المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قانون الطفل الأردني اعتداء على الولاية الشرعية والفطرية للوالدين



Abu Taqi
29-08-2022, 10:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

قانون الطفل الأردني
اعتداء على الولاية الشرعية والفطرية للوالدين
أثار قانون الطفل الذي تعتزم الحكومة الأردنية فرضه جلبة مجتمعية بين قلة تؤيد القانون من الليبراليين الجدد وبين جمهرة أهل الأردن الرافضين له. ولا يخفى أن هذا القانون يندرج في سياق الحملة العالمية التي تقودها أميركا للحرب على الإسلام، لقلع جذوره، ومحو آثاره، وغرس ثقافتها الليبرالية في وعي المسلمين من أجل التحكم بهم وتوجيه نظرتهم إلى الحياة وتحويلهم إلى قطيع تابع لها. وهذا القانون ليس نتاجًا مجتمعيًّا طبيعيًّا، بل هو مفروض من الخارج، وتمثل الأنظمة الوظيفية في بلادنا أداة لتنفيذه عن سبق إصرار وتواطؤ، بذريعة تفادي العقوبات وخسارة المساعدات الخارجية التي لا تتجاوز كلفة طباعة الكتب المدرسية، أو مقدار رشوة يتلقاها سماسرة الفساد في مناصب الدولة.
وأما الأسباب الموجبة للقانون فهي استجابة لاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية سيداو اللتين تبنتهما وأعلنتهما الأمم المتحدة، والتي تلزم كل من وقع عليهما بإجراء التعديلات القانونية اللازمة لإقرار مخرجات هاتين الاتفاقيتين وسنها كقانون.
وكما هو معلوم فإن الخلفية التشريعية للقانون هي العالمانية التي تفصل الدين عن الحياة وتخالف عقيدة الأمة وشريعتها وأعرافها وتقاليدها، وهي أس البلاء، ليس في بلاد المسلمين وحسب، بل في العالم بأسره، فهي التي مسخت فطرة الإنسان وفككت طبيعته بوصفه كائنًا مجتمعيًّا، وعمقت فرديته وأحالته إلى سلعة يكيفها الرأسماليون بما يحقق لهم الهيمنة والمنفعة المادية، دون أدنى اعتبار للقيم الإنسانية والروحية والأخلاقية التي تفرضها حقيقة الوجود وطبيعة الإنسان والحياة والعلاقات. فالخلفية التشريعية لقانون الطفل هي نتاج ثقافة غربية لا تمت إلى الإسلام والفطرة الإنسانية بصلة، ويكفي أن نعرف أن نظرة ما يسمى بعلم النفس الغربي إلى علاقة الطفل بأمه هي علاقة جنسية لنبذ ثقافتهم وما يصدر عنها من قوانين مجرمة.
فعند دراسة القانون في مواده كلها يتبين مدى الخديعة والتّضليل والمغالطات التي يمارسها القائمون على إعداد القانون وعرضه على مجلس النواب، إذ حرص أولئك الذين صاغوا القانون على دس السم في الدسم، ووضع المواد الجدلية التي تنطوي على إفساد قيمي في ثنايا القانون، بحيث لا تثير الانتباه ولا الحساسية.
ينص القانون في المادة (7) البند (أ) على أن للطفل الحق في "التعبير عن آرائه، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى يختارها، وتُولى آراء الطفل الاعتبار وفقاً لسنّه ودرجة نضجه". وهذه الفقرة من المادة لا علاقة لها بالأطفال، بل لها علاقة بالشباب قبل وبعد بلوغهم، فالطفل الذي يبلغ من العمر أشهر أو بضع سنوات، لا يستطيع عادة تكوين آراء والتعبير عنها بالقول أو الكتابة أو .. الخ، فهي موجهة للشباب في سن البلوغ والذي يسمونه "فترة المراهقة"؛ وهي الفترة التي تتشكل فيها ميول الشاب ومفاهيمه عن الحياة. والإسلام جعل المسلم عبدًا لله مقيدًا بأوامره ونواهيه، بينما تشمل حرية الرأي حرية الجهر بالكفر وإنكار وجود الخالق، والدعوة لأي فكرة تناقض الإسلام، ويسمح بالدعوة للعصبية من قومية ووطنية، والدفاع عن الأفكار التي تدعو للانحلال والرذيلة والفساد وتقويض قيم الشرف والعرض. وينص القانون أيضًا في المادة (8) البند (أ) على أن "للطفل الحق في احترام حياته الخاصة، ويُحظر تعريضه لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، كما يُحظر المساس بشرفه أو سمعته، مع مراعاة حقوق وواجبات والديه أو من يقوم مقامهما وفقا للتشريعات ذات العلاقة".
وفي هذا البند يهدم القانون دور الأب والأم في تربية طفلهما، ويترك الطفل نهبًا لكل فكر دخيل، وسلوك طائش، ولكل رغبة تمليها الثقافة المنحرفة والفكر الوافد. وينص القانون كذلك في المادة (24) البند (ج) أنه: "يُتاح للطفل الاتصال مع مقدمي خدمات المساعدة القانونية دون أي قيد".
وهذه من الطوام الكبرى التي تفتح عيون الأطفال للاتصال بهذه الجهات التي تسمي نفسها مقدمة خدمات المساعدة القانونية للاستقواء بها على الوالدين، والتي ستحل محل الأب والأم في التربية والتوجيه. وفي ذلك اعتداء على الولاية الشرعية والفطرية للأب، ذلك أن مهمة تربية الطفل وتنشئته تقع على عاتق والديه، ولا يسمح لغيرهما التدخل في شؤون الأولاد إلا بالمعروف وضمن حدود، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" متفق عليه.
يا أهل الأردن الكرام..
لم تتجرأ الدول الغربية على فرض ثقافتها البهيمية في بلاد المسلمين إلا بسبب غياب الدولة الإسلامية واستناد الأنظمة وحكام المسلمين إلى الغرب الكافر الذي وظفهم لقمع إرادة الأمة ومنعها من الاحتكام لدينها. وسوف تبقى هذه الأنظمة المجرمة سادرة في غيها وجسرًا لتمرير الثقافة الغربية وحارسًا لمصالح الغرب الكافر ما لم يتخذ كل مسلم من موقعه موقفًا حازمًا إزاء هذا العبث بمصائر أبنائه ومستقبلهم. فلا محل لتطبيق هكذا قوانين في أمة تدين بعقيدة الإسلام وشريعة الخالق العليم الذي يرجع إليه الأمر والنهي وتشريع القوانين وتنظيم العلاقات. وإن فرض قانون الطفل بالقوة كدأب الحكومات الدنيئة وبرلمانات الدمى الذين لا إرادة لهم إلا أن يقفوا حيث توقفهم السّلطة، هو استهتار بدين الله وقيم المجتمع وأعرافه وتقاليده، وهو إهدار لمستقبل أبنائه. فلا بد أن يُنبذ هذا القانون ودعاته ويُقاوم إمضاؤه، وأن يُواجه بالرفض المطلق والتمرد على تنفيذه، ومحاسبة الحكومة والبرلمان على جريمة اقترافه، وأن يُقابل رجال السلطة بمن فيهم أعضاء البرلمان، وقادة المجتمع المأجورون، و"الهيئات الدينية الرسمية" الصامتة صمت القبور، والشياطين الخُرس الكاتمين الحق من الشيوخ و"العلماء" بالمقت والتحقير الذي يليق بتخاذلهم وخذلانهم لدينهم وأمتهم وحملة الدعوة إلى الخير من بينهم. ولا بد أن يقاطع الشعب الانتخابات التشريعية التي لم تُنتج رجالًا ينتمون إلى دينهم وأهلهم، أو تحفظ مصلحة أو ترفع مظلمة أو تقيم معروفًا أو تمنع منكرًا. وعلى أهل البلد أن يلتفوا حول دعاة الخير والانقياد لهم في العمل لاستئناف الحياة الإسلامية التي فيها نجاتهم واستقامة حياتهم وسلامة أبنائهم.
يقول أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه، بعد أن حمِد اللهَ وأثنَى عليه: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها على غيرِ موضعِها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، وإنَّا سمِعنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: "إنَّ النَّاسَ إذا رأَوُا الظَّالمَ فلم يأخُذوا على يدَيْه أوشك أن يعُمَّهم اللهُ بعقابٍ". وإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: "ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثمَّ يقدِرون على أن يُغيِّروا، ثمَّ لا يُغيِّروا، إلَّا يوشِكُ أن يعُمَّهم اللهُ منه بعقابٍ".

2/صفر/1444هـ حزب التحرير
29/8/2022م ولاية الأردن