المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية تطورات الأيام الأخيرة في الحرب الأوكرانية



Abu Taqi
21-09-2022, 04:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
تطورات الأيام الأخيرة في الحرب الأوكرانية
عرضت تركيا قبل أيام الوساطة لإنهاء النزاع الروسي الأوكراني وجمع الرئيسين الروسي والأوكراني، وتسليم الأراضي التي احتلتها روسيا، فيما عقب الكرملين على العرض التركي بأن احتمالات التوصل إلى تسوية في الوقت الحالي غير واردة. وهذه ليست المرة الأولى التي تعرض فيها تركيا الوساطة بين أوكرانيا وروسيا، فقد سبقها عدة محاولات منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية، منها عرض وساطة في شهر شباط/فبراير 2022، وفي شهر آذار/مارس 2022، وفي شهر آب/أغسطس الماضي، وكلها ضمن ظروف مختلفة، حيث كانت روسيا في وضع أكثر أريحية، ولم يكن لروسيا ولا لأميركا مصلحة في وقف الحرب، حيث كان لروسيا رهاناتها، وكان لأميركا استراتيجيتها التي ظهرت بإطالة أمد الحرب.
أما الوساطة في الوقت الراهن فمن المرجح أنها بالون اختبار متفق عليه بين تركيا وروسيا التي تعاني خسائر ميدانية مؤلمة، وشحًا في الموارد البشرية القتالية، والأهم من ذلك توسع بؤر التوتر في المجال الحيوي الروسي مثل نزاع طاجيكستان وقرغيزيا تزامنًا مع تحرك رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزيارتها لأرمينيا على غرار زيارتها الاستفزازية لتايوان، وذلك لدعم الرئيس باشنيان الذي جاء إلى الحكم عقب الثورة البنفسجية ضد رجل روسيا سيرج ساركسيان. ولسحب أرمينيا خارج النفوذ الروسي الذي زج باشنيان في النزاع الأرمني الأذري الأخير من أجل الضغط على أوروبا، وهذا بالإضافة إلى تحريض أميركا للحكومة الملدوفية بشأن ملف ترانسنستريا، بهدف تكثيف الضغط على روسيا وإثارة قلق أوروبا من توسع الحرب تجاه الحدود الرومانية.
ويندرج في ذلك أيضًا ارتفاع صوت الحكومة الجورجية وتلقيها للدعم العسكري الغربي مؤخرًا لتحصينها ضد أي عدوان روسي محتمل. وبالتالي من المحتمل أن تكون الوساطة التركية تهدف لجس نبض أميركا وتحفيز الأوروبيين نحو خيار التهدئة؛ أي إرسال رسالة بإمكانية وقف الحرب قبل دخول فصل الشتاء وتفاقم الأوضاع في أوروبا. سيما وأن دائرة التذمر بين الدول الأوروبية قد اتسعت في الأيام الماضية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وما يترتب على ذلك من ركود اقتصادي متوقع، وما سيسببه ذلك من اضطرابات.
كما وتندرج الوساطة ورفض روسيا لها في سياق المناورة لكسب الوقت من خلال ثني أميركا عن مواصلة الهجوم المعاكس على منطقة خيرسون وإقليم زباروجيا بعد خسارة الروس لخاركوف وإيزوم، وفي الوقت نفسه تحاول روسيا إرسال رسالة تُظهر عزمها على مواصلة الحرب.
وعليه فإن من المرجح أن الوساطة التركية ليست مقدمة لانفراجة بقدر ما تنطوي عليه من رسائل وبالونات اختبار ومناورة. والوساطة التركية مهمة بالنسبة لأردوغان على صعيد التأكيد على فائدة العلاقة مع بوتين وتبريرها بعد أن طاله النقد من قبل الأوروبيين. وعلى صعيد امتلاك مفتاح خط الرجعة لأميركا لتخفيف الضغط عليه في الانتخابات المقبلة، لا سيما مع وجود مصالح اقتصادية تركية من وقف النزاع.
أما بوتين فيريد أن يرسل رسالة للداخل بأنه لن يتخلى عن مكاسبه، وبخاصة لليمين المتطرف الذي وجه إليه انتقادات شخصية بعد أن تقلد زمام القيادة العسكرية للعملية. وفي هذا السياق تشير التقارير الإخبارية إلى وجود تحضيرات أوكرانية لشن هجوم مماثل لهجوم الأيام الخمسة التي حققت نجاحًا كبيرًا في مناطق خاركوف وإيزوم ورفعت معنويات الجنود الأوكرانيين، وهزت صورة الجيش الروسي وكشفت عن ضعف في الموارد البشرية الروسية، وهو الأمر الذي دعا بوتين إلى الإعلان عن التعبئة الجزئية بتوصية من وزارة الدفاع، بالإضافة إلى لجوئه إلى التصعيد في خطابه اليوم، حيث قال إن هناك "خططًا معادية لروسيا في أوكرانيا، إذ حوّلوا الشعب الأوكراني ضد روسيا"، وأشار إلى أنّ "كييف حصلت على أمر لتقويض مقترحات الحل السلمي"، موضحًا أنّ "واشنطن وألمانيا وغيرهما يعطون أوامر لكييف ضد روسيا". مضيفًا أنه "لا يمكننا أن نتخلى عن أهل الأرض. لذلك اتخذ البرلمان في دونباس قرارًا بالاستفتاء لتقرير المصير والانضمام إلى روسيا".
وفي الأثناء أعلن رئيس جمهورية لوغانسك الشعبية، ليونيد باسيتشنيك، عن توقيع قانون بشأن "إجراء استفتاء انضمام جمهورية لوغانسك الشعبية إلى روسيا الاتحادية". وأعلن رئيس إدارة مقاطعة خيرسون، فلاديمير سالدو، موافقته على إجراء استفتاء شعبي بشأن انضمام المقاطعة إلى روسيا، فيما أعلن رئيس إدارة مقاطعة زاباروجيا يفغيني باليتسكي، أمس الثلاثاء، أنّ الاستفتاء على انضمام المقاطعة إلى روسيا سيجري في الفترة من 23 حتى 27 أيلول/سبتمبر الجاري. ويتضح من مواقف كل من بوتين وقادة هذه المناطق وبخاصة منطقة زابروجيا أنها هي المستهدفة من التحضيرات الأوكرانية العسكرية بدعم أميركي غربي. مما يفسر تصعيد بوتين في خطابه بأن "تهديد محطة زاباروجيا هو تهديد نووي. ولدى روسيا سلاح نووي، وسنستخدم كل الوسائل لحماية أراضي روسيا". ولا يخفى أن بوتين يحاول عبر ضم دونباس إلى الأراضي الروسية بالاستفتاء، تبرير دعوته إلى التعبئة الجزئية تفاديًا للتذمر والانتقادات الداخلية باعتبار أنه يدافع عن أراضٍ روسية وعن شعب روسي، بالإضافة إلى سعيه لتأمين جبهات القتال بالجنود تحوطًا للهجوم الأوكراني واستمرار الحرب التي تسعى أميركا للاستثمار فيها إلى أبعد مدى ممكن.
25/صفر/1444هـ
21/9/2022م