المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية العدوان على الأقصى والمرابطين والعملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة



Abu Taqi
07-04-2023, 01:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
العدوان على الأقصى والمرابطين
والعملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة
أطلقت اليوم فصائلُ لم تعلن عن هويتها عشراتِ الصواريخ والقذائف من جنوب لبنان على إسرائيل بصورة لم يشهدها الكيان الغاصب منذ حرب 2006، ووفق العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي تحتم عدم ترك أي هجوم دون رد، أعلن نتنياهو عزم حكومته على الرد دون أن يحدد الأهداف والجهات المستهدفَة، تحوطًا لاتساع العملية وتفاديًا لاتهامه بالفشل في ظل النزاع المحموم بينه وبين المعارضة الداخلية.
وقد جاءت هذه التطورات في وقت شهد تصاعدًا في وتيرة الهجمات الإسرائيلية ضد مواقع الحرس الثوري الإيراني في سوريا، ووسط اقتحام للمسجد الأقصى وتصاعد للاعتداءات الإسرا ئيلية على الأ قصى والمرا بطين المعتكفين داخل المسجد وباحاته. كما جاءت هذه التطورات في ظل حالة نزاع واحتجاجات غير مسبوقة في المجتمع الإسرائيلي على إثر التعديلات القضائية والصراع الذي تغذيه الولايات المتحدة على السلطة لصالح القوى اليسارية والليبرالية.
ولا يخفى أن نتنياهو قد عاد إلى الحكم منذ ثلاثة أشهر على جناح التيار اليميني الأشد تطرفًا، والذي يتغذى على مزاعم توراتية بشأن الموقف من الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وبشأن القدس والمقدسات. وهذا بالإضافة إلى اتخاذ نتنياهو من عنصر الأمن الذي يؤرق المحتلين ركيزة أساسية في حملته الانتخابية؛ وهو الأمر الذي جعل من التماهي مع التيار المتطرف وتنفيذ تعهداته وسيلة لكسب الأصوات والعودة إلى الحكم، وجعلها قيدًا على سياسته، رغم إدراكه للعواقب التي يجلبها ذلك على تطلعاته الإقليمية وعلاقاته الدولية، وبخاصة مع الولايات المتحدة، التي ترى في الجناح الإسرائيلي اليميني عائقًا أمام مشروعها لتصفية القضية الفلسطينية بصورة يمكن تسويقها في المنطقة.
ومن مجمل الأحداث الدائرة وردود الأفعال الإقليمية والدولية يتبين أن ما يجري إنما هو سلسلة متصلة من التصعيد الإسرائيلي ذات الأبعاد الاستراتيجية قصيرة المدى والمتعلقة بالخروج من حالة الاحتقان الداخلي، وبعيدة المدى والمتعلقة بالموقف من الأجندة الأميركية لتصفية قضية فلسطين وفق "حل الدولتين" الغامض. بالإضافة إلى الأهداف الاستراتيجية الأخرى التي تتعلق بالعقيدة الإسرائيلية الأمنية والعسكرية وقواعد الاشتباك، والتي أفضت بعد معركة "سيف القدس" إلى توسيع حركة حماس دائرة عملياتها لتشمل ردع المتطرفين الصهاينة في القدس، ومنع نتنياهو وقوى اليمين الإسرائيلي من الذهاب بعيدًا في سياساتهم تجاه الفلسطينيين والمقدسات، والتي تؤول إلى ابتلاع ما تبقى من فلسطين، وتعيق حل الدولتين التوافقي المزعوم.
ولذلك جاءت هجمات "المقاومة" الصاروخية من جبهات متعددة دون الإعلان عن منفذيها بهدف تهديد الأمن الإسرائيلي وإرباك نتنياهو وثنيه عن التصعيد الواسع. وكما يبدو من ملابسات الهجوم الصاروخي على الكيان الغاصب أنه صُمِّم لإحراج نتنياهو، وثنيه عن التصعيد في المسجد الأقصى، والتصعيد ضد المواقع الإيرانية في سوريا واقتياد المنطقة إلى حرب تُشغل الولايات المتحدة عن الصين وروسيا، حيث طال العدوان الإسرائيلي بعض ضباط الحرس الثوري الإيراني قبل أيام. فقد توعدت حركة حماس والجهاد الإسلامي (من لبنان) بالرد على العدوان الإسرائيلي المزمع تنفيذه هذه الليلة. كما تظهر ردود الفعل الإسرائيلية أن إسرائيل تحاول تحييد حزب الله اللبناني، وتوجيه ضربة قوية لفصائل المقاومة في غزة، بينما تنطوي تصريحاتها حول الدور الإيراني في الهجمات الصاروخية على تهديدٍ بإشعال المنطقة وإرباك الأولويات الأميركية الدولية، وبخاصة وأن رد الفعل الأميركي رغم إدانته للهجمات الصاروخية، واعترافه بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، قد أشار إلى حق الفلسطينيين بالصلاة في المسجد الأقصى ونادى بعدم التصعيد وعدم المساس بالوضع الراهن للمقدسات، وفي محاولة كاذبة لطمأنة الولايات المتحدة أعلن نتنياهو عدم نيته بتغيير الوضع الراهن، رغم أنه خالف التفاهمات المبرمة في العقبة وشرم الشيخ؛ والذي عبر عنه وزير أمنه الداخلي إيتمار بن غفير بأن "ما حصل في الأردن سيبقى في الأردن". رغم أنه لا يمكن الاستغناء عن الولايات المتحدة لوقف الحرب في حال اندلاعها وتوسعها.
ومن تتبع ردود الفعل الإقليمية والدولية نجدها تصب جميعها في وقف التصعيد، وبخاصة في القدس، وهو الأمر الذي يشي بضغوط إقليمية ودولية على نتنياهو وحكومته، ومن ذلك موقف الأردن حيال التطورات، وإلقائه مسؤولية تدهور الأوضاع على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والمتعنتة بشأن خفض التصعيد واستئناف المفاوضات، وذلك بخلاف موقفه السابق من التصعيد الإسرائيلي في رمضان الماضي، والذي تدخل فيه الأردن لمنع التصعيد من طرف المقدسيين أثناء تولي المعارضة الإسرائيلية العلمانية للسلطة.
والواضح من تطور الأحداث وردود الفعل أنها تتجه نحو تصعيد آخر من قبل نتنياهو المأزوم داخليًا، ومن المحتمل أن توجه إسرائيل ضربة قوية لغزة وبعض المواقع الإيرانية في سوريا التي تمثل الحلقة الأضعف في معادلة النزاع، ولكن دون مواجهة مع حزب الله. وليس من المحتمل أن ترد إيران لإدراكها بأن نتنياهو يحاول جاهدًا خلط الأوراق وترحيل أزمته إلى الخارج وإرباك الأولويات الدولية.
وفي الحقيقة فإن مسار الأحداث لا يزال بعيدًا عن جوهر المشكلة، ذلك أن التصعيد الدائر في الأراضي المحتلة إنما يسير وفق حسابات سياسية إسرائيلية وإقليمية ودولية ولا يسير على صعيد تحرير شبر من أرض فلسطين، رغم العناوين التي تطلقها فصائل المقاومة وتجري تحتها الأحداث. ولا يمكن أن يتمخض عن هذه التطورات اقتلاع الكيان المحتل أو لجم قطعان المتطرفين الذين يتخفون بقناع الدين أو قناع اليسار والعلمانية. وبخاصة أن من يرفعون شعار المقاومة إنما يقاومون باسم الوطنية ولإقامة دولة قطرية هي "الدولة الفلسطينية". ولن تحصل حرب تحرير حقيقية تستأصل شأفة الصهاينة المستعمرين إلا على أنقاض الأنظمة الوظيفية الاستسلامية الخائنة، وتحت قيادة ربانية لا تعترف بغير الجهاد طريقًا للنصر.
وغني عن القول إن المرابطين يسطِّرون في صمودهم وتحديهم لقوى الاحتلال المدججين بالسلاح أسمى صور البطولة والفداء، بينما تقبع جيوش الأنظمة الوظيفية في ثكناتها، تنتظر أوامر أسيادها للتنكيل بالشعب، أو حراسة أمن يهود!!
إن الأمة الإسلامية تنتظر من هذه الجيوش أن تأخذ دورها في الدفاع عن البلاد والمقدسات بإعلان حالة الحرب على الكيان الغاصب واستئصال شأفته، فهذا ما يليق بالدفاع عن الأقصى، وهذا ما ينتظره المرابطون وسائر المسلمين من جيوشهم، بدل أن يدسوا رؤوسهم في التراب، وتصدأ أسلحتهم ولا يُسمع لها صوت إلى في شوارعنا، تبطش بأبنائنا لتوفير الأمن للطغاة من أزلام الولايات المتحدة وبني صهيون.
{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}
15/رمضان/1444هـ
6/4/2023م