المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى دعاة "تحرير المرأة" نقول. رد على مقالة عيسى الشعيبي في جريدة الغد



فرج الطحان
12-09-2009, 11:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
(نحن نعيش على "طول هذه الرقعة الجغرافية العربية الواسعة المسكونة بالقهر والقوانين الظلامية الجائرة ضد الفقراء والمهمشين من الرجال والنساء معاً" ولا بد من الوقوف "ضد أحكام الجلد وتقاليد الاستبداد والتمييز ضد النساء" وضد "القوانين والتقاليد والأحكام المسبقة" فنحن نعيش في " بيئتنا الثقافية المترعة بالتمييز ضد المرأة" فلا بد أن نبشِّر "بأنوار الحرية والديموقراطية والمساواة" التي ستتحقق على "أكتاف رجال ونساء ديموقراطيين أحرار").
هذه خلاصة مقالة الكاتب عيسى الشعيبي في صحيفة الغد، ويبدو أن مقررات سيداو قد بدئ بتنفيذها، فها هي أصوات الأبواق والأقلام تعلو لطمس الشمس بالغربال. أما نحن "الذين نعيش قهر واستبداد هذه الأنظمة المتسلطة على رقابنا" فنقول للكاتب إن أرباب الديموقراطية والحرية التي يبشر بها تتحكم ببلاد المسلمين ومنها البلاد العربية طولاً وعرضاً، منذ بدايات القرن الماضي، ولم نر فيها إلا مزيداً من الذل والانحطاط والتمزق والتشرذم والفقر، وها هي أيدي أرباب الديموقراطية والحرية تقطر من دم أبنائنا في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها.
أما بيئتنا الثقافية وتراثنا الثقافي، فقد استبعد عن حياتنا قسراً منذ بدايات القرن الماضي أيضاً، وهذه الثقافة أيها الكاتب هي ثقافة الإسلام؛ الإسلام الذي يعتنقه أهل هذه البلاد سواء أكانوا في السودان أم في غزة أم في غيرها، رغم أنف كل أبواق أرباب الديموقراطية والحرية، والتي هي في حقيقتها دمىً _سواء علموا أم جهلوا_ تسيَّر بأيدٍ لا نرى أصحابها وإن كنا نعلم من هم.
إن الناظر في العالم الغربي الذي يعيش الديموقراطية والحرية يرى كيف يعيش الإنسان فيها، والمرأة بشكل خاص، فهم سلعة تباع وتشترى وتستغل تحت اسماء "الفن" و"الإبداع" وليس على الكاتب إلا أن يضع محرك البحث، وينظر في الأبحاث والتقارير والإحصائيات التي تبين حال المرأة الغربية والإنسان الغربي بشكل عام وكيف أنه يعيش تحت أقدام أصحاب رؤوس الأموال الذين يحكمون الناس ويمصون دماءهم، ويتفاخرون وينظرون ويبشرون بالديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان والكلام الفارغ وكل هذا الهراء، فبالله عليك احترم عقولنا.
أبو عبد الرحمن العلي

فرج الطحان
12-09-2009, 11:08 AM
من يخاف فرجينيا حسين؟
بعد مرور نحو مائة يوم على تلك الإطلالة الأبانوسية الفارهة للصحافية السودانية لبنى أحمد حسين، حين كسرت هذه المرأة الذهبية بمفردها حاجز الخوف والصمت، وشقت عصا الطاعة على القبيلة، ها هي أخت السودانيين الأحرار تسجل أول إنجاز لها ولعموم شقيقاتها المغلوبات على أمرهن في عرض وطول هذه الرقعة الجغرافية العربية الواسعة، المسكونة بالقهر والقوانين الظلامية الجائرة ضد الفقراء والمهمشين من الرجال والنساء معاً.
وبشجاعة نادرة عز نظيرها، تمكنت "فرجينيا وولف السودانية"، لنحو مائة يوم، من إبقاء الشعلة التي أوقدتها بنفسها مضيئة، وسط رياح سموم عاتية كانت تهب في ليل النساء الطويل، وقدمت بوقفتها الجريئة هذه قدوة قابلة للاحتذاء والتمثل لأخريات من بنات جنسها، استأنسن في أنفسهن القدرة على دق جدران الخزان الداخلي بأيديهن العاريات، ورفعن من ثمة صوتاً جماعياً أخذ يعلو تدريجياً، ويتردد صداه في المدى العربي الأوسع، ضد أحكام الجلد وتقاليد الاستبداد والتمييز ضد النساء.
وليس من شك في أن لبنى وولف، التي ينبغي أن يخافها الجلادون والجلاوزة في كل مكان، امرأة من طينة صلصالية فاخرة، لديها إرادة قوية خلاقة، ومضاء ذاتي لا يثلم، الأمر الذي مكّن هذه المرأة الاستثنائية من حمل مسؤولية ريادية تنوء بحملها أكتاف رجال ونساء ديمقراطيين أحرار لا قبل لهم على حمل الراية وتقدم الصفوف الأولى، ومواجهة جبل هائل من القوانين والتقاليد والأحكام المسبقة، مما يؤهل لبنى بجدارة واستحقاق تامين لنقش اسمها بماء الذهب بين قلة قليلة من نساء هذه المرحلة العربية المكفهرة.
ومع أن معركة هذه الصحافية التي أشهرها بنطالها أكثر مما أشهرها قلمها مع الأسف، ما تزال معركة طويلة، لم يُكتب بعد في صفحتها الأولى غير سطر واحد أو أقل، فإن نتائج الجولة الأولى الرابحة تشير إلى أن هذه المنازلة التي تقاطرت إلى ساحتها قوى نسائية تقدمية ومؤسسات حقوقية من داخل السودان وخارجه، وتعددت جبهاتها واتسعت لتشمل قاعات وأرصفة شوارع وأعمدة صحف وشاشات تلفزيونات على امتدادات لا حصر لها، قد قلبت المعادلة لصالح الضحية المؤمنة بقدرة الكف على ملاطمة المخرز ولو بعد حين.
فبعد أن تمكنت "فرجينيا وولف" خاصّتنا من أبنتة بيئتنا الثقافية المترعة بالتمييز ضد المرأة، من الوقوف على رجليها ضد سلطة الكرباج وأحكامه الاستبدادية، وخطت خطوتين ثابتتين إلى الأمام في اتجاه يعاكس عقارب ساعة الخوف والإسكات والإخضاع الصارمة، بات السؤال الذي يطرح نفسه منذ تلك اللحظة: من يحاكم من، الجلاد أم الضحية؟ ومن يصرخ أولاً في لعبة عض أصابع متبادلة، بين صاحب فكين فولاذيين وصاحبة أضراس لبنية؟
إذ ما إن ارتخت قبضة سلطة شرطة الفضيلة السودانية، واعترت مظاهر الارتباك وجوه عسسها وقضاتها وحكامها ضيقي الأفق والصدر، حتى امتدت الحالة الإنسحابية ذاتها لتطال مرجعيات تسلطية أخرى، بما في ذلك شرطة الفضيلة الحمساوية، وهو ما بدا واضحاً بكل جلاء في تراجع ولاة السودان عن إنزال عقوبة الجلد بحق لبنى من ناحية أولى، وإلغاء شرطة غزة قراراتها العجيبة بفرض الحجاب على المحاميات والتبرؤ من قرار فرضه على التلميذات من ناحية مقابلة.
إزاء ذلك، فإنه يمكن القول إن شجاعة امرأة واحدة، امتلكت الوعي والعزم والصبر على خوض معركة شاملة بالنيابة عن بنات جنسها، كانت كافية لإيقاد شعلة متوهجة في ليل سوداني بهيم، والتبشير من ثم بفجر نهار ساطع يفيض بأنوار الحرية والديمقراطية والمساواة على مديات أبعد بكثير، أي على سائر الأمصار والأصقاع التي تكابد فيها النساء صنوف الهوان والافتئات، وترغم الصغيرات على الدخول تحت الأسود الكثيف، وكسرهن بفظاظة، والعودة بهن خانعات خاضعات إلى عصر الحريم.
[email protected]
عيسى الشعيبي