المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات حول مفهوم الايمان



ابو عمر الحميري
05-03-2010, 08:02 PM
الايمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل والكفر مقابل الايمان لقوله تعالى (ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل ) وقوله ايضا ( وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير ) وغيرها من النصوص فمن ليس بمؤمن فهو كافر والعياذ بالله .
العمل هو غير الايمان فالنصوص القرانية فرقت بين الايمان والعمل منها قوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) وقوله ابضا ( الا الذين امنوا وعملوا الصالحات ) وغيرها من النصوص .
ان الهسله لايكفر اذا نرك فرضا او فعل حراما الا اذا صاحب ذلك اعتقاد مثل ان يشرب الخمر منكرا حرمتها او ان يترك الصلاة جاحدا فرضيتها فهذا يكون كافرا والعياذ بالله وكذلك اذا قام بفعل ينم عن اعتقاد كأن سجد لصنم او صلى صلاة النصارى فهذا يكفر ايضا اما غير ذلك فلا يكفر بل يكون مسلما فاسقا فالرسول عليه السلام كان يجلد الزاني ويقطع يد السارق اي كان يعاقبهم كعصاة وليسوا ككفار بل واكثر من ذلك الصحابي حاطب بن ابي بلتعة رضي الله عنه حين ارسل كتابا الى قريش يخبرهم بأن الرسول عليه السلام قادم لفتح مكة فنزلت في حقه الاية ( يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة ) وكذلك الصحابي ابو لبابة رضي الله عنه الذي نزل في حقه قوله تعالى ( يا ايها الذين امنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون ) هذه امور ندل على ان العمل ليس جزء من الابمان ولا يكفرنارك الفرض ولا فاعل الحرام .
قد يقول قائل ان هناك احاديث تدل على ان الاعمال جزء من الايمان مثل قوله عليه السلام (الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لااله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق واحياء شعبة من شعب الايمان ) وفوله ايضا ( لا يزني الزاني حين يزني ومو مؤمن ...) نقول ان مذم الاحاديث هي اخبار احاد فلا يستدل بها في موضوع الايمان وايضا فإنها لاتدل على ما ذهبوا اليه فهل ننفي الايمان عمن لا يبعد الاذى عن الطريق أو عن انسان عديم الحياء او عن الزاني او السارق او شارب الخمر وغيرها من الامور .
بقي موضوع الزيادة والنقصان في الايمان فقد ودت ايات كريمة تقول بزيادة الايمان منها قوله تعالى (انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت فلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا ) وقوله ايضا ( هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ) وقوله ايضاا (وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايهم زادتهم هذه ايمانا فأما الذين امنوا زادتهم ايمانا وهم يستبشرون ) فنحن نعلم ان التصديق الجازم لايزيد ولا ينقص لان اينقص لايعتبر تصديقا جازما فلا يعتبر ايمانا بل يعتبر كغرا اذا كان مما يجب الايمان به فماذا تعني الزيادة هل تعني ان الايمان يقوى بالطاعات ويضعف بالمعاصي ام غير ذلك وماذا تعني الاية الكريمة (وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) وكذلك قوله تعالى ( فالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في فلوبكم ) فنحن نعلم ان المسلم لايكون مسلما الا اذا كان مؤمنا فما معنى اسلمنا هل تعني المعنى اللغوي وهو الاسثسلام وذلك لتعذر الحقيقة الشعية ومي الدخول في الاسلام لانه لا اسلام بدون ايمان ام غير ذلك .
هذا ماعندي حول هذا الموضوع فلنفتح حوارا حول هذا الموضوع خاصة نقاط الفقرة الاخيرة وجزاكم الله خير الجزاء وسلام عليكم من الله ورحمة من لدنه وبركات .

نائل سيد أحمد
21-03-2010, 10:59 PM
يرفع للتذكير

مؤمن
25-03-2010, 03:08 PM
الايمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل والكفر مقابل الايمان لقوله تعالى (ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل ) وقوله ايضا ( وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير ) وغيرها من النصوص فمن ليس بمؤمن فهو كافر والعياذ بالله .
العمل هو غير الايمان فالنصوص القرانية فرقت بين الايمان والعمل منها قوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) وقوله ابضا ( الا الذين امنوا وعملوا الصالحات ) وغيرها من النصوص .
ان الهسله لايكفر اذا نرك فرضا او فعل حراما الا اذا صاحب ذلك اعتقاد مثل ان يشرب الخمر منكرا حرمتها او ان يترك الصلاة جاحدا فرضيتها فهذا يكون كافرا والعياذ بالله وكذلك اذا قام بفعل ينم عن اعتقاد كأن سجد لصنم او صلى صلاة النصارى فهذا يكفر ايضا اما غير ذلك فلا يكفر بل يكون مسلما فاسقا فالرسول عليه السلام كان يجلد الزاني ويقطع يد السارق اي كان يعاقبهم كعصاة وليسوا ككفار بل واكثر من ذلك الصحابي حاطب بن ابي بلتعة رضي الله عنه حين ارسل كتابا الى قريش يخبرهم بأن الرسول عليه السلام قادم لفتح مكة فنزلت في حقه الاية ( يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة ) وكذلك الصحابي ابو لبابة رضي الله عنه الذي نزل في حقه قوله تعالى ( يا ايها الذين امنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون ) هذه امور ندل على ان العمل ليس جزء من الابمان ولا يكفرنارك الفرض ولا فاعل الحرام .
قد يقول قائل ان هناك احاديث تدل على ان الاعمال جزء من الايمان مثل قوله عليه السلام (الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لااله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق واحياء شعبة من شعب الايمان ) وفوله ايضا ( لا يزني الزاني حين يزني ومو مؤمن ...) نقول ان مذم الاحاديث هي اخبار احاد فلا يستدل بها في موضوع الايمان وايضا فإنها لاتدل على ما ذهبوا اليه فهل ننفي الايمان عمن لا يبعد الاذى عن الطريق أو عن انسان عديم الحياء او عن الزاني او السارق او شارب الخمر وغيرها من الامور .
بقي موضوع الزيادة والنقصان في الايمان فقد ودت ايات كريمة تقول بزيادة الايمان منها قوله تعالى (انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت فلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا ) وقوله ايضا ( هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ) وقوله ايضاا (وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايهم زادتهم هذه ايمانا فأما الذين امنوا زادتهم ايمانا وهم يستبشرون ) فنحن نعلم ان التصديق الجازم لايزيد ولا ينقص لان اينقص لايعتبر تصديقا جازما فلا يعتبر ايمانا بل يعتبر كغرا اذا كان مما يجب الايمان به فماذا تعني الزيادة هل تعني ان الايمان يقوى بالطاعات ويضعف بالمعاصي ام غير ذلك وماذا تعني الاية الكريمة (وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) وكذلك قوله تعالى ( فالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في فلوبكم ) فنحن نعلم ان المسلم لايكون مسلما الا اذا كان مؤمنا فما معنى اسلمنا هل تعني المعنى اللغوي وهو الاسثسلام وذلك لتعذر الحقيقة الشعية ومي الدخول في الاسلام لانه لا اسلام بدون ايمان ام غير ذلك .
هذا ماعندي حول هذا الموضوع فلنفتح حوارا حول هذا الموضوع خاصة نقاط الفقرة الاخيرة وجزاكم الله خير الجزاء وسلام عليكم من الله ورحمة من لدنه وبركات .
جواب سؤال من حزب التحرير

الزيادة والنقصان في الأعمال لا في الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
الزيادة والنقصان في الأعمال لا في الإيمان
وردت عدة أسئلة واستفسارات تتضمن أن الإيمان هو "التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل"، وهو تعريف شرعي للإيمان، وأن هناك آيات كثيرة تدل على أن الإيمان يزيد، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأنفال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} فهل الإيمان يزيد؟ وهل ينقص كذلك؟ وما الرأي في اختلاف علماء الأمة في هذه المسألة؟ وهل الذي يزيد هو التصديق أم أثر التصديق من خشوع وتقوى وأعمال؟ وما هي دلالة الآيات التي وردت فيها زيادة الإيمان؟
الجواب: قد اختلف في مفهوم الإيمان فقيل هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان والإتيان بالطاعات، وقيل هو التصديق بالقلب وحده وقيل هو الإقرار وحده، فلما اختلف في صلة إقرار اللسان وعمل الجوارح بتصديق القلب، وما يدخل منها في تعريف الإيمان وما لا يدخل، تفرَّع عن ذلك مسألة زيادة الإيمان ونقصانه أو عدمهما. فمن قال بدخول الأعمال في مفهوم الإيمان قال بزيادة الإيمان ونقصانه تبعا لكثرة الأعمال وقلتها، ومن أخرج الأعمال من مفهوم الإيمان قال: لا يزيد الإيمان ولا ينقص، لأن التصديق غير مقبول بالتشكيك، فلا محل للزيادة والنقصان.
ومن قال بزيادة الإيمان ونقصانه احتج بحجج عقلية ونقلية؛ أما الحجج العقلية فهي: أن إيمان آحاد الأمة ومنهم الفُسَّاق ليس مساوياً لإيمان الأنبياء والملائكة، وأن التصديق مراتب. فتصديق المقلد ليس كتصديق العارف بالدليل، ولا كتصديق المشاهد أو المستغرِق الذي لا يشاهد إلا الله تعالى. وأن التصديق القلبي يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة وعدمها، ويزيد بالتجلي، وأن إيمان الصديقين لا تعتريه الشبه فهو أقوى من إيمان غيرهم.
أما الحجج النقلية: فمنها قوله تعالى في سورة الفتح: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم}. وقوله في سورة الأنفال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا}. وقوله في سورة المدثر: {ويزداد الذين آمنوا إيمانا}. وقوله في سورة التوبة:{فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا}، وبحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: "نعم، يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة، وينقص حتى يدخل صاحبه النار" وبحديث "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة لرجح به". وأن الآيات ذكرت الزيادة وكل ما يقبل الزيادة يقبل النقص، ويستثنى من ذلك الأنبياء لوجوب العصمة. والزيادة في الإيمان تكون بسبب زيادة الطاعة، والنقص يكون بنقص الطاعة، والطاعة هي فعل المأمور به واجتناب المنهي عنه.
وهذه الآيات وإن جاءت مصرحة بزيادة الإيمان إلا أن المفسرين اختلفوا في تفسيرها، فمن ذهب إلى إثبات الزيادة والنقصان في التصديق فقد فسر الآيات كما يلي: قوله تعالى في سورة الأنفال {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} أي تصديقاً، وقالوا إن "إيمان الساعة زيادة على إيمان أمس، فمن صدق ثانيا وثالثا فهو زيادة تصديق بالنسبة لما تقدم" وأن المقصود بالزيادة ليس قوة الدليل وإنما كثرة الدلائل. ومن ذهب إلى عدم الزيادة والنقصان في التصديق فسَّر النصوصَ كما يلي: قوله تعالى في سورة الأنفال {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} وقوله في سورة الفتح: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} هذا وارد في حق الصحابة؛ لأن القرآن كان ينزل في كل وقت فيؤمنون به، فتصديقهم للثاني زيادة على الأول، أما في حقنا فقد انقطع الوحي، وما زاد بالإلف وكثرة التأمل وتناصر الحجج فثمرته لا أصله. وأن قوله: {زادتهم إيمانا} وقوله في آل عمران: {فزادهم إيمانا} فالمراد به المجموعُ المركب من التصديق والإقرار والعمل لا التصديق، وأما حديث "إن إيمان أبي بكر لو وزن مع إيمان أمتي لترجح إيمان أبي بكر" فكان ترجيحاً في الثواب لأنه سابق في الإيمان، وقالوا: لا يُنكر جواز إطلاق اسم الإيمان على هذه الأفعال {وما كان الله ليضيع إيمانكم} _أي صلاتكم، و"الإيمان بضع وسبعون باباً أوله شهادة أن لا إله إلا الله، وآخره إماطة الأذى عن الطريق" من جهة أنها دالة على التصديق بالجنان ظاهراً.
وذهب بعضهم إلى أن اختلاف أبي حنيفة مع باقي الأئمة صُوري لأن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزءاً من الإيمان مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان، لا يبقي للخلاف معنى. والقائلون بتكفير تارك الصلاة ضمُّوا إلى هذا الأصل أدلة أخرى، واتفقوا على أن الزانيَ والسارقَ وشاربَ الخمر والمُنتهِبَ لا يزول عنه اسم الإيمان بالكلية. وأن معنى قول أهل السنة: "الإيمان قول وعمل" أن الله تعالى أراد من العباد التصديق بالقلب والإقرار باللسان. وقد أجمعوا على أنه لو صدق بقلبه وأقرّ بلسانه وامتنع عن العمل بجوارحه أنه عاصٍ لله ورسوله، مستحقٌ للوعيد، وقال بعض من لا يُدخل الأعمال في مسمى الإيمان إن إيمانه كإيمان الصحابة والأنبياء والملائكة لأن الإيمان شيء واحد. وقد تناول القائلون بزيادة الإيمان ونقصانه إيمان الملائكة والأنبياء فقالوا: إيمان الأنبياء يزيد ولا ينقص، لأن الكامل يقبل الكمال فحسب، وأن زيادة إيمان النبي صلى الله عليه وسلم بعد المعراج لا تستلزم تفاوتاً في الإيمان، ونقلوا الإجماع على عدم جواز نقص إيمان الملائكة والأنبياء بنقص الطاعة. وفسروا قوله تعالى في سورة البقرة: {قال أو لم تؤمن قال بلى، ولكن ليطمئن قلبي} بأن معناه أو لم يكفك إيمانك؟ فأجاب آمنت، ولكن ليطمئن قلبي من قلقه لرؤية الكيفية.

مؤمن
25-03-2010, 03:09 PM
والحقيقة أن الإيمان شرعاً هو "التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل" والمقصود بالتصديق الجازم هو انعقاد القلب على موافقة العقل، أي أصله التصديق الجازم من قِبَل الوجدان بشرط موافقة العقل. أما العمل فليس داخلاً في مسمى الإيمان، وإنما هو ثمرة الإيمان لا أصله وحقيقته، والإيمان بهذا المعنى الشرعي لا يقبل الزيادة ولا النقصان، لأن الجزم المانع من النقيض لا يقبل الزيادة والنقصان؛ فإما أن يكون جزما مانعاً من نقيضه أو لا يكون، فإذا تحقق الجزم فإنه لا يقبل زيادة ولا نقصاً. فالزيادة لا وجود لها ولا قيمة لها لحصول الجزم، والنقصان هو نزول بالجزم إلى مرتبة أحط، من الظن والشك، فيكون ذلك كفراً بالاتفاق. أما ما أوردوه من أدلة عقلية ونقلية على زيادة الإيمان ونقصانه فإن الدليل العقلي عبارة عن البرهان الذي يستقل العقل في إيجاده إثباتاً للمسألة، وما أوردوه من أدلة عقلية لا يصلح دليلاً لإثبات المسألة، فإيمان الملائكة لا يبحث عقلاً لأن الملائكة فوق الحس، وأما فيما يتعلق بنسبة إيمان الأنبياء إلى إيمان آحاد الأمة، فإذا قُصِد بالإيمان التصديق القلبي والطاعات، فإنه ثبت شرعاً تفوُّق الأنبياء على من سواهم، وإذا قصد بالإيمان التصديق الجازم وحده، فإن القول بتفاوت الإيمانين ينبني على ثبوت مراتب للجزم، وما كان كذلك لا ينهض دليلاً على ثبوته لأنه متوقف على ثبوت غيره، وهاتان قضيتان مختلف فيهما، ثم إنه إذا كان التفاوت في الإيمانين يثبت عقلا، فكيف يمكن للعقل إثبات أن إيمان لوط وهارون عليهما السلام كان دون إيمان إبراهيم وموسى في لحظة اختيارهما للنبوة، هذا لا سبيل لإثباته، والبحث فيه عبث. وأما كثرة النظر ودرجة وضوح الأدلة فقد اختلف فيهما هل هما متعلقان بأصل الإيمان أم بثمراته، وتقرير أي من الأمرين لا بد من الرجوع فيه إلى الحس مباشرة حتى يصح اعتباره دليلاً عقلياً، وإلا كان الترجيح تحكماً من غير دليل.
وأما الأدلة النقلية فإن مسألة "الإيمان" من مسائل العقيدة والتي لا بد أن يكون دليلها قطعياً، لأن العقائد لا تؤخذ إلا عن يقين، والآيات المذكورة ليست قطعية في دلالتها على زيادة الإيمان الذي هو بمعنى التصديق القلبي فضلا عن نقصانه، وقد اختلف العلماء في تفسيرها ولم يدّع فريق منهم أن تفسير غيره مخالف للدليل القطعي، ولم يكفر بعضهم بعضا، وإنما رجح كل فريق تفسيره بوجه من وجوه الترجيح، ولو كانت الآيات قطعية الدلالة لكانت حجة قائمة بألفاظها وتراكيبها من غير حاجة إلى قرينة تعين المعنى المراد منها. وأما الأحاديث فإنه لم يصح حديث في زيادة الإيمان ونقصانه لا مرفوعاً ولا موقوفاً، ولم تعرف المسألة زمن الصحابة، وأما رواية: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر" فإنها ليست نصاً في محل النزاع، وقد فُسِّر بترجيح الثواب لأنه سابق في الإيمان، ثم إنه من المحال أن يراد بالإيمان هنا التصديق، فإن في الناس ألوفاً من الصحابة، وفيهم العشرة المبشرون بالجنة، وفيهم من نزل فيه خبر القرآن برضى الله عنه، والشهداء والصالحون إلى يوم القيامة، وتفسيره بالمعنى الذي ذهبوا إليه لا يبقي للأمة فضلاً ولا إيماناً. ثم إن هذا الخبر لم يصح مرفوعاً، وإنما هو من قول عمر، والرفع فيه غير متعين، ولفظه عن عمر في الشُّعب للبيهقي: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم" ولو صحت هذه الأخبار لما كانت حجة، لأن المسألة اعتقادية، والاعتقاد لا يثبت بالظن.
والاحتجاج بأن الآيات ذكرت الزيادة وكل ما يقبل الزيادة يقبل النقص، غير أن إيمان الأنبياء يقبل الزيادة في الإيمان بزيادة الطاعة ولا ينقص بنقصها لوجوب العصمة، وأنه لا يجوز على الأنبياء والملائكة أن ينقص إيمانهم بنقص الطاعة إجماعا، كلام غير مستقيم، لأنه إذا سُلِّم بأن كل ما يقبل الزيادة يقبل النقص وأن إيمان الأنبياء يقبل الزيادة فاستثناء قبول إيمان الأنبياء للنقص بنقص الطاعة تحكُّم، خاصةً أن دليل الاستثناء غير منطبق. فنقص الطاعة لا يقدح في العصمة، لأن الطاعة أعم من القيام بالواجبات واجتناب المحرمات، إذ الطاعة هي فعل المأمور به واجتناب المنهي عنه، وقد دلت الآيات على تفاوت درجات الأنبياء في الطاعة، ودليل العصمة عقلي وليس نقلياً، وعصمة الأنبياء مخصوصة بالتبليغ، والإجماع على استثناء الأنبياء من النقص هو بحد ذاته دليل على خطأ القول بزيادة الإيمان ونقصه، لأن الزيادة والنقص في الإيمان إذا كان ممكناً فهو ممكن على كل بشر. وعدم الاطراد أداهم إلى التعليل والتأويل، أما التعليل فإنهم قالوا بأن إيمان الأنبياء يزيد ولا ينقص لأن الكامل ما يقبل الكمال فحسب، وهذا مردود لأن الكمال المطلق هو الذي لا يقبل الزيادة ولا النقصان، وأما الكمال النسبي فيقبل الزيادة كما يقبل النقصان، وكمال الأنبياء كمال بالنسبة إلى من هم دونهم، وليس كمالاً مطلقاً يخرجهم عن بشريتهم، أما التأويل فإنهم وجدوا بأن الأنبياء يحصل لهم تجلٍ عظيمٍ في بعض الأحيان كما كان في ليلة معراج النبي صلى الله عليه وسلم، وسلّموا بأن الإيمان بعده ليس بمنزلته قبله، لكنهم قالوا بأن هذا لا يستلزم تفاوتا في إيمانهم، وهذا عجيب، لأنه إذا كان ما بعد المعراج غير الذي قبله فهو التفاوت بعينه، إذ هما شيئان ليسا بمنزلة واحدة، وما دام لم يصح في استثناء الأنبياء دليل فإنه يلزمهم إدراج إيمان الأنبياء تحت مدلول الآيات التي فسرت بزيادة الإيمان ونقصه لأن النبي صلى الله عليه وسلم داخل تحت الخطاب، ولا مناص لهم من هذا إلا بالتأويل أو العدول إلى تفسير آخر.
وبناء على ذلك كلِّه فإن الاختلافَ في زيادة الإيمان ونقصانه مبنيٌ على تعريف الإيمان، والاختلاف في تعريف الإيمان آتٍ من إدخال العمل في مسمى الإيمان، وردُّ هذا إلى أن بعض العلماء اعتمدوا في تعريفهم له على واقع الإيمان المطلوب شرعا، فقالوا بأنه تصديق بالقلب، واعتبروا الأعمالَ أثراً لهذا التصديق، والآخرون اعتمدوا على ما جاء من نصوص _آيات وأحاديث_ تعرضت للإيمان ووصفته بالزيادة والنقصان، حيث اعتبروا الأعمال داخلة في تعريف الإيمان. فقال الأولون: بأن التصديق الجازم لا يجوز أن يدخله الشك أو الخلل فيكون كفرا، لذلك فإن الزيادة والنقصان تدخلان على أثر الإيمان وهو الأعمال، وقال الآخرون: إن الزيادة والنقصان تدخلان على الجزء الثاني من تعريف الإيمان وهو العمل. لذلك نجد أن الاتفاق موجود عندهم على حكم الإيمان، والخلل فيه كفر، ومتفقون على أحكام الأعمال بالتأثيم وليس التكفير ما عدا خلافهم على حكم تارك الصلاة لاستثنائها بنصوص نطقت بتكفير تاركها، فأخذ بعضهم كالإمام أحمد بظاهر النصوص، وأوَّلَ الآخرون هذه النصوص كبقية الأئمة لإلحاق الصلاة بالأعمال لأن واقعها كذلك.
وعليه فإن زيادة الإيمان التي وردت في بعض آيات القرآن الكريم تعني قوة الصلة بالله، ونقص الإيمان معناه ضعف الصلة بالله، وليس نقص التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل، لأن نقص التصديق الجازم معناه دخول الشك والريب، وهذا كفر، فمعنى {زادتهم إيمانا} {ليزدادوا إيمانا} قويت صلتهم بالله، بتذكرهم أن الله كافيهم وهو القادر والناصر والنافع والضار ولا يصيبهم إلا ما كتب الله لهم، فالإخبار عن الزيادة إخبارٌ عن ازدياد صلتهم بالله مع وجود إيمانهم، وذلك بتذكرهم بأن لله جنود السماوات والأرض، وثقتهم بأن الله ناصرهم، وهذه الصلة تقوى بذكر الله وقراءة القرآن والاستماع إليه، ويلزم لتقوية الصلة بلورة المفاهيم المنبثقة عن العقيدة بتصور وقائع هذه الأفكار وفهم معانيها، وتقوية التصديق بها عن طريق مطابقتها للواقع والتعمق في أدلتها، والإيمان يضعف بانشغال ذهن الإنسان ووقته بالدنيا وانصرافه إلى ملذاتها.
15/ربيع الثاني/1426هـ
24/5/2005م