، وبحمية خلال أربعة أيام ينجو ، فالطبيب يقيم عليه النكير لو أكل شيئاً يؤذيه معدته ، فإذا تشدد فهناك أمل ، التشدد فيه خير ، وبقية خير ، وإمكان إصلاح ، وإمكان شفاء ، وإمكان توبة .
    لذلك إذا أحب الله عبده ابتلاه ، إذا أحب الله عبده عجل له بالعقوبة ، وحينما تعامل معاملة شديدة من قِبل الله دقق فيما سأقول ، فأنت في العناية المشددة .
    لكن النبي علمنا أن نقول : لكن عافيتك أوسع لنا يا رب ، والبطولة أن تأتيه طائعاً ، وأنت صحيح معافى .
    أيها الإخوة ، الحقيقة التي يجب أن نؤمن بها أن هؤلاء الطغاة إن لم يضيقوا على المؤمنين ، إن لم يهددوا المؤمنين ، إن لم يقطعوا عنهم بعض الإمدادات ، إن لم يحاصروهم ، هؤلاء فقد لا يتعرفون إلى طريق الحق ، قد لا يلجئون إلى الله .
    لذلك هذه الشدة حينما يكتشف الإنسان يوم القيامة حكمتها يجب أن يذوب محبة لله عز وجل كما تذوب الشمعة إذا اشتعل فتيلها .

    ﴿ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

    ( سورة يونس )
    مرة ثانية : الآية التي تنتظم هذا الدرس :

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

    كلُّ شيءٍ وقع بإرادةِ وحكمة الله :
    أيها الإخوة ، يجب أن تعلم علم اليقين أن كل الذي وقع أراده الله ، وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، هذا هو الإيمان ، لو أن شدة أصابة المسلمين بعدها خير ، الآن نخبة قليلة من الناس يكتشفون الإيجابيات من وراء الأحداث الأخيرة في العالم ، هذه الإيجابيات على رأسها أن العالم انقسم إلى قسمين ، المنطقة الرمادية في العالم اختفت ، هناك أبيض وأسود ، مؤمنون وغير مؤمنين ، صادقون وكاذبون ، مخلصون وخائنون ، العالم أخذ الوضع الحاد ، أبيض وأسود ، هذه موحلة كبيرة جداً ، الإسلام قفز إلى بؤرة الاهتمام ، الإسلام وحّد المسلمين ، هذه الشدائد توحد .

    اكتشافُ إيجابيات الأحداث الأخيرة :
    لو أنّ إنسانا عنده تأمل عميق ، وتحليل دقيق لاكتشف أن هناك إيجابيات في الأحداث الأخيرة لا يعلمها إلا الله مثلاً :
    إن صح أن هناك ساحة عليها المبادئ والقيم في الأرض ، كانت قبل خمسين عاما كتلة الشرق بمبادئه وقيمه ، والتركيز على المجموع ، وقيم الغرب بمبادئه وقيمه ، والتركيز على الفرد ، والإسلام وحي من السماء ، منهج إلهي ، الشرق تداعى من الداخل ، بقي على ساحة المبادئ والقيم الإسلام والغرب ، الغرب قوي جداً ، وغني جداً ، وذكي جداً ، وطرح قيم رائعة جداً ، والحق يقال ، طرح قيمة الحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، وتكافؤ الفرص ، وحق المقاضاة ، والحريات بكل أنواعها ، والعولمة ، واحترام جميع الأديان ، قبل 11 أيلول ، فخطف أبصار أهل الأرض ، وصار الذي معه بطاقة خضراء ، كأنه دخل الجنة ، وتمنى البشر جميعاً أن يعيشوا في بلاد الغرب ، ولكن الله سبحانه وتعالى ما كان ليغش البشر فأظهر حقيقة الغرب .
    والله قبل 20 ـ أو 30 عاما قلة قليلة جداً من المثقفين في العالم الإسلامي يكشفون حقيقة الغرب ، الآن أطفالنا كشفوا حقيقة الغرب ، الآن لا يمكن أن تحترم هذه الحضارة ، قد تخاف منها ، هي قوة غاشمة ، ولكنها ليست حضارة راقية أبداً ، لم يبقَ على ساحة المبادئ والقيم إلا الإسلام ، وهذا أكبر مكسب تحقق للمسلمين في الحقبة الأخيرة
    .

    الألم وسيلة للسعادة :
    أيها الإخوة ، يبدو أن الألم وسيلة للسعادة ، لذلك من أسماء الله الضار ، وممنوع أن تقول : اسم الله الضار ، اسم الضار يذكر مع النافع ، الضار النافع ، فهو يضر لينفع ، ممنوع أن تقول : الله الخافض ، يجب أن تقول : الله الخافض الرافع ، يخفض ليرفع ، ممنوع أن تقول : الله مذل ، قل : الله مذل معز ، يذل ليعز ، ممنوع أن تقول : الله مانع ، يمنع ليعطي ، وربما كان المنع عين العطاء .
    واللهِ لو كُشف للإنسان يوم القيامة حكمة ما ساقه الله إليك لصعقتَ ، كان دخله محدودا ، وولدا يتيما ، عنده مشكلة صحية ، لم يوفق في زواجه ، لو يُكشف للإنسان يوم القيامة الحكم التي وراء ما ساقه الله من قضاء وقدر أقول : والله إن لم يذب كالشمعة محبة لله ففي هذا الدين خلل .

    (( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ودار ترح لا دار فرح فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشدة ، ألا وإن الله تعالى خلق الدنيا دار بلوى ، والآخرة دار عقبى ، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة ، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ويبتلي ليجزي ))

    [ رواه الديلمي عن ابن عمر ]
    إذاً : الألم وسيلة للسعادة ، كم من إنسان عظيم له بصمات كبيرة جداً على الثقافة البشرية ، نشأ يتيماً ، نشأ فقيراً ، نشأ مضطهداً ، لذلك قالوا : الحزن خلاّق ، الحزن يورث التفوق أحياناً ، أما النعيم فلا يورث شيئاً ، تلاحظون أن طفلا ينشأ في أسرة غنية جداً لا يدرس ولا يتفوق ، ولا يلتزم بشيء ، مائع ، ضائع ، وهكذا ، النعيم أفسده ، وقد تجد بطولات من الفقراء ، يسمون عند الناس عصاميين ، بطولات كبيرة جداً ، لأنّ الحزن خلاق .
    يجب أن تعتقد أنك لست مخيراً في أمك وأبيك ، ولا في كونك ذكراً أو أنثى ، ولا في مكان ولادتك ، ولا في زمن ولادتك ، ولا في قدراتك ، وقد أكد علماء التوحيد أن هذا الذي لم تكن مخيراً به محض خير لك ، وليس في الإمكان أبدع مما كان ، بل ليس في إمكانك أبدع مما أعطاك .
    إذاً : الألم وسيلة للسعادة ، والضرر طريق للنفع ، والخفض طريق للرفع ، والإذلال أحياناً طريق إلى العز ، والمنع أحياناً طريق عين العطاء .
    لذلك المؤمن عقب مشكلة ، عقب شبح مصيبة ، عقب خطر ، يلجأ إلى بيت الله الحرام معتمراً أو حاجاً ، فيصطلح مع الله ، أو يأتي إلى المسجد ليصلي في المسجد ، وليذكر الله فيه ، أو يلجأ إلى تلاوة القرآن ، أو يحاول أن يسترضي الله بالأعمال الصالحة ، والبذل والتضحية .
    لذلك حينما تفهم على الله حكمته من الشدائد تنقلب الشدائد إلى رغائب ، والبطولة أن تعتقد اعتقاداً جازماً أن كل شيء يفعله الله لخير ، أنت لا يستقيم إيمانك حينما تتوهم أن الله لا يعلم ما يجري في الأرض .


    التعديل الأخير تم بواسطة muslem ; 09-01-2013 الساعة 08:17 AM

  3. #3
    muslem Guest

    افتراضي

    ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾

    ( سورة الأنعام الآية : 59 )
    ينزل صاروخ ، معقول ورقة يعلمها وصاروخ لا يعلمه ؟! مستحيل ، وأنت لا يستقيم إيمانك حينما تتوهم أن الله لا يقدر أن يردع الطغاة ، كن فيكون ، زل فيزول .
    زلزال آسيا ، يساوي مليون قنبلة ذرية ، الأمر بيد الله عز وجل .

    ﴿ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً﴾

    ( سورة يس الآية : 29 )
    لكن الله يمهل ولا يهمل .

    من تدبير الله تعالى : تسخيرُ الأعداء لخدمة الدين :
    شيء آخر : الطغاة مهما كانوا ظالمين ، ومهما كانوا فاجرين ، ومهما كانوا مفسدين ـ دققوا فيما سأقول ـ لا بد من أن يسخرهم الله لخدمة دينه من دون أن يشعروا ، ومن دون أن يريدوا ، وبلا أجر وبلا ثواب .
    أقول لكم وأنا أعني ما أقول : أكبر جهة لها الفضل في صحوة المسلمين أعداء المسلمين ، يدفعونهم إلى التوبة ، يدفعونهم إلى الصلح مع الله ، يدفعونهم إلى طلب العلم ، لو أن الحياة فيها رخاء شديد ، وفيها تفلت ، وفيها شهوات ، وفيها تجارة رائجة ، تجد أن الأماكن التي فيها رخاء شديد هذا الرخاء أكبر حجاب عن الله عز وجل ، والأماكن التي فيها شدة فيها قلق ، وفيها ضغوط ، تجد المساجد ممتلئة ، الناس منيبة ، الناس يصلون الليل ، يقرؤون القرآن ، ويتعاونون ، والله هناك بطولات في هذه البلدة لا يعلمها إلا الله ، من الشباب ، من الشابات ، بذل ، تضحية ، لا تنظر إلى الطرف الآخر المتفلت ، هناك بيوت تنطوي على أولياء في هذه البلدة .

    (( رأيت عمود الإسلام قد سُل من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو بالشام ))

    [ أحمد ]

    (( رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة ، قلت : ما تحملون ؟ قالوا : عمود الإسلام ، أمرنا أن نضعه بالشام ، وبينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام ))

    [ رواه الطبراني عن عبد الله بن حوالة ]
    والله أنا سافرت كثيراً شرقاً وغرباً ، والله كلما أعود إلى هذه البلدة أرى مصداق قول النبي فيها .

    (( رأيت عمود الإسلام قد سُل من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو بالشام ))
    النقطة الدقيقة : نقول نحن للطاغية أحياناً : لو علمت ما سبّبت للمسلمين من عودة إلى الله ، ومن رخاء من تعامل المسلمين مع الله من دون أن تشعر ، ومن دون أن تريد لندمت أشد الندم ، الطرف الآخر دائماً هو الذي يدفعنا إلى باب الله ، يسوقنا إلى بابه .


    (( عجبت لأقوام يساقون إلى الجنة في السلاسل ))

    [ أخرجه الطبراني عن أبي أمامة أبو نعيم ، عن أبي هريرة ]
    هذا كله يكشف يوم القيامة ، ترى أن الله بيده كل شيء ، وأن هؤلاء الطغاة وظفهم للخير المطلق ، ما مِن مكان فيه شدة إلا وفيه عودة إلى الله ، وتوبة ، وصلح معه ، وهذا شيء واضح جداً .

    لا أحد يستطيع إفسادَ هدايةَ الله لخَلقه :
    لذلك أيها الإخوة ، أطمئنكم أن قوى الأرض مجتمعة لا تستطيع أن تفسد على الله هدايته لخلقه ، أبداً ، الدليل :

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾

    ( سورة الأنفال الآية : 36 )

    ماذا علينا أن نفعل ؟
    إذاً : الكرة في ملعبنا ، والله ينتظرنا .

    (( ولو يعلم المعرضون انتظاري لهم ، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ، ولماتوا شوقاً إلي ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين ))

    [ ورد في الأثر ]
    الله ينتظرنا ، والأمر بيده فقط ، وليس إلا الله ، ولا إله إلا الله ، ولا رافع إلا الله ولا خافض إلا الله ، ولا معطي إلا الله ، ولا مانع إلا الله ، ولا معز إلا الله ، ولا مذل إلا الله وهذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، وما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كله عائد إليه ، الآن الحل :

    ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

    ( سورة آل عمران الآية : 120 )
    كل خططهم ، وأسلحتهم ، وحاملات طائراتهم ، وصواريخهم العابرة للقارات ، وأقمارهم الصناعية ، وأموال بأيديهم ، ومناطق نفوذ ، وثروات بين أيديهم ، كل هذا الحجم الكبير ،

    ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾
    ولكن إن تعصوا ، وتصبروا ما بعد المعصية والقهر إلا القبر ، لكن بعد الطاعة والصبر في النصر ، فأنت مؤهل أن تنتصر بطاعتك لله ، وبصبرك على الشدة التي ساقها الله لك .
    لذلك أيها الإخوة ، الآية الدقيقة جداً :

    ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

    ( سورة الرعد الآية : 11 )
    إن لم نغير فلا يغيّر الله ، وإن غيرنا يغيّر الله ، والكرة في ملعبنا ، والأمر في يدنا ، وخلاصنا لا بأيدي أعدائنا ، أبداً ، والإنسان ضعيف الإيمان هكذا يتوهم ، أن خلاصنا بيد أعدائنا ، خلاصنا بأيدينا .

    ﴿ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾

    ( سورة الأنفال الآية : 19 )
    وليس في الكون إلا الله ، ولا إله إلا الله ، هذه كلمة التوحيد .
    أيها الإخوة ، وكل إنسان الآن الله فردا ، شركة ، مؤسسة ، جماعة يقيمون على ظلم أو على خطأ فلها نهاية ، إلا المؤمن الصادق المستقيم فخطه البياني صاعد صعودا مستمرا ، إلا الذي أن يؤمن ، وبنى مجده على أنقاض الآخرين ، بنى حياته على موت الآخرين ، وبنى عزه على إذلال الآخرين ، وبنى أمنه على إخافة الآخرين ، وبنى غناه على فقرهم ، هذا له نهاية تأتي الآية :

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
    آية مطمئنة ، آية يطرب لها المؤمن ،

    ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾
    في بعض الدول بالشرق تداعت من الداخل ، عندها قنابل نووية يمكن أن تبيد الخمس قارات خمس مرات ، بلا أي حرب خارجية تداعت من الداخل .

    ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾

    ( سورة الإسراء )
    لو كان عمره سبعين سنة فهو زهوق ، لو كان يملك سلاحا نوويا فهو زهوق .

    ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾
    هذا هو الإيمان ، الإيمان ليس إلا الله ، الإيمان لا إله إلا الله .

    خاتمة :
    أيها الإخوة ، آية قصيرة لكن مدلولاتها كبيرة ، آية قصيرة تفرح الإنسان آية قصيرة تذهب عنه اليأس ، والإحباط ، والتطامن ، لا تقولوا انتهينا ، لم ننتهِ ، نحن عند الله في مكان قوي ، والله لن يترنا أعمالنا ، والله معنا ، ولكن ينبغي أن نصطلح معه .

    والحمد لله رب العالمين

    http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.p...=253&sssid=254

+ الرد على الموضوع

Tags for this Thread

تعليمات المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك