Abu Taqi
11-12-2021, 11:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
الأزمة الأوكرانية الروسية
إن المخطط الأميركي حيال أوكرانيا يتلخص بسحب الأخيرة خارج النفوذ الروسي، وخلق بؤرة توتر أمني يقلق روسيا ويرعب أوروبا في آن معًا، وقد نجحت الولايات المتحدة عبر الثورات الملونة في اختطاف أوكرانيا من يد الروس، واستدراج روسيا لضم القرم، ومساندة انفصاليي الشرق، مما أوجد حالة من عدم الاستقرار في شرق أوروبا، وأفزع دول البلطيق، وحقق كذلك تقدمًا في سياسة التمدد شرقًا، والتغلغل في مناطق النفوذ الروسي وحصار روسيا بـ"سوار" من الديمقراطيات الموالية للغرب، واستفزاز روسيا لاتخاذ خطوات عسكرية تغذي حالة عدم اليقين بينها وبين أوروبا، وإبقائها فزاعة للأمن الأوروبي، وهاجسًا وطنيًّا يفرض على الدول الأوروبية الارتماء في أحضان أميركا، والتحصن بمنظومتها الأمنية المتمثلة في حلف شمال الأطلسي.
ومن قراءة التصعيد العسكري السابق في ربيع ظ¢ظ*ظ¢ظ،، وما حمله من تعبئة 130 ألف جندي على الحدود الأوكرانية ثم انسحابها، ومعاودة التعبئة على الحدود الأوكرانية مجددًا والتحصينات الروسية في القِرم والمناورات البحرية، نجدها تحمل في جملتها رسالة روسية لأميركا والناتو والاتحاد الأوروبي، مفادها أن هناك ثمنًا باهظًا لعضوية أوكرانيا في الحلف. ولذلك حرص بوتين على المطالبة بضمانات مكتوبة وقانونية بعدم وضع منظومات هجومية للناتو في الدول المجاورة لروسيا، وعدم توسع الناتو باتجاه الشرق. فيما يضغط الناتو من أجل التموضع في أوكرانيا، حيث صرَّح الأمين العام للحلف بأنه "ليس لروسيا حق النقض وليس لها رأي ولا يحق لروسيا إنشاء مجال نفوذ في محاولة للسيطرة على جيرانها".
ورغم أن الحدث يدور حول أوكرانيا إلا أنه ينطوي على جملة من القضايا السياسية ذات الأهمية للأمن القومي الروسي، والأمن الأوروبي، وأمن واستقلال أوروبا في مجال الطاقة، ومحاولات فرنسا الاستقلال بأمن أوروبا، ومناوراتها لعقد قمة أوروبية روسية، وتشكيل محور أكثر حيادًا بخصوص العلاقة الأوروبية الروسية والصينية، بالإضافة إلى الدور التركي وعلاقة تركيا العسكرية وعضويتها في حلف الناتو، وما قد يترتب عليه من خطوات تمس علاقتها بروسيا.
والحقيقة أن مصدر قلق روسيا يكمن في كون أوكرانيا و"روسيا البيضاء" وهما الدولتان الوحيدتان خارج المنظومة السياسية والأمنية الغربية واللتان تحدان روسيا مباشرة، يمثل التحاقهما بالغرب تهديدًا كبيرًا ومباشرًا لأمن روسيا القومي. فأوكرانيا حسب ما نقل عن بوتين "خط أحمر" لروسيا، موضحًا بأنه "إذا ظهرت بعض البنى العسكرية المتطورة في الأراضي الأوكرانية فهذا يعني إمكانية وصول حمولتها لموسكو في غضون ظ§-ظ،ظ* دقائق". وهذا التصعيد الروسي هو رسالة مباشرة للأوروبيين، وتحذيرهم بعدم استغلالهم وجرهم لخصومة وسباق تسلح يعود بالفائدة على أميركا وشركاتها. ذلك أن روسيا تدرك بأن الولايات المتحدة التي اضطرتها إلى ضم القرم حفاظًا على تواجدها في البحر الأسود بعد خسارة نفوذها في أوكرانيا سنة 2014، قد تُلجئها مجددًا لضم شرق أوكرانيا لاعتبارات أمنية واقتصادية وديموغرافية، مما يعمق حالة عدم اليقين بين روسيا والأوروبيين، ويزيد من أهمية حلف الناتو لأوروبا، ويزيد اعتمادها على أميركا. ولهذا أعادت أوكرانيا الهاجس الأوروبي والتخوف والحذر من روسيا ومن بوتين شخصيًا، وجعلت منه عدوًا يُهدد مصالح أوروبا الأمنية والاقتصادية ولا يمكن الوثوق به. وفي هذا الصدد جاء على لسان نائب المستشار الألماني المنتخب أنه "لا يمكن أن يسمح لاستخدام نوردستريم-ظ¢ كسلاح ضد أوكرانيا". كما ظهر في عدد من التصريحات على لسان ناطقي وزراء الخارجية لدول البلطيق قولهم بأنه "يجب على أوروبا العمل معًا في الشؤون الاستراتيجية مثل الطاقة".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا وأوروبا لا تنازعان أميركا على سيادة العالم، وإنما تنازعانها السيادة على نفسيهما. والهدف الأميركي من وراء هذه النزاعات وحملات تأليب أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي على الصين وروسيا هو جرهم للاصطفاف خلفها وتبني أجنداتها الدولية. وهو الأمر الذي استجابت له بريطانيا وألمانيا ودول البلطيق وانساقوا وراء أميركا ودعوا لطرد روسيا من نظام الدفعات المالية الدولية سويفت، وتسليح أوكرانيا، وإغلاق نوردستريم ظ¢، ومضاعفة العقوبات المالية على روسيا.
وبناءً على اتفاق المبادئ الذي أُسس له من خلال لقاء بايدن والرئيس الأوكراني زيلينسكي في أيلول/سبتمبر ظ¢ظ*ظ¢ظ،، فقد وقَّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظ،ظ*/ظ،ظ،/ظ¢ظ*ظ¢ظ، على "ميثاق الشراكة الاستراتيجية" والذي يُمهد لعضوية أوكرانيا في المنظومة السياسية والأمنية الأوروبية بتأكيده أن" "الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدينا مسألة حاسمة لأمن أوكرانيا وأوروبا ككل". كما تؤكد تلك الشراكة على إدامة حالة عدم اليقين عبر تأكيد التزام أميركا بـ "سيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا بما فيها القرم في وجه العدوان الروسي المستمر، وعبر البند الذي احتوى على ظ،ظ¢ مادة تحت عنوان "الأمن ومكافحة العدوان الروسي".
وعليه فإن دلالات وشواهد التصعيد لا تشير إلى قيام روسيا بحرب، وإنما هو استفزاز قد يؤول في حال انضمام أوكرانيا إلى الناتو لخطوات عسكرية روسية محدودة في شرق أوكرانيا قد يكلف بوتين ثمنًا ماديًّا ونفسيًّا باهظًا لا يخدم أجندته الداخلية والإقليمية. وسواء جرى خفض التصعيد أو تطور لعمل عسكري محدود، فإنه يحقق في كلا الحالتين أهداف أميركا بشأن استمرار إدارتها للنزاع الروسي الأوكراني، واتخاذه ذريعة لابتزاز روسيا وأوروبا، والسيطرة على أجندة أوروبا السياسية والأمنية والاقتصادية، وتوجيهها لخدمة مصالحها. ولذلك عقدت قمة أميركية روسية ثنائية يوم الثلاثاء ظ§/ظ،ظ¢/ظ¢ظ*ظ¢ظ، لمناقشة وتفعيل اتفاق "الاستقرار الاستراتيجي" الذي كان من أهم مخرجات القمة الروسية الأميركية في جنيف ظ¢ظ*ظ¢ظ،، والتي أعطت أميركا مزيدًا من الوقت لإعادة توجيه مواقف الدول الأوروبية، وبخاصة ألمانيا التي سمحت لها التفاهمات الأميركية الروسية بإكمال مشروع نورد ستريم2 ضمن شروط، فيما بات المشروع اليوم قيد التوقيف بفعل الأزمة الأوكرانية الراهنة.
فالأزمة الأوكرانية والحالة هذه تُعد استمرارًا لسياسة عزل روسيا وتطويعها، واستغلالها من قِبل أميركا لرسم صورة قاتمة عن روسيا، وأن الهجوم الروسي لا يمكن إيقافه، ويستوجب تسليح أوكرانيا ودعمها، وإيقاع أكبر حجم من العقوبات على روسيا. إلا أن التسريبات من البيت الأبيض تدل على أن المخرج السياسي سيكون عبر العودة لاتفاق مينسك المفخخ روسيًّا وأميركيًّا وتفعيله؛ أي العودة بالخلافات إلى المربع الأول الذي يديم حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين، بينما يحاول بوتين استقطاب ألمانيا وفرنسا من خلال تصريح الكرملين عقب قمة بوتين - بايدن وقول بوتين لنظيره الأميركي: "أوكرانيا تتصرف بشكل استفزازي وتتخذ "خطًا مدمرًا" يهدف إلى تفكيك الاتفاقات المبرمة"، وهو ما يتطلب دورًا فاعلًا من قبل أعضاء الرباعية؛ أي تدخل فرنسا وألمانيا لتأدية الدور المطلوب منهما، والقبول بفدرلة أوكرانيا، أو منح مقاطعات لوغانسك ودونباس حقوقًا قانونية تحميها. ذلك أن أوكرانيا وروسيا البيضاء يمثلان هاجسًا أمنيًا لروسيا كما تمثل تايوان هاجسًا للصين. وأما أميركا فلا يبدو أنها ستقبل بمطالب منع انضمام أوكرانيا للناتو كليًّا؛ لأن عضويتها للناتو هي بؤرة التوتر التي تغذيها أميركا وتدير العلاقة بين روسيا وأوروبا من خلالها، وهي جزء من الميثاق الموقع بين أوكرانيا وأميركا، ولكن قد يتم خفض التوتر بالاتفاق على عدم زرع "الأسلحة الهجومية ومنظومات الهجوم الصاروخي" على الأراضي الأوكرانية .
7/جمادى الأولى/1443هـ
11/12/2021م
متابعة سياسية
الأزمة الأوكرانية الروسية
إن المخطط الأميركي حيال أوكرانيا يتلخص بسحب الأخيرة خارج النفوذ الروسي، وخلق بؤرة توتر أمني يقلق روسيا ويرعب أوروبا في آن معًا، وقد نجحت الولايات المتحدة عبر الثورات الملونة في اختطاف أوكرانيا من يد الروس، واستدراج روسيا لضم القرم، ومساندة انفصاليي الشرق، مما أوجد حالة من عدم الاستقرار في شرق أوروبا، وأفزع دول البلطيق، وحقق كذلك تقدمًا في سياسة التمدد شرقًا، والتغلغل في مناطق النفوذ الروسي وحصار روسيا بـ"سوار" من الديمقراطيات الموالية للغرب، واستفزاز روسيا لاتخاذ خطوات عسكرية تغذي حالة عدم اليقين بينها وبين أوروبا، وإبقائها فزاعة للأمن الأوروبي، وهاجسًا وطنيًّا يفرض على الدول الأوروبية الارتماء في أحضان أميركا، والتحصن بمنظومتها الأمنية المتمثلة في حلف شمال الأطلسي.
ومن قراءة التصعيد العسكري السابق في ربيع ظ¢ظ*ظ¢ظ،، وما حمله من تعبئة 130 ألف جندي على الحدود الأوكرانية ثم انسحابها، ومعاودة التعبئة على الحدود الأوكرانية مجددًا والتحصينات الروسية في القِرم والمناورات البحرية، نجدها تحمل في جملتها رسالة روسية لأميركا والناتو والاتحاد الأوروبي، مفادها أن هناك ثمنًا باهظًا لعضوية أوكرانيا في الحلف. ولذلك حرص بوتين على المطالبة بضمانات مكتوبة وقانونية بعدم وضع منظومات هجومية للناتو في الدول المجاورة لروسيا، وعدم توسع الناتو باتجاه الشرق. فيما يضغط الناتو من أجل التموضع في أوكرانيا، حيث صرَّح الأمين العام للحلف بأنه "ليس لروسيا حق النقض وليس لها رأي ولا يحق لروسيا إنشاء مجال نفوذ في محاولة للسيطرة على جيرانها".
ورغم أن الحدث يدور حول أوكرانيا إلا أنه ينطوي على جملة من القضايا السياسية ذات الأهمية للأمن القومي الروسي، والأمن الأوروبي، وأمن واستقلال أوروبا في مجال الطاقة، ومحاولات فرنسا الاستقلال بأمن أوروبا، ومناوراتها لعقد قمة أوروبية روسية، وتشكيل محور أكثر حيادًا بخصوص العلاقة الأوروبية الروسية والصينية، بالإضافة إلى الدور التركي وعلاقة تركيا العسكرية وعضويتها في حلف الناتو، وما قد يترتب عليه من خطوات تمس علاقتها بروسيا.
والحقيقة أن مصدر قلق روسيا يكمن في كون أوكرانيا و"روسيا البيضاء" وهما الدولتان الوحيدتان خارج المنظومة السياسية والأمنية الغربية واللتان تحدان روسيا مباشرة، يمثل التحاقهما بالغرب تهديدًا كبيرًا ومباشرًا لأمن روسيا القومي. فأوكرانيا حسب ما نقل عن بوتين "خط أحمر" لروسيا، موضحًا بأنه "إذا ظهرت بعض البنى العسكرية المتطورة في الأراضي الأوكرانية فهذا يعني إمكانية وصول حمولتها لموسكو في غضون ظ§-ظ،ظ* دقائق". وهذا التصعيد الروسي هو رسالة مباشرة للأوروبيين، وتحذيرهم بعدم استغلالهم وجرهم لخصومة وسباق تسلح يعود بالفائدة على أميركا وشركاتها. ذلك أن روسيا تدرك بأن الولايات المتحدة التي اضطرتها إلى ضم القرم حفاظًا على تواجدها في البحر الأسود بعد خسارة نفوذها في أوكرانيا سنة 2014، قد تُلجئها مجددًا لضم شرق أوكرانيا لاعتبارات أمنية واقتصادية وديموغرافية، مما يعمق حالة عدم اليقين بين روسيا والأوروبيين، ويزيد من أهمية حلف الناتو لأوروبا، ويزيد اعتمادها على أميركا. ولهذا أعادت أوكرانيا الهاجس الأوروبي والتخوف والحذر من روسيا ومن بوتين شخصيًا، وجعلت منه عدوًا يُهدد مصالح أوروبا الأمنية والاقتصادية ولا يمكن الوثوق به. وفي هذا الصدد جاء على لسان نائب المستشار الألماني المنتخب أنه "لا يمكن أن يسمح لاستخدام نوردستريم-ظ¢ كسلاح ضد أوكرانيا". كما ظهر في عدد من التصريحات على لسان ناطقي وزراء الخارجية لدول البلطيق قولهم بأنه "يجب على أوروبا العمل معًا في الشؤون الاستراتيجية مثل الطاقة".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا وأوروبا لا تنازعان أميركا على سيادة العالم، وإنما تنازعانها السيادة على نفسيهما. والهدف الأميركي من وراء هذه النزاعات وحملات تأليب أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي على الصين وروسيا هو جرهم للاصطفاف خلفها وتبني أجنداتها الدولية. وهو الأمر الذي استجابت له بريطانيا وألمانيا ودول البلطيق وانساقوا وراء أميركا ودعوا لطرد روسيا من نظام الدفعات المالية الدولية سويفت، وتسليح أوكرانيا، وإغلاق نوردستريم ظ¢، ومضاعفة العقوبات المالية على روسيا.
وبناءً على اتفاق المبادئ الذي أُسس له من خلال لقاء بايدن والرئيس الأوكراني زيلينسكي في أيلول/سبتمبر ظ¢ظ*ظ¢ظ،، فقد وقَّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظ،ظ*/ظ،ظ،/ظ¢ظ*ظ¢ظ، على "ميثاق الشراكة الاستراتيجية" والذي يُمهد لعضوية أوكرانيا في المنظومة السياسية والأمنية الأوروبية بتأكيده أن" "الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدينا مسألة حاسمة لأمن أوكرانيا وأوروبا ككل". كما تؤكد تلك الشراكة على إدامة حالة عدم اليقين عبر تأكيد التزام أميركا بـ "سيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا بما فيها القرم في وجه العدوان الروسي المستمر، وعبر البند الذي احتوى على ظ،ظ¢ مادة تحت عنوان "الأمن ومكافحة العدوان الروسي".
وعليه فإن دلالات وشواهد التصعيد لا تشير إلى قيام روسيا بحرب، وإنما هو استفزاز قد يؤول في حال انضمام أوكرانيا إلى الناتو لخطوات عسكرية روسية محدودة في شرق أوكرانيا قد يكلف بوتين ثمنًا ماديًّا ونفسيًّا باهظًا لا يخدم أجندته الداخلية والإقليمية. وسواء جرى خفض التصعيد أو تطور لعمل عسكري محدود، فإنه يحقق في كلا الحالتين أهداف أميركا بشأن استمرار إدارتها للنزاع الروسي الأوكراني، واتخاذه ذريعة لابتزاز روسيا وأوروبا، والسيطرة على أجندة أوروبا السياسية والأمنية والاقتصادية، وتوجيهها لخدمة مصالحها. ولذلك عقدت قمة أميركية روسية ثنائية يوم الثلاثاء ظ§/ظ،ظ¢/ظ¢ظ*ظ¢ظ، لمناقشة وتفعيل اتفاق "الاستقرار الاستراتيجي" الذي كان من أهم مخرجات القمة الروسية الأميركية في جنيف ظ¢ظ*ظ¢ظ،، والتي أعطت أميركا مزيدًا من الوقت لإعادة توجيه مواقف الدول الأوروبية، وبخاصة ألمانيا التي سمحت لها التفاهمات الأميركية الروسية بإكمال مشروع نورد ستريم2 ضمن شروط، فيما بات المشروع اليوم قيد التوقيف بفعل الأزمة الأوكرانية الراهنة.
فالأزمة الأوكرانية والحالة هذه تُعد استمرارًا لسياسة عزل روسيا وتطويعها، واستغلالها من قِبل أميركا لرسم صورة قاتمة عن روسيا، وأن الهجوم الروسي لا يمكن إيقافه، ويستوجب تسليح أوكرانيا ودعمها، وإيقاع أكبر حجم من العقوبات على روسيا. إلا أن التسريبات من البيت الأبيض تدل على أن المخرج السياسي سيكون عبر العودة لاتفاق مينسك المفخخ روسيًّا وأميركيًّا وتفعيله؛ أي العودة بالخلافات إلى المربع الأول الذي يديم حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين، بينما يحاول بوتين استقطاب ألمانيا وفرنسا من خلال تصريح الكرملين عقب قمة بوتين - بايدن وقول بوتين لنظيره الأميركي: "أوكرانيا تتصرف بشكل استفزازي وتتخذ "خطًا مدمرًا" يهدف إلى تفكيك الاتفاقات المبرمة"، وهو ما يتطلب دورًا فاعلًا من قبل أعضاء الرباعية؛ أي تدخل فرنسا وألمانيا لتأدية الدور المطلوب منهما، والقبول بفدرلة أوكرانيا، أو منح مقاطعات لوغانسك ودونباس حقوقًا قانونية تحميها. ذلك أن أوكرانيا وروسيا البيضاء يمثلان هاجسًا أمنيًا لروسيا كما تمثل تايوان هاجسًا للصين. وأما أميركا فلا يبدو أنها ستقبل بمطالب منع انضمام أوكرانيا للناتو كليًّا؛ لأن عضويتها للناتو هي بؤرة التوتر التي تغذيها أميركا وتدير العلاقة بين روسيا وأوروبا من خلالها، وهي جزء من الميثاق الموقع بين أوكرانيا وأميركا، ولكن قد يتم خفض التوتر بالاتفاق على عدم زرع "الأسلحة الهجومية ومنظومات الهجوم الصاروخي" على الأراضي الأوكرانية .
7/جمادى الأولى/1443هـ
11/12/2021م