Abu Taqi
16-02-2022, 08:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
مواصلة قيس سعيد إجراءاته الاستبدادية
أعلن رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد قبل عدة أيام أن المجلس الأعلى للقضاء يمكن أن يعتبر نفسه من هذه اللحظة من الماضي، وأتبع هذا القرار الذي صرح به من مقر وزارة الداخلية بإجراءات منها غلق مقر المجلس ووضع قوات أمنية على مدخله ومنع المنتسبين له من دخوله.
ورغم توقع هذا الإجراء وغيره من طرف المهتمين بالشأن السياسي التونسي، إلا أن وقعه كان ثقيلًا على معارضي انقلابه الدستوري في الداخل لا سيما أعضاء المجلس النيابي الذين تعرضوا لإجراءاته التعسفية منذ 25 تموز/يوليو 2021، والذين كانوا يأملون في توسيع دائرة المعارضين للرئيس عبر بعض الفعاليات والنشاطات مثل جبهة "مواطنون ضد الانقلاب" وبعض الاحتجاجات في الشارع، وآخرها في شارع محمد الخامس يوم 13 شباط/فبراير، والتي صرح أثناءها أحد نواب ائتلاف الكرامة بأن من ساندوا الرئيس في انقلابه من أمنيين أو عسكريين أو حرس سيحاسبون، سواء عاد البرلمان لممارسة مهامه أم لم يعد، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره ضغوطًا من طرف الولايات المتحدة على الرئيس سعيد وتخويفًا للقوى الفرنكوفونية التي لا تزال تسكن جيوبها المؤسسات العسكرية والأمنية في دول شمال أفريقيا، كما يعكس وعودًا دولية وإقليمية لقوى المعارضة التونسية لتعزيز احتوائها للوضع الشعبي في ظل إعادة إنتاج المشهد السياسي وتهميش خيار "الإسلاميين" ودورهم فيه، وهو الإجراء الذي يواصل تنفيذه الرئيس سعيد ولا تعترضه الولايات المتحدة وعملاؤها في مصر والجزائر والإمارات.
ومن المؤشرات على ذلك كله اعتزام وفد من البرلمان الأوروبي التوجه إلى تونس لمقابلة رئيس مجلس النواب المجمدة اختصاصاته منذ ما يقرب من سبعة أشهر، وهو ما يعتبر سياسيًّا دعمًا مباشرًا لخصوم الرئيس.
ومن ذلك أيضًا صدور تقارير عن بعض الصحف ومراكز الدراسات التي تحرض الإدارة الأميركية، وتحذر من تمادي الرئيس التونسي في إجراءاته، كالتقرير الذي كتبه رئيس تحرير الواشنطن بوست والذي استهله بعبارة "لا يجب أن تبقى أميركا مكتوفة الأيدي حيال ما يقع في تونس"، وذكّر في المقال ذاته جو بايدن بوعوده لدعم الديمقراطية في تونس عندما كان نائبًا لأوباما، والتقى الرئيس السابق قايد السبسي وعقد معه عدة اتفاقيات منها اعتبار تونس شريكًا غير عضو في الناتو.
من جهته يحاول الرئيس سعيد كسب تأييد الداخل وتهدئة قلق الولايات المتحدة من تغلغل القوى الفرنكوفونية في الديوان الرئاسي، بتنفيذه مطالب بعض المحيطين به، والذين يختلفون فيما بينهم، مثل خلاف وزير الداخلية وبعض عائلته مع مديرة الديوان الرئاسي، والتي انتهت بإقالتها حسب البيان الرسمي، واستقالتها حسب تصريحها هي على وسائل التواصل ثم مغادرة البلاد إلى فرنسا. كما يحاول سعيد تقوية مواقفه ببعض مسانديه في سلك القضاء والدوائر الرسمية، وقد جاء إجراء تقويض مجلس القضاء الأعلى في هذا السياق.
أما في علاقته مع الخارج فقد استقبل رئيس الخزانة الفرنسية عقب زيارة له غير معلنة إلى فرنسا بحسب ما أشيع شعبيًّا، كما استقبل وزير الداخلية السفير الفرنسي، ووقعا اتفاقية إعادة إحياء اللجنة الأمنية المشتركة التونسية الفرنسية، بعد أن وجه خطابًا لاذعًا ضد وزراء خارجية مجموعة السبع الصناعية الكبرى ردًا على إعلانهم القلق من إقدامه على حل المجلس الأعلى للقضاء، ويندرج ذلك في طمأنة فرنسا على مخاوفها الأمنية التي تشكل لها الهاجس الأكبر في شمال إفريقيا، بعد خساراتها المتتالية في ليبيا وتشاد، واتخاذها قرار الانسحاب من مالي مؤخرًا.
ومما تقدم يتبين أن الداعم الأجنبي الوحيد للرئيس هي فرنسا رغم احتوائه من قبل الولايات المتحدة، وتوجيهه من طرف عملائها في مصر والإمارات لضبط تحركاته وتوريطه في بعض الأحيان، لكنه في كل إجراء جديد يتخذه يزيد من توسيع دائرة خصومه ويهيء الظروف، وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والزيادة الجنونية للأسعار، وافتقاد السلع التموينية الأساسية، وتناقص شعبيته عند الناس؛ لفرض إملاءات خارجية جديدة مع بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، صاحب الشروط المجحفة مما سيضطره "لإصلاحات موجعة" تمهد الطريق لكنسه بعد استهلاكه في خدمة المشاريع الاستعمارية.
لقد حذرنا مرارًا وتكرارًا من الوسط السياسي العميل في بلاد المسلمين في متابعاتنا السياسية حول الوضع في تونس، التي مثلت منصة الفتوحات نحو إسبانيا وإيطاليا وغرب ووسط إفريقيا منذ أكثر من عشرة قرون، والتي يليق بها وبرجالها وسطٌ سياسيٌّ منبثقٌ من إرادة الشعب معبرًا عن عقيدة هذه الأمة، ويليق بها أيضًا أن تلفظ الوسط السياسي المتخاصم والمتنافس على خدمة الغرب الكافر وتمكينه من ثروات البلاد ومسخ العباد بثقافته المادية المفسدة لأبنائنا وأجيالنا القادمة. وقد نهانا مولانا ربنا عن كل ما يدعوننا إليه هؤلاء الفجرة من فسق وفجور واحتكام للكفر والطاغوت وموالاة الكافرين، وأمرنا بطاعته أفرادًا وجماعات، ووعدنا بسعادة الدارين شرط التزام الطريق القويم وصراطه المستقيم والتمسك بكتابه وسنة نبيه المصطفى الكريم المبعوث رحمة للعالمين.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
15/رجب/1443هـ
16/2/2022م
متابعة سياسية
مواصلة قيس سعيد إجراءاته الاستبدادية
أعلن رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد قبل عدة أيام أن المجلس الأعلى للقضاء يمكن أن يعتبر نفسه من هذه اللحظة من الماضي، وأتبع هذا القرار الذي صرح به من مقر وزارة الداخلية بإجراءات منها غلق مقر المجلس ووضع قوات أمنية على مدخله ومنع المنتسبين له من دخوله.
ورغم توقع هذا الإجراء وغيره من طرف المهتمين بالشأن السياسي التونسي، إلا أن وقعه كان ثقيلًا على معارضي انقلابه الدستوري في الداخل لا سيما أعضاء المجلس النيابي الذين تعرضوا لإجراءاته التعسفية منذ 25 تموز/يوليو 2021، والذين كانوا يأملون في توسيع دائرة المعارضين للرئيس عبر بعض الفعاليات والنشاطات مثل جبهة "مواطنون ضد الانقلاب" وبعض الاحتجاجات في الشارع، وآخرها في شارع محمد الخامس يوم 13 شباط/فبراير، والتي صرح أثناءها أحد نواب ائتلاف الكرامة بأن من ساندوا الرئيس في انقلابه من أمنيين أو عسكريين أو حرس سيحاسبون، سواء عاد البرلمان لممارسة مهامه أم لم يعد، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره ضغوطًا من طرف الولايات المتحدة على الرئيس سعيد وتخويفًا للقوى الفرنكوفونية التي لا تزال تسكن جيوبها المؤسسات العسكرية والأمنية في دول شمال أفريقيا، كما يعكس وعودًا دولية وإقليمية لقوى المعارضة التونسية لتعزيز احتوائها للوضع الشعبي في ظل إعادة إنتاج المشهد السياسي وتهميش خيار "الإسلاميين" ودورهم فيه، وهو الإجراء الذي يواصل تنفيذه الرئيس سعيد ولا تعترضه الولايات المتحدة وعملاؤها في مصر والجزائر والإمارات.
ومن المؤشرات على ذلك كله اعتزام وفد من البرلمان الأوروبي التوجه إلى تونس لمقابلة رئيس مجلس النواب المجمدة اختصاصاته منذ ما يقرب من سبعة أشهر، وهو ما يعتبر سياسيًّا دعمًا مباشرًا لخصوم الرئيس.
ومن ذلك أيضًا صدور تقارير عن بعض الصحف ومراكز الدراسات التي تحرض الإدارة الأميركية، وتحذر من تمادي الرئيس التونسي في إجراءاته، كالتقرير الذي كتبه رئيس تحرير الواشنطن بوست والذي استهله بعبارة "لا يجب أن تبقى أميركا مكتوفة الأيدي حيال ما يقع في تونس"، وذكّر في المقال ذاته جو بايدن بوعوده لدعم الديمقراطية في تونس عندما كان نائبًا لأوباما، والتقى الرئيس السابق قايد السبسي وعقد معه عدة اتفاقيات منها اعتبار تونس شريكًا غير عضو في الناتو.
من جهته يحاول الرئيس سعيد كسب تأييد الداخل وتهدئة قلق الولايات المتحدة من تغلغل القوى الفرنكوفونية في الديوان الرئاسي، بتنفيذه مطالب بعض المحيطين به، والذين يختلفون فيما بينهم، مثل خلاف وزير الداخلية وبعض عائلته مع مديرة الديوان الرئاسي، والتي انتهت بإقالتها حسب البيان الرسمي، واستقالتها حسب تصريحها هي على وسائل التواصل ثم مغادرة البلاد إلى فرنسا. كما يحاول سعيد تقوية مواقفه ببعض مسانديه في سلك القضاء والدوائر الرسمية، وقد جاء إجراء تقويض مجلس القضاء الأعلى في هذا السياق.
أما في علاقته مع الخارج فقد استقبل رئيس الخزانة الفرنسية عقب زيارة له غير معلنة إلى فرنسا بحسب ما أشيع شعبيًّا، كما استقبل وزير الداخلية السفير الفرنسي، ووقعا اتفاقية إعادة إحياء اللجنة الأمنية المشتركة التونسية الفرنسية، بعد أن وجه خطابًا لاذعًا ضد وزراء خارجية مجموعة السبع الصناعية الكبرى ردًا على إعلانهم القلق من إقدامه على حل المجلس الأعلى للقضاء، ويندرج ذلك في طمأنة فرنسا على مخاوفها الأمنية التي تشكل لها الهاجس الأكبر في شمال إفريقيا، بعد خساراتها المتتالية في ليبيا وتشاد، واتخاذها قرار الانسحاب من مالي مؤخرًا.
ومما تقدم يتبين أن الداعم الأجنبي الوحيد للرئيس هي فرنسا رغم احتوائه من قبل الولايات المتحدة، وتوجيهه من طرف عملائها في مصر والإمارات لضبط تحركاته وتوريطه في بعض الأحيان، لكنه في كل إجراء جديد يتخذه يزيد من توسيع دائرة خصومه ويهيء الظروف، وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والزيادة الجنونية للأسعار، وافتقاد السلع التموينية الأساسية، وتناقص شعبيته عند الناس؛ لفرض إملاءات خارجية جديدة مع بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، صاحب الشروط المجحفة مما سيضطره "لإصلاحات موجعة" تمهد الطريق لكنسه بعد استهلاكه في خدمة المشاريع الاستعمارية.
لقد حذرنا مرارًا وتكرارًا من الوسط السياسي العميل في بلاد المسلمين في متابعاتنا السياسية حول الوضع في تونس، التي مثلت منصة الفتوحات نحو إسبانيا وإيطاليا وغرب ووسط إفريقيا منذ أكثر من عشرة قرون، والتي يليق بها وبرجالها وسطٌ سياسيٌّ منبثقٌ من إرادة الشعب معبرًا عن عقيدة هذه الأمة، ويليق بها أيضًا أن تلفظ الوسط السياسي المتخاصم والمتنافس على خدمة الغرب الكافر وتمكينه من ثروات البلاد ومسخ العباد بثقافته المادية المفسدة لأبنائنا وأجيالنا القادمة. وقد نهانا مولانا ربنا عن كل ما يدعوننا إليه هؤلاء الفجرة من فسق وفجور واحتكام للكفر والطاغوت وموالاة الكافرين، وأمرنا بطاعته أفرادًا وجماعات، ووعدنا بسعادة الدارين شرط التزام الطريق القويم وصراطه المستقيم والتمسك بكتابه وسنة نبيه المصطفى الكريم المبعوث رحمة للعالمين.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
15/رجب/1443هـ
16/2/2022م