المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية اشتباكات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع



Abu Taqi
16-04-2023, 12:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
اشتباكات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
وسط تضارب في الأنباء والتصريحات والاتهامات المتبادلة، وبعد أن دخلت قوات كبيرة من الدعم السريع إلى مدينة مروي في شمال العاصمة الخرطوم، اندلعت اليوم اشتباكات داخل العاصمة السودانية بين قوات الجيش السوداني التابعة للبرهان وبين قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، مخلفة عددًا كبيرًا من الضحايا.
وجاء هذا التطور العسكري على إثر التنافس على السلطة والنفوذ وتبادل الأدوار بين عملاء الولايات المتحدة، وهو ما أشرنا إليه قبل ما يزيد على شهر. هذا وقد جاءت ردة فعل الولايات المتحدة وردود الفعل الدولية على تطور المشهد السوداني تقليدية وفاترًة تشي بالتواطؤ.
ومن جانبها اتخذت قوات الدعم السريع مواقع قتالية، بينما أصدرت القوات المسلحة السودانية بيانًا طالبت فيه قوات الدعم السريع بالعودة إلى مواقعها والخروج من المدن خلال 24 ساعة. لكن قوات الدعم رفضت الانسحاب من مروي قبل تحقيق أهدافها التي أعلنها قائد قوات الدعم السريع وعلى رأسها اعتقال البرهان وعصابته على حد وصفه، وتسليمهم لـ"لعدالة".
وتتضمن مطالب قائد قوات الدعم السريع التي جرى تسريبها لوسائل الإعلام تكوين لجنة مشتركة تقوم بترتيبات الدمج على امتداد عشر سنوات، وتوقيع البرهان على الاتفاق الإطاري، وإعفاء قائمة من الضباط في الجيش والشرطة والأمن (تقدر بـ500 في بعض التسريبات)، وإعفاء الفريق عنان وزير الداخلية، والسماح لقوات الدعم السريع باستكمال بناء قاعدة عسكرية جوية خاصة بها على الحدود المصرية الليبية.
وكما هو معلوم، فإن حميدتي يتلقى الدعم من قبل السعودية والإمارات؛ أي أن هناك إذكاءً للنزاع ومباركة أميركية لإشعال أزمة تصل من خلالها إلى محاصصة سياسية تمكن التيار العلماني واليساري في قوى الحرية والتغيير _الذي يفتقر إلى السند الشعبي_ من الحكم، وتفرض الوصاية العسكرية التي تخرج الشعب من المعادلة. والأخطر من ذلك هو أن تقود هذه الأزمة التي يغذيها الصراع بين العملاء على النفوذ والسلطة إلى فدرلة السودان تمامًا كما جرى في العراق ويجري في سوريا واليمن، ولا أدل على ذلك من توسع المواجهات لتشمل عديد المدن السودانية، وتعقيد المسار السياسي عبر مطالبة الجيش بتفكيك قوات الدعم السريع وتسابق الطرفين للظفر بالقواعد العسكرية. وهو ما يعني استكمال تقسيم السودان وزيادة إضعافه تحت عنوان الفدرالية؛ ذلك أن الفدرالية علاوة على أنها مخالفة لنظام الحكم في الإسلام فإنها تتشكل من كيانات منفصلة في الأساس، وليس من كيان متماسك يجري تفكيكه وتمزيقه وإعادة تشكيله فدراليًّا. وكل ذلك يتم بذريعة الخلافات السياسية والصراع على السلطة. وقد ظهرت بوادر ذلك من خلال عزف القوى المتنازعة وبخاصة من قِبل قائد قوات الدعم السريع على وتر تهميش الأطراف وبعض القبائل. كما ظهر ذلك من خلال تصريحات حميدتي لوسائل الإعلام وقوله "لا يمكنني تحديد موعد انتهاء المعركة وما يحدث حاليًّا سيؤدي إلى حل سلمي"، وإن كان يأمل بأن يحسم الأمر سريعًا.
ومن الملاحظ أيضًا أن حميدتي يسعى من هذا التصعيد العسكري إلى فرض الشروط التي تجنبه غدر البرهان أثناء أو بعد عملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني، ضمن ما يعرف بالإصلاح العسكري الوارد فيما يسمى بـ "الاتفاق الإطاري". وبالتالي فقد بات واضحًا أن حميدتي، الذي يحظى بدعم التيار اليساري في قوى الحرية والتغيير (اللجنة المركزية) داخليًا ودعم السعودية والإمارات والولايات المتحدة دوليًا، قد أصبح حصان طروادة الذي تستعمله أميركا لتفكيك السودان والقضاء على هويته الإسلامية مجتمعيًا. وبخاصة وأنه قد صرح بأنه "موجود لحماية الديمقراطية والشعب السوداني"، وأنه أخبر "الرباعية ومجموعة الوساطة" بأن البرهان "كاذب وسيدمر السودان"، وهو ما يعني تواطؤ الرباعية، ومباركة أميركية لما يجري على الأرض حتى وإن كانت تصريحاتهم مختلفة؛ وذلك من أجل دفع المسار نحو إعادة توزيع السلطة ونحو المحاصصة والفدرالية على أسس مناطقية وجهوية مرسومة بالدم، وتنتهي بكيانات مسخ في دارفور وشرق السودان ومنطقة كردفان، والعاصمة وملحقاتها الشمالية.
وإزاء هذه التطورات فلا بد أن يعلم الأهل في السودان أن ما بني على باطل فهو باطل، بدءًا من الانتفاض تحت قيادة القوى العلمانية (الحرية والتغيير)، وصولًا إلى الخضوع لقيادة الجيش العميلة وقيادة قوات الدعم السريع المجرمة، ولا بد أن يعلموا أيضًا أن ما يجري إنما هو حلقة من حلقات تصفية السودان على يد عصابة من العملاء، قد يختلفون في المصالح الشخصية لكنهم ينفذون أجندة خارجية واسعة من شأنها أن تساهم في إعادة ترتيب القرن الإفريقي وتقسيم السودان وتودي بأهله إلى المهالك. وعلى أهلنا في السودان أن يفشلوا مؤامرات قادتهم المدنيين والعسكريين العملاء من خلال الامتناع عن القتال؛ لأن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وأن يرفضوا مخرجات ما ستؤول إليه الأحداث لأنها تجري وفق أجندة تفكيكية خبيثة. وعلى الوجهاء والمؤثرين في الجيش وقوى الشعب أن يأخذوا زمام المبادرة من القادة العملاء ويحقنوا الدماء، وأن يوحدوا صفوف الشعب ونظرته إلى الحكم القائم على عقيدة الأمة الإسلامية، وأن ينادوا بإقامة حاكم من بينهم يحكمهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وأن يفرضوه أمرًا واقعًا وليس ذلك بالمستحيل.

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
15/4/2023م
24/رمضان/1444هـ