المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من مكتبتي



نائل سيد أحمد
19-09-2010, 02:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تأ ملات في الخلاف

إعداد : نائل سيد أحمد / القدس

سبق وأن دب الخلاف في مسائل فقهية أحدثت أثراً في حياة الناس الواقعية فيتنافرون ولا يتفقون ، ويتفرقون ولا يتحدون ، وقد يحمل بعضهم على بعض ، وقد وصل الخلاف الى حد قراءة الفاتحة في الصلاة ، أهي فرض أم غير فرض ؟ أتقرأ خلف الامام أم لا تقرأ ؟ أيسد غيرها من القرآن مكانها أم لا ؟ بل وصل الخلاف إلى أمور تتصل بأمر الآخرة كما في حديث دنو الشمس من الخلائق قدر ميل يوم القيامة . أهو ميل القياس المعروف أم هو الميل الذي ..... ؟ ومثل ذلك أمور عديدة تحتاج الى حسم ولربما لو لم تظهر هذه الخلافات ، التي انعكست على حياة الامة الواقعية لكانت بين المسلمين و حدة فكرية شعورية تجعلهم متحدين أقوياء.

و من المعلوم أن في الدين أصولا يجتمع الناس عليها، لأنها مطلوبة من كل مسلم كالإيمان بالله و ملائكتة و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره وشره، التي هي أركان الإيمان، و مثلها في و جوب الأخذ بها أركان الإسلام، و كذلك كل ما جاء به الدين في مسائل الشريعة و القوانين التي تيسر حياة الناس و تسهل التعامل بينهم ، و أعني بهذا الجانب الأخير كل ما ورد في القرآن الكريم و السنة الصحيحة .

وإلى جانب هذه الأصول الثابتة المقررة تجد فروعا يختلف حولها المجتهدون لعديد من الأسباب ليس هنا مجال ذكرها إلا أنها كلها لا تخرج عن محور الأصول الدينية الثابتة و لنقرب هذه المسألة بمثل من الحياة :

إن جميع العقلاء يتفقون على أنّ الإنسان ينبغي ألاّ يخرج على الناس بغير ثياب في اي مكان، و معنى ذلك وجوب لبس الثياب على الإنسان، و مع هذا الأصل الذي يتمسك به الناس أجمعون بغير خلاف تجدهم يختلفون أعظم الاختلاف في نوعية الثياب التي يلبسونها ما بين صوف أو حرير أو كتان أو قطن، و غير ذلك من انواع الملبوسات، و يختلفون كذلك في ألوانها ما بين أحمر و أبيض ، و أسود ، و غير ذلك ممالا يحصى من الألوان و يختلفون كذلك في طول الثياب أو قصرها و طريقة تفصيلها وحياكتها، و طريقة لبسها و الظهور بها ، وكل ذلك مما تألفه الأنظار و تقبله العقول ،و لا يخطر على بالها نكيرإلا إذا رأت إنسانا قد تجرد من ثيابه ، لماذا لأنه تخلى عن أصل لا يمكن التخلي عنه .

فلماذا لا تأخذ هذا المثل الواقعي العملي مجالا نطبقه في أمور الدين ، فما دام الإنسان متمسكا بالأصول ، سالكا في الفروع و هي ظل هذه الأصول وراجعا إليها فلماذا نلومه أو نعيبه أو نقول إنه يفرق بين المسلمين؟

وإن أمر الخلا ف أو الاختلاف سوف يبقى تصديقا لقول الله تعالى :

{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجِنّة والناس أجمعين } سورة هود :118 .

قدّر الله سبحانه أ لا يكون الناس جميعاً متفقين على ديانة واحدة وشريعة واحدة وملة واحدة ، وهذا الخلاف هو في طلب العقيدة وطريقة العبادة وفي كل ما يختلف فيه دين عن دين .

شاء الله الاّ يكون الناس أ مة واحدة ، فكان من مقتضى هذا أن يكونوا مختلفين وأن يبلغ هذا الاختلاف أن يكون في أصول العقيدة ـ إلا الذين أدركتهم رحمة الله ـ الذين أهتدوا إلى الحق ـ والحق لا يتعدد ـ فاتفقوا عليه، و هذا لا ينفي أنهم مختلفون مع أهل الضلال . في ظلال القرآن ج 4 ص 1933 . ط ، ك دار الشروق .

والخلاف مع أهل الضلال و مخالفتهم في مناهجهم و تصوراتهم و قيمهم و عاداتهم وتقاليدهم أ مر محبوب و مطلوب من المسلمين ، يزدادون به ثقة في الدين ، و يزدادون به عزة حين يعلون منهج رب العالمين ، على أن هذا الخلاف مع هؤلاء الضالين ينبغي أن يكون تحت مظلة الدين لايتجاوزها ، فطريقة البعد عن المجادلة إلا بالتي هي أحسن ،و دعوتهم إلى الشرع و الدين بالحكمة و الموعظة الحسنة ، هو ما ينبغي أن يكون ومع اعتقادنا بفساد مناهجهم و تصوراتهم لمهمة الإنسان و علاقته بالله والكون و الحياه ، فإننالا نجعل دعوتنا إياهم لديننا منصبّة على فساد تلك التصورات و بيان ما بها من اباطيل وأضاليل، إذ قد يكون ذلك ـ في بداية الأمرـ حاجزا لهؤلاء عن قبول الدعوة ، و دافعا لهم ليردوا عن باطلهم بما يستطيعون ، فيصيبوا المسلمين بما يكرهون, وقد بيّن الله ـسبحانه ـ ذلك ـ في قوله : { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم } . سورة الأنعام :108 .

فالله ـ سبحانه ـ يمنع أتباع الحق من سب آلهة الباطل المدَّعاة ، حتى لا يجترىء اتباع الباطل ، فيسبوا الله، وهذا لون من أدب الدعوة أو فقه الدعوة إن شئت .

وليس هذا مجال حديثنا اليوم ، إذ أننا لا نتحدث عن الخلاف بين اتباع الحق واتباع الباطل ولكننا نتحدث عن الخلاف بين اتباع الحق وحده ، الذين يجب عليهم أن يتخلقوا بأخلاق السلف الصالح ويتأدبوا بأدبهم بالخلاف الذي لا يصل ـ إن شاء الله ـ إلى اصول الدين وإنما هو من فروع الدين أو هو إلى فروعه أقرب ، والخلاف في الرأي بين أتباع الحق له أسباب معروفة معروضة فقد يصل إلى مجموعة من العلماء من العلم ، ما لم يصل غيرهم والعقول تتفاوت في الفهم وحسن الإستنباط ودقة القياس ، وغير ذلك مما يجعل الناس يتفاوتون في الحكم على قضية واحدة ، وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التفاوت في الفهم حين أمر الناس أن يصلوا العصر في بني قريظة ، فصلى بعضهم في الطريق قبل وصوله إلى بني قريظة لأنه فهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد الإسراع في السير نحو بني قريظة وقد تحقق هذا المقصود فلا ضير من الصلاة في وقتها ، وأصرّ آخرون ألا يصلوا العصر إلا في بني قريظة تنفيذا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين علم الرسول بما فعل هؤلاء وأولئك أقر صلى الله عليه وسلم الجميع على ما فعلوا .

والمهم في الأمر أن هذا الإختلاف في الرأي لم يكن مدعاة لمذمة بعضهم بعضا ولا لإتهام بعضهم لبعض ، ولا لإثارة غبار فتنة تفرق بين المسلمين ولا غير ذلك وإنما حدث ما حدث ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علم به وانتهى الأمر بذلك ، وظلت المودة بين المؤمنين موجودة ، والأخوة قائمة بينهم غير مفقودة .

وهذا ما نعنيه بأدب الخلاف ، فلم يتفق جميع المسلمين في وقت واحد على مسألة من مسائل الفروع فهذا من العسير، واختلافهم ـ في مثل هذه الأمور الفرعية ـ التي لا يتجاوزون فيها سياج الدين ، أمر لا ضرر فيه ، إن بقيت ـ بينهم ـ المحبة ، واستمرت المودة ، وتوثقت الأخوة ، أما إن جرّ الخلاف في الفرعيات وراءه أحقاداً لا تموت ، وضغائن لا تمحى ، وتراشق المسلمون بألسنة حداد ، يسلب بعضهم بعضا من الفهم والعلم والدين ، ويبحث بعضم وراء العورات ليكشفها لا ليسترها ، وليفضح بها أمام الناس إخوانا في الدين وربما كانوا من العاملين الصادقين المخلصين ، ولا يعلم ما في قلوبهم إلا رب العالمين، إنْ جر الخلاف مثل ذلك فماذا بقي من المودة ؟ وماذا بقي من الأخوة ؟ .

لقد حدث خلاف بين السلف الصالح في مسائل كثيرة ، ولكن نفوسهم كانت عظيمة وقلوبهم كانت عامرة بالتقوى فخافوا الله فيما يقولون وفيما يفعلون ، والتمسوا للمخالفين عذرا ، وقبلوا منهم ما به يقوي شأن الجماعة ، دون أن يقيموا بينهم وبين هؤلاء أستارا موهومة ، وحججا مزعومة ، ليتفرق الجميع ، بحجة أنهم لنا مخالفون وعن أفكارنا بعيدون . نقول : إن الخلاف بين السلف كان موجودا وحين يحسم الأمر يلتزم الجميع ويصبحون طاقة عاملة ، ويدا واحدة يدفعون بها أعداء الله ، ويرفعون بها راية الإسلام دون خوف من رأي قيل ، أو موقف حدث ذات يوم .

وهل تذكر ـ أخي المسلم ـ يوم السقيفة وما كان فيه من خلاف بين المهاجرين والأنصار حول الخلافة ومن أحق بها وأولى بالقيام بشؤونها ؟

ولكن سرعان ما يزول هذا الخلاف من طريق المسلمين ، ولم يبقى منه إلا أحداثا يرويها التاريخ لنأخذ ـ نحن ـ منها عبرة لأنفسنا ، نتجاوز بها ما بيننا من خلافات في الرأي فيتوحد طريقنا ، ولا نثير فيه من حين لآخر غبار بعض الخلافات التي حدثت بيننا ، ونحن لا يحدث بيننا اليوم خلاف يصل في درجته لمرحلة الخلاف الذي دب في سقيفة بني ساعدة ، ولم نقرأ في كتب التاريخ أو السير أو التراجم أو غيرها أن أحداً من المسلمين اتخذ من موقف صاحبه في ذلك اليوم مجالا للتندر أو السخرية أو الإزدراء ، ومع أن خلافاتنا صغيرة هينة إلا أنها تبقى مثارا دائما للتندر أو للسخرية أو لاختلاق العيوب وإثارة القلاقل من حين لآخر ، وكأن الأمر مقصود لذاته ، ونحن في هذا ننهج غير نهج السلف ونسير على غير ما ساروا عليه .

وهذا عمر رضي الله عنه يختلف مع إبن مسعود في أكثر من مائة مسألة فقهية ، ومع هذا الخلاف لم يعب أحدهما صاحبه ، بل نسمع قول إبن مسعود عن عمر رضي الله عنهما حين يقول : ( كان عمر للإسلام حصنا حصينا يدخل فيه الناس ولا يخرجون ) فيأخذنا العجب من عظمة أخلاق هؤلاء الرجال ، الذين ترعرعت التقوى في قلوبهم فأثمرت وأينعت تقديرا واحتراما .

هكذا كانوا في خلافاتهم لا يبحثون عن الزلات ، ولا يتبعون السقطات ، ولا يعدون على اللسان العثرات ، ولم يكونوا رضوان الله عليهم أجمعين يفتشون في العبارات من أجل إيقاد نيران العداوة ، وإثارة النفور ، وإبعاد الثقة ، واعتقاد كل واحد أنه ـ وحده ـ على صواب ، وإن غيره على خطأ هو مصدر الخطيئة ، وبداية الفتنة ، فأين (( قولي صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب )) ؟ وأين : (( إذا رأيتم قولي يخالف الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط )) ؟ .

ولنعلم أن كثيرا من مسائل الخلاف تقوم على الرأي والرأي مشترك ، يأخذ كل بما يصل إليه اجتهاده ، دونما مطعن للآخرين أو تمزيق لوحدة المسلمين ، لأن هذه المطاعن والتمزقات تدخل في تحريش الشيطان بين المسلمين ، الذي أخبر عنه الرسول الكريم في قوله {{ إن الشيطان قد يأس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم }} رواه مسلم في كتاب صفة القيامة ـ الجنة والنار رقم 5030 ورواه الترمذي البر والصلة رقم 1860 .

وكل سوء ينبعث عن خلاف في الرأي هو من هذا التحريش ، الذي يثير العداوة ، وينشر الأحقاد ، ويكشف عن حسد دفين في القلوب ، ويبعد بنا عن منهج السلف الصالح الذين كان دينهم أعظم من أن يمس وأعلى من أن يدخل في باب حزازات النفوس وأهوائها . وهذا سعد إبن أبي وقاص يحدث بينه وبين خالد بن الوليد رضي الله عنهما شيئ ، ويأتيه من يحدثه عن خالد فيقول له سعد : ( يا هذا إنما بيننا لا يصل ديننا ) .

الخلاف في الفرعيات أمر ضروري لا بد منه ، إذ أن أصول الإسلام آيات وأحاديث وأعمال تختلف في فهمها وتصورها العقول والأفهام . لهذا كان الخلاف واقعا بين الصحابة أنفسهم ، وما زال كذلك وسيظل الى يوم القيامة ، وما أحكم الإمام مالك رضي الله عنه حين قال لأبي جعفر وقد أراد أن يحمل الناس على الموطأ : ( إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار ، وعند كل قوم علم فإذا حملتهم على رأي واحد تكون فتنة ) وليس العيب في الخلاف ولكن العيب في التعصب في للرأي والحجر على عقول الناس وآرائهم . هذه النظرة إلى الأمور الخلافية جمعت القلوب المتفرقة على الفكرة الواحدة وحسب الناس أن يجتمعوا على ( ما يصير به المسلم مسلما ) كما قال زيد رضي الله عنه .

ولقد كان الأئمة الفضلاء يتمسكون كل التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأن الله عز وجل أمرنا بذلك فقال : {{ وما أختلفتم فيه من شيئ فحكمه الى الله }} سورة الشورى : 10 . وقال سبحانه : {{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئٍ فردوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }} سورة النساء : 59 .

فأمرنا الله ـ عز وجل ـ بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام .. ثم طاعة أولي الأمر .. فإن وقع الإختلاف سواء بيننا وبين ولي الأمر .. أو فيما بيننا فقط .. فلا يكون الرد إلا لله ورسوله .

فهذان الأصلان هما أساس كل بناء إسلامي ، فالقرآن هو المصدر الأول لكل مسلم والسنة هي المصدر الثاني ، ولا خلاف بين أحد في ذلك .

المرجع : رسائل الدعوة والشباب

***

ابو عمر الحميري
19-09-2010, 04:02 PM
الاصل انه لا خلاف بين المسلمين في العقيدة لأن العقيدة قطعية ولا اجتهاد فيها
الاحكام الشرعية القطعية كوجوب الصلاة والصيام والزكاة لا خلاف فيها لأن أدلتها قطعية الثبوت قطعية الدلالة .
الاحكام الشرعية الظنية هي مجال الخلاف لأن ادلتها ظنية ولكن لا ينبغي ان يكون ذلك الخلاف سبيلا للتقاطع والتباغض والسلام

وليد فهد
19-09-2010, 06:09 PM
عندما يخرج علينا احدهم ويفتي بغير ما انزل الله فهذه المصيبة تماما كما يخرج علينا احدهم ويدعز الى المهدي او اخر يعتبر هذا الزعيم او الرئيس ولي امر وغير ذلك كثي
القضية كما قال احدهم ان الخيانة وجهة نظر تماما كالذي يتكلم في الفقه من مخيلته ويطلق الفتاوي من هنا وهناك