Abu Taqi
15-10-2022, 10:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
قمة المجموعة السياسية الأوروبية (epc) في ظل أزمة الطاقة الأوروبية
انعقد في العاصمة التشيكية براغ يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري اجتماعٌ للمجموعة السياسية الأوروبية (epc)، والتي أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرتها خلال خطاب ألقاه بمدينة ستراسبورج في أيار/مايو الماضي تضمن خطابه إطلاق مؤتمر مستقبل أوروبا، حيث لاقت فكرته دعمًا من المستشار الألماني أولاف شولتز الذي قال: إنه "سعيد للغاية بالاقتراح الذي ناقشه مع ماكرون".
وقد اقترن إعلان الرئيس الفرنسي عن فكرة المجموعة الأوروبية بتصريحه أن "انضمام أوكرانيا المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي قد يستغرق عقودًا"، وأشار إلى أن إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" سيتيح فرصة الانضمام لأعضاء من خارج الاتحاد. مضيفًا أن هذه "المنظمة السياسية الأوروبية"، التي أوضح خطوطها العريضة المحتملة في مؤتمر صحافي مشترك ببرلين مع أولاف شولتز، يمكن أن توفر "شكلًا آخر من أشكال التعاون".
وقال خلال مؤتمر صحافي بمقر البرلمان الأوروبي "غدًا سيكون لدينا سلام نبنيه، دعونا لا ننسى ذلك أبدًا. سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا حول الطاولة.. لكن ذلك لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضًا، ولا حتى بالإذلال"، معتبرًا بذلك أن ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي إذلالًا لروسيا. وهو ما يجعل فكرة "المجموعة السياسية الأوروبية" المقترحة محاولة فرنسية بدعم ألماني لإعاقة توسع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والذي عرقلته فرنسا وألمانيا منذ سنة 2008 لما يترتب عليه من مواقف ملزمة تجاه روسيا ولما له من تداعيات على الأمن الأوروبي وموارد الطاقة الأوروبية.
وبالتالي هي محاولة للالتفاف على توسيع الاتحاد الأوروبي من خلال تقديم البديل للدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد أو لحلف شمال الأطلسي لتفادي الصدام مع روسيا وتداعياته، وتخفيف الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لضم أوكرانيا وجورجيا وملدوفا والدول الطامحة في البلقان إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو؛ لترسيخ نفوذها في الاتحاد وتعميق الأزمة والتوتر الأمني الأوروبي مع روسيا، وهو الأمر الذي يُفسر استباق أميركا لخطوة فرنسا وألمانيا ودق إسفين في الاجتماع الذي يقوده ماكرون عبر تصعيد الحرب الأوكرانية الروسية وإطالة أمدها وتوسيع الشرخ بين أوروبا وروسيا، وعبر دفعها للرئيس زلينيسكي لمطالبة المجتمعين في براغ بالإسراع بضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
ولا يخفى أن ماكرون استغل هذه الفكرة التي راقت لألمانيا الأكثر تضررًا في الحرب الأوكرانية الروسية للمنافسة على قيادة الدول الأوروبية. ولا يُتوقع أن يكون لهذه المجموعة أي تأثير سياسي يُذكر، وستبقى مجرد "منصة غير رسمية" كما وصفها رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، للتعبير عن المواقف السياسية. ولذلك ذكر الرئيس الفرنسي أن التجمع هو "فرصة لبناء علاقة حميمة استراتيجية في أوروبا".
وبالتالي لا يتوقع لماكرون النجاح في ظل نفوذ الولايات المتحدة في الدول الأوروبية، والتي وقف نصفها في وجه الإصلاحات المقترحة من قبل ماكرون، حيال منح المزيد من الصلاحيات للاتحاد الأوروبي أو تعديل وظائفه. حيث نشرت السويد بيانًا وقعت عليه دول بينها بولندا ورومانيا وفنلندا يقول: "لا نؤيد محاولات متسرعة وسابقة لأوانها لإطلاق مثل هذا المسار".
ومن جهتها استغلت الولايات المتحدة الاجتماع لفرض أجندتها ورؤيتها على قمة براغ حيال علاقة أوروبا مع روسيا في ظل التصعيد الروسي وتلويحه بالسلاح النووي وحاجة أوروبا للطاقة.
وعلى هامش القمة اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان؛ لإزالة الخلافات السياسية التي تُغذيها روسيا، وتأمين نقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا عبر تركيا، بعد الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأذربيجاني مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، وقد علق أردوغان حول لقائه مع رئيس وزراء أرمينيا بالقول: "أؤمن من قلبي بإمكانية تحقيق هدفنا المتمثل في التطبيع الكامل على أساس علاقات حسن الجوار"، مضيفًا: "نريد علاقات دافئة بين تركيا وأرمينيا وأذربيجان في أسرع وقت". وذلك في مسعى جديد من قِبل أردوغان للتمدد في شقوق العلاقات الدولية مستغلًا تراجع نفوذ روسيا في مجالها الحيوي، وأزمة الطاقة الأوروبية وسعي الولايات المتحدة لتسهيل مصادر طاقة بديلة للدول الأوروبية عن المصدر الروسي، وإدامة القطيعة بين الأوروبيين والروس، مع حرصه على ضمان استقبال الغاز الروسي وبيعه ضمن التفاهمات التي أبرمها أردوغان مع بوتين في لقائه الأخير، حيث رحب بوتين بجعل تركيا مركزًا للطاقة.
وكما يبدو أن الولايات المتحدة لا تمانع من مرور الغاز الروسي عبر تركيا والحيلولة دون التعامل المباشر بين أوروبا وروسيا، وتهدف من ذلك أيضًا إلى جذب أردوغان عبر المنافع الاقتصادية واستعمالها وسيلة للضغط عليه. كما تهدف إلى إبقاء مورد مالي محدود لروسيا حتى لا يجنح بوتين إلى خيارات مدمرة.
وفي سياق أزمة الطاقة وأسعارها في أوروبا، يندرج الاتفاق اللبناني الإسرائيلي الأخير حول الحدود البحرية والثروة الغازية التي لا تسعف الاقتصاد اللبناني بقدر ما تحقق مصلحة اقتصادية وأمنية لإسرائيل، وتنتزع الاعتراف بـ"شرعيتها" وتدمجها في الإقليم من بوابة المشاريع الاقتصادية، وتفكك مفهوم "الممانعة والمقاومة" المزعوم، بالإضافة إلى ما يحققه الاتفاق من مصلحة أميركية بشأن إمدادات الطاقة إلى أوروبا من شرق المتوسط ودعم حكومة ليبيد قبيل الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة.
ويندرج في هذا السياق والضغط المتزايد على أوروبا أيضًا اتفاق أوبيك "بلس" بين السعودية وروسيا لخفض الانتاج والمحافظة على الأسعار وسط مساعي أوروبية لتحديد سقف أسعار الطاقة الروسية، وتشجيع أوروبا على استيراد الطاقة الأميركية، رغم تظاهر الولايات المتحدة بالغضب على ابن سلمان الذي سخر القضية لتلميع نفسه. ذلك أن الأسعار لم ترتفع كثيرًا وبخاصة في الولايات المتحدة، لكن تخفيض الانتاج سيحد من هبوط الأسعار ويبقي الأوروبيين في قلق ريثما تضمن أميركا عدم تراجع أوروبا عن موقفها بشأن العلاقة مع روسيا في مجال الطاقة والأمن على وجه الخصوص. بالإضافة إلى تداعيات خفض الإنتاج ورفع الأسعار على علاقة روسيا مع الصين المتضررة من جراء رفع الأسعار. وخلاصة الأمر أن أوروبا على أعتاب مستقبل بشّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بقتامته، حيث قال: "لقد استند ازدهارنا إلى الطاقة الرخيصة القادمة من روسيا." و"هذا العالم لم يعد موجودًا".
19/ربيع الأول/1444هـ
15/10/2022م
متابعة سياسية
قمة المجموعة السياسية الأوروبية (epc) في ظل أزمة الطاقة الأوروبية
انعقد في العاصمة التشيكية براغ يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري اجتماعٌ للمجموعة السياسية الأوروبية (epc)، والتي أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرتها خلال خطاب ألقاه بمدينة ستراسبورج في أيار/مايو الماضي تضمن خطابه إطلاق مؤتمر مستقبل أوروبا، حيث لاقت فكرته دعمًا من المستشار الألماني أولاف شولتز الذي قال: إنه "سعيد للغاية بالاقتراح الذي ناقشه مع ماكرون".
وقد اقترن إعلان الرئيس الفرنسي عن فكرة المجموعة الأوروبية بتصريحه أن "انضمام أوكرانيا المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي قد يستغرق عقودًا"، وأشار إلى أن إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" سيتيح فرصة الانضمام لأعضاء من خارج الاتحاد. مضيفًا أن هذه "المنظمة السياسية الأوروبية"، التي أوضح خطوطها العريضة المحتملة في مؤتمر صحافي مشترك ببرلين مع أولاف شولتز، يمكن أن توفر "شكلًا آخر من أشكال التعاون".
وقال خلال مؤتمر صحافي بمقر البرلمان الأوروبي "غدًا سيكون لدينا سلام نبنيه، دعونا لا ننسى ذلك أبدًا. سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا حول الطاولة.. لكن ذلك لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضًا، ولا حتى بالإذلال"، معتبرًا بذلك أن ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي إذلالًا لروسيا. وهو ما يجعل فكرة "المجموعة السياسية الأوروبية" المقترحة محاولة فرنسية بدعم ألماني لإعاقة توسع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والذي عرقلته فرنسا وألمانيا منذ سنة 2008 لما يترتب عليه من مواقف ملزمة تجاه روسيا ولما له من تداعيات على الأمن الأوروبي وموارد الطاقة الأوروبية.
وبالتالي هي محاولة للالتفاف على توسيع الاتحاد الأوروبي من خلال تقديم البديل للدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد أو لحلف شمال الأطلسي لتفادي الصدام مع روسيا وتداعياته، وتخفيف الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لضم أوكرانيا وجورجيا وملدوفا والدول الطامحة في البلقان إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو؛ لترسيخ نفوذها في الاتحاد وتعميق الأزمة والتوتر الأمني الأوروبي مع روسيا، وهو الأمر الذي يُفسر استباق أميركا لخطوة فرنسا وألمانيا ودق إسفين في الاجتماع الذي يقوده ماكرون عبر تصعيد الحرب الأوكرانية الروسية وإطالة أمدها وتوسيع الشرخ بين أوروبا وروسيا، وعبر دفعها للرئيس زلينيسكي لمطالبة المجتمعين في براغ بالإسراع بضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
ولا يخفى أن ماكرون استغل هذه الفكرة التي راقت لألمانيا الأكثر تضررًا في الحرب الأوكرانية الروسية للمنافسة على قيادة الدول الأوروبية. ولا يُتوقع أن يكون لهذه المجموعة أي تأثير سياسي يُذكر، وستبقى مجرد "منصة غير رسمية" كما وصفها رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، للتعبير عن المواقف السياسية. ولذلك ذكر الرئيس الفرنسي أن التجمع هو "فرصة لبناء علاقة حميمة استراتيجية في أوروبا".
وبالتالي لا يتوقع لماكرون النجاح في ظل نفوذ الولايات المتحدة في الدول الأوروبية، والتي وقف نصفها في وجه الإصلاحات المقترحة من قبل ماكرون، حيال منح المزيد من الصلاحيات للاتحاد الأوروبي أو تعديل وظائفه. حيث نشرت السويد بيانًا وقعت عليه دول بينها بولندا ورومانيا وفنلندا يقول: "لا نؤيد محاولات متسرعة وسابقة لأوانها لإطلاق مثل هذا المسار".
ومن جهتها استغلت الولايات المتحدة الاجتماع لفرض أجندتها ورؤيتها على قمة براغ حيال علاقة أوروبا مع روسيا في ظل التصعيد الروسي وتلويحه بالسلاح النووي وحاجة أوروبا للطاقة.
وعلى هامش القمة اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان؛ لإزالة الخلافات السياسية التي تُغذيها روسيا، وتأمين نقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا عبر تركيا، بعد الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأذربيجاني مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، وقد علق أردوغان حول لقائه مع رئيس وزراء أرمينيا بالقول: "أؤمن من قلبي بإمكانية تحقيق هدفنا المتمثل في التطبيع الكامل على أساس علاقات حسن الجوار"، مضيفًا: "نريد علاقات دافئة بين تركيا وأرمينيا وأذربيجان في أسرع وقت". وذلك في مسعى جديد من قِبل أردوغان للتمدد في شقوق العلاقات الدولية مستغلًا تراجع نفوذ روسيا في مجالها الحيوي، وأزمة الطاقة الأوروبية وسعي الولايات المتحدة لتسهيل مصادر طاقة بديلة للدول الأوروبية عن المصدر الروسي، وإدامة القطيعة بين الأوروبيين والروس، مع حرصه على ضمان استقبال الغاز الروسي وبيعه ضمن التفاهمات التي أبرمها أردوغان مع بوتين في لقائه الأخير، حيث رحب بوتين بجعل تركيا مركزًا للطاقة.
وكما يبدو أن الولايات المتحدة لا تمانع من مرور الغاز الروسي عبر تركيا والحيلولة دون التعامل المباشر بين أوروبا وروسيا، وتهدف من ذلك أيضًا إلى جذب أردوغان عبر المنافع الاقتصادية واستعمالها وسيلة للضغط عليه. كما تهدف إلى إبقاء مورد مالي محدود لروسيا حتى لا يجنح بوتين إلى خيارات مدمرة.
وفي سياق أزمة الطاقة وأسعارها في أوروبا، يندرج الاتفاق اللبناني الإسرائيلي الأخير حول الحدود البحرية والثروة الغازية التي لا تسعف الاقتصاد اللبناني بقدر ما تحقق مصلحة اقتصادية وأمنية لإسرائيل، وتنتزع الاعتراف بـ"شرعيتها" وتدمجها في الإقليم من بوابة المشاريع الاقتصادية، وتفكك مفهوم "الممانعة والمقاومة" المزعوم، بالإضافة إلى ما يحققه الاتفاق من مصلحة أميركية بشأن إمدادات الطاقة إلى أوروبا من شرق المتوسط ودعم حكومة ليبيد قبيل الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة.
ويندرج في هذا السياق والضغط المتزايد على أوروبا أيضًا اتفاق أوبيك "بلس" بين السعودية وروسيا لخفض الانتاج والمحافظة على الأسعار وسط مساعي أوروبية لتحديد سقف أسعار الطاقة الروسية، وتشجيع أوروبا على استيراد الطاقة الأميركية، رغم تظاهر الولايات المتحدة بالغضب على ابن سلمان الذي سخر القضية لتلميع نفسه. ذلك أن الأسعار لم ترتفع كثيرًا وبخاصة في الولايات المتحدة، لكن تخفيض الانتاج سيحد من هبوط الأسعار ويبقي الأوروبيين في قلق ريثما تضمن أميركا عدم تراجع أوروبا عن موقفها بشأن العلاقة مع روسيا في مجال الطاقة والأمن على وجه الخصوص. بالإضافة إلى تداعيات خفض الإنتاج ورفع الأسعار على علاقة روسيا مع الصين المتضررة من جراء رفع الأسعار. وخلاصة الأمر أن أوروبا على أعتاب مستقبل بشّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بقتامته، حيث قال: "لقد استند ازدهارنا إلى الطاقة الرخيصة القادمة من روسيا." و"هذا العالم لم يعد موجودًا".
19/ربيع الأول/1444هـ
15/10/2022م