admin1
08-07-2010, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليق السياسي
توالت في الفترة الأخيرة تصريحات زعماء الحركة الشعبية بشأن انفصال جنوب السودان. مما بات واضحاً للعيان أن جنوب السودان يسير نحو الانفصال، تماماً مثلما خططت أميركا لذلك. وما كان لهذه الجريمة أن تقع لولا عمالة حكام السودان لأميركا وعلى رأسهم عمر البشير. وما التصريحات العنترية التي يطلقها هذا الأخير من حين لآخر إلا لخداع الأمة وامتصاص نقمتها في السودان وخارجه ومحاولة فاشلة لتبرئة نفسه من الوزر الأكبر الذي يتحمله هو وبطانته بالموافقة على وضع مصير جزء من بلاد المسلمين موضع استفتاء بين الوحدة والانفصال منذ معاهدة نيفاشا بتاريخ 9/1/2005م .
إن التصريحات التي يطلقها قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بخصوص الترويج للانفصال تعكس ما تم الاتفاق عليه من فصل الجنوب بينهم وبين قادة حزب المؤتمر الوطني. وهذا الشد والجذب في الأقوال لا في الأعمال بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني هو جزء من المؤامرة على جنوب السودان الذي تعتبره أميركا وتريده دولة ضمن منطقة البحيرات الكبرى.
أما آخر تصريحات الحركة الشعبية فهو ما جاء على لسان باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان في 20/6/2010 بأنه تلقى وعداً وتعهداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بدولة الجنوب الوليدة، واتهم أموم في تصريحاته تلك المؤتمر الوطني بعدم إيجاد "وحدة جاذبة". وقد جاء هذا التصريح عقب زيارة قام بها أموم على رأس وفد لمسؤولين كبار من جنوب السودان حضروا اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم 14/6/2010 لبحث أوضاع السلام في دارفور واستفتاء الجنوب. كما سبق لباقان أموم أن صرَّح في مؤتمر صحافي عقده في مقر الحركة بالخرطوم يوم 10/8/2009 بالقول: "إن خيار الوحدة أو الانفصال سيبنى على المصالح الحقيقية للجنوبيين"، مشيراً إلى أن "المؤتمر الوطني يسعى لفرض شروط تعجيزية أمام تنظيم استفتاء تقرير المصير للجنوب"، مضيفاً أن 90% من الجنوبيين مع الانفصال. أما الحركة الشعبية لتحرير السودان فقد سبق لها أن هددت في مطلع تموز/يوليو 2009 من داخل المجلس التشريعي في جنوب السودان (برلمان الجنوب) بإعلان استقلال الجنوب عن الشمال قبل إجراء الاستفتاء في حال وضع المؤتمر الوطني الحاكم أية عراقيل أمام قانون الاستفتاء لحق تقرير المصير بالنسبة للجنوبيين.
أما أميركا، فزيادة إلى تحركاتها على الأرض، فقد جاءت تصريحات مسؤوليها تؤكد سعيها الحثيث لفصل الجنوب الذي تقدر مساحته 28% من المساحة الكلية للسودان. فقد أكد جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي مجدداً مساندة الولايات المتحدة إجراء استفتاء "ذي مصداقية" وفي الموعد المحدد حول تقرير مصير جنوبي السودان، ووعد خلال اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي مع زعماء من جنوب السودان يوم 10/6/2010 بأن تواصل واشنطن تقديم المساعدات للجيش الشعبي لتحرير السودان، بسبب "التهديدات الأمنية" التي تواجه جنوبي السودان، حسب قوله. كما ذكرت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن من وصفته بأنه ممثل جنوب السودان في الولايات المتحدة إزيكيل جاتكوث صرح للصحيفة (في أواخر سنة 2009) بأن واشنطن تكثف جهودها لمساعدة الجنوبيين على الاستقلال عن الشمال وأنها تضخ أموالاً كبيرة لتحقيق ذلك. وأوضح جاتكوث أن واشنطن تقدم دعماً مالياً سنوياً يقدر بمليار دولار للجنوب السوداني، مضيفاً أن المبالغ تصرف في إنشاء البنية التحتية وتدريب رجال الأمن وتشكيل جيش قادر على حماية المنطقة. وأضاف بالقول "إن من بين أهداف حكومة الولايات المتحدة هو التأكيد على أن يصبح جنوب السودان في عام 2011 دولة قادرة على الاستمرار".
كما دفعت أميركا كبير عملائها وسماسرتها في إفريقيا معمر القذافي للترويج ودعم انفصال جنوب السودان في استفتاء 9/1/2011 القادم. فقد صرح القذافي لدى لقائه في طرابلس رئيس حركة العدل والمساواة في دارفور خليل إبراهيم بأن انفصال جنوب السودان عن شماله قد يكون خياراً منطقياً. وأضاف أنه يؤيد انفصال جنوب السودان وسيدعمه إذا اختاره السكان. وكان سلفاكير نائب الرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب كشف في وقت سابق أن القذافي وعده بتأييد جنوب السودان إذا ما اختار الاستقلال. فقد أبلغ سلفاكير المصلين في كاتدرائية سانت تريزا الكاثوليكية في جوبا عاصمة الجنوب بتاريخ 28/6/2009 أن القذافي اتصل به ليجتمع معه في الثالثة صباحاً خلال زيارته لطرابلس منتصف حزيران/يونيو 2009 وأكد له مساندة ليبيا إذا قرر الجنوبيون الانفصال عن الشمال. وقال كير : "قال (القذافي) كان ينبغي أن ينفصل (الجنوب) إما ليصبح دولة مستقلة أو ينضم لأي دولة أخرى في شرق أفريقيا".
إن أميركا تريد تمرير جريمة انفصال جنوب السودان على يد وكلائها المحليين مثل الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي وبمشاركة مصرية واضحة. ففي مؤتمر صحفي عقده سلفاكير بالقاهرة بعد محادثات مع الرئيس المصري، اتهم فيه الحكومة السودانية بجعل الوحدة أمراً غير جذاب بالنسبة للجنوبيين. وقال إنه من الممكن أن ينفصل الجنوب السوداني عن الشمال في استفتاء على حق تقرير المصير المقرر إجراؤه في بداية عام 2011 م معتبراً أن الوحدة أصبحت "غير جذابة". كما دعا علي كرتى وزير الدولة السودانى للشؤون الخارجية جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى إلى القيام بدور مؤثر وفعال فى الدعوة إلى استمرار وحدة الشمال والجنوب السودانى والإشراف على استفتاء آمن يرضى جميع الأطراف لتقرير مصير الجنوب السودانى. وقد سبق للبشير أن بدد كل المخاوف لدى الجنوبيين وطمأن أميركا خلال إحياء الذكرى الخامسة لاتفاق نيفاشا، قائلاً بأن الخرطوم ستكون أول عاصمة تعترف بالدولة الجديدة في جنوبي السودان إذا اختار الجنوبيون الاستقلال عن السودان في الاستفتاء القادم.
ورغم الشد والجذب الإعلامي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فإن الأمور تسير على قدم وساق في مخطط الانفصال. فبعد يومين من تصريحات باقان أموم بشأن الانفصال أجرى الحزب الحاكم بالسودان والحركة الشعبية مفاوضات فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم 22/6/2010 برعاية الاتحاد الإفريقى تتعلق بترتيبات ما بعد استفتاء الجنوب. وترأس وفد المؤتمر الوطني فى هذه المباحثات نائب رئيس الحزب نافع علي نافع، بينما ترأس وفد الحركة الشعبية أمينها العام باقان أموم. وقد تركز الحوار حول أهم القضايا العالقة بين الطرفين والتي يجب حسمها قبل الاستفتاء. وهذه القضايا هي عائدات النفط والجنسية والديون الخارجية وأوضاع الجنوبيين فى الشمال وترسيم الحدود بين الجنوب والشمال، واستفتاء منطقة أبيى الغنية بالنفط. وهذا ما أكده المبعوث الخاص للإدارة الأميركية إلى السودان سكوت غريشن عندما قال بأن المجتمع الدولي تخلف في التحضير لتداعيات الاستفتاء المزمع إجراؤه مطلع العام القادم بشأن استقلال جنوب السودان. وأضاف، وهو يتحدث في جلسة استماع أمام مشرعين بمجلس الشيوخ، أنه يشعر بالقلق لكون قضايا جوهرية تخص هذا الاستفتاء لم تحسم بعد. وخص بالذكر قضية تقاسم الثروة النفطية بين الشمال والجنوب وكيفية ترسيم الحدود بينهما، معرباً مع ذلك عن اعتقاده بأن هذا الاستفتاء سيؤدي إلى استقلال الجنوب.
وتعتبر قضية أبيي من أكبر القضايا العالقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وذلك بسبب ما تحتويه من احتياطات نفطية كبيرة. وحتى لا تترك أميركا الأمور تسير على عواهنها أعلن الموفد الاميركي للسودان سكوت غريشن للصحافيين السنة الماضية أن الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان وقعا على اتفاقٍ تعهدا فيه بقبول حكم محكمة لاهاي بشأن الخلاف القائم حول منطقة أبيي على أنه قرار "نهائي وملزم". هذا بالرغم من أن مصير منطقة أبيي يجب أن يتحدد في استفتاء 2011 حسب اتفاقية نيفاشا لعام 2005. وبالفعل أصدرت المحكمة الدولية بلاهاي قرارها في 22/7/2009 بخصوص حدود منطقة أبيي الغنية بالنفط، وما كان من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلا تقبل هذا القرار.
إن انفصال جنوب السودان سوف يؤدي إلى نتائج سياسية واستراتيجية وخيمة على السودان والمنطقة. ويظهر ذلك بخاصة في أمرين:
أولهما: إن غاية أميركا الأولى من انفصال الجنوب هو تحويله إلى قاعدة أميركية دائمة تنفذ استراتيجيتها في القرن الإفريقي ومنطقة البحيرات، وذلك تحت مبررات حماية الدولة الجديدة من أطماع دول الجوار أو الحركات المسلحة وعلى رأسها جيش الرب الأوغندي. إن جنوب السودان الذي يمثل قرابة ثلث السودان له حدود مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونجو وإفريقيا الوسطى. وهذا الموقع المهم لجنوب السودان يجعل أميركا قريبة من قضايا المنطقة، وخاصة قضيتي الصومال ومياه النيل.
وثانيهما: أن انفصال الجنوب سيكون مقدمة لانفصال مناطق أخرى في السودان وفي مقدمتها دارفور وشرق السودان. وقد صرح المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت غريشن في مقابلة مع رويترز إن ما يحاولون الوصول إليه هو "وضع يفوز فيه الجميع"، مشيراً إلى أن ذلك سيكون صعباً إذا لم تكن حكومة الخرطوم مستعدة لمناقشة شروط أفضل للجنوب ودارفور وغيرهما.
إن انفصال الجنوب قد وقع بالفعل، وإن أميركا لم تترك شيئاً للاستفتاء عليه سوى الانفصال. فالحركة الشعبية قامت بفتح 18 سفارة لها في الخارج وهي تمنح تأشيرات دخول إلى جنوب السودان من دون استشارة الحكومة المركزية في الخرطوم، كما قامت حكومة الإقليم بمنح الامتيازات لشركات البترول العالمية للتنقيب في الجنوب، وهي تصدر جوازات سفر وتسعى لربط الجنوب بنظام اتصالات له (كود) منفصل عن (كود) السودان. والآن بعد أن تم التعداد السكاني وجرت الانتخابات العامة التي اعترفت بها أميركا، وقام البرلمان السوداني يوم الاثنين 28/6/2010 بتشكيل لجنة ستتولى إدارة الاستفتاء في الجنوب، فإن الجميع يحثون السير نحو إعلان الانفصال في بداية 2011.
التعليق السياسي
توالت في الفترة الأخيرة تصريحات زعماء الحركة الشعبية بشأن انفصال جنوب السودان. مما بات واضحاً للعيان أن جنوب السودان يسير نحو الانفصال، تماماً مثلما خططت أميركا لذلك. وما كان لهذه الجريمة أن تقع لولا عمالة حكام السودان لأميركا وعلى رأسهم عمر البشير. وما التصريحات العنترية التي يطلقها هذا الأخير من حين لآخر إلا لخداع الأمة وامتصاص نقمتها في السودان وخارجه ومحاولة فاشلة لتبرئة نفسه من الوزر الأكبر الذي يتحمله هو وبطانته بالموافقة على وضع مصير جزء من بلاد المسلمين موضع استفتاء بين الوحدة والانفصال منذ معاهدة نيفاشا بتاريخ 9/1/2005م .
إن التصريحات التي يطلقها قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بخصوص الترويج للانفصال تعكس ما تم الاتفاق عليه من فصل الجنوب بينهم وبين قادة حزب المؤتمر الوطني. وهذا الشد والجذب في الأقوال لا في الأعمال بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني هو جزء من المؤامرة على جنوب السودان الذي تعتبره أميركا وتريده دولة ضمن منطقة البحيرات الكبرى.
أما آخر تصريحات الحركة الشعبية فهو ما جاء على لسان باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان في 20/6/2010 بأنه تلقى وعداً وتعهداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بدولة الجنوب الوليدة، واتهم أموم في تصريحاته تلك المؤتمر الوطني بعدم إيجاد "وحدة جاذبة". وقد جاء هذا التصريح عقب زيارة قام بها أموم على رأس وفد لمسؤولين كبار من جنوب السودان حضروا اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم 14/6/2010 لبحث أوضاع السلام في دارفور واستفتاء الجنوب. كما سبق لباقان أموم أن صرَّح في مؤتمر صحافي عقده في مقر الحركة بالخرطوم يوم 10/8/2009 بالقول: "إن خيار الوحدة أو الانفصال سيبنى على المصالح الحقيقية للجنوبيين"، مشيراً إلى أن "المؤتمر الوطني يسعى لفرض شروط تعجيزية أمام تنظيم استفتاء تقرير المصير للجنوب"، مضيفاً أن 90% من الجنوبيين مع الانفصال. أما الحركة الشعبية لتحرير السودان فقد سبق لها أن هددت في مطلع تموز/يوليو 2009 من داخل المجلس التشريعي في جنوب السودان (برلمان الجنوب) بإعلان استقلال الجنوب عن الشمال قبل إجراء الاستفتاء في حال وضع المؤتمر الوطني الحاكم أية عراقيل أمام قانون الاستفتاء لحق تقرير المصير بالنسبة للجنوبيين.
أما أميركا، فزيادة إلى تحركاتها على الأرض، فقد جاءت تصريحات مسؤوليها تؤكد سعيها الحثيث لفصل الجنوب الذي تقدر مساحته 28% من المساحة الكلية للسودان. فقد أكد جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي مجدداً مساندة الولايات المتحدة إجراء استفتاء "ذي مصداقية" وفي الموعد المحدد حول تقرير مصير جنوبي السودان، ووعد خلال اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي مع زعماء من جنوب السودان يوم 10/6/2010 بأن تواصل واشنطن تقديم المساعدات للجيش الشعبي لتحرير السودان، بسبب "التهديدات الأمنية" التي تواجه جنوبي السودان، حسب قوله. كما ذكرت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية أن من وصفته بأنه ممثل جنوب السودان في الولايات المتحدة إزيكيل جاتكوث صرح للصحيفة (في أواخر سنة 2009) بأن واشنطن تكثف جهودها لمساعدة الجنوبيين على الاستقلال عن الشمال وأنها تضخ أموالاً كبيرة لتحقيق ذلك. وأوضح جاتكوث أن واشنطن تقدم دعماً مالياً سنوياً يقدر بمليار دولار للجنوب السوداني، مضيفاً أن المبالغ تصرف في إنشاء البنية التحتية وتدريب رجال الأمن وتشكيل جيش قادر على حماية المنطقة. وأضاف بالقول "إن من بين أهداف حكومة الولايات المتحدة هو التأكيد على أن يصبح جنوب السودان في عام 2011 دولة قادرة على الاستمرار".
كما دفعت أميركا كبير عملائها وسماسرتها في إفريقيا معمر القذافي للترويج ودعم انفصال جنوب السودان في استفتاء 9/1/2011 القادم. فقد صرح القذافي لدى لقائه في طرابلس رئيس حركة العدل والمساواة في دارفور خليل إبراهيم بأن انفصال جنوب السودان عن شماله قد يكون خياراً منطقياً. وأضاف أنه يؤيد انفصال جنوب السودان وسيدعمه إذا اختاره السكان. وكان سلفاكير نائب الرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب كشف في وقت سابق أن القذافي وعده بتأييد جنوب السودان إذا ما اختار الاستقلال. فقد أبلغ سلفاكير المصلين في كاتدرائية سانت تريزا الكاثوليكية في جوبا عاصمة الجنوب بتاريخ 28/6/2009 أن القذافي اتصل به ليجتمع معه في الثالثة صباحاً خلال زيارته لطرابلس منتصف حزيران/يونيو 2009 وأكد له مساندة ليبيا إذا قرر الجنوبيون الانفصال عن الشمال. وقال كير : "قال (القذافي) كان ينبغي أن ينفصل (الجنوب) إما ليصبح دولة مستقلة أو ينضم لأي دولة أخرى في شرق أفريقيا".
إن أميركا تريد تمرير جريمة انفصال جنوب السودان على يد وكلائها المحليين مثل الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي وبمشاركة مصرية واضحة. ففي مؤتمر صحفي عقده سلفاكير بالقاهرة بعد محادثات مع الرئيس المصري، اتهم فيه الحكومة السودانية بجعل الوحدة أمراً غير جذاب بالنسبة للجنوبيين. وقال إنه من الممكن أن ينفصل الجنوب السوداني عن الشمال في استفتاء على حق تقرير المصير المقرر إجراؤه في بداية عام 2011 م معتبراً أن الوحدة أصبحت "غير جذابة". كما دعا علي كرتى وزير الدولة السودانى للشؤون الخارجية جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى إلى القيام بدور مؤثر وفعال فى الدعوة إلى استمرار وحدة الشمال والجنوب السودانى والإشراف على استفتاء آمن يرضى جميع الأطراف لتقرير مصير الجنوب السودانى. وقد سبق للبشير أن بدد كل المخاوف لدى الجنوبيين وطمأن أميركا خلال إحياء الذكرى الخامسة لاتفاق نيفاشا، قائلاً بأن الخرطوم ستكون أول عاصمة تعترف بالدولة الجديدة في جنوبي السودان إذا اختار الجنوبيون الاستقلال عن السودان في الاستفتاء القادم.
ورغم الشد والجذب الإعلامي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فإن الأمور تسير على قدم وساق في مخطط الانفصال. فبعد يومين من تصريحات باقان أموم بشأن الانفصال أجرى الحزب الحاكم بالسودان والحركة الشعبية مفاوضات فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم 22/6/2010 برعاية الاتحاد الإفريقى تتعلق بترتيبات ما بعد استفتاء الجنوب. وترأس وفد المؤتمر الوطني فى هذه المباحثات نائب رئيس الحزب نافع علي نافع، بينما ترأس وفد الحركة الشعبية أمينها العام باقان أموم. وقد تركز الحوار حول أهم القضايا العالقة بين الطرفين والتي يجب حسمها قبل الاستفتاء. وهذه القضايا هي عائدات النفط والجنسية والديون الخارجية وأوضاع الجنوبيين فى الشمال وترسيم الحدود بين الجنوب والشمال، واستفتاء منطقة أبيى الغنية بالنفط. وهذا ما أكده المبعوث الخاص للإدارة الأميركية إلى السودان سكوت غريشن عندما قال بأن المجتمع الدولي تخلف في التحضير لتداعيات الاستفتاء المزمع إجراؤه مطلع العام القادم بشأن استقلال جنوب السودان. وأضاف، وهو يتحدث في جلسة استماع أمام مشرعين بمجلس الشيوخ، أنه يشعر بالقلق لكون قضايا جوهرية تخص هذا الاستفتاء لم تحسم بعد. وخص بالذكر قضية تقاسم الثروة النفطية بين الشمال والجنوب وكيفية ترسيم الحدود بينهما، معرباً مع ذلك عن اعتقاده بأن هذا الاستفتاء سيؤدي إلى استقلال الجنوب.
وتعتبر قضية أبيي من أكبر القضايا العالقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وذلك بسبب ما تحتويه من احتياطات نفطية كبيرة. وحتى لا تترك أميركا الأمور تسير على عواهنها أعلن الموفد الاميركي للسودان سكوت غريشن للصحافيين السنة الماضية أن الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان وقعا على اتفاقٍ تعهدا فيه بقبول حكم محكمة لاهاي بشأن الخلاف القائم حول منطقة أبيي على أنه قرار "نهائي وملزم". هذا بالرغم من أن مصير منطقة أبيي يجب أن يتحدد في استفتاء 2011 حسب اتفاقية نيفاشا لعام 2005. وبالفعل أصدرت المحكمة الدولية بلاهاي قرارها في 22/7/2009 بخصوص حدود منطقة أبيي الغنية بالنفط، وما كان من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلا تقبل هذا القرار.
إن انفصال جنوب السودان سوف يؤدي إلى نتائج سياسية واستراتيجية وخيمة على السودان والمنطقة. ويظهر ذلك بخاصة في أمرين:
أولهما: إن غاية أميركا الأولى من انفصال الجنوب هو تحويله إلى قاعدة أميركية دائمة تنفذ استراتيجيتها في القرن الإفريقي ومنطقة البحيرات، وذلك تحت مبررات حماية الدولة الجديدة من أطماع دول الجوار أو الحركات المسلحة وعلى رأسها جيش الرب الأوغندي. إن جنوب السودان الذي يمثل قرابة ثلث السودان له حدود مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونجو وإفريقيا الوسطى. وهذا الموقع المهم لجنوب السودان يجعل أميركا قريبة من قضايا المنطقة، وخاصة قضيتي الصومال ومياه النيل.
وثانيهما: أن انفصال الجنوب سيكون مقدمة لانفصال مناطق أخرى في السودان وفي مقدمتها دارفور وشرق السودان. وقد صرح المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت غريشن في مقابلة مع رويترز إن ما يحاولون الوصول إليه هو "وضع يفوز فيه الجميع"، مشيراً إلى أن ذلك سيكون صعباً إذا لم تكن حكومة الخرطوم مستعدة لمناقشة شروط أفضل للجنوب ودارفور وغيرهما.
إن انفصال الجنوب قد وقع بالفعل، وإن أميركا لم تترك شيئاً للاستفتاء عليه سوى الانفصال. فالحركة الشعبية قامت بفتح 18 سفارة لها في الخارج وهي تمنح تأشيرات دخول إلى جنوب السودان من دون استشارة الحكومة المركزية في الخرطوم، كما قامت حكومة الإقليم بمنح الامتيازات لشركات البترول العالمية للتنقيب في الجنوب، وهي تصدر جوازات سفر وتسعى لربط الجنوب بنظام اتصالات له (كود) منفصل عن (كود) السودان. والآن بعد أن تم التعداد السكاني وجرت الانتخابات العامة التي اعترفت بها أميركا، وقام البرلمان السوداني يوم الاثنين 28/6/2010 بتشكيل لجنة ستتولى إدارة الاستفتاء في الجنوب، فإن الجميع يحثون السير نحو إعلان الانفصال في بداية 2011.