نائل سيد أحمد
22-07-2010, 03:16 PM
الخلافة على المنهاج وكيف تقام
الحلقه الأولى
.واقع الأمّه كما أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم الأستاذ الشيخ عبد الرحمن العقبي
واقع الأمة مؤلم، يتفتت له قلب كل مؤمن، وأكثر ما نشاهده في حياة الأمة قد أخبرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم ، ومن صور هذا الواقع:
أولاً: التفرق وغياب الجماعة على إمام. وقد أخبرنا بذلك نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث منها:
· حديث حذيفة المتفق عليه ولفظه عند البخاري: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ. قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا. قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.
قُلت: في هذا الحديث فقه كبير:
منه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الدخن هم الأئمة الذين يعرف منهم وينكر، أي أنهم يأمرون بالمعروف الذي يشوبه بعض المنكر، وهذا ينطبق على خلافة الملك دون الخلافة التي على المنهاج.
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم اعتبر زمان هؤلاء الذين يعرف منهم وينكر زمان خير رغم ما فيه من دخن، فخلافة الملك بنوعيها العاض والجبرية هي من الخير ويشمل الأمويين والعباسيين والعثمانيين.
ومنه أنه ما بعد الخير الذي يشمل خلافة الملك بنوعيها هو شر، وهذا الشر هم أمراء الفرقة الداعون إلى التفرق حال وجود الجماعة أو عدمه.
ومنه أن الدعاة على أبواب جهنم يتكلمون بأكثر من لسان أي بأكثر من لغة، وهذا واضح اليوم لا يحتاج إلى بيان.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم أفاد أن أمراء الفرقة يكونون في حال وجود الجماعة ويستمر وجودهم حال غيابها.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر إمكانية غياب الجماعة على إمام، يعني أنه لم ينكر انهدام دولة الإسلام وغيابها، وذلك عندما سأله حذيفة قائلا: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلزوم الجماعة على إمام حال وجودها على ما فيها من دخن، وأمر باعتزال أمراء الفرقة في حال غياب الجماعة على إمام. وبالغ في الأمر باعتزالهم حتى لو أدى الأمر بالمعتزل إلى أن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت.
ومنه أن أمراء الفرقة لا يُؤمرون ولا يُنهَون وإنما يُعتزَلون، ويُعمل على خلعهم وإقامة الخلافة على المنهاج على أنقاض دولهم. ويؤيد هذا حديث أبي سعيد الخدري الصحيح عند أحمد والترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَكُونُ أُمَرَاءُ تَغْشَاهُمْ غَوَاشٍ أَوْ حَوَاشٍ مِنَ النَّاسِ يَظْلِمُونَ وَيَكْذِبُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَيُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ".
· حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص: عن عقبة بن عمرو بن أوس السدوسي قال: أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص م وعليه بردان قطريان وعليه عمامة وليس عليه سربال -يعني القميص- فقلنا له: إنك قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورويت الكتب. فقال: ممن أنتم؟ قال: فقلنا: من أهل العراق. فقال: إنكم يا أهل العراق تكذبون وتكذبون وتسخرون. قال: فقلت: لا والله لا نكذبك ولا نكذب عليك ولا نسخر منك. قال: فإن بني قنطوراء وكركي لا يخرجون حتى يربطوا خيولهم بنخل الأبلة، كم بينها وبين البصرة؟ قال: فقلنا: أربعة فراسخ. قال: فيبعثون أن خلوا بيننا وبينها. قال: فيلحق ثلث بهم وثلث بالكوفة وثلث بالأعراب ثم يبعثون إلى أهل الكوفة أن خلوا بيننا وبينها فيلحق ثلث بهم وثلث بالأعراب وثلث بالشام. قال: فقلنا: ما أمارة ذلك؟ قال: إذا طبقت الأرض إمارة الصبيان.
والصبيان هم السفهاء الذين لا يهتدون بهديه صلى الله عليه وسلم ولا يستنون بسنته, وهم الذين ورد ذكرهم في حديث جابر بن عبد الله عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي أن النبي ص قال لكعب بن عجرة: "أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء". قال: وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال: "أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي و لا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي".
وإمارة الصبيان بهذا المعنى قد طبقت الأرض، وذلك لأن جميع أولي الأمر في الدنيا يحكمون بغير ما أنزل الله، فلا يقتدون ولا يهتدون بهدي محمد صلى الله عليه وسلم ولا يستنون بسنته، فيثبت بذلك غياب الجماعة على إمام، الإمام الذي يقتدي بهديه صلى الله عليه وسلم ويستن بسنته.
فإن قيل إن حديث عبد الله بن عمرو ليس مرفوعا قلتُ نعم هو غير مرفوع ولكن له حكم المرفوع لأنه إخبار عن غيب. ووجه الاستدلال في هذا الحديث على غياب الجماعة على إمام كائن في كون إمرة الصبيان قد طبقت الأرض.
· حديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي وابن ماجة وأبي داود بإسناد صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً".
وهذا الحديث يخبر عن تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، ولا ذكر للجماعة لأنها ليست فرقة، فعندما يتم تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة يبدأ الأمل بوجود الجماعة لأن العدد لا يُقصد به التكثير، بل هو مقصود بعينه. أما اليوم، ومنذ هدم الخلافة، فإن الجماعة على إمام غائبة ولا وجود إلا للفرق، أسأل الله أن يعجل بعودة الجماعة على إمام.
· حديث خالد بن الوليد عند أحمد بإسناد صحيح: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ خَالِدِ بنِ الْوَلِيدِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ أَلْقَى الشَّامُ بَوَانِيَهُ بَثْنِيَةً وَعَسَلًا، وَشَكَّ عَفَّانُ مَرَّةً قَالَ حِينَ أَلْقَى الشَّامُ كَذَا وَكَذَا، فَأَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ إِلَى الْهِنْدِ، وَالْهِنْدُ فِي أَنْفُسِنَا يَوْمَئِذٍ الْبَصْرَةُ، قَالَ: وَأَنَا لِذَلِكَ كَارِهٌ. قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي يَا أَبَا سُلَيْمَانَ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْفِتَنَ قَدْ ظَهَرَتْ. قَالَ: فَقَالَ: وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ؟! إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَهُ وَالنَّاسُ بِذِي بِلِّيَانَ وَذِي بِلِّيَانَ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ فَيَتَفَكَّرُ هَلْ يَجِدُ مَكَانًا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ مِثْلُ مَا نَزَلَ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ فَلَا يَجِدُهُ. قَالَ: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ الَّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكَنَا وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الْأَيَّامُ.
يتبع إن شاء الله
الحلقه الأولى
.واقع الأمّه كما أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم الأستاذ الشيخ عبد الرحمن العقبي
واقع الأمة مؤلم، يتفتت له قلب كل مؤمن، وأكثر ما نشاهده في حياة الأمة قد أخبرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم ، ومن صور هذا الواقع:
أولاً: التفرق وغياب الجماعة على إمام. وقد أخبرنا بذلك نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث منها:
· حديث حذيفة المتفق عليه ولفظه عند البخاري: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ. قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا. قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.
قُلت: في هذا الحديث فقه كبير:
منه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الدخن هم الأئمة الذين يعرف منهم وينكر، أي أنهم يأمرون بالمعروف الذي يشوبه بعض المنكر، وهذا ينطبق على خلافة الملك دون الخلافة التي على المنهاج.
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم اعتبر زمان هؤلاء الذين يعرف منهم وينكر زمان خير رغم ما فيه من دخن، فخلافة الملك بنوعيها العاض والجبرية هي من الخير ويشمل الأمويين والعباسيين والعثمانيين.
ومنه أنه ما بعد الخير الذي يشمل خلافة الملك بنوعيها هو شر، وهذا الشر هم أمراء الفرقة الداعون إلى التفرق حال وجود الجماعة أو عدمه.
ومنه أن الدعاة على أبواب جهنم يتكلمون بأكثر من لسان أي بأكثر من لغة، وهذا واضح اليوم لا يحتاج إلى بيان.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم أفاد أن أمراء الفرقة يكونون في حال وجود الجماعة ويستمر وجودهم حال غيابها.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر إمكانية غياب الجماعة على إمام، يعني أنه لم ينكر انهدام دولة الإسلام وغيابها، وذلك عندما سأله حذيفة قائلا: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلزوم الجماعة على إمام حال وجودها على ما فيها من دخن، وأمر باعتزال أمراء الفرقة في حال غياب الجماعة على إمام. وبالغ في الأمر باعتزالهم حتى لو أدى الأمر بالمعتزل إلى أن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت.
ومنه أن أمراء الفرقة لا يُؤمرون ولا يُنهَون وإنما يُعتزَلون، ويُعمل على خلعهم وإقامة الخلافة على المنهاج على أنقاض دولهم. ويؤيد هذا حديث أبي سعيد الخدري الصحيح عند أحمد والترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَكُونُ أُمَرَاءُ تَغْشَاهُمْ غَوَاشٍ أَوْ حَوَاشٍ مِنَ النَّاسِ يَظْلِمُونَ وَيَكْذِبُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَيُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ".
· حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص: عن عقبة بن عمرو بن أوس السدوسي قال: أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص م وعليه بردان قطريان وعليه عمامة وليس عليه سربال -يعني القميص- فقلنا له: إنك قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورويت الكتب. فقال: ممن أنتم؟ قال: فقلنا: من أهل العراق. فقال: إنكم يا أهل العراق تكذبون وتكذبون وتسخرون. قال: فقلت: لا والله لا نكذبك ولا نكذب عليك ولا نسخر منك. قال: فإن بني قنطوراء وكركي لا يخرجون حتى يربطوا خيولهم بنخل الأبلة، كم بينها وبين البصرة؟ قال: فقلنا: أربعة فراسخ. قال: فيبعثون أن خلوا بيننا وبينها. قال: فيلحق ثلث بهم وثلث بالكوفة وثلث بالأعراب ثم يبعثون إلى أهل الكوفة أن خلوا بيننا وبينها فيلحق ثلث بهم وثلث بالأعراب وثلث بالشام. قال: فقلنا: ما أمارة ذلك؟ قال: إذا طبقت الأرض إمارة الصبيان.
والصبيان هم السفهاء الذين لا يهتدون بهديه صلى الله عليه وسلم ولا يستنون بسنته, وهم الذين ورد ذكرهم في حديث جابر بن عبد الله عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي أن النبي ص قال لكعب بن عجرة: "أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء". قال: وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال: "أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي و لا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي".
وإمارة الصبيان بهذا المعنى قد طبقت الأرض، وذلك لأن جميع أولي الأمر في الدنيا يحكمون بغير ما أنزل الله، فلا يقتدون ولا يهتدون بهدي محمد صلى الله عليه وسلم ولا يستنون بسنته، فيثبت بذلك غياب الجماعة على إمام، الإمام الذي يقتدي بهديه صلى الله عليه وسلم ويستن بسنته.
فإن قيل إن حديث عبد الله بن عمرو ليس مرفوعا قلتُ نعم هو غير مرفوع ولكن له حكم المرفوع لأنه إخبار عن غيب. ووجه الاستدلال في هذا الحديث على غياب الجماعة على إمام كائن في كون إمرة الصبيان قد طبقت الأرض.
· حديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي وابن ماجة وأبي داود بإسناد صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً".
وهذا الحديث يخبر عن تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، ولا ذكر للجماعة لأنها ليست فرقة، فعندما يتم تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة يبدأ الأمل بوجود الجماعة لأن العدد لا يُقصد به التكثير، بل هو مقصود بعينه. أما اليوم، ومنذ هدم الخلافة، فإن الجماعة على إمام غائبة ولا وجود إلا للفرق، أسأل الله أن يعجل بعودة الجماعة على إمام.
· حديث خالد بن الوليد عند أحمد بإسناد صحيح: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ خَالِدِ بنِ الْوَلِيدِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ أَلْقَى الشَّامُ بَوَانِيَهُ بَثْنِيَةً وَعَسَلًا، وَشَكَّ عَفَّانُ مَرَّةً قَالَ حِينَ أَلْقَى الشَّامُ كَذَا وَكَذَا، فَأَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ إِلَى الْهِنْدِ، وَالْهِنْدُ فِي أَنْفُسِنَا يَوْمَئِذٍ الْبَصْرَةُ، قَالَ: وَأَنَا لِذَلِكَ كَارِهٌ. قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي يَا أَبَا سُلَيْمَانَ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْفِتَنَ قَدْ ظَهَرَتْ. قَالَ: فَقَالَ: وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ؟! إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَهُ وَالنَّاسُ بِذِي بِلِّيَانَ وَذِي بِلِّيَانَ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ فَيَتَفَكَّرُ هَلْ يَجِدُ مَكَانًا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ مِثْلُ مَا نَزَلَ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ فَلَا يَجِدُهُ. قَالَ: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ الَّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكَنَا وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الْأَيَّامُ.
يتبع إن شاء الله