ابو العبد
10-11-2009, 10:41 PM
كتب المُحرِّر الديبلوماسي* :
قضيّة السفينة »فرانكوب« التي اعترضتها القوات الإسرائيليّة في المياه الدوليّة، قرب جزيرة قبرص، فجر الأربعاء 4 الجاري والتي أكدت إسرائيل أنها كانت تحمل كميّات ضخمة من الأسلحة القادمة من إيران والمرسلة إلى »حزب الله« عبر سورية، هي قضيّة تطرح العديد من التساؤلات في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهدها المنطقة.
ولقد حظيت هذه القضيّة، منذ لحظة الإعلان عنها، باهتمام فعلي ليس فقط في الأوساط الديبلوماسيّة الدوليّة بل كذلك في الأوساط الاستخباراتيّة والعسكريّة. ومنذ صباح الخميس 5 الجاري، بدأت التقارير الأوليّة، من إسرائيل ومن خارج إسرائيل، تصل إلى بعض مواقع القرار، مثل قيادة »حلف شمال الأطلسي« في بروكسيل. ذلك أن الدخول في تفاصيل هذه القضية يثير علامات استفهام عدة بعضها غير متوقع على الإطلاق.
ومع أن هذه القضيّة لم تنجلِ بعد بوضوح، فإن ثمّة مجموعة من المعطيات الأكيدة التي بدأت تتجمّع حولها:
1- السفينة لم تكن تحمل فقط شحنة مواد مدنيّة، بل كانت هناك بالفعل شحنة أسلحة على متنها. الجيش الإسرائيلي استدعى الصحافة لمعاينة حمولة السفينة، لكن ليس فقط الصحافة. كان هناك أيضاً ملحقون عسكريون أجانب، من بينهم خبراء ذوو مستوى دولي، عاينوا السفينة والأسلحة. وقالوا في تقاريرهم الأولى ان لا شك في أن هذه الأسلحة ليست إسرائيليّة، وأنها كانت بالفعل على متن السفينة. بكلام آخر، القضيّة ليست مجرّد »تركيبة« إسرائيليّة لأهداف إعلاميّة وسياسيّة.
2- الأسلحة التي كانت على متن السفينة، والتي تقول التقديرات الإسرائيليّة إنها توازي »آلاف الأطنان«، هي أكبر شحنة أسلحة تضبطها إسرائيل في تاريخها.
3- إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتيّة دقيقة تتعلق بهذه السفينة. قوة الكوماندوس الخاصة التابعة لسلاح البحريّة الإسرائيلي لم تهتم بهذه السفينة بمحض الصدفة كما أوحت بعض التصاريح الإسرائيليّة. فهذه القوة عندما غادرت الشاطئ الإسرائيلي توجهت مباشرة نحو السفينة، التي كانت خارج المياه الإقليميّة الإسرائيليّة، واعترضتها بينما كانت على بعد حوالى 180 كيلومتراً من سواحل إسرائيل، وفتشتها ومن ثم اقتادتها إلى ميناء أشدود العسكري الإسرائيل. هذا يؤكد أن ثمّة اختراقا استخباراتياً من إسرائيل لشبكة إيصال الأسلحة من إيران إلى المشرق العربي.
4- كانت فرقة الكوماندوس الإسرائيليّة تعتقد أنها ستجد على متن السفينة صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للدبابات، فلم تجدها. لكن منذ بعد ظهر الأربعاء 4 الجاري، قال مصدر في الجيش الإسرائيلي لملحق عسكري غربي في تل أبيب إن المعلومات التي سمحت باعتراض السفينة لم يتم التعاطي معها بشكل منهجي منذ البداية، لأن هذه المعلومات كانت تشير في قسم آخر منها إلى الحمولة التي ضبطت على متن السفينة، ما يوحي بأن هذه المعلومات كانت دقيقة. وبالتالي يميل المحللون الإسرائيليون إلى الاعتقاد أن شحنة صورايخ أرض - جو متطوّرة قادمة من إيران قد »زمطت« من المراقبة أخيراً ووصلت إلى »حزب الله«، ما قد يشكل خطراً على الطيران الإسرائيلي الذي يخرق دورياً الأجواء اللبنانيّة.
5- بعد »الخيبة« الإسرائيليّة من عدم ضبط صواريخ أرض - جو، أدى تحليل نوعيّة الأسلحة التي ضبطت إلى إثارة سلسلة من الأسئلة الغريبة. وهذا بالتحديد ما زاد من اهتمام الأوساط الاستخباراتيّة الدوليّة بقضيّة السفينة. ذلك أن الجزء الأكبر من الأسلحة التي كانت على متن هذه السفينة لا يتطابق مع حاجات »حزب الله« في مواجهة إسرائيل. فالسواد الأعظم من الشحنة كان عبارة عن قذائف صاروخيّة وقذائف من عيار 122 ملم وعيارات أخرى وقذائف هاون وقنابل يدويّة وذخيرة لرشاشات كلاشينكوف. بكلام آخر، وحسب تعبير استخدمه أحد الملحقين العسكريين الغربيين الذين زاروا ميناء أشدود يوم الأربعاء 4 الجاري وعاينوا الشحنة: »هذه أسلحة لحرب أهليّة«.
6- كما كان من المتوقع، قامت إيران ومن ثم سورية ومن ثم »حزب الله« بنفي أي علاقة لهم بشحنة الأسلحة هذه، وباتهام إسرائيل بالقرصنة البحريّة. ربما أن إيران وسورية و»حزب الله« كانوا على علم بهذه الشحنة. وربما أن الأمور أكثر تعقيداً من ذلك. صحيح أن مصدر الأسلحة هو إيران وأن لا شك في هذه النقطة على ما يبدو، ما يعني أن إيران كانت على علم بهذه الشحنة. غير أن طبيعة الأسلحة والطريقة التي كانت تشحن بها، تدفعان إلى التساؤل: هل كانت سورية بالفعل على علم بهذه الشحنة؟ وهل كان »حزب الله« بالفعل على علم بهذه الشحنة؟
7- إذا كانت الأسلحة مرسلة من إيران إلى سورية، ومنها إلى »حزب الله«، فما الحاجة إذن إلى تخبئتها قبل وصولها إلى سورية؟ المطوب أخفاؤها إلى حد ما أثناء تمريرها في ما بعد إلى لبنان. لكن لا حاجة لعملية تهريب أسلحة بين إيران وسورية. فهما دولتان مستقلتان يحق لهما تبادل الأسلحة أو بيعها وشراءها بينهما. بإمكان إيران إرسال طائرة نقل عسكرية إلى مطار دمشق. أو وضع الأسلحة على باخرة إيرانيّة أو سوريّة رسميّة، ورفض السماح للجيش الإسرائيلي بالصعود على متنها. وفي حال خرق الجيش الإسرائيلي العرف السائد في المياه الدوليّة وصعد إلى الباخرة من دون موافقة ربانها، فلماذا تخبئة الأسلحة إذن؟ كل يوم تجتاز المياه المحيطة بإسرائيل بواخر محملة بالأسلحة رسمياً. ولماذا كل هذا التعقيد في شحنة أسلحة بين دولتين: باخرة تابعة لشركة ألمانيّة... ترفع علم أنتيغوا... تحمل شحنة بليغة الثمن تتكون من آلاف الأطنان لكنها تسلم إلى قبطان روماني ليس على علم بما على متنها؟ تبادل الأسلحة بين الدول لا يتم بتاتاً بهذه الطريقة. لذا، يجب درس احتمالات أخرى ممكنة.
٨- الاحتمال الأوّل هو أن هذه الشحنة مرسلة من إيران إلى حزب الله مباشرة. وكان من المفترض أن تفرغ في مرفأ بيروت، وربما ــــ وهذا احتمال أضعف ـــ في مرفأ طرابلس. على أي حال، منذ ظهر يوم الأربعاء 4 الجاري، ذكر مصدر بحري في قبرص أنه كان مقرراً أن ترسو السفينة في لبنان. ثم صرح موظف في الشركة التي تملك السفينة، وهي شركة ريديري غيرد بارتلز الألمانية للشحن البحري ومركزها في ميناء هامبورغ، قائلاً إنه كان من المفترض أن تتوجه السفينة من مصر الى قبرص، ثم الى لبنان وتركيا. أي أن خطها الرسمي على ما يبدو لم يكن يلحظ سورية. هذا يعني أنه كان على السفينة أن تجتاز عمليات التدقيق التي تقوم بها القوات الدوليّة التي تراقب المياه الإقليميّة اللبنانيّة بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي يحظـّر تهريب الأسلحة إلى لبنان. عمليّات التدقيق هذه لا تصل إلى درجة التفتيش إلاّ في ما ندر. إجمالاً، تكتفي القطع البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة باستجواب القبطان عبر الراديو. فيعلن عن هويته وحمولته. وفي حال كان لدى هذه القوات شكوك واضحة، فإنها تقوم بتفتيش الباخرة، لكن بشكل سطحي. وهي لم تقم حتى اليوم بأي عملية تفتيش عميقة (بمعنى اقتياد الباخرة إلى مرفأ بيروت وتفريغ كل حمولتها بحثاً عن أسلحة)، بل هي تبلغ عن شكوكها إلى الأمن اللبناني في مرفأ بيروت. وهو يتصرف كما يراه مناسباً. إذاً، هذا الاحتمال منطقي: كان المطلوب فقط هو عدم إثارة شكوك قوية لدى القوات الدوليّة في المياه الإقليميّة اللبنانيّة. وهذا الاحتمال يتطابق إلى حد ما مع ما تنقله المخابرات الإسرائيليّة دورياً إلى العواصم الغربيّة حول أن مرفأ بيروت ومطار بيروت لا يزالان خارج السيطرة الفعليّة للدولة اللبنانيّة، وأن إيران توصل عبرهما المساعدات إلى حزب الله.
٩- في حال صح هذا الاحتمال الأوّل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: لماذا يستجلب حزب الله أسلحة من هذا النوع، معظمها يصلح لـحرب أهليّة أو لحرب شوارع مع جيش نظامي، وهذا ما يعرف الحزب تماماً أنه لن يواجهه مع الإسرائيليين؟ هل يستجلب حزب الله هذه الأسلحة لتسليح حلفائه؟
٠١- الاحتمال الثاني هو أن هذه الشحنة كانت مرسلة من إيران إلى سورية. وما يفسر تخبئة الأسلحة تحت مواد مدنيّة هو أن هذه الشحنة مرسلة لاستخدام ما داخل سورية. فالمعلومات تتزايد منذ فترة عن أن لإيران شبكاتها الخاصة في سورية، داخل النظام السوري وخارجه. وإذا صح هذا الاحتمال فهذا يعني أن الكلام عن مخطط إيراني ما يهدد النظام السوري ليس وهميّاً.
قضيّة السفينة »فرانكوب« التي اعترضتها القوات الإسرائيليّة في المياه الدوليّة، قرب جزيرة قبرص، فجر الأربعاء 4 الجاري والتي أكدت إسرائيل أنها كانت تحمل كميّات ضخمة من الأسلحة القادمة من إيران والمرسلة إلى »حزب الله« عبر سورية، هي قضيّة تطرح العديد من التساؤلات في هذه المرحلة الدقيقة التي تشهدها المنطقة.
ولقد حظيت هذه القضيّة، منذ لحظة الإعلان عنها، باهتمام فعلي ليس فقط في الأوساط الديبلوماسيّة الدوليّة بل كذلك في الأوساط الاستخباراتيّة والعسكريّة. ومنذ صباح الخميس 5 الجاري، بدأت التقارير الأوليّة، من إسرائيل ومن خارج إسرائيل، تصل إلى بعض مواقع القرار، مثل قيادة »حلف شمال الأطلسي« في بروكسيل. ذلك أن الدخول في تفاصيل هذه القضية يثير علامات استفهام عدة بعضها غير متوقع على الإطلاق.
ومع أن هذه القضيّة لم تنجلِ بعد بوضوح، فإن ثمّة مجموعة من المعطيات الأكيدة التي بدأت تتجمّع حولها:
1- السفينة لم تكن تحمل فقط شحنة مواد مدنيّة، بل كانت هناك بالفعل شحنة أسلحة على متنها. الجيش الإسرائيلي استدعى الصحافة لمعاينة حمولة السفينة، لكن ليس فقط الصحافة. كان هناك أيضاً ملحقون عسكريون أجانب، من بينهم خبراء ذوو مستوى دولي، عاينوا السفينة والأسلحة. وقالوا في تقاريرهم الأولى ان لا شك في أن هذه الأسلحة ليست إسرائيليّة، وأنها كانت بالفعل على متن السفينة. بكلام آخر، القضيّة ليست مجرّد »تركيبة« إسرائيليّة لأهداف إعلاميّة وسياسيّة.
2- الأسلحة التي كانت على متن السفينة، والتي تقول التقديرات الإسرائيليّة إنها توازي »آلاف الأطنان«، هي أكبر شحنة أسلحة تضبطها إسرائيل في تاريخها.
3- إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتيّة دقيقة تتعلق بهذه السفينة. قوة الكوماندوس الخاصة التابعة لسلاح البحريّة الإسرائيلي لم تهتم بهذه السفينة بمحض الصدفة كما أوحت بعض التصاريح الإسرائيليّة. فهذه القوة عندما غادرت الشاطئ الإسرائيلي توجهت مباشرة نحو السفينة، التي كانت خارج المياه الإقليميّة الإسرائيليّة، واعترضتها بينما كانت على بعد حوالى 180 كيلومتراً من سواحل إسرائيل، وفتشتها ومن ثم اقتادتها إلى ميناء أشدود العسكري الإسرائيل. هذا يؤكد أن ثمّة اختراقا استخباراتياً من إسرائيل لشبكة إيصال الأسلحة من إيران إلى المشرق العربي.
4- كانت فرقة الكوماندوس الإسرائيليّة تعتقد أنها ستجد على متن السفينة صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للدبابات، فلم تجدها. لكن منذ بعد ظهر الأربعاء 4 الجاري، قال مصدر في الجيش الإسرائيلي لملحق عسكري غربي في تل أبيب إن المعلومات التي سمحت باعتراض السفينة لم يتم التعاطي معها بشكل منهجي منذ البداية، لأن هذه المعلومات كانت تشير في قسم آخر منها إلى الحمولة التي ضبطت على متن السفينة، ما يوحي بأن هذه المعلومات كانت دقيقة. وبالتالي يميل المحللون الإسرائيليون إلى الاعتقاد أن شحنة صورايخ أرض - جو متطوّرة قادمة من إيران قد »زمطت« من المراقبة أخيراً ووصلت إلى »حزب الله«، ما قد يشكل خطراً على الطيران الإسرائيلي الذي يخرق دورياً الأجواء اللبنانيّة.
5- بعد »الخيبة« الإسرائيليّة من عدم ضبط صواريخ أرض - جو، أدى تحليل نوعيّة الأسلحة التي ضبطت إلى إثارة سلسلة من الأسئلة الغريبة. وهذا بالتحديد ما زاد من اهتمام الأوساط الاستخباراتيّة الدوليّة بقضيّة السفينة. ذلك أن الجزء الأكبر من الأسلحة التي كانت على متن هذه السفينة لا يتطابق مع حاجات »حزب الله« في مواجهة إسرائيل. فالسواد الأعظم من الشحنة كان عبارة عن قذائف صاروخيّة وقذائف من عيار 122 ملم وعيارات أخرى وقذائف هاون وقنابل يدويّة وذخيرة لرشاشات كلاشينكوف. بكلام آخر، وحسب تعبير استخدمه أحد الملحقين العسكريين الغربيين الذين زاروا ميناء أشدود يوم الأربعاء 4 الجاري وعاينوا الشحنة: »هذه أسلحة لحرب أهليّة«.
6- كما كان من المتوقع، قامت إيران ومن ثم سورية ومن ثم »حزب الله« بنفي أي علاقة لهم بشحنة الأسلحة هذه، وباتهام إسرائيل بالقرصنة البحريّة. ربما أن إيران وسورية و»حزب الله« كانوا على علم بهذه الشحنة. وربما أن الأمور أكثر تعقيداً من ذلك. صحيح أن مصدر الأسلحة هو إيران وأن لا شك في هذه النقطة على ما يبدو، ما يعني أن إيران كانت على علم بهذه الشحنة. غير أن طبيعة الأسلحة والطريقة التي كانت تشحن بها، تدفعان إلى التساؤل: هل كانت سورية بالفعل على علم بهذه الشحنة؟ وهل كان »حزب الله« بالفعل على علم بهذه الشحنة؟
7- إذا كانت الأسلحة مرسلة من إيران إلى سورية، ومنها إلى »حزب الله«، فما الحاجة إذن إلى تخبئتها قبل وصولها إلى سورية؟ المطوب أخفاؤها إلى حد ما أثناء تمريرها في ما بعد إلى لبنان. لكن لا حاجة لعملية تهريب أسلحة بين إيران وسورية. فهما دولتان مستقلتان يحق لهما تبادل الأسلحة أو بيعها وشراءها بينهما. بإمكان إيران إرسال طائرة نقل عسكرية إلى مطار دمشق. أو وضع الأسلحة على باخرة إيرانيّة أو سوريّة رسميّة، ورفض السماح للجيش الإسرائيلي بالصعود على متنها. وفي حال خرق الجيش الإسرائيلي العرف السائد في المياه الدوليّة وصعد إلى الباخرة من دون موافقة ربانها، فلماذا تخبئة الأسلحة إذن؟ كل يوم تجتاز المياه المحيطة بإسرائيل بواخر محملة بالأسلحة رسمياً. ولماذا كل هذا التعقيد في شحنة أسلحة بين دولتين: باخرة تابعة لشركة ألمانيّة... ترفع علم أنتيغوا... تحمل شحنة بليغة الثمن تتكون من آلاف الأطنان لكنها تسلم إلى قبطان روماني ليس على علم بما على متنها؟ تبادل الأسلحة بين الدول لا يتم بتاتاً بهذه الطريقة. لذا، يجب درس احتمالات أخرى ممكنة.
٨- الاحتمال الأوّل هو أن هذه الشحنة مرسلة من إيران إلى حزب الله مباشرة. وكان من المفترض أن تفرغ في مرفأ بيروت، وربما ــــ وهذا احتمال أضعف ـــ في مرفأ طرابلس. على أي حال، منذ ظهر يوم الأربعاء 4 الجاري، ذكر مصدر بحري في قبرص أنه كان مقرراً أن ترسو السفينة في لبنان. ثم صرح موظف في الشركة التي تملك السفينة، وهي شركة ريديري غيرد بارتلز الألمانية للشحن البحري ومركزها في ميناء هامبورغ، قائلاً إنه كان من المفترض أن تتوجه السفينة من مصر الى قبرص، ثم الى لبنان وتركيا. أي أن خطها الرسمي على ما يبدو لم يكن يلحظ سورية. هذا يعني أنه كان على السفينة أن تجتاز عمليات التدقيق التي تقوم بها القوات الدوليّة التي تراقب المياه الإقليميّة اللبنانيّة بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي يحظـّر تهريب الأسلحة إلى لبنان. عمليّات التدقيق هذه لا تصل إلى درجة التفتيش إلاّ في ما ندر. إجمالاً، تكتفي القطع البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة باستجواب القبطان عبر الراديو. فيعلن عن هويته وحمولته. وفي حال كان لدى هذه القوات شكوك واضحة، فإنها تقوم بتفتيش الباخرة، لكن بشكل سطحي. وهي لم تقم حتى اليوم بأي عملية تفتيش عميقة (بمعنى اقتياد الباخرة إلى مرفأ بيروت وتفريغ كل حمولتها بحثاً عن أسلحة)، بل هي تبلغ عن شكوكها إلى الأمن اللبناني في مرفأ بيروت. وهو يتصرف كما يراه مناسباً. إذاً، هذا الاحتمال منطقي: كان المطلوب فقط هو عدم إثارة شكوك قوية لدى القوات الدوليّة في المياه الإقليميّة اللبنانيّة. وهذا الاحتمال يتطابق إلى حد ما مع ما تنقله المخابرات الإسرائيليّة دورياً إلى العواصم الغربيّة حول أن مرفأ بيروت ومطار بيروت لا يزالان خارج السيطرة الفعليّة للدولة اللبنانيّة، وأن إيران توصل عبرهما المساعدات إلى حزب الله.
٩- في حال صح هذا الاحتمال الأوّل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: لماذا يستجلب حزب الله أسلحة من هذا النوع، معظمها يصلح لـحرب أهليّة أو لحرب شوارع مع جيش نظامي، وهذا ما يعرف الحزب تماماً أنه لن يواجهه مع الإسرائيليين؟ هل يستجلب حزب الله هذه الأسلحة لتسليح حلفائه؟
٠١- الاحتمال الثاني هو أن هذه الشحنة كانت مرسلة من إيران إلى سورية. وما يفسر تخبئة الأسلحة تحت مواد مدنيّة هو أن هذه الشحنة مرسلة لاستخدام ما داخل سورية. فالمعلومات تتزايد منذ فترة عن أن لإيران شبكاتها الخاصة في سورية، داخل النظام السوري وخارجه. وإذا صح هذا الاحتمال فهذا يعني أن الكلام عن مخطط إيراني ما يهدد النظام السوري ليس وهميّاً.