المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاصل في علاقة الدولة الاسلامية مع الخارج



ابو طلال
20-10-2009, 01:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاصل في علاقة الدولة الاسلامية مع الخارج
قسم الفقهاء الدار في الاسلام الى ثلاث :-
1- دار الاسلام : هى التي تجري عليها احكام الاسلام وامانها بامان اهلها اى لهم قوة كافية يستطيعون بها صد العدو الداخلي والخارجي
2- دار كفر : هى التي تحكم بغير ما انزل الله وامانها ليس بيد اهلها واضاف ابو حنيفة رحمه الله للشرطين المذكورين الثغور المتاخمة لارض العو لانعدام الامن فيها وخالفه صاحباه .
3- دار العهد : هى التي صولح عليها اهلها مقابل خراج معين يؤدونه للدولة مقابل بقاء الارض بيد اصحابها وعدم جريان احكام الاسلام عليها ومدة الصلح معلومة غير مبهمة .
الا ان بعض الفقهاء يرى في العصر الحاضر ان العالم كله دار واحدة وان تقسيمه الى دارين او ثلاثة لا اساس له في الشرع وهو من صنيع الفقهاء في القرن الثامن الهجري وما دار الحرب الا تلك التي لم تكن في حالة سلم مع الدولة الاسلامية , فوجود دار الحرب بنظرهم امر طارىء يبقى ببقاء الحرب وينتهي بانتهائها وتعود الدنيا كلها دار سلم , ولم يكتفوا بذلك بل قالوا انهم بمنحاهم هذا يؤيدون القوانين الدولية
ان ما قال به بعض الفقهاء في العصر الحاضر ان العالم كله دار واحدة مخالف لما ورد من ادلة في الكتاب والسنة
1- قال تعالى " ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا " ( انساء )
2- ما اخرجه مسلم واحمد من حديث سلمان بن بريدة عن ابيه ... واذا لقيت عوك فادعهم الى ثلاث خصال او خلال فايتهن ما اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ادعهم الى الاسلام فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم الى التحول من دارهم الى دار المهاجرين واخبرهم انهم ان فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم وان هم ابوا ان يتحولوا فاخبرهم انهم يكونون كاعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين الا انه ليس لهم في الغنيمة والفىء سىء الا ان يجاهدوا مع المسلمين , فان هم ابوا فسلهم الجزية , فان هم ابوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم .
يتضح مما سبق ان الدنيا دار اسلام ودار كفر وحرب بالنص والدليل الشرعي وما زعموه فهو ادعاء باطل لا مستند شرعي له .
ثم علينا ان ننتبه لامر في غاية الدقة والخطورة وهو ان المبداء يتكون من فكرة وطريقة وانه عند الشروع في تطبيق احكامه يؤخذ بفكرته وطريقته
فحرمة التعدى على المال الخاص فكرة وطريقتها قطع يد السارق اذا توفرت الشروط الشرعية فلا يحبس ولا يجلد .
وامثل طريقة لنشر المبداء هو اخذه بفكرته وطريقته بحيث توضع احكام الفكرة والطريقة موضع التطبيق والتنفيذ في الفرد والمجتمع والدولة مما يجعل المبداء ملفتا للنظر ويلمس الناس عدالة ثم تدعو الدولة غيرها لاعتناق المباء وتقوم بنشره بالجهاد فتكسر جميع الحواجز المادية التى تقف في طريق نشر الاسلام .
ساورد الادلة التي قال بها بعض فقهاء العصر الحاضر بان الاصل في علاقة الدولة الاسلامية بغيرها هو السلم لا الحرب بناء على ان العالم دارا واحدة وان الحرب امر عارض , مع مناقشة هذه الادلة
اولا – قوله سبحانه " يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين " البقرة
ان السلم الوارد في هذه الاية الكريمة هو الاستسلام لله والانقياد له اى الاسلام بدليل قوله تعالى في الاية التي تليها " فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم " فهذه في مقام التهديد
ثانيا – قوله جل شانه " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم " ( سورة الانفال )
لقد تغافل العلماء المعاصرون امام موجات الغزو الفكري والثقافي عن قوله تعالى " فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وانتم الاعلون ولن يتركم اعمالكم " ( محمد )
قال المفسرون كلا الايتان محكمتان ولا نسخ فيهما البتة الا ان وجه الجمع بينهما هو ان الاية الثانية اذا كانت الغلبة للمسلمين بعد ان دكت سنابك خيلهم ارض العدو واثخنت جحافل جيوشهم فيه القتل والجرح فاذا طلبوا الصلح فلا يجابون له .
اما اية الانفال فموضوعها يراعي الاجواء السياسية والموقف الدولي وقوة المسلمين وضعفهم وعدم البدء بالقتال اصلا فيجاب العدو الى الصلح لمدة زمنية محددة يصطلح عليها الفريقان
ثالثا – قوله تعالى " الا الذين يميلون الى قوم بينكم وبينهم ميثاق او جاؤوكم حصرت صدورهم ان يقاتلوكم او يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم والقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " ( سورة النساء )
والرد على استدلالهم بهذه الاية الكريمة من عدة وجوه
1- اجمع الفقهاء قديما وحديثا على ان عقد الصلح مع العدو ينبغي ان يحدد بفترة زمنية معلومة استنادا لصلح الحديبة وعليه فلا تصح المهادنة مطلقة الى ما شاء الله من غير تقدير مدة معينة .
2- الاية التي استدل بها العلماء المعاصرون من ان الاصل في العلاقات الدولية السلم منسوخة باية براء ة " فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم "
نقل ابن جرير الطبري عن الحسن وعكرمة وقتادة وابن زيد ان اية النساء نسختها اية براء ة , كما حكى القرطبي النسخ عن مجاهد وقال هو اصح شىء في معنى هذه الاية
وعليه فان الاصل الذي انبنى عليه قول العلماء المعاصرين من انه لا يوجد سوى دار واحدة وان السلم الاصل في العلاقات الدولية والحرب امر عارض مردود كما راينا بالكتاب حيث ثبت خطاء استلالهم وكذلك بالسنة حيث وقع النبي عليه افضل الصلاة والسلام صلح الحديبية مع خصمه اللدود قريش وارسل السفراء لكل جبار عنيد يدعوه للدخول في الاسلام وايضا فتح خيبر في السنة السابعة للهجرة وكذلك وجه الى مؤتة جيشا على راسه زيد بن حارثة ثم غزوة ذات السلاسل بقيادة عمرو بن العاص نحو تخوم بلاد الشام
اما فكرة ان الجهاد في الاسلام حرب دفاعية فقط لا هجومية فهى فكرة دخيلة على مفاهيمنا صدرت عن اناس مهزومين داخليا جاروا المستشرقين والغرب الصليبي باكمله بحجة الدفاع عن الاسلام , اضافة الى انها رد لكتاب الله عز وجل حيث كان اخر ما نزل في شان الجهاد قوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " ( سورة التوبة ) فقوله قاتلوا فعل امر مطلق غير مقيد باى قيد . واما قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين " ( سورة البقرة ) فهى من السياسة الحربية في الاسلام بمعنى ان تعرض العدو للذرية والحريم بالقتل فيعامل بالمثل .
ولذلك وتاسيسا على ما سبق فالاصل ان تكون في الوجود دولة اسلامية تطبق المبداء بفكرته وطريقته تطبيقا جذريا انقلابيا شاملا بحيث ترى احكامه حية في الفرد والمجتمع والدولة وان تعمل على نشر الاسلام بالدعوة والجهاد حيث انها تنظر الى العالم كله على انه دار كفر عليها ان تحوله الى دار اسلام وهذا ما فعله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم اجمعين ومن ثم الدول الاسلامية المتعاقبة حيث اولت المبداء عنايتها القصوى وجعلته مركز تنبهها فقامت بموجات الفتح المتتالية واقامت علاقاتها مع الغير على اساس مصلحة الدين ونشره في كل ربوع الدنيا .
( قل هذه سبيلي ادع والى الله على بصيرة انا ومن اتبعتي وسبحان الله وما انا من المشركين )

ابو عمر الحميري
20-04-2010, 05:35 PM
كما ذكرت في بحثك ان الدولة الاسلامية تقوم بعملين هما :
1- تطبيق احكام الاسلام على كل من بحمل التابعية الاسلامية في الداخل لا فرق بين المسلم والكافر والتفاصيل في كيفية التطبيق موجودة في مقدمة الدستور .
2- حمل الدعوة الاسلامية الى العالم وطريقة ذلك تكون بالجهاد .
من خلال العمل الثاني يتبين لنا ان حمل الدعوة يجب ان بكون الاساس الذي يجب ان تبنى عليه العلاقة الخارجية بين الدولة الاسلامية وغيرها من الدول سواء كانت محاربة فعلا اوحكما او معاهدة .

ابو كفاح
02-05-2010, 10:50 PM
بسم الله الرجمن الرحيم
الاصل في معنى الدارهو المحل والمسكن والبلد , وكذلك تطلق على القبيله , ودار الحرب هي ارض العدو , ودار الحرب ودار الكفر بمعنى واحد , ودار الاسلام هي البلاد التي يحكمها المسلمون سواء اكان اهلها مسلمين او ذميين , والاصل في اطلاق دار الكفر او دار الاسلام هو اضافة الدار للاسلام او للكفر والحرب , والدار حتى تكون دار اسلام لا بد من وجود شرطين هما ان تحكم بالاسلام , وان يكون امانها بامان المسلمين , اي تكون حمايتها بقوة المسلمين في الداخل والخارج , واذا فقدت الدار اي شرط منهما اصبحت دار كفر , فلا يكفي الحكم بالاسلام لاعتبار الدار دار اسلام , بل لا بد ان تكون الحمايه اي الامان بيد المسلمين , فان حكمت بالاسلام ولكن الحمايه للكفار اي الامان بيد الكفار تبقى الدار دار كفر .
وبناء على هذا الوصف لواقع الدار تكون الدار اما دار كفر او حرب وهما بمعنى واحد او دار اسلام , ولا ثالث لهما , واما قول البعض عن دار ثالثه وهي دار العهد , فهذه الدار تبقى دار كفر , لان الاسلام لم يطبق فيها , وعدم تطبيق الاسلام يبقيها دار كفر , ولا يجعلها نوعا ثالثا, وهذا التقسيم هو تقسيم شرعي , وليس عملا او تقسيما ابتدعه الفقهاء , ففهم واقع الدار وكذلك الاحاديث التي فرقت بين دار المهاجرين , وغيرهم هي الدليل على تقسيم الدار الى دار كفر او دار اسلام , .
واما القول ان الدنيا كلها دار واحده , وذلك حسب زعمهم ان الحرب هو وضع طاريء على المسلمين , فهو كلام باطل ولا يعد رأيا شرعيا او اجتهادا ,فلو فرضنا ان السلم هو الاصل في العلاقه كما يدعون , فهذا لا يجعل دار الاسلام ودار الكفر بمعنى واحد , لاختلاف طبيعة كل دار منهما من حيث النظام المطبق ومن حيث الامان , فالقول ان الاصل في العلاقه السلم او الحرب لا يجعل العالم دارا واحده , بل هما داران مختلفتان .
ان الحديث عن اجماع الفقهاء امر لا قيمة له في الاحكام الشرعيه , فاجماع الفقهاء ليس حجة وهو ليس بدليل , وانما الاجماع المعتبر هو اجماع الصحابه , باعتباره احد الادله الشرعيه .

مؤمن
05-05-2010, 11:39 AM
بسم الله الرجمن الرحيم
الاصل في معنى الدارهو المحل والمسكن والبلد , وكذلك تطلق على القبيله , ودار الحرب هي ارض العدو , ودار الحرب ودار الكفر بمعنى واحد , ودار الاسلام هي البلاد التي يحكمها المسلمون سواء اكان اهلها مسلمين او ذميين , والاصل في اطلاق دار الكفر او دار الاسلام هو اضافة الدار للاسلام او للكفر والحرب , والدار حتى تكون دار اسلام لا بد من وجود شرطين هما ان تحكم بالاسلام , وان يكون امانها بامان المسلمين , اي تكون حمايتها بقوة المسلمين في الداخل والخارج , واذا فقدت الدار اي شرط منهما اصبحت دار كفر , فلا يكفي الحكم بالاسلام لاعتبار الدار دار اسلام , بل لا بد ان تكون الحمايه اي الامان بيد المسلمين , فان حكمت بالاسلام ولكن الحمايه للكفار اي الامان بيد الكفار تبقى الدار دار كفر .
وبناء على هذا الوصف لواقع الدار تكون الدار اما دار كفر او حرب وهما بمعنى واحد او دار اسلام , ولا ثالث لهما , واما قول البعض عن دار ثالثه وهي دار العهد , فهذه الدار تبقى دار كفر , لان الاسلام لم يطبق فيها , وعدم تطبيق الاسلام يبقيها دار كفر , ولا يجعلها نوعا ثالثا, وهذا التقسيم هو تقسيم شرعي , وليس عملا او تقسيما ابتدعه الفقهاء , ففهم واقع الدار وكذلك الاحاديث التي فرقت بين دار المهاجرين , وغيرهم هي الدليل على تقسيم الدار الى دار كفر او دار اسلام , .
واما القول ان الدنيا كلها دار واحده , وذلك حسب زعمهم ان الحرب هو وضع طاريء على المسلمين , فهو كلام باطل ولا يعد رأيا شرعيا او اجتهادا ,فلو فرضنا ان السلم هو الاصل في العلاقه كما يدعون , فهذا لا يجعل دار الاسلام ودار الكفر بمعنى واحد , لاختلاف طبيعة كل دار منهما من حيث النظام المطبق ومن حيث الامان , فالقول ان الاصل في العلاقه السلم او الحرب لا يجعل العالم دارا واحده , بل هما داران مختلفتان .
ان الحديث عن اجماع الفقهاء امر لا قيمة له في الاحكام الشرعيه , فاجماع الفقهاء ليس حجة وهو ليس بدليل , وانما الاجماع المعتبر هو اجماع الصحابه , باعتباره احد الادله الشرعيه .


كلام راقي وجميل ويدل على فهم عميق لهذه المسالة ولا ينقصه إلا ذكر الأدلة الشرعية في وصف دار الاسلام .

أبو محمد
05-05-2010, 11:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

نعم صحيح، هذا كلام راق وعميق وبارك الله بالأخ أبي كفاح فقد كفة ووفى وحبذا لو تعمل -يا مؤمن- على إكمال جهد الأخ أبي كفاح وتسرد لنا الأدلة وكفية الإستدلال، حتى يكون المنتدى ثمرة جهود متراكبة ومكملة لبعضها لبعض.

والسلام عليكم

مؤمن
06-05-2010, 12:21 AM
نقل ابن قدامة عن الشافعي نفسه خلاف هذا حيث قال : ( فصل ومتى ارتد أهل بلد وجرت فيه أحكامهم صاروا دار حرب في اغتنام أموالهم
وسبي ذراريهم الحادثين بعد الردة – إلى أن قال – وبهذا قال الشافعي)

)- ابن تيمية:
قال "الفتاوى" (27/ 143-144)، و"الكبرى" (2/ 445):
«والبقاع تتغير أحكامها ((بتغير أحوال أهلها)). فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا ثم تصير دار إسلام إذا أسلم أهلها كما كانت مكة -شرفها الله- في أول الأمر دار كفر وحرب»اهـ.
وقال -"الفتاوى" (18/ 282)-: «وكون الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها؛ بل هي صفة عارضة ((بحسب سكانها))»اهـ

(2)- أبو محمد بن حزم:
قال في "المحلى" (11/ 200): «الدار إنما تنسب ((للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها))»اهـ. قلتُ: قصد بـ«الحاكم فيها»: أي هل الحكم فيها بِيَدِ المسلمين أم بيد الكافرين.


قال السرخسي -موضحًا وجهة صاحبي أبي حنيفة-: «لأن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة، فكل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين؛ فكانت دار حرب. وكل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام؛ فالقوة فيه للمسلمين»اهـ. انظر "المبسوط" (10/114)، وكذلك "بدائع الصنائع" للكاساني (7/ 130)، و"المعتمد" لأبي يعلى (267)، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/212). وهذا مذهب صاحبي أبي حنيفة وبعض الحنابلة

الكاساني-: أنه «لا تظهر أحكام الكفر إلا عند وجود هذين الشرطين -أعني المتاخمة وزوال الأمان الأول-؛ لأنها [أي: أحكام الكفر] لا تظهر إلا بالمنعة، ((ولا منعة إلا بهما))»اهـ. "بدائع الصنائع" للكاساني (7/ 130)، وانظر "المبسوط" (10/ 114) و"شرح السير" (5/ 1073) كلاهما للسرخسي. وهذا قول أبي حنيفة

هذا ما وجدته ووجدت بحث جميل لأحد المسلمين يعزز من فهمنا ورح أنقله لكم كاملا لما فيه من فائدة

مؤمن
06-05-2010, 12:23 AM
قال ابن القيم (قال الجمهــور: دار الإسـلام هى التي نزلها المسلمــون وجــرت عليـها أحكــام الإسلام، وما لم تجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام وإن لاصقها، فهذه الطائف قريبة إلى مكة جداً ولم تصر دار إسلام بفتح مكة) (أحكام أهل الذمة) لابن القيم، 1/ 366، ط دار العلم للملاي ين 1983.



وقال الإمــام السَّـرَخْسي الحنفي (عند أبي حنيفة إنما تصــير دارهــم دار الحرب بثلاث شرائط، أحدها: أن تكون متاخمة أرض الترك ليس بينها وبين أرض الحرب دار للمسلمين،

والثاني: أن لايبقى فيها مسلم آمن بإيمانه ولا ذمي آمن بأمانه،

والثالث: أن يُظهروا أحكام الشرك فيها.

ولم يعتبــر العلمـاء الشـروط التي ذكـرها أبو حنيفة ، حتى خالفـه صاحبـاه: القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني كما ذكر السرخسي، وذكره أيضا علاء الدين الكاساني وعلل قولهما بقوله (إن كل دار مضافة إما إلى الإسلام وإما إلى الكفر، وإنما تضاف الدار إلى الإسلام إذا طُبقت فيها أحكامه، وتضاف إلى الكفر إذا طبقت فيها أحكامه، كما تقول الجنة دار السلام والنار دار البوار، لوجود السلامة في الجنة والبوار في النار، ولأن ظهور الإسلام أو الكفر بظهور أحكامهما) (بدائع الصنائع) للكاساني، 9/ 4375، ط زكريا علي يوسف.

فجعل الكاساني مناط الحكم على الدار هو نوع الأحكام المطبقة فيها.

وانتقــد ابن قدامة الحنبلي أيضا شــروط أبي حنيفة فقال (ومتــى ارتد أهــل بلد وجــرت فيه أحكامـهم صاروا دار حرب في اغتنام أموالهم وسبي ذراريهم الحادثين بعد الردة، وعلى الإمام قتالهم فإن أبا بكر الصديق قاتل أهل الردة بجماعة الصحابة، ولأن الله تعالى قد أمر بقتال الكفار في مواضع من كتابه وهؤلاء أحقهم بالقتال لأن تركهم ربما أغرى أمثالهم بالتشبه بهم والارتداد معهم فيكثر الضرر بهم، وإذا قاتلهم قتل من قدر عليه ويُتبع مدبرهم ويُجاز على جريحهم وتغنم أموالهم، وبهذا قال الشافعي.

وعن أبي يوسف ومحمد إذا أظهروا أحكام الشرك فيها فقد صارت دارهم دار حرب، لأن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة، فكل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين فكانت دار حرب، وكل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام فالقوة فيه للمسلمين) (المبسوط) للسرخسي، جـ 10 صـ 114، ط دار المعرفة.

فجعل الصاحبان المناط: هو الغلبة والأحكام.

قال ابن قدامة ــ ولنا أنها دار كفار فيها أحكامهم فكانت دار حرب) (المغني مع الشرح الكبير) 10/ 95.

ابن قدامة مناط الحكم على الدار نوع الأحكام الجارية فيها.

وقال السرخسي في شرحه لكتاب (السير الكبير) (والدار تصير دار المسلمين بإجراء أحكام الإسلام) (السير الكبير) 5/ 2197.

وللقاضي أبي يعلى الحنبلي (كل دار كانـت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهى دار الكفر) (المعتمد في أصول الدين) لأبي يعلى صـ 276، ط دار المشرق ببيروت 1974.



ولعبد القاهر البغدادي مثله في (أصــول الــدين) له، صـ 270، ط دار الكتب العلمية ط 2



وقال الشيخ منصور البهوتي (وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه بدار الحرب وهى ما يغلب فيها حكم الكفر) (كشاف القناع) له، 3/ 43.

مؤمن
06-05-2010, 12:27 AM
(جميع) الفقهاء قد (اتفقوا) على أن مناط الحكم على الدار بالإسلام هو: ((سيطرة المسلمين على الدار وسيادتهم عليها وامتلاكهم لها)) إلا أنه قد وقع منهم عبارات متباينة في التعبير عن هذا المناط حسبها البعض اختلافًا متباينًا؛ فعدوها أقوالاً مختلفة؛ وليس كذلك!.

فإن كثيرًا من الفقهاء من ((ينص)) على هذا المناط بعينه، ومنهم من ((يعبر)) عنه بلوازمه وعلاماته من:
[1] ظهور وغلبة أحكام الإسلام،
[2] أو ظهور بعضها،
[3] أو ظهور أمن وأمان الإسلام المطلق.
لأن ظهور (جميع) هذه الأشياء أو (بعضها) تكفي عندهم في الدلالة على سيادة المسلمين وتمكنهم من الدار (=مناط الحكم على الدار). ولذلك فإن النبي -كما ثبت عنه- كان يمسك عن الدار التي يُسمع فيها الأذان.

والدليل على أن هذا المناط -وهو (سيطرة المسلمين على الدار وسيادتهم عليها وامتلاكهم لها)- هو المناط المعتبر: حديث بريدة ؛ قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ ... ثُمَّ قَالَ:...وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ [1]...[2] ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى (((دَارِ الْمُهَاجِرِينَ))) ...[3]...» أخرجه مسلم.
وفي هذا الحديث أن النبي أضاف دار الإسلام (=المدينة) إلى المهاجرين لوجودهم فيها وسيادتهم عليها.


◄وأقوال الفقهاء في الحكم على الدار ((بالإسلام)) على النحو الآتي►


◄ أولاً: من ((نَصَّ)) على هذا المناط ((صراحة)):
(1)- ابن تيمية:
قال "الفتاوى" (27/ 143-144)، و"الكبرى" (2/ 445):
«والبقاع تتغير أحكامها ((بتغير أحوال أهلها)). فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا ثم تصير دار إسلام إذا أسلم أهلها كما كانت مكة -شرفها الله- في أول الأمر دار كفر وحرب»اهـ.
وقال -"الفتاوى" (18/ 282)-: «وكون الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها؛ بل هي صفة عارضة ((بحسب سكانها))»اهـ

(2)- أبو محمد بن حزم:
قال في "المحلى" (11/ 200): «الدار إنما تنسب ((للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها))»اهـ. قلتُ: قصد بـ«الحاكم فيها»: أي هل الحكم فيها بِيَدِ المسلمين أم بيد الكافرين.

◄ ثانيًا: من عَبَّرَ ((بلوازم)) هذا المناط وأراده ((تلميحًا)):
(1)- فمنهم من عبر عن هذا المناط بظهور أحكام الإسلام في الدار ((على الغلبة والاشتهار)):
لأن ذلك من علامات غلبة المسلمين وسيادتهم على الدار. قال السرخسي -موضحًا وجهة صاحبي أبي حنيفة-: «لأن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة، فكل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين؛ فكانت دار حرب. وكل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام؛ فالقوة فيه للمسلمين»اهـ. انظر "المبسوط" (10/114)، وكذلك "بدائع الصنائع" للكاساني (7/ 130)، و"المعتمد" لأبي يعلى (267)، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/212). وهذا مذهب صاحبي أبي حنيفة وبعض الحنابلة.

(2)- ومنهم من عبر عن هذا المناط بظهور ((بعض)) أحكام الإسلام كالأذان:
فجعلوه علامة مفرقة بين الدارين. ووجهة هؤلاء: إمساك النبي عن الدار -وأمره بذلك- عندما كان يسمع فيها الأذان؛ لأنه أيضًا من علامات غلبة المسلمين وسيادتهم على الدار وامتلاكهم لها؛ حيث تمكنوا من إظهار شعائرهم الظاهرة دون حرج. "الاستذكار" (4/ 18) و"التمهيد/مرتب" (3/ 61) كلاهما لابن عبدالبر، و"الذخيرة" للقرافي (2/ 58) و"الدرر السنية" (12/ 127)، و"شرح الزرقاني" (1/ 148)، و"المنتقى" للباجي (1/ 133)، و "التاج والإكليل" للعبدري (1/ 451)، و"الفواكه الدواني" للنفراوي (1/ 171). وهذا مذهب المالكية.

(3)- ومنهم من عبر عن المناط بشرط متاخمة (=مجاورة) الدار للمسلمين، وأن يأمن أهلها بأمن وأمان الإسلام (المطلق):
ووجهة هؤلاء -كما يوضحها الكاساني-: أنه «لا تظهر أحكام الكفر إلا عند وجود هذين الشرطين -أعني المتاخمة وزوال الأمان الأول-؛ لأنها [أي: أحكام الكفر] لا تظهر إلا بالمنعة، ((ولا منعة إلا بهما))»اهـ. "بدائع الصنائع" للكاساني (7/ 130)، وانظر "المبسوط" (10/ 114) و"شرح السير" (5/ 1073) كلاهما للسرخسي. وهذا قول أبي حنيفة.

◄◄ أقول:
وما أدل على ((اتفاقهم)) -على ذلك المناط- من نقل الحافظ أبي بكر الإسماعيلي لذلك كما في كتابه "اعتقاد أهل السنة" (ص56/ رقم 49)؛ حيث قال:
«ويرون -[أي أهل السنة]- الدار دار إسلام لا دار كفر -كما رأته المعتزلة!!- ما دام:
[1] النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين،
[2] وأهلها ممكنين منها
[3] آمنين»اهـ

فالمقصود أن المعول عليه في الحكم على الدار بالإسلام هو: ((السيادة والغلبة والسلطان والامتلاك للدار))، ثم يتبع ذلك علامات أخرى قد تضعف وتزيد أحيانًا؛
[1] كظهور الأحكام،
[2] أو(بعضها)،
[3] وكذلك أمن وأمان المسلمين المطلق.

وهذا المناط -(=سيادة المسلمين وامتلاكهم للدار)- متحقق والحمد لله في ديار أهل الإسلام الآن -وإن حكموا بالقوانين الوضعية!-؛ فالمسلمون هم المالكون لهذه الديار، وهم السائدون عليها، كما أن الغلبة لهم على غيرهم، وهذا ظاهر للعميان!.


◄◄أقوال الفقهاء في تَحَوُّلِ دار ((الإسلام)) إلى دار ((للكفر))►►


أما الحكم على دار الإسلام بالكفر، وهو مربط الفرس، وأساس الشبهة المطروحة!؛ فإن أهل العلم وإن كانوا ((متفقين)) -على وجه التحقيق- على مناط الحكم على الدار بالإسلام؛ إلا أنهم ((اختلفوا)) في أنه: بِمَ تصير الديارُ الإسلامية ديارًا كفرية؟!. واختلافهم هذا يرجع إلى رؤيةٍ خاصةٍ لِكُلٍّ منهم في مدى (ثبوت) هذا المناط من (انعدامه).

و(مجمل) اختلافهم -في صيرورة دار الإسلام إلى دار كفر- يتمثل في المذاهب الآتية:

◄ المذهب الأول:
أن الدار التي ثبت كونها دارًا للإسلام؛ لا تصير دارَ كفر ((مطلقًا))!؛ وإن استولى عليها الكفار!، وأظهروا فيها أحكامهم!، وزاد بعضهم: طالما أن المسلمين في منعة منهم. وعلل ذلك الرافعي بأن: «الاستيلاء القديم يكفي [عندهم] لاستمرار الحكم»اهـ. واحتج هؤلاء بحديث: «الإسلام يعلو ولا يُعْلَى» [حسنه الألباني]، وهو قول ابن حجر الهيتمي، ونسبه إلى الشافعية. انظر: "تحفة المحتاج" (8 / 82)، و"أسنى المطالب" (4 / 204)

◄ المذهب الثاني:
أن دار الإسلام لا تتحول إلى دار كفر بمجرد باستيلاء الكفار عليها، وإظهار أحكامهم فيها؛ إلا بانقطاع شعائر الإسلام فيها؛ وهو قول الدسوقي المالكي والاسبيجابي الحنفي والرملي الشافعي. انظر: "حاشية الدسوقي" (2/ 188)، "فتاوى الرملي" (4/52)