Abu Taqi
07-08-2022, 01:44 PM
بسم اله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
عملية (الفجر الصادق) واستمرار المزايدات السياسية في "إسرائيل"
لا تزال المزايدات السياسية بين اليمين واليمين الأشد تطرفًا هي المحرك الأساسي لأداء حكومة الائتلاف بقيادة لبيد الذي ظهر التأييد الأميركي له منذ أن حشدت الدعم لتلميعه في قمة النقب يومى 27 و28 آذار/مارس 2022 بمشاركة وزراء خارجية مصر والإمارات والمغرب والبحرين ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وذلك على إثر مواصلة نتنياهو التشغيب على الحكومة بعد أن تواطأت أميركا على إسقاطه في معركة (سيف القدس). حيث تعرضت حكومة الائتلاف بقيادة نفتالي بينيت لفشل أمني وعجز وارتباك بفعل العمليات الفدائية في الداخل، سيما وأن عامل الأمن هو أكثر العوامل المؤثرة في ميول الناخب الإسرائيلي. وعلى إثر ما بدا فشلًا أمنيًّا لحكومة الائتلاف، شرع بنيت بعمليته الأمنية في جنين في أيار/مايو الماضي، والتي تلطخت بخرق كبير نتيجة مقتل الصحفية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، ثم توالت تحريضات نتنياهو على حكومة الائتلاف حتى نجح بتقليص الفارق بينه وبين الحزام النيابي للحكومة، والتي لم يسعفها الوضع الدولي (الحرب في أوكرانيا) بنقل الأزمة إلى الخارج بعملية عسكرية في غزة. أما وقد أصبحت الظروف الإقليمية والدولية مواتية لناحية استمرار الحرب في أوكرانيا وتحقيق جزء من أهدافها بشأن العقوبات على روسيا، وحشد الدعم الدولي لأوكرانيا، وترسيخ البيئة الأمنية الجديدة في أوروبا، بالإضافة إلى أن شن الحرب في المنطقة يخدم أميركا في صرف الأنظار عن استعراض القوة الذي تقوم به الصين على خلفية زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان بغرض التأكيد على وجودها العسكري في بحر الصين، ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية التي باتت على بعد ثلاثة أشهر، وانتقال السلطة من بنيت إلى لبيد الأقل تدينًا والأكثر علمانية من سلفه والأشد صلابة في موقفه من روسيا، والذي وفرت له أميركا الترحيب في الأردن بخلاف نتنياهو الذي رفضت زيارته في آخر عهده، ومع حاجة اليمين المتطرف والرأي العام الإسرائيلي لاستعادة قوة الردع والأمن، في ظل هذا كله انطلقت عملية (الفجر الصادق) الإسرائيلية بشكل غادر وبضوء أخضر من الولايات المتحدة وتواطؤ وتسهيل من قبل مصر وقطر دعمًا لحظوظ لبيد وغانتس وبنيت في انتخابات الكنيست المرتقبة من بوابة استعادة قوة الردع والأمن على جثث أطفال غزة و"حركة الجهاد"، وهو ما ظهر من التمهيد لاستدراج الحركة إلى التصعيد. حيث قتل الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين الفائت ناشطًا فلسطينيًّا واعتقل السعدي بعد اقتحام واسع لمخيم جنين الذي يعبر عن رمزية في الصمود والمواجهة مع الكيان الصهيوني، أعقب ذلك تهديدًا من قبل "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد، مما وفر المناخ الملائم للعملية العسكرية بحجة الدفاع عن النفس والوقاية من عمليات "إرهابية" متوقعة. وقد كشفت ردود الفعل وحيثيات العملية تواطُؤًا مصريًّا بشأن الوساطة حيث قالت حركة الجهاد إنها تعاملت بإيجابية مع الوساطة المصرية لكن إسرائيل غدرت وعاجلتهم بالعدوان، كما كشف هذا العدوان أيضًا ردود الفعل الإقليمية والدولية الباهتة خلافًا لمواقفهم من معركة "سيف القدس" التي قادتها حماس؛ حيث بلغ التنديد الدولي حينها حدًا وصفت فيه "إسرائيل" تحت حكم نتنياهو بدولة فصل عنصري.
أما حيثيات هذه المواجهة فتشي بضبط موقف حماس عن طريق قطر بعدم التدخل، إذ اكتفت الحركة بمجرد "التنسيق" مع حركة الجهاد وفصائل "المقاومة" لحفظ ماء الوجه، وتبرير وقوفها على الحياد بقدرة حركة "الجهاد" على الرد. وهذا في الحقيقة ما تريده أميركا لضمان تحقيق انتصار لحكومة لبيد يوفر لها رصيدًا انتخابيًّا وازنًا. إذ إن الجيش الإسرائيلي قد اختار حركة الجهاد لتفاوت قدرتها مع حركة حماس التي تملك مقدارًا مؤثرًا في توازن الرعب وقلب الطاولة على شياطين الصهاينة كما فعلت في معركة (سيف القدس). مما يشي بأن حماس اختارت وللمرة الثانية الانحياز لأجندة الولايات المتحدة التي تمليها عبر عملائها في قطر ومصر، واللتين من المرجح أن تتوسطا لوقف العملية العسكرية بعد ضمان نجاحها ورفعها لأسهم حكومة لبيد وبنيت وغانتس. وهذا الخذلان للقضية والأخوة الإسلامية هو ثمن الركون إلى الأنظمة العميلة والاستجابة للأجندات الخارجية التي تُسخر دماء المسلمين لخدمة الكفار وأعداء الأمة. وإذا كانت حركة الجهاد قادرة على الانتقام لاستشهاد قادتها الذين ضخم رئيس الوزراء الإسرائيلي لبيد مكانتهم لتسويق انتصاره وتحذير حزب الله، وبعد أن سمح لقطعان المتطرفين لاقتحام الأقصى في مزايدة مكشوفة على تمثيل اليمين الصهيوني المتطرف وكسب قواعده الانتخابية، فلماذا لم تنخرط حماس في الدفاع عن القدس وتحافظ على قواعد الاشتباك التي خرقها لبيد، وهي التي ربطت القدس بغزة في معركة سيف القدس؟! لولا أنها رضيت وتابعت!!
إن المطلوب من حماس في ظل هذا العدوان الغاشم وفي ظل تواطؤ الأنظمة العربية على دعم "إسرائيل" وحكوماتها أن يأبى عليها دينها ونضال أبنائها ودماءُ شهدائها أن تطوع نفسها في خدمة جناح صهيوني مجرم على حساب آخر لا يقل عنه إجرامًا، وليس من الشرف أن يُثني عليها قادة الجيش الصهيوني بأنها تصرفت بحكمة؛ إذ إن الحكمة ليست بالوقوف على الحياد بل بردع الصهاينة الذين لا يفهمون سوى لغة القوة، وبتأجيج الصراع بين أجنحتهم وإفشال مسعاهم.
إن الموقف الذي تمليه العقيدة الإسلامية هو أن تقف حماس إلى جانب إخوانها في "حركة الجهاد"؛ لأن دماء المسلمين واحدة وسلاحهم واحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويردُّ عليهم أقصاهُم وهم يدٌ على من سواهم.
كما أن مواقف الحكام المخزية والمتواطئة من هذا العدوان الغاشم على القدس وأهل فلسطين بعامة، وأهل غزة بخاصة، لا يعفي القادة العسكريين في جيوش هذه الأنظمة من أن يهبوا نصرة لإخوانهم المسلمين في فلسطين، مصححين الأوضاع التي أوجدها الكفار في بلادهم، منحازين لما تمليه عليهم عقيدتُهم، والدفاع عن الأقصى وعن دماء المسلمين في فلسطين.
{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}
9/محرم/1444هـ
7/8/2022م
متابعة سياسية
عملية (الفجر الصادق) واستمرار المزايدات السياسية في "إسرائيل"
لا تزال المزايدات السياسية بين اليمين واليمين الأشد تطرفًا هي المحرك الأساسي لأداء حكومة الائتلاف بقيادة لبيد الذي ظهر التأييد الأميركي له منذ أن حشدت الدعم لتلميعه في قمة النقب يومى 27 و28 آذار/مارس 2022 بمشاركة وزراء خارجية مصر والإمارات والمغرب والبحرين ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وذلك على إثر مواصلة نتنياهو التشغيب على الحكومة بعد أن تواطأت أميركا على إسقاطه في معركة (سيف القدس). حيث تعرضت حكومة الائتلاف بقيادة نفتالي بينيت لفشل أمني وعجز وارتباك بفعل العمليات الفدائية في الداخل، سيما وأن عامل الأمن هو أكثر العوامل المؤثرة في ميول الناخب الإسرائيلي. وعلى إثر ما بدا فشلًا أمنيًّا لحكومة الائتلاف، شرع بنيت بعمليته الأمنية في جنين في أيار/مايو الماضي، والتي تلطخت بخرق كبير نتيجة مقتل الصحفية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، ثم توالت تحريضات نتنياهو على حكومة الائتلاف حتى نجح بتقليص الفارق بينه وبين الحزام النيابي للحكومة، والتي لم يسعفها الوضع الدولي (الحرب في أوكرانيا) بنقل الأزمة إلى الخارج بعملية عسكرية في غزة. أما وقد أصبحت الظروف الإقليمية والدولية مواتية لناحية استمرار الحرب في أوكرانيا وتحقيق جزء من أهدافها بشأن العقوبات على روسيا، وحشد الدعم الدولي لأوكرانيا، وترسيخ البيئة الأمنية الجديدة في أوروبا، بالإضافة إلى أن شن الحرب في المنطقة يخدم أميركا في صرف الأنظار عن استعراض القوة الذي تقوم به الصين على خلفية زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان بغرض التأكيد على وجودها العسكري في بحر الصين، ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية التي باتت على بعد ثلاثة أشهر، وانتقال السلطة من بنيت إلى لبيد الأقل تدينًا والأكثر علمانية من سلفه والأشد صلابة في موقفه من روسيا، والذي وفرت له أميركا الترحيب في الأردن بخلاف نتنياهو الذي رفضت زيارته في آخر عهده، ومع حاجة اليمين المتطرف والرأي العام الإسرائيلي لاستعادة قوة الردع والأمن، في ظل هذا كله انطلقت عملية (الفجر الصادق) الإسرائيلية بشكل غادر وبضوء أخضر من الولايات المتحدة وتواطؤ وتسهيل من قبل مصر وقطر دعمًا لحظوظ لبيد وغانتس وبنيت في انتخابات الكنيست المرتقبة من بوابة استعادة قوة الردع والأمن على جثث أطفال غزة و"حركة الجهاد"، وهو ما ظهر من التمهيد لاستدراج الحركة إلى التصعيد. حيث قتل الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين الفائت ناشطًا فلسطينيًّا واعتقل السعدي بعد اقتحام واسع لمخيم جنين الذي يعبر عن رمزية في الصمود والمواجهة مع الكيان الصهيوني، أعقب ذلك تهديدًا من قبل "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد، مما وفر المناخ الملائم للعملية العسكرية بحجة الدفاع عن النفس والوقاية من عمليات "إرهابية" متوقعة. وقد كشفت ردود الفعل وحيثيات العملية تواطُؤًا مصريًّا بشأن الوساطة حيث قالت حركة الجهاد إنها تعاملت بإيجابية مع الوساطة المصرية لكن إسرائيل غدرت وعاجلتهم بالعدوان، كما كشف هذا العدوان أيضًا ردود الفعل الإقليمية والدولية الباهتة خلافًا لمواقفهم من معركة "سيف القدس" التي قادتها حماس؛ حيث بلغ التنديد الدولي حينها حدًا وصفت فيه "إسرائيل" تحت حكم نتنياهو بدولة فصل عنصري.
أما حيثيات هذه المواجهة فتشي بضبط موقف حماس عن طريق قطر بعدم التدخل، إذ اكتفت الحركة بمجرد "التنسيق" مع حركة الجهاد وفصائل "المقاومة" لحفظ ماء الوجه، وتبرير وقوفها على الحياد بقدرة حركة "الجهاد" على الرد. وهذا في الحقيقة ما تريده أميركا لضمان تحقيق انتصار لحكومة لبيد يوفر لها رصيدًا انتخابيًّا وازنًا. إذ إن الجيش الإسرائيلي قد اختار حركة الجهاد لتفاوت قدرتها مع حركة حماس التي تملك مقدارًا مؤثرًا في توازن الرعب وقلب الطاولة على شياطين الصهاينة كما فعلت في معركة (سيف القدس). مما يشي بأن حماس اختارت وللمرة الثانية الانحياز لأجندة الولايات المتحدة التي تمليها عبر عملائها في قطر ومصر، واللتين من المرجح أن تتوسطا لوقف العملية العسكرية بعد ضمان نجاحها ورفعها لأسهم حكومة لبيد وبنيت وغانتس. وهذا الخذلان للقضية والأخوة الإسلامية هو ثمن الركون إلى الأنظمة العميلة والاستجابة للأجندات الخارجية التي تُسخر دماء المسلمين لخدمة الكفار وأعداء الأمة. وإذا كانت حركة الجهاد قادرة على الانتقام لاستشهاد قادتها الذين ضخم رئيس الوزراء الإسرائيلي لبيد مكانتهم لتسويق انتصاره وتحذير حزب الله، وبعد أن سمح لقطعان المتطرفين لاقتحام الأقصى في مزايدة مكشوفة على تمثيل اليمين الصهيوني المتطرف وكسب قواعده الانتخابية، فلماذا لم تنخرط حماس في الدفاع عن القدس وتحافظ على قواعد الاشتباك التي خرقها لبيد، وهي التي ربطت القدس بغزة في معركة سيف القدس؟! لولا أنها رضيت وتابعت!!
إن المطلوب من حماس في ظل هذا العدوان الغاشم وفي ظل تواطؤ الأنظمة العربية على دعم "إسرائيل" وحكوماتها أن يأبى عليها دينها ونضال أبنائها ودماءُ شهدائها أن تطوع نفسها في خدمة جناح صهيوني مجرم على حساب آخر لا يقل عنه إجرامًا، وليس من الشرف أن يُثني عليها قادة الجيش الصهيوني بأنها تصرفت بحكمة؛ إذ إن الحكمة ليست بالوقوف على الحياد بل بردع الصهاينة الذين لا يفهمون سوى لغة القوة، وبتأجيج الصراع بين أجنحتهم وإفشال مسعاهم.
إن الموقف الذي تمليه العقيدة الإسلامية هو أن تقف حماس إلى جانب إخوانها في "حركة الجهاد"؛ لأن دماء المسلمين واحدة وسلاحهم واحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويردُّ عليهم أقصاهُم وهم يدٌ على من سواهم.
كما أن مواقف الحكام المخزية والمتواطئة من هذا العدوان الغاشم على القدس وأهل فلسطين بعامة، وأهل غزة بخاصة، لا يعفي القادة العسكريين في جيوش هذه الأنظمة من أن يهبوا نصرة لإخوانهم المسلمين في فلسطين، مصححين الأوضاع التي أوجدها الكفار في بلادهم، منحازين لما تمليه عليهم عقيدتُهم، والدفاع عن الأقصى وعن دماء المسلمين في فلسطين.
{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}
9/محرم/1444هـ
7/8/2022م