مشاهدة النسخة كاملة : الحديث المتواتر
عابر السّبيل
01-09-2009, 04:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم,
أخوتي الكرام,
ورد في كتاب الشخصية الجزء الثالث ما يلي:
"و جميع الأقوال التي عينت عدداً معيناً لا سند لها من النقل ولا من العقل، إذ لم يرد نص على عدد مخصوص، و لا يرجح العقل عدداً مخصوصاً.....و على ذلك فإن الحديث المتواتر الذي يحصل العلم لا بد أن يرويه جماعة لا عدد معين...إلى آخره"
أما في الشخصية الجزء الأول ورد ما نصه:
"أن یكون الرواة عدداً بحيث یكون جمعاً، ولا ینحصر في عدد معين . فكل ما یَصدُق عليه من العدد من الجمع يعتبر متواتراً. ولكن لا یجوز أن یكون أقل من خمسة، فلا یكفي أربعة، لأن الأربعة یحتاجو ن إلى تزكية في حالة جهل حالهم
إذا شهدوا بالزنا، والجمع المعتبَر بالتواتر یجب أن لا یحتاج إلى تزكية حتى یكون قطعياً بمجرد الإخبار."
ألا ترون تناقضاً ما بين الجملة التي تقول و جميع الأقوال التي عينت عدداً معيناً لا سند لها من النقل ولا من العقل، إذ لم يرد نص على عدد مخصوص، و لا يرجح العقل عدداً مخصوصاً و الجملة التالية التي تقول ولكن لا یجوز أن یكون أقل من خمسة، فلا یكفي أربعة، لأن الأربعة یحتاجو ن إلى تزكية في حالة جهل حالهم إذا شهدوا بالزنا، والجمع المعتبَر بالتواتر یجب أن لا یحتاج إلى تزكية حتى یكون قطعياً بمجرد الإخبار."
و هل صح القياس مع شواهد الزنا ؟
أرجوا التوضيح و تقبل الله طاعتكم في هذا الشهر المبارك.
وليد فهد
02-09-2009, 12:08 AM
اتصور ان كلام المولف في الكتابين ليس دقيق فليست العبرة في التواتر العدد فلا فرق بين 3 او 4 او 5
القضية في التواتر تخضع لاوجه متتعددة منها ان يكون الاخبار عن علم وان يكون هذا العلم محسوس وان لا يتجرد الخبر عن القرائن فمثلا لو كنت اسير في شارع معين واخبرني من لقيته ان فلان مات ثم لقيت اخر واخبرني ان فلانا نفسه مات وعندما مررت ببيته سمعت بكاء نساء او صوت شيخ يقرأ القران او رايت جمع كبير من السيارات على باب البيت فهذه القرائن من شانها ان ترفع خبر هذان الشخصين الى مرتبة التصديق المؤكد
اتصور ان كلام المولف في الكتابين ليس دقيق فليست العبرة في التواتر العدد فلا فرق بين 3 او 4 او 5
القضية في التواتر تخضع لاوجه متتعددة منها ان يكون الاخبار عن علم وان يكون هذا العلم محسوس وان لا يتجرد الخبر عن القرائن فمثلا لو كنت اسير في شارع معين واخبرني من لقيته ان فلان مات ثم لقيت اخر واخبرني ان فلانا نفسه مات وعندما مررت ببيته سمعت بكاء نساء او صوت شيخ يقرأ القران او رايت جمع كبير من السيارات على باب البيت فهذه القرائن من شانها ان ترفع خبر هذان الشخصين الى مرتبة التصديق المؤكد
أتصور أنك لم تقراء المباحث من الكتابين و أتصور أنك عجول في طرح رأيك أخي. فعسى أن تراجع ما هو مكتوب هناك ستعرف أنه لا تعارض بين النصين و أن كلامك الذي ذكرته هنا هو موجود في الكتابين
وليد فهد
02-09-2009, 11:06 PM
اخي الكريم انا لم اقرأ ما كتب في الكتابين انما اعتمدت على ما كتبه السائل واعتبرت ما كتبه السائل صحيح
ولهذا كتبت ما كتبت . وانا فقط وضحت متى يحصل العلم في اي خبر وهذا ما قاله الاصوليون.
اما اذا كان عندك تفسير لما ساله السائل فارجو ان تكتبه لنا حتى نستفيد
اخي الكريم انا لم اقرأ ما كتب في الكتابين انما اعتمدت على ما كتبه السائل واعتبرت ما كتبه السائل صحيح
ولهذا كتبت ما كتبت . وانا فقط وضحت متى يحصل العلم في اي خبر وهذا ما قاله الاصوليون.
اما اذا كان عندك تفسير لما ساله السائل فارجو ان تكتبه لنا حتى نستفيد
شكرا لك اخي وليد فهد و بارك الله و أنا أعتذر اذا بدر مني ما يزعجك.
لابد أن يضع السائل مجمل الموضوع حتى لا يكون مبتورا.
عابر السّبيل
09-09-2009, 06:10 PM
السلام عليكم و رحمة الله ,
أظن بأن الشرح الوافي لموافقة النصين هو كما يلي:
لما الحزب بدأ يقوم بالبحث عن تحديد العدد وجد عند العلماء من ذهب على أن أقل ما يقبل في المتواتر إثنا عشر بعدد النقباء من بني إسرائيل، و قيل أقله عشرون، و قيل أربعون، و قيل سبعون، و قيل سبعة، و قيل عشرة، و قيل ثلاثمائة وثلاثة عشر، و نقل عن ( إمام الحرمين ) إشتراطه عدد بيعة الرضوان و هم ألف و تسعمائة، و قال قوم يشترط للمتواتر ( ما لا يحصى عددهم و يحصر بلدهم ) و قال بعض الفقهاء : يشترط أن يكونوا عددا لا يحويهم بلد و لا يحصيهم عدد.
و قالت طائفة : لا يقبل الخبر المتواتر إلا من جميع أهل المشرق و المغرب، و قيل من عدد لانحصيه نحن، و قال آخرون : يشترط أن يكون المخبرون كثرة يمتنع معها إتفاقهم على الكذب. و نقل الشوكاني قول يشترط أن يكون الرواة هم جميع الأمة كالإجماع و قال : حكى هذا القول عن ( ضراربن عمرو) و قال الشوكاني : و هذا باطل.
و المتتبع لما ذكره المحققون من علماء الأصول، نقلا عن علماء يجد ذكر تلك الأعداد و قد أسندوها إلى إستنباط فاسد لا حجة فيه و لا دليل.
و لذلك الحزب قال في كتاب الشخصية الجزء الثالث ( "و جميع الأقوال التي عينت عدداً معيناً لا سند لها من النقل ولا من العقل، إذ لم يرد نص على عدد مخصوص، و لا يرجح العقل عدداً مخصوصاً.....و على ذلك فإن الحديث المتواتر الذي يحصل العلم لا بد أن يرويه جماعة لا عدد معين...إلى آخره" )
و قد قال الشوكاني في كلما ذكر في العدد أعلاه قولا بليغا في كتابه إرشاد الفحول ص ٤٨ ( يالله العجب من جرى أقلام أهل العلم بمثل هذه الأقوال، التي لا ترجع إلى عقل و لا نقل، و لا يوجد بينهما و بين محل النزاع جامع، و إنما ذكرناها ليعتبر بها المعتبر،و يعلم أن القيل و القال قد يكون من أهل العلم في بعض الأحوال من جنس الهذيان، فيأخذ عند ذلك حذره من التقليد، و يبحث عن الأدلة التي هي شرع الله الذي شرعه لعباده، فإنه لم يشرع لهم إلا ما في كتابه، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم).
و لكن تكاد آراء العلماء تتفق على وجوب أن يكون عددهم أكثر من أربعة، ( لأن ما نقله الأربعة فليس بمتواتر قطعا ) كما قال السالمى في شرح الطلعة ج٢ ص ٨ و كما قال كذلك الشوكاني و أسنده إلى أبي الطيب الطبري في إرشاد الفحول ص ٤٧ ( لأنه لو كان خبر الأربعة يوجب العلم لما إحتاج الحاكم إلى السؤال عن عدالتهم إذا شهدوا عنده). و بنفس المفهوم قال تاج الدين السبكي في الإبهاج في شرح المنهاج ج٢ ص ٢٩٠( و لو حصل العلم بخبر كل أربعة صادقين لوجب أن يستغنى الحاكم فيما إذا شهد عنده أربعة أن فلانا زنى بفلانة عن تزكيتهم) و قال الآمدي أيضا في كتابه الاحكام ج٢ ص٣٩ نقلا عن القاضي أبي بكر الباقلاني (فاليقين لا يحصل من خبر أربعة، و مع أن الأربعة بينة شرعية في الحدود إلا أن القاضي لا يقطع بشهادتهم المحصلة للظن، إلا بعد تحقيق العدالة) و ذهب الكمال بن الهمام من أعلام المذهب الحنفي إلى أن شهادة الأربعة لا يفيد خبرهم إلا الظن بالإجماع، لذلك احتاجوا إلى التزكية (كتاب التحرير و بهامشة تيسير التحرير ج٣ ص٣٤ و مع أن رواية الأربعة تعد أكبر نصاب في البينات الشرعية لاقامة حد الزنا، إلا أن هذا العدد من الرواة لا يقبله العلماء إلا لإفادة الظن فلا يثبت العلم إلا (بعدد يزيد على شهود الزنا) "إبن تيمية المسودة في أصول الفقه ص٢٣٦ و عزاه إلى الجبائي". و نقل الغزالي عن القاضي أبي بكر الباقلاني قوله ( أقطع أن الأربعة ليسوا عدد التواتر) الغزالي كتاب المنخول ص٢٤٠.
و بهذا يتبين أن آراء العلماء متفقة على عدم افادة شهادة الأربعة شيئا فوق الظن، لذلك اتفقوا على رواة المتواتر يجب أن تزيد عن الأربعة.
و لذلك الحزب بعد دراسة كل ذلك تبنى "أن یكون الرواة عدداً بحيث یكون جمعاً، ولا ینحصر في عدد معين . فكل ما یَصدُق عليه من العدد من الجمع يعتبر متواتراً. ولكن لا یجوز أن یكون أقل من خمسة، فلا یكفي أربعة، لأن الأربعة یحتاجو ن إلى تزكية في حالة جهل حالهم إذا شهدوا بالزنا، والجمع المعتبَر بالتواتر یجب أن لا یحتاج إلى تزكية حتى یكون قطعياً بمجرد الإخبار." (الشخصية الجزء الأول).
ويتبين بعد هذا كله أن النصين المذكورين في الجزء الأول والثالث من كتاب الشخصية لا يتعارضان بل يكملان بعضهما البعض و على ذلك فإن الحديث المتواتر الذي يحصل العلم لا بد أن يرويه جماعة ولكن لا یجوز أن یكون أقل من خمسة، و طبعا حتى يكون الحديث متواترا يجب توفير شرط أساسي و هو استحالة تواطؤ الرواة على الكذب و الله أعلم.
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.