Abu Taqi
24-06-2025, 10:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
إعلان ترمب عن وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصته "تروث سوشيال" بعد منتصف الليل أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران سيدخل حيز التنفيذ في غضون 6 ساعات (الساعة 7:00 بالتوقيت المحلي والساعة 4:00 بتوقيت غرينتش)، مضيفًا أن وقف إطلاق النار يدوم أولًا 12 ساعة ثم ستعتبر الحرب منتهية رسميًّا. وعلى الجانب الإسرائيلي أعلن ديوان نتنياهو: "في ضوء تحقيق أهداف العملية وبالتنسيق مع الرئيس ترمب وافقت إسرائيل على اقتراحه بوقف إطلاق النار". بينما نقلت وكالة الأناضول عن وسائل إعلام إيرانية إعلانها بدء وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترمب.
وقد سبق وقف إطلاق النار إرهاصات تدل على توجه الأطراف الثلاثة (أميركا وإيران والكيان المحتل) لوقف الحرب، ومن ذلك ربط الكيان الغاصب وقف الحرب بتدمير منشآت إيران النووية وقواعدها الصاروخية، وتكرار القيادة الإيرانية استعدادها لوقف الحرب إذا أوقفت "إسرائيل" عدوانها. ولعل أهم تلك الإرهاصات هو الهجوم الأميركي المحدود على المنشآت النووية الإيرانية يوم السبت 21 حزيران/يونيو لسد ذرائع التيارات الإسرائيلية والأميركية المطالبة بالتدخل الأميركي، وتحقيق الأهداف المعلنة للحرب، والمتعلقة بتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وقد كان لتصريحات ترمب عقب الضربات الأميركية، بأن منشآت فوردو وأصفهان ونطنز النووية قد "دُمّرت"، مهددًا بمزيد من الضربات "إذا لم يتحقق السلام بسرعة"، دلالتها على التوجه نحو إنهاء الحرب، وهو ما أكده نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بقوله إن "غدًا يوم جديد ونهاية للحرب"، مضيفًا إن "الحرب أعادت ضبط المنطقة". وكما هو واضح فإن مساعي أميركا لوقف الحرب إنما تندرج ضمن استراتيجية أميركا الأوسع في الشرق الأوسط والرامية لشل المقاومة تمامًا واستئناف النهج الإبراهيمي، ووفق أولوياتها الداخلية والدولية، ولا سيما تجاه الصين وروسيا، في ظل محاذير اتساع الفجوة بينها وبين إيران لصالح العلاقة الإيرانية مع الصين وروسيا اللتين دأبتا على التصيد في الماء العكر، والتمدد في شقوق العلاقات الأميركية مع بعض دول الشرق الأوسط مثل تركيا وإيران، بعد أن نجحت الصين بإبرام شراكة استراتيجية مع إيران مستغلة العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وبعد نجاح روسيا في تمتين العلاقة مع إيران واستقطاب بشار أسد من خلال دعمه وحمايته طوال "الثورة السورية"، وإن كان قد تقاطع ذلك مع مصلحة أميركية بمنع انهيار النظام السوري قبل أوانه.
وبالإضافة إلى التحوط الأميركي من تمدد الصين وروسيا في الفراغات الجيوسياسية الشرق أوسطية تتحوط كذلك من اتساع رقعة الحرب ومدتها وتداعياتها على أسعار الطاقة ومخاطر تعثر إمداداتها لأوروبا، واضطرار الأخيرة لتأمينها من روسيا أو انجرارها وراء الولايات المتحدة و"إسرائيل" والتورط في حرب لا تخدم مصالحها الآنية. كما تتحوط أميركا أيضًا من محاولات ماكرون بالظهور من خلال غمزه بالسياسة الأميركية حيال التعاطي مع الأزمة الإيرانية، كتعقيبه على ضرب أميركا والكيان المحتل للمفاعلات النووية الإيرانية "لا يوجد إطار شرعي لقصف المنشآت النووية الإيرانية"، بعد أن همش ترمب مباحثات فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع إيران.
ومن ثم فإن هناك استدارة أميركية بادية لسد الطريق أمام المزايدات الدولية، واحتواءَ إيران في هذه المرحلة للحدِّ من اندفاعها نحو القوتين الدوليتين المستفيدتين من انشغال أميركا في الشرق الأوسط، وتوجيه مواردها وأصولها العسكرية نحوه، وبخاصة وأن إيران تمثل لهما أهمية كبيرة من المنظور الجيوسياسي والاقتصادي. وهذه الاستدارة الأميركية المدروسة تهدف أيضًا لاحتواء نتنياهو وحكومته المنفلتة ودفعها نحو المسار الدبلوماسي الذي بدأه ترمب في عهدته الرئاسية السابقة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إنهاء الحرب بُعَيد التدخل العسكري الأميركي المحدود بضربة محتواة، عبر التوافق على هندستها وإخراجها بصورة تحفظ ماء وجه الجميع، بمن فيهم القادة الإيرانيون الحريصون على تجنب الحرب المدمرة والانكسار، إنما جاء لإرضاء جناح الصقور في الحزب الجمهوري، وإخراس منتقدي ترمب في الحزب الديمقراطي وبخاصة وأنه تم التسريب بأن إعداد أميركا و"إسرائيل" لضرب إيران قد جرى التحضير له قبل عام؛ أي في عهدهم.
كما جاء وقف الحرب إرضاءً للتيار الجمهوري الذي ارتفعت أصواته الرافضة للمشاركة الأميركية في الحرب، ولا سيما في صفوف قواعد ترمب الانتخابية الشعبوية التي لم يكن ليظفر ترمب بالرئاسة من دونها تحت شعار "أميركا أولًا،" وتحت شعار تحقيق السلام وعدم خوض الحروب في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق قال ستيف بانون الذي يُعدُّ اليوم من أبرز قادة تيار "ماغا": "لقد قالها الشعب الأميركي بوضوح، نريد الخروج من حروب الشرق الأوسط". وكتبت النائبة اليمينية مارغوري تايلور غرين والموالية للرئيس ترامب في رسالة نشرتها قبل الضربات الأميركية المفاجئة "في كل مرة تكون فيها أميركا على وشك العظمة، نتورط في حرب أجنبية جديدة، لم تكن القنابل لتسقط على شعب إسرائيل لو لم يكن نتنياهو قد أسقط القنابل على شعب إيران أولًا، إسرائيل دولة تمتلك السلاح النووي، هذه ليست معركتنا، السلام هو الحل". وهو الأمر الذي يضع إعلان كل من إيران وترمب عن إخطار بعضهما لبعض بالهجمات المتبادلة في سياق تهدئة التيار المتحفظ على دخول أميركا الحرب. باعتبار أن الهجمات المتبادلة محدودة ومحتواة، ولا تقود لحرب واسعة.
كما وجاء وقف الحرب أيضًا في ظل اكتفاء نتنياهو بما حققه من إنجاز عسكري واستخباري واستراتيجي بدءًا بتفكيك جبهات المقاومة وتحطيم أذرعها بالقدر الذي لا يمكنها من تهديد أمن الكيان المحتل أو عرقلة مخططاته، وانتهاء باستهداف رأس "محور المقاومة" بضرب المنشآت النووية والدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية الإيرانية، واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وهو ما ينطوي عليه تصريح نتنياهو "إسرائيل حققت هدفها في إزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني" وأنها "حققت كافة أهداف الحرب". والذي عززه نتنياهو أيضًا بالرد على ما قيل إنه خرق إيراني لوقف إطلاق النار لتأكيد صورة النصر التي يبحث عنها في هذه المرحلة ليس لتسويقها في الانتخابات المقبلة فحسب، بل ومن أجل مواصلة شق الطريق نحو الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة برمتها، وتمهيد الطريق لمشروعه بعد أن حقق قدرًا وافرًا من تشكيل ميزان القوى الإقليمي وتغيير بنية الشرق الأوسط الجيوسياسية والاستراتيجية، والتي من شأنها أن ترسخ الوقائع التي فرضها في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان وتهمش قضية فلسطين إلى أجل بعيد.
وجاء قرار وقف الحرب من قِبل الرئيس الأميركي أيضًا في ظل تمكن إيران من امتصاص الصدمة واستعادة توازنها وإيقاعها نكاية معتبرة بالكيان الغاصب وفي ظل فشل أميركا وإسرائيل في فرض الاستسلام عليها وإخضاعها بالقوة العسكرية للإرادة الأميركية حيال هيكلة الشرق الأوسط وتفريغه من مقاومة الحل الإقليمي والمسار "الإبراهيمي" رغم ما حققه جيش الكيان المحتل من سيطرة جوية كاملة على سماء إيران، وتصفيته لعدد من قيادات الصف الأول في الجيش وتدمير عشرات الأهداف المركزية.
متابعة سياسية
إعلان ترمب عن وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصته "تروث سوشيال" بعد منتصف الليل أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران سيدخل حيز التنفيذ في غضون 6 ساعات (الساعة 7:00 بالتوقيت المحلي والساعة 4:00 بتوقيت غرينتش)، مضيفًا أن وقف إطلاق النار يدوم أولًا 12 ساعة ثم ستعتبر الحرب منتهية رسميًّا. وعلى الجانب الإسرائيلي أعلن ديوان نتنياهو: "في ضوء تحقيق أهداف العملية وبالتنسيق مع الرئيس ترمب وافقت إسرائيل على اقتراحه بوقف إطلاق النار". بينما نقلت وكالة الأناضول عن وسائل إعلام إيرانية إعلانها بدء وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترمب.
وقد سبق وقف إطلاق النار إرهاصات تدل على توجه الأطراف الثلاثة (أميركا وإيران والكيان المحتل) لوقف الحرب، ومن ذلك ربط الكيان الغاصب وقف الحرب بتدمير منشآت إيران النووية وقواعدها الصاروخية، وتكرار القيادة الإيرانية استعدادها لوقف الحرب إذا أوقفت "إسرائيل" عدوانها. ولعل أهم تلك الإرهاصات هو الهجوم الأميركي المحدود على المنشآت النووية الإيرانية يوم السبت 21 حزيران/يونيو لسد ذرائع التيارات الإسرائيلية والأميركية المطالبة بالتدخل الأميركي، وتحقيق الأهداف المعلنة للحرب، والمتعلقة بتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وقد كان لتصريحات ترمب عقب الضربات الأميركية، بأن منشآت فوردو وأصفهان ونطنز النووية قد "دُمّرت"، مهددًا بمزيد من الضربات "إذا لم يتحقق السلام بسرعة"، دلالتها على التوجه نحو إنهاء الحرب، وهو ما أكده نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بقوله إن "غدًا يوم جديد ونهاية للحرب"، مضيفًا إن "الحرب أعادت ضبط المنطقة". وكما هو واضح فإن مساعي أميركا لوقف الحرب إنما تندرج ضمن استراتيجية أميركا الأوسع في الشرق الأوسط والرامية لشل المقاومة تمامًا واستئناف النهج الإبراهيمي، ووفق أولوياتها الداخلية والدولية، ولا سيما تجاه الصين وروسيا، في ظل محاذير اتساع الفجوة بينها وبين إيران لصالح العلاقة الإيرانية مع الصين وروسيا اللتين دأبتا على التصيد في الماء العكر، والتمدد في شقوق العلاقات الأميركية مع بعض دول الشرق الأوسط مثل تركيا وإيران، بعد أن نجحت الصين بإبرام شراكة استراتيجية مع إيران مستغلة العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وبعد نجاح روسيا في تمتين العلاقة مع إيران واستقطاب بشار أسد من خلال دعمه وحمايته طوال "الثورة السورية"، وإن كان قد تقاطع ذلك مع مصلحة أميركية بمنع انهيار النظام السوري قبل أوانه.
وبالإضافة إلى التحوط الأميركي من تمدد الصين وروسيا في الفراغات الجيوسياسية الشرق أوسطية تتحوط كذلك من اتساع رقعة الحرب ومدتها وتداعياتها على أسعار الطاقة ومخاطر تعثر إمداداتها لأوروبا، واضطرار الأخيرة لتأمينها من روسيا أو انجرارها وراء الولايات المتحدة و"إسرائيل" والتورط في حرب لا تخدم مصالحها الآنية. كما تتحوط أميركا أيضًا من محاولات ماكرون بالظهور من خلال غمزه بالسياسة الأميركية حيال التعاطي مع الأزمة الإيرانية، كتعقيبه على ضرب أميركا والكيان المحتل للمفاعلات النووية الإيرانية "لا يوجد إطار شرعي لقصف المنشآت النووية الإيرانية"، بعد أن همش ترمب مباحثات فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع إيران.
ومن ثم فإن هناك استدارة أميركية بادية لسد الطريق أمام المزايدات الدولية، واحتواءَ إيران في هذه المرحلة للحدِّ من اندفاعها نحو القوتين الدوليتين المستفيدتين من انشغال أميركا في الشرق الأوسط، وتوجيه مواردها وأصولها العسكرية نحوه، وبخاصة وأن إيران تمثل لهما أهمية كبيرة من المنظور الجيوسياسي والاقتصادي. وهذه الاستدارة الأميركية المدروسة تهدف أيضًا لاحتواء نتنياهو وحكومته المنفلتة ودفعها نحو المسار الدبلوماسي الذي بدأه ترمب في عهدته الرئاسية السابقة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إنهاء الحرب بُعَيد التدخل العسكري الأميركي المحدود بضربة محتواة، عبر التوافق على هندستها وإخراجها بصورة تحفظ ماء وجه الجميع، بمن فيهم القادة الإيرانيون الحريصون على تجنب الحرب المدمرة والانكسار، إنما جاء لإرضاء جناح الصقور في الحزب الجمهوري، وإخراس منتقدي ترمب في الحزب الديمقراطي وبخاصة وأنه تم التسريب بأن إعداد أميركا و"إسرائيل" لضرب إيران قد جرى التحضير له قبل عام؛ أي في عهدهم.
كما جاء وقف الحرب إرضاءً للتيار الجمهوري الذي ارتفعت أصواته الرافضة للمشاركة الأميركية في الحرب، ولا سيما في صفوف قواعد ترمب الانتخابية الشعبوية التي لم يكن ليظفر ترمب بالرئاسة من دونها تحت شعار "أميركا أولًا،" وتحت شعار تحقيق السلام وعدم خوض الحروب في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق قال ستيف بانون الذي يُعدُّ اليوم من أبرز قادة تيار "ماغا": "لقد قالها الشعب الأميركي بوضوح، نريد الخروج من حروب الشرق الأوسط". وكتبت النائبة اليمينية مارغوري تايلور غرين والموالية للرئيس ترامب في رسالة نشرتها قبل الضربات الأميركية المفاجئة "في كل مرة تكون فيها أميركا على وشك العظمة، نتورط في حرب أجنبية جديدة، لم تكن القنابل لتسقط على شعب إسرائيل لو لم يكن نتنياهو قد أسقط القنابل على شعب إيران أولًا، إسرائيل دولة تمتلك السلاح النووي، هذه ليست معركتنا، السلام هو الحل". وهو الأمر الذي يضع إعلان كل من إيران وترمب عن إخطار بعضهما لبعض بالهجمات المتبادلة في سياق تهدئة التيار المتحفظ على دخول أميركا الحرب. باعتبار أن الهجمات المتبادلة محدودة ومحتواة، ولا تقود لحرب واسعة.
كما وجاء وقف الحرب أيضًا في ظل اكتفاء نتنياهو بما حققه من إنجاز عسكري واستخباري واستراتيجي بدءًا بتفكيك جبهات المقاومة وتحطيم أذرعها بالقدر الذي لا يمكنها من تهديد أمن الكيان المحتل أو عرقلة مخططاته، وانتهاء باستهداف رأس "محور المقاومة" بضرب المنشآت النووية والدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية الإيرانية، واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وهو ما ينطوي عليه تصريح نتنياهو "إسرائيل حققت هدفها في إزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني" وأنها "حققت كافة أهداف الحرب". والذي عززه نتنياهو أيضًا بالرد على ما قيل إنه خرق إيراني لوقف إطلاق النار لتأكيد صورة النصر التي يبحث عنها في هذه المرحلة ليس لتسويقها في الانتخابات المقبلة فحسب، بل ومن أجل مواصلة شق الطريق نحو الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة برمتها، وتمهيد الطريق لمشروعه بعد أن حقق قدرًا وافرًا من تشكيل ميزان القوى الإقليمي وتغيير بنية الشرق الأوسط الجيوسياسية والاستراتيجية، والتي من شأنها أن ترسخ الوقائع التي فرضها في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان وتهمش قضية فلسطين إلى أجل بعيد.
وجاء قرار وقف الحرب من قِبل الرئيس الأميركي أيضًا في ظل تمكن إيران من امتصاص الصدمة واستعادة توازنها وإيقاعها نكاية معتبرة بالكيان الغاصب وفي ظل فشل أميركا وإسرائيل في فرض الاستسلام عليها وإخضاعها بالقوة العسكرية للإرادة الأميركية حيال هيكلة الشرق الأوسط وتفريغه من مقاومة الحل الإقليمي والمسار "الإبراهيمي" رغم ما حققه جيش الكيان المحتل من سيطرة جوية كاملة على سماء إيران، وتصفيته لعدد من قيادات الصف الأول في الجيش وتدمير عشرات الأهداف المركزية.