Abu Taqi
16-04-2022, 01:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
انقلاب البرلمان الباكستاني على عمران خان
نجحت أميركا يوم 10 نيسان/أبريل 2022 في إسقاط عمران خان وحكومته بعد أن دفعت المحكمة العليا في الباكستان إلى إصدار قرار يوم الخميس 7/4/2022 يقضي بإبطال جميع التعليمات التي أعطاها رئيس الجمهورية عارف علوي بحل البرلمان، والإعلان عن الانتخابات المبكرة بتوصية من رئيس الوزراء عمران خان.
وبعد تصويت البرلمان بحجب الثقة، أعلن عمران خان في تغريدة لا تخلو من التضليل وتوظيف مفهوم "المؤامرة" ضد خصومه أن "أصبحت الباكستان دولة مستقلة عام 1947، لكن النضال من أجل الحرية يبدأ اليوم من جديد ضد مؤامرة أجنبية لتغيير النظام". ويعتبر هذا التصريح استمرارًا لما سبق وأن صرح به خان عندما كانت تحاول المعارضة الباكستانية الإطاحة به في المرة الأولى، إذ صرح عمران خان في خطاب سابق بثه التلفزيون الباكستاني بتاريخ 31/3/2022: "سأحارب حتى النهاية، و(سأهزم) هذه المؤامرات"؛ مضيفًا: "يطالبني بعض الناس بالاستقالة. لماذا أستقيل؟ أنا لا أستقيل، بل أكمل اللعبة إلى آخرها". وهذا ما دأب عليه العملاء حينما يفقدون الدعم من الراعي الخارجي لصالح خصومهم وشركائهم في العمالة.
لقد حشدت أميركا المعارضة ضد عمران خان الذي اتهمته بسوء الإدارة الاقتصادية رغم الدعم الذي تلقاه منها عبر صندوق النقد والبنك الدوليين، واتهمته أيضًا بعدم السيطرة على ارتفاع التضخم وضعف عملة الروبية، بالإضافة إلى سوء إدارته للسياسة الخارجية. فيما وصف عمران خان التحدي الذي تواجهه حكومته بأنه نتيجة مؤامرة أميركية وتواطؤ للمعارضة مع التدخل الأجنبي، داعيًّا الشعب وبخاصة شريحة الشباب إلى الاحتجاج على المؤامرة والانطلاق في مسيرات وطنية.
والحقيقة أنه منذ شهور وأميركا تعمل على تأزيم الوضع السياسي الباكستاني الداخلي من أجل الفرز وفحص الرأي العام الباكستاني إزاء السياسيين من خلال دفع المعارضة للإطاحة برئيس الحكومة الذي أخذ عددًا من المواقف والسياسات التي أغضبت أميركا والمؤسسة العسكرية الموالية لها نحو علاقته بروسيا والصين، اللتيْن سبق وحذرتا من انقلاب محتمل في الباكستان.
فقد ألمح عمران خان في خطابه المتلفز يوم 31/3/2022 أن "دولة غربية" (في إشارة إلى أميركا) تدعم الإطاحة به لأنه زار روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي، وبعد ذلك أعلن رفضه الاصطفاف ضد روسيا. وشدد على أن سياسة الباكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة ولا تصطف ضد أحد. ولا يعني ذلك أنه استقل أو ينوي الاستقلال، وإنما يدل ذلك على استشعاره بانتهاء صلاحيته، وأراد أن يشيطن خصومه ويزرع الألغام في طريقهم.
وأمام هذا الاحتقان السياسي في البلاد صرح متحدث باسم الجيش الباكستاني أن "الجيش ليست له علاقة بالأحداث السياسية الراهنة"، وذلك بعد ساعات محدودة من حل الحكومة والبرلمان يوم 3/4/2022. لكن قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا، انتقد قبل يوم من ذلك الحرب الروسية على أوكرانيا، داعيًّا إلى الوقف الفوري لما وصفه بـ "مأساة كبيرة" يتعرض لها بلد أصغر. ومن جانبها سارعت الولايات المتحدة إلى نفي اتهامات عمران خان، وأكدت على حيادها من القوى السياسية الباكستانية، كما أكدت حرصها على النهج السياسي الباكستاني واستقامته مع مصالحها.
ورغم أن المتحدث باسم الجيش الباكستاني ادعى الحياد في المعركة السياسية الدائرة بين عمران والمعارضة لكن تصريح قائد الجيش أظهر أن مواقف عمران لا ترضي أميركا، ومن ثم فإن موقف الباكستان لا يجب أن يكون على الحياد في حرب روسيا على أوكرانيا. ولذا كانت زيارة عمران خان إلى روسيا في نفس اليوم الذي أعلن فيه بوتين حربه على أوكرانيا منزلقًا سياسيًّا بغض النظر إن كانت الزيارة بموافقة أميركا أم من دون إذنها؛ ولهذا صرَّح قائد الجيش الباكستاني في نفس الخطاب وجوب أن تكون الباكستان في المعسكر الغربي الأميركي قائلًا: "نشترك في تاريخ طويل من العلاقات الممتازة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي تظل أكبر سوق تصدير لنا". وأضاف "وبالمثل، فإن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والخليج وجنوب شرق آسيا واليابان عوامل حيوية أيضًا لتنميتنا الوطنية وتقدمنا"؛ مما يجعل المعارضة الباكستانية خيارا أميركيا في هذه المرحلة دون أن تتخلى أميركا عن حركة إنصاف، والتي استثمرت فيها منذ سنة ظ،ظ©ظ©ظ© عبر عمران خان، والتي تمثل قوة شعبية كبرى في المناطق القبلية، وبخاصة وأن قائد الجيش قد خالف عمران خان الذي اعتبر أن الباكستان ارتكبت خطأ بالانضمام إلى الغرب خلال الحرب الباردة، وانتقد علنًا الدبلوماسيين الغربيين في إسلام أباد الذين طلبوا من حكومته في رسالة مشتركة الشهر الماضي التنديد بعدوان موسكو على كييف، وهو الأمر الذي رفضه خان ورد على رسالة دول الغرب قائلًا: "لماذا ندين روسيا؟ هل نحن عبيدكم حتى نفعل ما تقولون؟".
وأما العلاقة مع الصين فقد سبق وأعلن عمران خان في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) في شهر أيلول/سبتمبر 2021 رفضه منح قواعد جوية للولايات المتحدة، كما أعلن رفضه الدخول في أي تحالف مناوئ للصين. وكان ذلك مع قرب اكتمال انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان حيث انتقد خان الموقف الأميركي المتعلق بطلب فتح قواعد عسكرية في الباكستان. ولهذا أوعزت لدولة الإمارات بطلب استعادة وديعتها المقدرة بمليار دولار في البنك المركزي الباكستاني، في الوقت الذي تعاني فيه حكومة عمران خان ضائقة مالية شديدة. كما قامت الباكستان باقتراض مليار دولار من الصين لسداد قرض بنفس القيمة من السعودية. إن الضغط الأميركي على الباكستان ناتج أيضًا عن تقاربها مع الصين بمعزل عن التنسيق الأميركي الذي تحاول فيه أميركا إرجاء الامتياز الاقتصادي للصين قبل ابتزازها، وبخاصة موضوع الاستثمارات المتعلقة بالممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، مثل مد طرق سكك الحديد وتوسيع ميناء جوادر بوصفه ميناءً رئيسيًّا لمبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، بالإضافة إلى عقود بيع الأسلحة للجيش الباكستاني؛ حيث استغلت الصين حاجة الولايات المتحدة لميناء جوادر كممر للغاز التركمانستاني الذي استثمرت فيه شركة شيفرون الأميركية، واستغلت كذلك حاجة الباكستان الماسَّة للتنمية في ظل غياب الموارد المالية وقامت بترسيخ نفوذها في المحيط الهندي متخذة من ميناء جوادر الاستراتيجي إطلالة لمراقبة مضيق هرمز، التي تُعد منطقة عمليات الأسطول الأميركي الثالث المتمركز في البحرين، وكذلك مراقبة القيادة الغربية للبحرية الهندية على ساحل البلاد الغربي، وهو الأمر الذي يخالف استراتيجية الولايات المتحدة بشأن احتواء الصين ومحاصرتها في المحيط الهندي.
على أن أكثر ما يثير قلق أميركا أن الصين أصبحت المورِّد الرئيسي للأسلحة والمعدات للباكستان في الفترة الأخيرة بشكل تقدمت فيه على أميركا، فارتفعت حصة الأسلحة الصينية في الجيش الباكستاني من 13% إلى 41%، بالإضافة إلى دعم صيني كامل للبرنامج النووي الباكستاني. حيث كان عمران خان قد صرح بشكل واضح ومخالفٍ للسياسة المعتمدة في الباكستان قائلًا: "نحن محظوظون لأن لدينا صديقًا وقف إلى جانبنا في السراء والضراء، لم يقف أيُّ من أصدقائنا الآخرين إلى جانبنا مثلما دعمتنا الصين سياسيًّا ودافعت عنا على جميع الجبهات". وجاء ذلك في كلمة ألقاها في التلفزة الباكستانية في شهر آب/أغسطس 2021 تحدث فيها أن الباكستان تتعرض لضغوط كبيرة من أجل التطبيع مع إسرائيل.
وبناء على ما تقدم فإن عمران خان برغم خدمته للولايات المتحدة إلا أنه لم يُحسن قراءة المتغيرت في السياسة الأميركية إزاء روسيا والصين ولم يأخذ بعين الاعتبار أن تبعية العميل للقوى الدولية لا تسعف في الأزمات السياسية، سيما مع منطق المصالح الذي لا يعترف بـ"صديق" دائم، ومع وجود منافسين له في العمالة. فبالرغم من كل المواقف التي اتخذها عمران خان وتقاربه الشديد مع الصين وروسيا فإن الباكستان لا تزال تحت الوصاية الأميركية؛ لأن قادة الجيش الباكستاني ما زالوا عبيدًا ولم يتحرروا من عمالتهم لأميركا. ولهذا سَهُل على أميركا أن تحشد المعارضة مدعومة بالجيش والمحكمة العليا لإسقاط عمران خان وحكومته رغم الدعم الشعبي الذي بات يتمتع به بسبب وضوح المؤامرة الأميركية على خلعه.
ومن هنا لم يتأخر رئيس الوزراء الجديد شهباز شريف (حزب الرابطة الإسلامية- نواز شريف) في تأكيد ولائه لأميركا قائلًا: شهدت علاقاتنا مع بريطانيا وأميركا تقلبات، وسنعمل على تحسين علاقاتنا مع البلدين. كما وخاطب الهند قائلًا: نريد السلام ولكن ذلك غير ممكن من دون حل قضية كشمير. وهو ما ينسجم مع مخطط الولايات المتحدة في حشد دول الإقليم ضد الصين وروسيا تمهيدًا لاحتوائهما وإرغامهما على الانصياع للإرادة الأميركية في هذا القرن.
15/رمضان/1443هـ
16/4/2022م
متابعة سياسية
انقلاب البرلمان الباكستاني على عمران خان
نجحت أميركا يوم 10 نيسان/أبريل 2022 في إسقاط عمران خان وحكومته بعد أن دفعت المحكمة العليا في الباكستان إلى إصدار قرار يوم الخميس 7/4/2022 يقضي بإبطال جميع التعليمات التي أعطاها رئيس الجمهورية عارف علوي بحل البرلمان، والإعلان عن الانتخابات المبكرة بتوصية من رئيس الوزراء عمران خان.
وبعد تصويت البرلمان بحجب الثقة، أعلن عمران خان في تغريدة لا تخلو من التضليل وتوظيف مفهوم "المؤامرة" ضد خصومه أن "أصبحت الباكستان دولة مستقلة عام 1947، لكن النضال من أجل الحرية يبدأ اليوم من جديد ضد مؤامرة أجنبية لتغيير النظام". ويعتبر هذا التصريح استمرارًا لما سبق وأن صرح به خان عندما كانت تحاول المعارضة الباكستانية الإطاحة به في المرة الأولى، إذ صرح عمران خان في خطاب سابق بثه التلفزيون الباكستاني بتاريخ 31/3/2022: "سأحارب حتى النهاية، و(سأهزم) هذه المؤامرات"؛ مضيفًا: "يطالبني بعض الناس بالاستقالة. لماذا أستقيل؟ أنا لا أستقيل، بل أكمل اللعبة إلى آخرها". وهذا ما دأب عليه العملاء حينما يفقدون الدعم من الراعي الخارجي لصالح خصومهم وشركائهم في العمالة.
لقد حشدت أميركا المعارضة ضد عمران خان الذي اتهمته بسوء الإدارة الاقتصادية رغم الدعم الذي تلقاه منها عبر صندوق النقد والبنك الدوليين، واتهمته أيضًا بعدم السيطرة على ارتفاع التضخم وضعف عملة الروبية، بالإضافة إلى سوء إدارته للسياسة الخارجية. فيما وصف عمران خان التحدي الذي تواجهه حكومته بأنه نتيجة مؤامرة أميركية وتواطؤ للمعارضة مع التدخل الأجنبي، داعيًّا الشعب وبخاصة شريحة الشباب إلى الاحتجاج على المؤامرة والانطلاق في مسيرات وطنية.
والحقيقة أنه منذ شهور وأميركا تعمل على تأزيم الوضع السياسي الباكستاني الداخلي من أجل الفرز وفحص الرأي العام الباكستاني إزاء السياسيين من خلال دفع المعارضة للإطاحة برئيس الحكومة الذي أخذ عددًا من المواقف والسياسات التي أغضبت أميركا والمؤسسة العسكرية الموالية لها نحو علاقته بروسيا والصين، اللتيْن سبق وحذرتا من انقلاب محتمل في الباكستان.
فقد ألمح عمران خان في خطابه المتلفز يوم 31/3/2022 أن "دولة غربية" (في إشارة إلى أميركا) تدعم الإطاحة به لأنه زار روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي، وبعد ذلك أعلن رفضه الاصطفاف ضد روسيا. وشدد على أن سياسة الباكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة ولا تصطف ضد أحد. ولا يعني ذلك أنه استقل أو ينوي الاستقلال، وإنما يدل ذلك على استشعاره بانتهاء صلاحيته، وأراد أن يشيطن خصومه ويزرع الألغام في طريقهم.
وأمام هذا الاحتقان السياسي في البلاد صرح متحدث باسم الجيش الباكستاني أن "الجيش ليست له علاقة بالأحداث السياسية الراهنة"، وذلك بعد ساعات محدودة من حل الحكومة والبرلمان يوم 3/4/2022. لكن قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا، انتقد قبل يوم من ذلك الحرب الروسية على أوكرانيا، داعيًّا إلى الوقف الفوري لما وصفه بـ "مأساة كبيرة" يتعرض لها بلد أصغر. ومن جانبها سارعت الولايات المتحدة إلى نفي اتهامات عمران خان، وأكدت على حيادها من القوى السياسية الباكستانية، كما أكدت حرصها على النهج السياسي الباكستاني واستقامته مع مصالحها.
ورغم أن المتحدث باسم الجيش الباكستاني ادعى الحياد في المعركة السياسية الدائرة بين عمران والمعارضة لكن تصريح قائد الجيش أظهر أن مواقف عمران لا ترضي أميركا، ومن ثم فإن موقف الباكستان لا يجب أن يكون على الحياد في حرب روسيا على أوكرانيا. ولذا كانت زيارة عمران خان إلى روسيا في نفس اليوم الذي أعلن فيه بوتين حربه على أوكرانيا منزلقًا سياسيًّا بغض النظر إن كانت الزيارة بموافقة أميركا أم من دون إذنها؛ ولهذا صرَّح قائد الجيش الباكستاني في نفس الخطاب وجوب أن تكون الباكستان في المعسكر الغربي الأميركي قائلًا: "نشترك في تاريخ طويل من العلاقات الممتازة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي تظل أكبر سوق تصدير لنا". وأضاف "وبالمثل، فإن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والخليج وجنوب شرق آسيا واليابان عوامل حيوية أيضًا لتنميتنا الوطنية وتقدمنا"؛ مما يجعل المعارضة الباكستانية خيارا أميركيا في هذه المرحلة دون أن تتخلى أميركا عن حركة إنصاف، والتي استثمرت فيها منذ سنة ظ،ظ©ظ©ظ© عبر عمران خان، والتي تمثل قوة شعبية كبرى في المناطق القبلية، وبخاصة وأن قائد الجيش قد خالف عمران خان الذي اعتبر أن الباكستان ارتكبت خطأ بالانضمام إلى الغرب خلال الحرب الباردة، وانتقد علنًا الدبلوماسيين الغربيين في إسلام أباد الذين طلبوا من حكومته في رسالة مشتركة الشهر الماضي التنديد بعدوان موسكو على كييف، وهو الأمر الذي رفضه خان ورد على رسالة دول الغرب قائلًا: "لماذا ندين روسيا؟ هل نحن عبيدكم حتى نفعل ما تقولون؟".
وأما العلاقة مع الصين فقد سبق وأعلن عمران خان في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) في شهر أيلول/سبتمبر 2021 رفضه منح قواعد جوية للولايات المتحدة، كما أعلن رفضه الدخول في أي تحالف مناوئ للصين. وكان ذلك مع قرب اكتمال انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان حيث انتقد خان الموقف الأميركي المتعلق بطلب فتح قواعد عسكرية في الباكستان. ولهذا أوعزت لدولة الإمارات بطلب استعادة وديعتها المقدرة بمليار دولار في البنك المركزي الباكستاني، في الوقت الذي تعاني فيه حكومة عمران خان ضائقة مالية شديدة. كما قامت الباكستان باقتراض مليار دولار من الصين لسداد قرض بنفس القيمة من السعودية. إن الضغط الأميركي على الباكستان ناتج أيضًا عن تقاربها مع الصين بمعزل عن التنسيق الأميركي الذي تحاول فيه أميركا إرجاء الامتياز الاقتصادي للصين قبل ابتزازها، وبخاصة موضوع الاستثمارات المتعلقة بالممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، مثل مد طرق سكك الحديد وتوسيع ميناء جوادر بوصفه ميناءً رئيسيًّا لمبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، بالإضافة إلى عقود بيع الأسلحة للجيش الباكستاني؛ حيث استغلت الصين حاجة الولايات المتحدة لميناء جوادر كممر للغاز التركمانستاني الذي استثمرت فيه شركة شيفرون الأميركية، واستغلت كذلك حاجة الباكستان الماسَّة للتنمية في ظل غياب الموارد المالية وقامت بترسيخ نفوذها في المحيط الهندي متخذة من ميناء جوادر الاستراتيجي إطلالة لمراقبة مضيق هرمز، التي تُعد منطقة عمليات الأسطول الأميركي الثالث المتمركز في البحرين، وكذلك مراقبة القيادة الغربية للبحرية الهندية على ساحل البلاد الغربي، وهو الأمر الذي يخالف استراتيجية الولايات المتحدة بشأن احتواء الصين ومحاصرتها في المحيط الهندي.
على أن أكثر ما يثير قلق أميركا أن الصين أصبحت المورِّد الرئيسي للأسلحة والمعدات للباكستان في الفترة الأخيرة بشكل تقدمت فيه على أميركا، فارتفعت حصة الأسلحة الصينية في الجيش الباكستاني من 13% إلى 41%، بالإضافة إلى دعم صيني كامل للبرنامج النووي الباكستاني. حيث كان عمران خان قد صرح بشكل واضح ومخالفٍ للسياسة المعتمدة في الباكستان قائلًا: "نحن محظوظون لأن لدينا صديقًا وقف إلى جانبنا في السراء والضراء، لم يقف أيُّ من أصدقائنا الآخرين إلى جانبنا مثلما دعمتنا الصين سياسيًّا ودافعت عنا على جميع الجبهات". وجاء ذلك في كلمة ألقاها في التلفزة الباكستانية في شهر آب/أغسطس 2021 تحدث فيها أن الباكستان تتعرض لضغوط كبيرة من أجل التطبيع مع إسرائيل.
وبناء على ما تقدم فإن عمران خان برغم خدمته للولايات المتحدة إلا أنه لم يُحسن قراءة المتغيرت في السياسة الأميركية إزاء روسيا والصين ولم يأخذ بعين الاعتبار أن تبعية العميل للقوى الدولية لا تسعف في الأزمات السياسية، سيما مع منطق المصالح الذي لا يعترف بـ"صديق" دائم، ومع وجود منافسين له في العمالة. فبالرغم من كل المواقف التي اتخذها عمران خان وتقاربه الشديد مع الصين وروسيا فإن الباكستان لا تزال تحت الوصاية الأميركية؛ لأن قادة الجيش الباكستاني ما زالوا عبيدًا ولم يتحرروا من عمالتهم لأميركا. ولهذا سَهُل على أميركا أن تحشد المعارضة مدعومة بالجيش والمحكمة العليا لإسقاط عمران خان وحكومته رغم الدعم الشعبي الذي بات يتمتع به بسبب وضوح المؤامرة الأميركية على خلعه.
ومن هنا لم يتأخر رئيس الوزراء الجديد شهباز شريف (حزب الرابطة الإسلامية- نواز شريف) في تأكيد ولائه لأميركا قائلًا: شهدت علاقاتنا مع بريطانيا وأميركا تقلبات، وسنعمل على تحسين علاقاتنا مع البلدين. كما وخاطب الهند قائلًا: نريد السلام ولكن ذلك غير ممكن من دون حل قضية كشمير. وهو ما ينسجم مع مخطط الولايات المتحدة في حشد دول الإقليم ضد الصين وروسيا تمهيدًا لاحتوائهما وإرغامهما على الانصياع للإرادة الأميركية في هذا القرن.
15/رمضان/1443هـ
16/4/2022م