Abu Taqi
24-04-2025, 05:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
أحداث المنطقة ومستجداتها
إن نهوض الأمة الإسلامية وتحررها من ربقة الاستعمار وذيوله المتمثلة في الأنظمة الوظيفية التابعة لا يتحقق إلا بالوعي الكامل على الإسلام، والوعي السياسي على ما يدور حولها؛ أي بالنظر إلى الأحداث السياسية في العالم، وربط الأحداث المحلية والإقليمية بالاستراتيجيات التي تفرضها الدول العظمى على العالم، وبإصدار الحكم عليها من زاوية العقيدة الإسلامية. ذلك أن الغرب الكافر الرأسمالي الاستعماري طامع في بلاد المسلمين، وأن المسلمين بما يحوزونه من مبدأ يقدم تفسيرًا للأسئلة الوجودية وأنظمة للحياة، وبما يحتويه من منظومة قيمية يشكل خطرًا على المصالح الغربية، وتحديًا حضاريًا وتهديدًا لمركزية القيم الغربية التي تمثل رسالة الغرب الكافر وتبرر سياساته وقيادته للعالم، وتخفي أطماعه الاستعمارية وعنصريته وسيادته على الآخرين، وتسوّغ له التدخل وإدارة العلاقات والأزمات الدولية وضبطها وفق مصالحه.
وما يجري في العالم من أحداث إنما ينطلق من استراتيجيات الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تتسيد الموقف الدولي، والتي تصوغ العلاقات الدولية بنظام يضمن استمرار تفوقها الاقتصادي وزعامتها الدولية.
وعليه فلا يصح تفسير الأحداث الجارية من منطلق استقلال الأنظمة والحكام الذين يستندون في وجودهم وبقائهم إلى الدعم الغربي الأميركي، والذي ما أن قُطع عنهم في "الربيع العربي" لأغراض تضليلية أميركية استراتيجية حتى سقطوا. ولا أدل على ارتهان إرادة أولئك الحكام العملاء بالمشاريع الخارجية من تصادم سياساتهم مع إرادة شعوبهم في كل نازلة كنازلة حرب الإبادة الوحشية على غزة.
ولا يخفى أن الولايات المتحدة هي المتحكمة بالموقف الدولي وهي المرجعية العليا في تقرير القضايا الدولية؛ لما تملكه من إمكانات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية، ونفوذ سياسي ودبلوماسي مسنود بنظام ومؤسسات دولية. حتى باتت الدول التقليدية الكبرى كروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا عاجزة عن خلخلة الموقف الدولي والقطبية الأحادية، رغم منازعتها للولايات المتحدة من أجل الحفاظ على سيادتها ومصالحها ومجالاتها الحيوية. ورغم أن المبدأ الرأسمالي الذي تقوم عليه الولايات المتحدة، يبدي استراتيجية أميركا بعيدة المدى وهي الحفاظ على التفرد بالموقف الدولي والتفوق الاقتصادي على المستوى العالمي، ومنع نهوض المسلمين، واستمرار هيمنتها على المنطقة عن طريق الوجود العسكري، والأنظمة الوظيفية التابعة، والكيان الصهيوني، والمشاريع التغريبية، رغم ذلك إلا أن المشاريع الأميركية والأحداث السياسية الجارية منذ سنة 2004 تظهر انتقال أميركا من مرحلة إلى أخرى، بحيث يتراءى للمتابع انقلاب أميركا على مواقفها وتغييرها لاستراتيجياتها، وهي في الحقيقة إنما تقوم بأعمال وصل لا بأعمال قطع من أجل إعادة الإنتاج والهيكلة والتدوير. ومن الأمثلة البارزة على ذلك دعمها لـ"ثورات الربيع العربي" ثم دعمها لـ"الثورات المضادة". كذلك دعمها في السابق لما يسمى بـ"الجهاد الأفغاني" وانقلابها عليه، واتخاذه فزاعة تبرر لها جملة من السياسات الدولية وبخاصة في الشرق الأوسط، الذي تعتبر الهيمنة عليه مسألة أمن قومي أميركي. وكل ذلك يخضع لمتطلبات الواقع والمصالح.
ومن ذلك أيضًا موقفها المتراخي مما يسمى بـ"محور المقاومة" في مرحلة تفكيك الشرق الأوسط عبر "الربيع العربي"، واستهدافه بغرض تصفيته لصالح الحل الإقليمي و"النهج الإبراهيمي" بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023. ولهذا تعتبر الحرب الهمجية على غزة مفصلًا رئيسيًّا في مسار تغيير الشرق الأوسط بعدما فشلت أميركا و"إسرائيل" في تغيير ميزان القوى فيه سنة 2006 أثناء العدوان الصهيوني على لبنان. ولما كانت المقاومة في غزة تمثل الباعث والرافد لفكرة المقاومة في المنطقة وتعيق استئناف المسار "الإبراهيمي" كان لا بد من استغلال عملية طوفان الأقصى لتصفيتها ولجم المؤيدين لها، ولذلك تطابقت الرؤى بين اليمين الصهيوني والولايات المتحدة بخصوص تصفية المقاومة وتغيير ميزان القوى في المنطقة أو إعادة ضبطه بما يضمن نفاذ مشروع التطبيع والحل الإقليمي على أقل تقدير. وبهذا المعنى لا بد من قراءة المستجدات السياسية والأحداث الجارية بمقتضى انحسار "محور المقاومة" لصالح الهيمنة الصهيونية المتخادمة مع الرأسمالية الأميركية الغربية، ومن ذلك مساعي ضبط المسار السوري الجديد على إيقاع المسار السياسي الإقليمي الراهن والمتجه نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويندرج في ذلك تباعد الرئيس السوري أحمد الشرع مع شعار الإسلام ومن يرفعه كاعتقاله لقادة من حركة الجهاد الإسلامي في سوريا قبل أيام، وإفراجه عن مجرمي النظام البائد بحجة "السلم الأهلي"، وتقاربه مع الغرب ومع النظامين السعودي والإماراتي وزيارته لهما، واستقباله للخائن محمود عباس. وفي هذا السياق قال الرئيس السوري أحمد الشرع لعضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز إن سوريا مهتمة "في ظل الظروف المناسبة" بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بحسب بلومبيرغ.
ومن ذلك أيضًا قراءة مسار التفاوض الأميركي مع إيران حول ملفها النووي ودورها الإقليمي، حيث تمكنت "إسرائيل" من تحطيم الذراع الرئيسي الإيراني في لبنان، وتمهيد الطريق لإعادة هيكلة النظام اللبناني وتحجيم حزب الله، وإرغامه على ترك الخيار المسلح، وتحويله لحزب سياسي معارض ومحدود التأثير، بهدف إضعاف النفوذ الإيراني بما يخدم مسار التطبيع الصهيوني الإقليمي والأمن الإسرائيلي، في الوقت الذي تمكنت فيه أميركا من إخراج إيران من سوريا بالتفاهم مع تركيا، بعد تحييد روسيا في الشأن السوري، ومقايضة خروجها من سوريا بالاحتفاظ بمناطق نفوذها في أوكرانيا، وهو الأمر الذي ما يزال يجري التفاوض على تفاصيله، والذي يهدف من جملة ما يهدف إليه إدامة الفزع والتوتر وحالة عدم اليقين بين أوروبا وروسيا، وتثبيت البيئة الأمنية التي تتطلب مشاركة أوروبية أوسع في تحمل أعباء الأمن الأوروبي تحت مظلة حلف شمال الأطلسي. وهذا ما يفسر الدفع باتجاه نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، وتوجيه التفاوض مع روسيا حول وقف الحرب مع بقاء الاحتلال الروسي لبعض المناطق الأوكرانية؛ وهو ما يبقي القضية الأوكرانية بؤرة توتر وأزمة مجمدة تمامًا كقضية ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. كما يبقي أوروبا في احتياج دائم للحماية الأميركية.
متابعة سياسية
أحداث المنطقة ومستجداتها
إن نهوض الأمة الإسلامية وتحررها من ربقة الاستعمار وذيوله المتمثلة في الأنظمة الوظيفية التابعة لا يتحقق إلا بالوعي الكامل على الإسلام، والوعي السياسي على ما يدور حولها؛ أي بالنظر إلى الأحداث السياسية في العالم، وربط الأحداث المحلية والإقليمية بالاستراتيجيات التي تفرضها الدول العظمى على العالم، وبإصدار الحكم عليها من زاوية العقيدة الإسلامية. ذلك أن الغرب الكافر الرأسمالي الاستعماري طامع في بلاد المسلمين، وأن المسلمين بما يحوزونه من مبدأ يقدم تفسيرًا للأسئلة الوجودية وأنظمة للحياة، وبما يحتويه من منظومة قيمية يشكل خطرًا على المصالح الغربية، وتحديًا حضاريًا وتهديدًا لمركزية القيم الغربية التي تمثل رسالة الغرب الكافر وتبرر سياساته وقيادته للعالم، وتخفي أطماعه الاستعمارية وعنصريته وسيادته على الآخرين، وتسوّغ له التدخل وإدارة العلاقات والأزمات الدولية وضبطها وفق مصالحه.
وما يجري في العالم من أحداث إنما ينطلق من استراتيجيات الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تتسيد الموقف الدولي، والتي تصوغ العلاقات الدولية بنظام يضمن استمرار تفوقها الاقتصادي وزعامتها الدولية.
وعليه فلا يصح تفسير الأحداث الجارية من منطلق استقلال الأنظمة والحكام الذين يستندون في وجودهم وبقائهم إلى الدعم الغربي الأميركي، والذي ما أن قُطع عنهم في "الربيع العربي" لأغراض تضليلية أميركية استراتيجية حتى سقطوا. ولا أدل على ارتهان إرادة أولئك الحكام العملاء بالمشاريع الخارجية من تصادم سياساتهم مع إرادة شعوبهم في كل نازلة كنازلة حرب الإبادة الوحشية على غزة.
ولا يخفى أن الولايات المتحدة هي المتحكمة بالموقف الدولي وهي المرجعية العليا في تقرير القضايا الدولية؛ لما تملكه من إمكانات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية، ونفوذ سياسي ودبلوماسي مسنود بنظام ومؤسسات دولية. حتى باتت الدول التقليدية الكبرى كروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا عاجزة عن خلخلة الموقف الدولي والقطبية الأحادية، رغم منازعتها للولايات المتحدة من أجل الحفاظ على سيادتها ومصالحها ومجالاتها الحيوية. ورغم أن المبدأ الرأسمالي الذي تقوم عليه الولايات المتحدة، يبدي استراتيجية أميركا بعيدة المدى وهي الحفاظ على التفرد بالموقف الدولي والتفوق الاقتصادي على المستوى العالمي، ومنع نهوض المسلمين، واستمرار هيمنتها على المنطقة عن طريق الوجود العسكري، والأنظمة الوظيفية التابعة، والكيان الصهيوني، والمشاريع التغريبية، رغم ذلك إلا أن المشاريع الأميركية والأحداث السياسية الجارية منذ سنة 2004 تظهر انتقال أميركا من مرحلة إلى أخرى، بحيث يتراءى للمتابع انقلاب أميركا على مواقفها وتغييرها لاستراتيجياتها، وهي في الحقيقة إنما تقوم بأعمال وصل لا بأعمال قطع من أجل إعادة الإنتاج والهيكلة والتدوير. ومن الأمثلة البارزة على ذلك دعمها لـ"ثورات الربيع العربي" ثم دعمها لـ"الثورات المضادة". كذلك دعمها في السابق لما يسمى بـ"الجهاد الأفغاني" وانقلابها عليه، واتخاذه فزاعة تبرر لها جملة من السياسات الدولية وبخاصة في الشرق الأوسط، الذي تعتبر الهيمنة عليه مسألة أمن قومي أميركي. وكل ذلك يخضع لمتطلبات الواقع والمصالح.
ومن ذلك أيضًا موقفها المتراخي مما يسمى بـ"محور المقاومة" في مرحلة تفكيك الشرق الأوسط عبر "الربيع العربي"، واستهدافه بغرض تصفيته لصالح الحل الإقليمي و"النهج الإبراهيمي" بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023. ولهذا تعتبر الحرب الهمجية على غزة مفصلًا رئيسيًّا في مسار تغيير الشرق الأوسط بعدما فشلت أميركا و"إسرائيل" في تغيير ميزان القوى فيه سنة 2006 أثناء العدوان الصهيوني على لبنان. ولما كانت المقاومة في غزة تمثل الباعث والرافد لفكرة المقاومة في المنطقة وتعيق استئناف المسار "الإبراهيمي" كان لا بد من استغلال عملية طوفان الأقصى لتصفيتها ولجم المؤيدين لها، ولذلك تطابقت الرؤى بين اليمين الصهيوني والولايات المتحدة بخصوص تصفية المقاومة وتغيير ميزان القوى في المنطقة أو إعادة ضبطه بما يضمن نفاذ مشروع التطبيع والحل الإقليمي على أقل تقدير. وبهذا المعنى لا بد من قراءة المستجدات السياسية والأحداث الجارية بمقتضى انحسار "محور المقاومة" لصالح الهيمنة الصهيونية المتخادمة مع الرأسمالية الأميركية الغربية، ومن ذلك مساعي ضبط المسار السوري الجديد على إيقاع المسار السياسي الإقليمي الراهن والمتجه نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويندرج في ذلك تباعد الرئيس السوري أحمد الشرع مع شعار الإسلام ومن يرفعه كاعتقاله لقادة من حركة الجهاد الإسلامي في سوريا قبل أيام، وإفراجه عن مجرمي النظام البائد بحجة "السلم الأهلي"، وتقاربه مع الغرب ومع النظامين السعودي والإماراتي وزيارته لهما، واستقباله للخائن محمود عباس. وفي هذا السياق قال الرئيس السوري أحمد الشرع لعضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز إن سوريا مهتمة "في ظل الظروف المناسبة" بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بحسب بلومبيرغ.
ومن ذلك أيضًا قراءة مسار التفاوض الأميركي مع إيران حول ملفها النووي ودورها الإقليمي، حيث تمكنت "إسرائيل" من تحطيم الذراع الرئيسي الإيراني في لبنان، وتمهيد الطريق لإعادة هيكلة النظام اللبناني وتحجيم حزب الله، وإرغامه على ترك الخيار المسلح، وتحويله لحزب سياسي معارض ومحدود التأثير، بهدف إضعاف النفوذ الإيراني بما يخدم مسار التطبيع الصهيوني الإقليمي والأمن الإسرائيلي، في الوقت الذي تمكنت فيه أميركا من إخراج إيران من سوريا بالتفاهم مع تركيا، بعد تحييد روسيا في الشأن السوري، ومقايضة خروجها من سوريا بالاحتفاظ بمناطق نفوذها في أوكرانيا، وهو الأمر الذي ما يزال يجري التفاوض على تفاصيله، والذي يهدف من جملة ما يهدف إليه إدامة الفزع والتوتر وحالة عدم اليقين بين أوروبا وروسيا، وتثبيت البيئة الأمنية التي تتطلب مشاركة أوروبية أوسع في تحمل أعباء الأمن الأوروبي تحت مظلة حلف شمال الأطلسي. وهذا ما يفسر الدفع باتجاه نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، وتوجيه التفاوض مع روسيا حول وقف الحرب مع بقاء الاحتلال الروسي لبعض المناطق الأوكرانية؛ وهو ما يبقي القضية الأوكرانية بؤرة توتر وأزمة مجمدة تمامًا كقضية ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. كما يبقي أوروبا في احتياج دائم للحماية الأميركية.