المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصراع في فلسطين مع يهود ومن خلفهم حقائق لا بد أن تكونَ وتظلَّ بدهيات عند الأمة



Abu Taqi
17-04-2022, 02:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الصراع في فلسطين مع يهود ومن خلفهم
حقائق لا بد أن تكونَ وتظلَّ بدهيات عند الأمة

أولًا: قضية فلسطين هي قضية مصيرية يُتخذ إزاءها إجراء الحياة أو الموت، لكنها قضية فرعية لقضية مركزية هي استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية وتطبيق حكم الله في الأرض، وهو ما يوجب إزالة أنظمة الكفر وخلع الحكام العملاء وتوحيد بلاد المسلمين والإعداد لاستئناف الجهاد وتحرير فلسطين وحمل رسالة الإسلام إلى العالم. ذلك أن فلسطين وإن كانت قضية فرعية إلا أنها ليست مجرد أرض يُتنازع عليها، بل هي قطعة من عقيدة المسلمين، وهي مربوطة بعقيدتهم وبإسلامهم قبل أن يفتحوها ويبسطوا سلطانهم عليها، فالله سبحانه قد جعلها قِبلة المسلمين الأولى، ومسرى رسوله الكريم صلى الله عليهوسلمن . ففيها أحيا الله له الأنبياء ليؤمّهم في مسجدها، ومنها عرج به إلى السماء، وإليها جعل الرسول شدَّ الرحال مع مكة والمدينة، وندب من لا يستطيع أن يذهب إليها بأن يرسل زيتًا ليُسرج به مسجدها الأقصى. وليس ذلك خاصًّا بالقدس وحدها، بل يشمل جميع أرض فلسطين، بنص القرآن الكريم، قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا}، فالمباركة شاملة حول المسجد الأقصى وهي جميع بلاد الشام، فيافا وتل الربيع وحيفا وصيدا وبيروت وصفد وطبريا والناصرة ونابلس والخليل وغزة والعقبة والشام وسيناء، كلها أرض مباركة مربوطة بعقيدة المسلمين، يحرم التفريط بأي شبر منها، مهما كان صغيرًا ومهما كان بعيدًا عن القدس وعن المسجد الأقصى؛ لأنها كلها أرض مباركة مربوطة بعقيدة المسلمين، والتفريط فيها إنّما هو تفريط بعقيدة المسلمين وخيانة لله وللرسول وللمؤمنين.
ثانيًّا: إذا استولى العدو على أي أرض من بلاد المسلمين فعلى المسلمين أن يهبوا مجاهدين لدفع العدو ومقاتلته حتى يسترجعوا تلك الأرض منه، باذلين المهج والأرواح والغالي والنفيس في سبيل ذلك. ولذلك هبَّ المسلمون، عندما استولى الصليبيون على بلاد الإسلام أيام الحروب الصليبية؛ لقتال الصليبيين ولم يتنازلوا لهم عن أي شبر، واستمروا في محاربتهم جيلًا بعد جيل حتى استطاعوا استرجاع القدس بعد تسعين سنة من ضياعها، وكذلك استرجعوا جميع بلاد الإسلام من الصليبيين في حروب استمرت مائتي عام، دون أن يتنازلوا بإرادتهم للعدو القاهر عن أي جزء، وإنما بالحرب كان الصليبيون يستولون على المناطق، فيستمر المسلمون في قتالهم حتى يستردوا ما سُلب منهم بالقوة، ولم يقبلوا مطلقًا أن يتركوهم يسكنون أو يهنؤون أو يستوطنون بلا عراك، وما عقدوه مع الصليبيين من معاهدات إنّما هي معاهدات هدنة، وإيقاف قتال لمدد محددة؛ لأجل أن يستجمع الجنود قواهم، لا ليتركوا الصليبيين في الأرض التي اغتصبوها، أو يعترفوا لهم بشبر منها بحكم الواقع والغلبة والقوة القاهرة.
ثالثًا: إن اتفاقيات السلام والتطبيع التي عقدتها الأنظمة مع يهود، هي عقود لا تعني الأمة الإسلامية بشيء، فهذه الأنظمة لا تمثل المسلمين لا من قريب ولا من بعيد، بل تمثل من جاء بهم وأوسد إليهم شؤون المسلمين بالسيطرة والقوة. لذلك هي اتفاقيات بين أنظمة تابعة للغرب، وبين يهود، وبرعاية استعمارية دولية. وهي اتفاقيات استسلام وإذعان من هذه الأنظمة ليهود، لا يترتب عليها أي أثر شرعي أو قضائي أو سياسي بالنسبة للأمة. وهي لا تمنع جهادًا ولا مقاومة ولا حربًا مع اليهود المغتصبين، بل ولا توقف كفاحًا ضد الأنظمة الوظيفية الخائنة التي مكّنت ليهود.
ولذا فإن هذه الاتفاقيات التي جرى تصميمها لتصفية قضية فلسطين، وتطبيع العلاقة مع يهود، ودمجهم في المنطقة، بل وتسليمهم قيادتها، لا تمثل المسلمين في شيء.
رابعًا: قضية فلسطين هي قضية الأمة الإسلامية، لا قضية الأمم المتحدة، ولا الرباعية الدولية، ولا جامعة الدول العربية، ولا حتى قضية أهل فلسطين وحدهم مثلما أرادوا لها أن تكون. والأمة وحدها بما يمليه عليها دينها هي التي تحدد كيفية حلها، والشرع يوجب على الأمة كلها أن تتخذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا الحل، عبر من يُمثل إرادتها تمثيلًا حقيقيًّا، وهو خليفة المسلمين الذي تُقيمه الأمة راعيًا لها وحارسًا لمصالحها، وليس ذلك على أمة الإسلام العزيزة التي حكمت العالم لقرون بعظيم.
خامسًا: كل حلول التصفية التي طرحت دوليًّا أو إقليميًّا، وكل المبادرات السياسية التي نادت بها فصائل فلسطينية أو قوى عربيّة أو دوليّة، هي حلول لتثبيت الكيان الغاصب وتصفية القضية، وهي وبالرغم من أنها حلول براغماتية واقعية لا تمت للإسلام بصلة إلا أنها ليست حلولًا صحيحة أو تعكس مصالح أهل المنطقة أيضًا. إذ لم تحرر هذه المبادرات شبرًا من فلسطين ولم تُثني يهود عن غيهم وعربدتهم وتغولهم ولم تنتج سوى مزيد من التنازلات وتثبيت الكيان الغاصب الجاثم في فلسطين.
سادسًا: إن الحل الصحيح لقضية فلسطين هو وضعها في صعيدها الأصلي وهي أنها قضية إسلامية، فهي ليست قضية عربية ولا فلسطينية، بل هي قضية الأمة كلها. والإسلام أوجب على الأمة الإسلامية العمل لاسترجاع فلسطين بالجهاد والقتال، وجعل هذا الفرض على أهلها أولًا، فإن لم تحصل الكفاية بهم انتقل الفرض إلى من يليهم من المسلمين الأقرب منهم فالأقرب، إلى أن تحصل الكفاية، ويجري استرجاع هذه البلاد من يهود المغتصبين. ولما كانت الأنظمة المحيطة بهذا الكيان تعمل على المحافظة على أمنه، وتكريس وجوده، وربطه بأهل المنطقة باتفاقيات سياسية واقتصادية؛ لضمان استمرار وجوده، كان الطريق الصحيح لتحرير فلسطين هو رفض الحلول التآمرية وهدم هذه الأنظمة الخائنة، وإقامة الدولة الإسلامية، التي تصوّب المسار لتحرير فلسطين من الغاصبين. وهذا لا يعني أن يقف المسلمون في فلسطين وخارجها مكتوفي الأيدي حتى تقوم الدولة الإسلامية، بل إن الشرع يوجب على من لديه القدرة للنكاية بالعدو أو منعه من تنفيذ مخططاته، أوتوهين قوته، استعمال قدرته في تحقيق ذلك؛ لتبقى جذوة الجهاد والسعي للتحرير متقدة في نفوس أبناء الأمة، ليس لتحرير المسجد الأقصى، الذي يُتخذ الاعتداء عليه اليوم وسيلة لتحصين حكومة بينيت وليبيد من السقوط، وقلب مخطط قوى اليمين المتطرف لصالح الحكومة بتواطؤ عربي رسمي فحسب، بل وتحرير الأمة من الاستعمار والاستعباد والتآمر وتحرير كامل تراب فلسطين وإلى الأبد. وليس ذلك على الله بعزيز.
{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
16/رمضان/1443هـ
17/4/2022م