ابواحمد
19-08-2010, 04:04 PM
نشر موقع العالم مقالا للمفكر المصري "القبطي" الدكتور رفيق حبيب، ونحن نضعه بين أيدي القراء للفائدة وبدون تعليق.. كما ورد في المصدر
الإسلام الجديد ..مشروع بلا خلافة
د. رفيق حبيب.. في قلب المعركة بين العولمة كمشروع غربي، والمشروع الحضاري الإسلامي، نجد مسألة الخلافة الإسلامية في مرمى النيران. فهي الحاضر الغائب في كل معارك الغرب مع الحركة الإسلامية، وفي كل معارك العلمانية مع المشروع الإسلامي، وأيضا في معارك النخب الحاكمة
ليست معركة واحدة تلك التي تدور بين الهيمنة الغربية والحركة الإسلامية، بل معارك متشابكة ومترابطة. وفي داخل تلك المعارك مواجهات ضمنية، تكشف عن حقيقة المشكلة، وحقيقة الخلاف بين المشروع الإسلامي والمشروع الغربي. ففي قلب المعركة بين العولمة كمشروع غربي، والمشروع الحضاري الإسلامي، نجد مسألة الخلافة الإسلامية في مرمى النيران. فهي الحاضر الغائب في كل معارك الغرب مع الحركة الإسلامية، وفي كل معارك العلمانية مع المشروع الإسلامي، وأيضا في معارك النخب الحاكمة والنخب العلمانية مع الحركة الإسلامية.
ويمكن القول بأن الوحدة السياسية الإسلامية، تمثل جوهر المعركة، لذا يتم حصار الفكرة من كل الأطراف المعادية أو المناوئة للمشروع الإسلامي، حتى تتضاءل مكانة الوحدة السياسية للأمة في الخطاب الإسلامي، وتتراجع كشعار رئيس للحركة الإسلامية.
فشعار الخلافة الإسلامية، والدولة الإسلامية الواحدة، يعبر عن الحلم الذي يراود ملايين الأمة الإسلامية، ويمثل اللافتة التي تجمع كل البلاد العربية والإسلامية معا، والعنوان الأبرز للتاريخ الناهض للأمة الإسلامية. وهو شعار يملك من القوة ما يجعله شعارا يجمع الأمة، ويوحد توجهها، ويدفعها لتحقيق وحدتها. لذا تم حصار هذا الشعار، والضغط على الحركة الإسلامية حتى تضع الشعار في موضع ضمني في خطابها، بل واعتبر الشعار في حد ذاته، نوعا من العداء للدولة القومية القطرية القائمة.
الغرب وذكريات التاريخ
بالنسبة للدول الغربية، تمثل فكرة استعادة الدولة الإسلامية الموحدة، مشروعا لبناء كيان دولة عظمى. وهو ما يعني ضمنا تحدي الدول الغربية وأمريكا، بوصفها القوى العظمى في عالم اليوم. ولا يمكن أن يستمر الغرب في تفوقه على مختلف دول العالم، إذا تم بناء دولة الوحدة الإسلامية والتي سوف تقع على الحدود الجنوبية للغرب، وتفصل الغرب عن بقية دول العالم، وتحتل منطقة قلب العالم. فإذا قامت دولة للوحدة الإسلامية، لن يستمر الغرب كقوة عظمى. والأهم من ذلك، أن دور الحضارة الغربية بوصفها الحضارة المتقدمة والمهيمنة على العالم، سوف ينتهي.
إن حلم العولمة، وهو حلم هيمنة الليبرالية الغربية على العالم، سوف ينتهي إذا قامت دولة إسلامية موحدة، لأنها سوف تجعل الحضارة الإسلامية مهيمنة على جزء مهم من العالم، وبهذا تقوم حضارة أخرى تنافس الحضارة الغربية، وتقف كحائط صد يمنع هيمنة الحضارة الغربية على العالم.
وحلم دولة الوحدة الإسلامية، يعيد للغرب تاريخه مع الدولة الإسلامية في مراحلها المختلفة. فلم يستطع الغرب تحقيق هيمنته وسيادته العالمية، إلا بسقوط دولة الخلافة الإسلامية، والتي مثلت آخر تحد حضاري عالمي للدول الغربية.
وقد تمكن الغرب بعد تفتيت الدولة العثمانية، من السيطرة على المنطقة العربية والإسلامية، وبعدها تمكن من السيطرة على العالم. فمن يحتل قلب العالم، يستطيع أن يحكم العالم، وقلب العالم هو المنطقة العربية والإسلامية جغرافيا، وهو أيضا قلب العالم حضاريا. وتلك واحدة من تجليات أمة الوسط، فهي تمثل قلب العالم، وتمثل وسطه، وهي المنطقة التي تحقق فيها القوى الاستعمارية هيمنتها وسيادتها، وهي أيضا المنطقة التي تسقط فيها القوى الاستعمارية وتهزم.
وعندما يتحرر قلب العالم ووسطه، وتتحرر أمة الوسط وتبني وحدتها وحضارتها، يتحرر العالم. فدولة الحضارة الإسلامية تحرر العالم، ودولة الحضارة الغربية تستعمر العالم. تلك هي المقابلة والمفارقة، التي تجعل الحرب الخفية على فكرة الدولة الإسلامية، هي جوهر المعركة الراهنة، وجوهر معارك المستقبل.
لذا عمل الغرب على تسكين الحركة الإسلامية داخل حدودها، وواجهها بمختلف الأشكال، وحاول حصار فكرتها. فالدول الغربية يتراوح موقفها بين العداء للحركة الإسلامية، أو حصارها في نطاق قطري. ومن هنا تأتي فكرة دمج الحركة الإسلامية في العملية السياسية، والمقصود منها جعل الحركة الإسلامية جزءا من التيارات السياسية المتنافسة داخل إطار الدولة القومية القطرية، والتأكد من التزام الحركة الإسلامية بشروط العمل داخل الدولة القطرية.
إسرائيل والوحدة الإسلامية
أما المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة، والذي يهدف لبناء دولة احتلال إسرائيلي في فلسطين، فلم يكن إلا مشروعا لمنع وحدة الأمة الإسلامية، وتفتيتها إلى دول قطرية. ودولة الاحتلال الإسرائيلي زرعت في المنطقة لمنع قيام دولة الوحدة الإسلامية، أكثر من أي هدف آخر. وفي المقابل فإن قيام دولة الوحدة الإسلامية، ينهي المشروع الصهيوني، وينهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي سوف تصبح دولة محتلة لجزء من أرض دولة الوحدة الإسلامية، وسوف تصبح نقطة عدوانية داخل محيط واسع، وهو دولة الوحدة الإسلامية، ولن تستطيع البقاء أو حماية مشروعها العدواني.
لذا يصبح بقاء الكيان الصهيوني مهما لحماية المشروع الغربي، وحماية الهيمنة الغربية على المنطقة، كما يصبح ضروريا لمنع قيام دولة الوحدة الإسلامية، وعليه يصبح قيام تلك الدولة، هو نهاية هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني.
الدولة القطرية وتلك الإسلامية
لم يكن أمرا عبثيا، ذلك الذي تحقق بترك الاستعمار للدولة التي بناها في بلادنا، بل كان ذلك هو ذروة انتصار الاستعمار الغربي. فما سمي بعصر الاستقلال، لم يكن استقلالا، ولكنه كان في الواقع تأبيد لحالة الاستعمار. فقد سيطر الاستعمار الغربي على معظم دول المنطقة العربية والإسلامية، وقام بتفتيت دولة الخلافة، وأقام دول قطرية يحكمها في تلك البلاد، وبهذا أصبح لدينا دولة قومية قطرية بناها الاستعمار. وعندما بدأت حركة التحرر الوطني في منتصف القرن العشرين، وتم طرد قوات الاحتلال، بقيت الدولة القومية القطرية التي صنعها الاستعمار، وتحول الحكم فيها من المحتل الغربي إلى القيادات المحلية، وبدا ذلك وكأنه نوع من الاستقلال، وفرحت به الشعوب، ولكن الحقيقة كانت على خلاف ذلك، فقد ترك الاستعمار دولته القومية القطرية، وسلمها إلى قيادات محلية، فاستمر مشروع الاستعمار بأيد محلية، وتم تكريس وجود الدولة القومية القطرية، والتي تنهي كل أحلام بناء دولة الوحدة الإسلامية.
وأصبحت تلك الدولة القطرية هي عنوان الاستقلال، وهو استقلال مزيف، فهو استقلال من الحاكم الأجنبي، ولكن خضوع لنموذج أجنبي للدولة. وعندما غمرت مشاعر الاستقلال الشعوب المحررة من الاحتلال العسكري، تم تمرير الاحتلال الأخطر، وهو احتلال الدولة القومية القطرية الغربية للبلاد العربية والإسلامية، لتصبح هذه الدولة هي التي تمنع قيام الوحدة الإسلامية، وهي التي تحمي المصالح الغربية في المنطقة.
فليست دولة الكيان الصهيوني وحدها هي التي تحمي المصالح الغربية وتمنع وحدة الأمة، بل إن نموذج الدولة القومية القطرية يحمي أيضا المصالح الغربية، ويمنع قيام الوحدة الإسلامية، ويجعل الحكام المحليين حراسا لمشروع الهيمنة الغربية، ويقيم حاجزا بين الأمة الإسلامية والقوى الغربية، متمثل في نوع جديد من
الإسلام الجديد ..مشروع بلا خلافة
د. رفيق حبيب.. في قلب المعركة بين العولمة كمشروع غربي، والمشروع الحضاري الإسلامي، نجد مسألة الخلافة الإسلامية في مرمى النيران. فهي الحاضر الغائب في كل معارك الغرب مع الحركة الإسلامية، وفي كل معارك العلمانية مع المشروع الإسلامي، وأيضا في معارك النخب الحاكمة
ليست معركة واحدة تلك التي تدور بين الهيمنة الغربية والحركة الإسلامية، بل معارك متشابكة ومترابطة. وفي داخل تلك المعارك مواجهات ضمنية، تكشف عن حقيقة المشكلة، وحقيقة الخلاف بين المشروع الإسلامي والمشروع الغربي. ففي قلب المعركة بين العولمة كمشروع غربي، والمشروع الحضاري الإسلامي، نجد مسألة الخلافة الإسلامية في مرمى النيران. فهي الحاضر الغائب في كل معارك الغرب مع الحركة الإسلامية، وفي كل معارك العلمانية مع المشروع الإسلامي، وأيضا في معارك النخب الحاكمة والنخب العلمانية مع الحركة الإسلامية.
ويمكن القول بأن الوحدة السياسية الإسلامية، تمثل جوهر المعركة، لذا يتم حصار الفكرة من كل الأطراف المعادية أو المناوئة للمشروع الإسلامي، حتى تتضاءل مكانة الوحدة السياسية للأمة في الخطاب الإسلامي، وتتراجع كشعار رئيس للحركة الإسلامية.
فشعار الخلافة الإسلامية، والدولة الإسلامية الواحدة، يعبر عن الحلم الذي يراود ملايين الأمة الإسلامية، ويمثل اللافتة التي تجمع كل البلاد العربية والإسلامية معا، والعنوان الأبرز للتاريخ الناهض للأمة الإسلامية. وهو شعار يملك من القوة ما يجعله شعارا يجمع الأمة، ويوحد توجهها، ويدفعها لتحقيق وحدتها. لذا تم حصار هذا الشعار، والضغط على الحركة الإسلامية حتى تضع الشعار في موضع ضمني في خطابها، بل واعتبر الشعار في حد ذاته، نوعا من العداء للدولة القومية القطرية القائمة.
الغرب وذكريات التاريخ
بالنسبة للدول الغربية، تمثل فكرة استعادة الدولة الإسلامية الموحدة، مشروعا لبناء كيان دولة عظمى. وهو ما يعني ضمنا تحدي الدول الغربية وأمريكا، بوصفها القوى العظمى في عالم اليوم. ولا يمكن أن يستمر الغرب في تفوقه على مختلف دول العالم، إذا تم بناء دولة الوحدة الإسلامية والتي سوف تقع على الحدود الجنوبية للغرب، وتفصل الغرب عن بقية دول العالم، وتحتل منطقة قلب العالم. فإذا قامت دولة للوحدة الإسلامية، لن يستمر الغرب كقوة عظمى. والأهم من ذلك، أن دور الحضارة الغربية بوصفها الحضارة المتقدمة والمهيمنة على العالم، سوف ينتهي.
إن حلم العولمة، وهو حلم هيمنة الليبرالية الغربية على العالم، سوف ينتهي إذا قامت دولة إسلامية موحدة، لأنها سوف تجعل الحضارة الإسلامية مهيمنة على جزء مهم من العالم، وبهذا تقوم حضارة أخرى تنافس الحضارة الغربية، وتقف كحائط صد يمنع هيمنة الحضارة الغربية على العالم.
وحلم دولة الوحدة الإسلامية، يعيد للغرب تاريخه مع الدولة الإسلامية في مراحلها المختلفة. فلم يستطع الغرب تحقيق هيمنته وسيادته العالمية، إلا بسقوط دولة الخلافة الإسلامية، والتي مثلت آخر تحد حضاري عالمي للدول الغربية.
وقد تمكن الغرب بعد تفتيت الدولة العثمانية، من السيطرة على المنطقة العربية والإسلامية، وبعدها تمكن من السيطرة على العالم. فمن يحتل قلب العالم، يستطيع أن يحكم العالم، وقلب العالم هو المنطقة العربية والإسلامية جغرافيا، وهو أيضا قلب العالم حضاريا. وتلك واحدة من تجليات أمة الوسط، فهي تمثل قلب العالم، وتمثل وسطه، وهي المنطقة التي تحقق فيها القوى الاستعمارية هيمنتها وسيادتها، وهي أيضا المنطقة التي تسقط فيها القوى الاستعمارية وتهزم.
وعندما يتحرر قلب العالم ووسطه، وتتحرر أمة الوسط وتبني وحدتها وحضارتها، يتحرر العالم. فدولة الحضارة الإسلامية تحرر العالم، ودولة الحضارة الغربية تستعمر العالم. تلك هي المقابلة والمفارقة، التي تجعل الحرب الخفية على فكرة الدولة الإسلامية، هي جوهر المعركة الراهنة، وجوهر معارك المستقبل.
لذا عمل الغرب على تسكين الحركة الإسلامية داخل حدودها، وواجهها بمختلف الأشكال، وحاول حصار فكرتها. فالدول الغربية يتراوح موقفها بين العداء للحركة الإسلامية، أو حصارها في نطاق قطري. ومن هنا تأتي فكرة دمج الحركة الإسلامية في العملية السياسية، والمقصود منها جعل الحركة الإسلامية جزءا من التيارات السياسية المتنافسة داخل إطار الدولة القومية القطرية، والتأكد من التزام الحركة الإسلامية بشروط العمل داخل الدولة القطرية.
إسرائيل والوحدة الإسلامية
أما المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة، والذي يهدف لبناء دولة احتلال إسرائيلي في فلسطين، فلم يكن إلا مشروعا لمنع وحدة الأمة الإسلامية، وتفتيتها إلى دول قطرية. ودولة الاحتلال الإسرائيلي زرعت في المنطقة لمنع قيام دولة الوحدة الإسلامية، أكثر من أي هدف آخر. وفي المقابل فإن قيام دولة الوحدة الإسلامية، ينهي المشروع الصهيوني، وينهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي سوف تصبح دولة محتلة لجزء من أرض دولة الوحدة الإسلامية، وسوف تصبح نقطة عدوانية داخل محيط واسع، وهو دولة الوحدة الإسلامية، ولن تستطيع البقاء أو حماية مشروعها العدواني.
لذا يصبح بقاء الكيان الصهيوني مهما لحماية المشروع الغربي، وحماية الهيمنة الغربية على المنطقة، كما يصبح ضروريا لمنع قيام دولة الوحدة الإسلامية، وعليه يصبح قيام تلك الدولة، هو نهاية هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني.
الدولة القطرية وتلك الإسلامية
لم يكن أمرا عبثيا، ذلك الذي تحقق بترك الاستعمار للدولة التي بناها في بلادنا، بل كان ذلك هو ذروة انتصار الاستعمار الغربي. فما سمي بعصر الاستقلال، لم يكن استقلالا، ولكنه كان في الواقع تأبيد لحالة الاستعمار. فقد سيطر الاستعمار الغربي على معظم دول المنطقة العربية والإسلامية، وقام بتفتيت دولة الخلافة، وأقام دول قطرية يحكمها في تلك البلاد، وبهذا أصبح لدينا دولة قومية قطرية بناها الاستعمار. وعندما بدأت حركة التحرر الوطني في منتصف القرن العشرين، وتم طرد قوات الاحتلال، بقيت الدولة القومية القطرية التي صنعها الاستعمار، وتحول الحكم فيها من المحتل الغربي إلى القيادات المحلية، وبدا ذلك وكأنه نوع من الاستقلال، وفرحت به الشعوب، ولكن الحقيقة كانت على خلاف ذلك، فقد ترك الاستعمار دولته القومية القطرية، وسلمها إلى قيادات محلية، فاستمر مشروع الاستعمار بأيد محلية، وتم تكريس وجود الدولة القومية القطرية، والتي تنهي كل أحلام بناء دولة الوحدة الإسلامية.
وأصبحت تلك الدولة القطرية هي عنوان الاستقلال، وهو استقلال مزيف، فهو استقلال من الحاكم الأجنبي، ولكن خضوع لنموذج أجنبي للدولة. وعندما غمرت مشاعر الاستقلال الشعوب المحررة من الاحتلال العسكري، تم تمرير الاحتلال الأخطر، وهو احتلال الدولة القومية القطرية الغربية للبلاد العربية والإسلامية، لتصبح هذه الدولة هي التي تمنع قيام الوحدة الإسلامية، وهي التي تحمي المصالح الغربية في المنطقة.
فليست دولة الكيان الصهيوني وحدها هي التي تحمي المصالح الغربية وتمنع وحدة الأمة، بل إن نموذج الدولة القومية القطرية يحمي أيضا المصالح الغربية، ويمنع قيام الوحدة الإسلامية، ويجعل الحكام المحليين حراسا لمشروع الهيمنة الغربية، ويقيم حاجزا بين الأمة الإسلامية والقوى الغربية، متمثل في نوع جديد من