مؤمن
24-08-2008, 04:09 AM
يلاحظ أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يأخذون الأحكام أخذاً مؤثراً، فبمجرد أن تنزل الآية وبمجرد أن يصدر الحديث عن الرسول الأكرم، يبادرون إلى أن يضعوا ذلك موضع التنفيذ، وتنطبع جميع أعمالهم به، لأنهم أخذوه أخذاً مؤثراً، أي للعمل والتطبيق، بعد أن آمنوا به حقاً وأخذوه صدقاً، ولذلك فإن كل ذلك يتحول لديهم إلى مفاهيم دافعة للعمل، وليس مجرد معلومات في الذهن، بل أفكاراً لها وقائع خارجية تؤخذ للتنفيذ والتطبيق، ولذلك انطبعت جميع أعمالهم بما كان ينزل من قرآن، وبما كان يصدر عن الرسول من سنّة، واعتبروا أن وجودهم في هذه الحياة إنما هو من أجل تنفيذ ما ينزل على رسول الله وحمله للناس رسالة، ولذلك آمنوا أنهم حملة رسالة، فباعوا أنفسهم لله، وجعلوا عملهم الأصلي حمل الرسالة. وأما السعي للرزق فجعلوه يدور حول حملهم الرسالة، ولذلك لم يتكالبوا على الدنيا ولم تأخذ الدنيا عليهم. وكذلك نحن، يجب أن نأخذ الأفكار والآراء والأحكام أخذاً مؤثراً يجعلها عندنا مفاهيم دافعة تشكل سلوكنا بها، وتطبع أعمالنا بطابعها، لأننا أخذناها بصدق وإيمان، وأخذناها عن قناعة، وأخذنا لأفكارنا بهذه الكيفية سيجعلنا نندفع للعمل بمقتضاه، ولحملها للناس من أجل أن يتبنوها وأن يطبقوها، وسيجعل أخذنا لها بهذه الكيفية عملنا الأصلي، وهو حملها للناس وتطبيقها على أنفسنا وسيجعلنا لا نحرص على هذه الدنيا ونعيمها والانغماس في ملذاتها، وسيجعلنا نبذل بسخاء أموالنا وأرواحنا ومصالحنا حتى نحققها واقعاً مطبقاً في الوجود، ومحمولاً رسالة هدى ونور إلى مشارق الأرض ومغاربها، لأننا آمنا بها بصدق، وأخذناها بحق، فانطبعت بها أعمالنا وتعلقت بها آمالنا.