المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية الأعمال العسكرية والسياسية التي تقوم بها الأطراف اليمنية



Abu Taqi
21-03-2022, 09:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
الأعمال العسكرية والسياسية التي تقوم بها الأطراف اليمنية
بتحريك من الخارج هو لدفعها نحو المفاوضات
عقب إدلاء المبعوث الأميركي الخاص بالمسألة اليمنية تيم ليندركينج تصريحه للصحيفة البحرينية الصادرة باللغة الإنجليزية ناشونال "The National" في ٢١/١١/٢٠٢١ والذي جاء فيه أنه يبحث "لحل إقليمي لمشاكل إقليمية"، وصراحته بخصوص رفع تصنيف جماعة الحوثي "بالتنظيم الإرهابي" بأنها "كانت لفته إيجابية من جهتنا ولم تجد التجاوب المأمول"، وتأكيده أننا "كنا ولا نزال نشعر بقلق بالغ إزاء سلوكهم"، قامت القوات السعودية ومعها القوات الحكومية اليمنية بتوجيه ضربات عسكرية برًّا وجوًّا على الحوثيين في عدة جبهات وعلى امتداد أسابيع في شهري كانون أول/ديسمبر وكانون ثاني/يناير في استراتيجية ضغط عسكري مستمرة؛ وذلك لترجمة الرؤية الأميركية حيال الحوثي باعتبار أنه "جهة متشددة ومتصلبة"، ومن أجل إلزامه مواقعه وعدم التوسع، تمهيدًا لإنهاء الملف النووي الإيراني وما يتعلق به من ذيول في المنطقة. إلا أن استمرار الحوثي في نهجه، وبخاصة انتصاراته في شبوة ومأرب وانهيار قوات التحالف اليمني فيها في شهر كانون أول/ديمسبر ٢٠٢١ سرعان ما تغير بتدخل القوات الموالية للإمارات في الجنوب اليمني ممثلة بألوية العمالقة التي يقودها ابن اخ الرئيس اليمني السابق، عقب إشارة من المبعوث الأميركي في مقابلة صحفية في ١٦/١٢/٢٠٢١ بقوله "الضغط على الأطراف المتحاربة لإفهامهم أن أهدافهم سوف تتحقق بشكل أفضل من خلال التفاوض بدلًا من مواصلة القتال". مما يعني الضغط على الحوثي الذي لا يزال يحاول التمدد وضم المناطق وإرغامه على التوقف جبرًا عن إيران، التي تسخره ورقة تسوية في نزاعها مع السعودية. بالإضافة إلى ما يعنيه ذلك من أن أميركا ستسند دورًا وظيفيًّا جديدًا للحوثيين في المرحلة المقبلة، التي تلي ضبط السلوك الإيراني وفق متطلبات الحل الإقليمي، ومن ذلك دوره في تقسيم اليمن ومعادلة التوازن العسكري والسياسي والاقتصادي اليمني بعد التقسيم.
ولقد نتج عن عودة تدخل القوات الموالية للإمارات، والتي انسحبت عمليًّا من أية عمليات عسكرية ضد الحوثي منذ عدة سنوات، وتركيزها على فصل الجنوب عبر دعمها للتيار الانفصالي وقواته العسكرية، استعادة محافظة شبوة الاستراتيجية والنفطية واسترداد كافة المناطق التي خسرها الجيش اليمني في مأرب عبر عملية "إعصار الجنوب"، وذلك لتحقيق التوازن المطلوب.
والواضح أن ضربات الحوثي الصاروخية وهجوم المسيرات التي روعت الإمارات خلال شهر كانون ثاني/يناير بعد انقطاع دام ٤ سنوات، هي إشارة لـ"أبوظبي" بضرورة التوقف عن دعم قوات الحكومة والإخلال بالتوازن العسكري على الأرض، وهو ما قد يمنح طرف الحكومة والسعودية أملًا في انتصار غير متوقع على الحوثي.
من جهة أخرى ولمزيد من الضغط على الحوثيين من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات، شجب الأمين العام للأمم المتحدة التصعيد من خلال وصفه للعمليات العسكرية التي تبادلها الأطراف في شهر كانون ثاني/يناير بأنها "حلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها إلا بوقف إطلاق النار في اليمن وفتح الموانئ والمطارات". وهو الأمر الذي لبته السعودية، حيث أكد نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان عقب اجتماعه بالمبعوثين الأممي والأميركي أن سياسة بلاده تدفع "الجهود للتوصل إلى حل سياسي في اليمن". كما أن عمليات استهداف الإمارات من ضربات صاروخية وما تحمل من مؤشرات "العبور والتخطي للجوار السعودي وضرب العمق الاماراتي"، وبخاصة خلال زيارة رئيس الكيان الغاصب لها، أو اختطاف السفينة النفطية في البحر الأحمر، هي أيضًا إشارة واضحة للإمارات لضبط علاقتها بالكيان الصهيوني بما لا يوفر للحكومة الإسرائيلية الجديدة الاطمئنان الكامل، والسعي لتحصيل مكتسبات سياسية بمعزل عن القنوات الأميركية، وبخاصة وأن حكام الإمارات قد جعلوا بقاءهم في الحكم مرهونًا بالعداء للإسلام والعلاقة مع "إسرائيل" بعد تسونامي "الربيع العربي"، وهو الأمر الذي قد يتيح الفرصة للحكومة الإسرائيلية الجديدة بتجاوز خطوات الحل الإقليمي، ودفع الرأي العام الإسرائيلي إلى مزيد من التطرف بشأن أية "تنازلات" للفلسطينيين، كما قد يُشجع الدعم الإسرائيلي للإمارات ودول الخليج على حصر رهانهم في الحكم بخدمة الكيان الصهيوني، كملاذ آمن من التسلط والضغط الأميركي الذي يقوض في بعض الملفات أنظمتهم، نحو رفض الولايات المتحدة إبرام صفقة المقاتلات الحديثة مع الإمارات، وتسريب نبأ قيام مجموعة العمل المعنية بالعمليات المالية (The Financial Action Task Force) وضع الإمارات في قائمة المراقبة للدول التي لم تسعَ لمحاربة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذ السياسات والإجراءات والتنظيمات التجارية والمالية، والتي هدفها الحقيقي هو منح الدولة الكبرى القدرة على المراقبة والسيطرة على كافة الأعمال المالية والاقتصادية الداخلية للبلاد، و"شفافية الحركة النقدية" وتدفق النقد داخل وخارج البلاد. ونحو ذلك أيضًا عدم اعتراض الولايات المتحدة الهجمات الحوثية على الإمارات رغم قدرتها على ذلك، مما دفع حكام الإمارات للهرولة إلى واشنطن متوسلة إعادة تصنيف الحوثي (الذي انتفعت منه في تعميق الانقسام وتقويض الثورة اليمنية وحركة الإصلاح) كـ "تنظيم إرهابي"، والمطالبة بتكثيف التواجد والدعم العسكري الأميركي. إلا أن واشنطن، في لقاء جمع سفيري السعودية والإمارات مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أعلمت أبوظبي "بدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن عبر عملية سياسية"، وذلك لتحديد الدور الذي تلعبه الإمارات وهو إعادة التوازن العسكري على الأرض وعدم تجاوزه، مما فرض على الإمارات الإيعاز لألوية العمالقة بالعودة لثكناتها وترك أرض المعركة في مأرب للقوات الحكومية؛ للقيام بدورها الخياني الذي دأبت عليه منذ بداية الحرب، وهو ما يؤكده تصريح مسؤول في ألوية العمالقة لوكالة فرانس برس أن القوات "لم تنسحب من جبهات القتال، لكنها شرعت في اتخاذ إجراءات دفاعية بغية التصدي لأي هجوم عسكري محتمل من قبل الحوثيين"؛ أي أنها متواجدة لمنع خروج الحوثي عن حدود المناطق المرسومة له. وهذا بدوره يؤكد أن أميركا إنما تريد إبقاء الفزاعة الإيرانية وأذرعها في إطار الدور الوظيفي المرسوم لهم بعد إغلاق الملف النووي والتقدم في عملية "السلام" والحل الإقليمي.
وأما ما يخص دور إيران فلقد ألمح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عقب انتهاء اجتماع اللجنة المشتركة للمشاورات الاستراتيجية في ٢٤/١٢/٢٠٢١ بحضور مساعد وزير الخارجية العماني للشؤون الدبلوماسية خليفة الحارثي، أن بلاده "ملتزمة بالحوار وتبني الحلول السياسية لحل المشاكل الثنائية والإقليمية"، وأكد "استعداد طهران للتفاوض مع دول المنطقة لتحسين العلاقات الثنائية"، وهو الأمر الذي تطالب به القوى المفاوضة في فينا حيث تصر واشنطن على أن "الحوثيين لا ينفذون أية هجمات في الخارج باستخدام طائرات مسيرة أو صواريخ تقليدية أم مجنحة دون إذن أو تعليمات من إيران"، وهو ما رد عليه المتحدث الرسمي للخارجية الإيرانية بتأكيد أن "إيران مستعدة لدعم الحلول الدبلوماسية التي تعد الحل الوحيد للأزمة اليمنية". وتأكيده أن مسألة اليمن مرتبطة بـ "الحلول الإقليمية"، وأن "المنطقة سوف تنتفع من عودة العلاقات بين طهران والرياض إلى طبيعتها".
إن أعظم مصيبة وقعت على هذه الأمة بعد زوال دولتها هو انغماسها في حروب ليست حروبها، وتلبسها بحلول لا تمت إلى دينها وتاريخها بصلة. وسكوتها عن حكام يحرسون مصالح أعدائها ويحولون دون انعتاقها ونهضتها. بل ويستنزفونها في حروب أهلية على أسس قومية وطائفية بددت ثرواتها وقتلت خيرة شبابها. وإزاء هذا السيل من الدماء المسلمة التي نزفت بلا طائل إلا مزيدًا من إذكاء الفرقة بين أبنائها، فإنه لا خيار لها إلا تلبية نداء ربها واستئناف حياتها الإسلامية، ورص صفوفها لدفع صيال أعدائها، وحمل رسالتها التي أصبحت المعقل الأخير لاستنقاذ العالم من جور الرأسمالية المجرمة والإلحاد.
18/شعبان/1443هـ
21/3/2022م