Abu Taqi
06-12-2021, 01:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
التصعيد العسكري في اليمن
شهد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ارتفاعًا في حدة الأعمال العسكرية في عدة مواقع استراتيجية في اليمن وبخاصة في محافظة مأرب الاستراتيجية الغنية بالموارد النفطية، واحتوائها على أهم معامل تكرير وإنتاج الطاقة. كما شهد كثافة للهجمات في محافظة تعز، وانسحاب لقوات التحالف المدعومة إماراتيًا من مواقعها الدفاعية حول ميناء الحديدة، واستحواذ الحوثي عليها وانسحاب القوات السعودية من مواقعها في قاعدة البريقة في مدينة عدن، وقيام الحوثي باحتلال السفارة الأميركية في صنعاء والتي أغلقت أبوابها منذ ٢٠١٥، وشهد كذلك كثافة في الهجمات على السعودية بالصواريخ والمسيَّرَات. ولم تسلم العاصمة اليمنية صنعاء من التصعيد والتعرض لهجمات صاروخية مكثفة ومستمرة منذ ٢٦ تشرين ثاني/نوفمبر، تخللها عمليات تصفية لقادة الحوثي من قبل وحدة العمليات الخاصة، حتى بات الوضع اليمني ينذر بالانهيار الكامل للمنظومة السياسية والاقتصادية والمالية. حيث أنهار سعر صرف الريال اليمني وفقد أكثر من ثلثي قيمته وبلغ ١٦٠٠ ريال مقابل الدولار، وهو ما ينذر بتداعيات قاسية ومدمرة قد تفضي إلى دخول البلاد في حالة مجاعة، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
ويأتي هذا التصعيد متزامنا مع تقرير الأمم المتحدة بوجود مجاعة حقيقية لـ ٨ ملايين من الشعب اليمني، ومع تقرير آخر لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي حذر بأن "نهاية عام ٢٠٢١ ستكون حصيلة القتلى أكثر من ٣٧٧ ألف روح" خلال فترة الحرب والتي ستدخل عامها الثامن في رمضان المقبل.
وهذا الواقع يُفسر تصريح رئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر والذي اتهم فيه التحالف بتغيير أهدافه، واتهم الشرعية بفقدان دورها القيادي وأن الجيش لم يقاتل إلا بالحد الأدنى من قدراته. وقد لخص بن دغر الوضع الذي آل إليه اليمن بقوله إن "الجمهورية والوحدة يتعرضان لتدمير ممنهج، مقصود ومموَّل وسياسات تفكيكية تعمل على تقسيم وتمزيق الوطن والمجتمع". وخلص إلى أن "الخيار العسكري انتهى إلى طريق مسدود، وأن الوضع الإنساني والمعيشي أصبح كارثيًّا". وهو ما ينطوي على إشارات واضحة لطي صفحة النزاع المسلح وتقبل الواقع والحدود التي رسمتها المعارك العسكرية على الأرض.
ويأتي ذلك كله في إطار تحريك الملف النووي الإيراني وإعادة إيران إلى مربعها الوظيفي قبل "الربيع العربي"، وتحجيم نشاط أذرعها في المنطقة، وفي ظل تعهد ابن سلمان بتغيير وجه السعودية في السنوات الخمس المقبلة؛ أي أن أهداف الحرب اليمنية قد أوشكت على تحقيق أغراضها المتمثلة بفدرلة اليمن، وإفزاع السعودية وإعادة هيكلتها، وإعادة إيران إلى سابق وظيفتها. ولهذا ربط وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في حوار له مع صحيفة "إيلاف" الصادرة في لندن، يوم الثلاثاء ٣٠ تشرين ثاني/نوفمبر فشل المبعوثين الأمميين الى اليمن بـ"الدور الإيراني الذي يستخدم اليمن جزءًا من مشروعه في المنطقة ولتعزيز موقفه التفاوضي، وبعدم وجود أدوات ضغط دولية فعلية على الحوثيين تجبرهم على خيار السلام" مستنكرًا دور المبعوثين الأمميين لليمن والذي في تقديره لا يجدي دون إرادة دولية للحل قائلًا إن "أي مبعوث دولي لا يمثل إرادته الشخصية، بل الإرادة الدولية، بالتالي يتعلق جزء كبير من أي إخفاقات يواجهها أي مبعوث بمدى الدعم الذي يحظى به، ومدى تأثير الفاعلين الدوليين في معالجة العوامل التي تعيق السلام" وهو الأمر الذي يعزز بصورة غير مباشرة التدخل الخارجي ويفرض إملاءات الولايات المتحدة صاحبة النفوذ والعلاقة. ذلك أنه ومنذ العام ٢٠١١ تعاقب على اليمن أربعة مبعوثين أمميين آخرهم هانس غروندبرغ الذي تولى قبل أشهر مهمته بعد فشل أسلافه (غريفيث، ولد الشيخ، بن عمر) في تحقيق سلام مستدام. ويؤكد ذلك ما صرح به وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة مع قناة ٢٤ الفرنسية في (١٤/١١/٢٠٢١): أن بلاده "ملتزمة بإنهاء الصراع في اليمن"، مجددًا المشروع السعودي الداعي لوقف إطلاق النار، راميًا اللوم على أذرع إيران (الحوثي وحزب الله) في استمرار النزاع حيث قال: "لكن الحوثيين المدعومين من حزب الله يرفضون التجاوب مع تلك الدعوات، على الرغم من أنها ما زالت قائمة، في المقابل، الحوثيون مستمرون في هجومهم على مدينة مأرب، وفي إطلاق الصواريخ البالستية على المملكة".
وقد ألمح الوزير السعودي إلى رغبة بلاده من خلال المحادثات السعودية - الإيرانية في "الانتقال إلى البحث في قضايا جوهرية تشغل السعودية" ملوحًا بأن حل القضايا التي تُشغل بال دول المنطقة مرتبطة "بالتوصل إلى اتفاق نهائي في الملف النووي".
ومن قراءة التصريحات السعودية واليمنية (الشرعية) نجد توجهًا للضغط على الحوثي وإخراجه بصورة المتطرف والمهدد للأمن وربطه بـ"حزب الله" والتنديد برؤيته السياسية القائمة على "التمسك بالحق الإلهي في الحكم" وإخلاء مسؤولية الشرعية من تقسيم اليمن وتحميلها للحوثيين. وهي دعوات وردت في خطاب الرئيس هادي في ذكرى ٣٠ تشرين ثاني/نوفمبر والذي قال فيه "تخضع هذه المليشيا للسلام والإجماع الوطني ... وتستفيق من أوهام الهيمنة السياسية والتفوق العرقي والسلالي"، كما صدرت على لسان وزير الخارجية اليمني في منتدى روما لحوارات المتوسط في دورته السابعة المنعقد حاليًا في العاصمة الإيطالية بأن السلام في اليمن يتطلب "تخلي مليشيا الحوثي عن التمسك بالحق الإلهي بالحكم والالتزام بالمواطنة المتساوية كبند دستوري وشرط أساسي للسلام الدائم في اليمن".
وهذا النهج قد ظهرت بوادره في الولايات المتحدة في تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نقله موقع "مأرب برس" جاء فيه أن "الحوثيين هم المشكلة التي تعيق جهود حل الأزمة اليمنية... مشيرًا بأن المليشيات أثبتت عنادها بانتظام، وتناور اليوم بشعار السلام بهدف كسب الوقت فقط لاستئناف المزيد من العمليات الإرهابية" مشيرًا إلى أن إعادة إدراج الحوثي في قائمة الإرهاب قد "استوفى المعايير، وهو موضوع نقاش اليوم، لدى الإدارة الأميركية" مضيفًا بأن سيطرة الحوثي على الساحل الغربي لليمن يمكنه من تهديد نقل ٦ ملايين برميل نفط يوميًّا عبر البحر الاحمر. وهي إشارة تنطوي على تحذير لأوروبا ومصالحها في باب المندب واستدعائها لدعم الحلول الأميركية، وبخاصة مع تفجر النزاع الأثيوبي.
وأما بخصوص جملة الانسحابات العسكرية التي طرأت في ميادين القتال، فقد فسرها قائد قوات التحالف عميد ركن طيار تركي المالكي بأنها "عملية إعادة انتشار يتماشى مع الخطة الاستراتيجية للتحالف"، دون أي إيضاح للخطة الاستراتيجية والتي يمكن قراءتها من خلال المطالبات السياسية الأميركية من التحالف باتخاذ تدابير بناء الثقة لتنفيذ الاتفاق النهائي لليمن، والتي يتوقع منها إنهاء الصراع بمنح الحوثي بعضًا مما يطلبه وهو رفع الحظر الجوي والبحري عن (ميناء الحديدة ومطار صنعاء) وتأمين وضعه المالي وأمن الطاقة في مأرب بتقاسم عوائد النفط والضرائب، مع ضمان تحقيق مطالب ابن سلمان بالحماية الأميركية وتلبية مخاوفه الأمنية وتهديدات الحوثي، ومنحه أسلحة متطورة ضد الصواريخ البالستية والمسيَّرَات. وكذلك تأمين وضع محافظة تعز الاستراتيجية والتي تعد المدخل الجنوبي الغربي لصنعاء، حيث تم إعادة انتشار "ألوية العمالقة". كما أن الهجوم الكاسح الذي شنته قوات الحوثي على مأرب والذي أودى بحياة ١٥ ألف مجند حوثي خلال الأشهر الستة الماضية بـ(حسب تصريح للحركة)، أخرج الحوثي من معاقله الجبلية إلى المساحات المسطحة والمفتوحة في مأرب وبيحان وشبوة، مما سهل مهام قوات التحالف وإضعاف الحوثي وأدى إلى التفاف بعض القبائل والأحزاب والحركات اليمنية الجنوبية حول قوات التحالف لصد الهجمات الحوثية. وهي رسالة للحوثي بأن دائرة العنف لن تنتهي إلا بالتنازلات السياسية والخضوع للإملاءات الخارجية، عبر التفاهمات مع السعودية الإيرانية في اجتماعات بغداد. وهو النهج الذي يصب تمامًا في السياق الذي تريده أميركا وسياساتها الداعية لقبول سلطة الأمر الواقع والتقسيم على أساسه.
ومن المؤكد ان المنطقة ستدخل نفقًا معتمًا جديدًا لن ترى النور آخره، ما دام الذي يتصرف في أمورها عبارة عن بيادق بين الدول الطامعة في بلادنا، والتي تعيد ترتيبها للحفاظ على مصالحها، بغض النظر عن مصالح المسلمين أصحاب هذه البلاد. ومن المؤكد أيضًا أن هذه البلاد ستبقى على ما هي عليه ما لم تتحرك الأمة بالسيطرة على قواها لتصحيح الأوضاع، وإزالة هذه الكيانات الهزيلة التي تستمد وجودها من الإذعان لمطالب الدول الطامعة، وإقامة دولة الخلافة التي تعيد للمسلمين وللعالم حكم الله في الأرض، وتسعى لرفع الظلم ليس عن المسلمين فحسب، بل عن أمم وشعوب الأرض كلها.
{والله غالب على أمره}
2/جمادى الأولى/1443هـ
6/12/2021م
متابعة سياسية
التصعيد العسكري في اليمن
شهد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ارتفاعًا في حدة الأعمال العسكرية في عدة مواقع استراتيجية في اليمن وبخاصة في محافظة مأرب الاستراتيجية الغنية بالموارد النفطية، واحتوائها على أهم معامل تكرير وإنتاج الطاقة. كما شهد كثافة للهجمات في محافظة تعز، وانسحاب لقوات التحالف المدعومة إماراتيًا من مواقعها الدفاعية حول ميناء الحديدة، واستحواذ الحوثي عليها وانسحاب القوات السعودية من مواقعها في قاعدة البريقة في مدينة عدن، وقيام الحوثي باحتلال السفارة الأميركية في صنعاء والتي أغلقت أبوابها منذ ٢٠١٥، وشهد كذلك كثافة في الهجمات على السعودية بالصواريخ والمسيَّرَات. ولم تسلم العاصمة اليمنية صنعاء من التصعيد والتعرض لهجمات صاروخية مكثفة ومستمرة منذ ٢٦ تشرين ثاني/نوفمبر، تخللها عمليات تصفية لقادة الحوثي من قبل وحدة العمليات الخاصة، حتى بات الوضع اليمني ينذر بالانهيار الكامل للمنظومة السياسية والاقتصادية والمالية. حيث أنهار سعر صرف الريال اليمني وفقد أكثر من ثلثي قيمته وبلغ ١٦٠٠ ريال مقابل الدولار، وهو ما ينذر بتداعيات قاسية ومدمرة قد تفضي إلى دخول البلاد في حالة مجاعة، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
ويأتي هذا التصعيد متزامنا مع تقرير الأمم المتحدة بوجود مجاعة حقيقية لـ ٨ ملايين من الشعب اليمني، ومع تقرير آخر لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي حذر بأن "نهاية عام ٢٠٢١ ستكون حصيلة القتلى أكثر من ٣٧٧ ألف روح" خلال فترة الحرب والتي ستدخل عامها الثامن في رمضان المقبل.
وهذا الواقع يُفسر تصريح رئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر والذي اتهم فيه التحالف بتغيير أهدافه، واتهم الشرعية بفقدان دورها القيادي وأن الجيش لم يقاتل إلا بالحد الأدنى من قدراته. وقد لخص بن دغر الوضع الذي آل إليه اليمن بقوله إن "الجمهورية والوحدة يتعرضان لتدمير ممنهج، مقصود ومموَّل وسياسات تفكيكية تعمل على تقسيم وتمزيق الوطن والمجتمع". وخلص إلى أن "الخيار العسكري انتهى إلى طريق مسدود، وأن الوضع الإنساني والمعيشي أصبح كارثيًّا". وهو ما ينطوي على إشارات واضحة لطي صفحة النزاع المسلح وتقبل الواقع والحدود التي رسمتها المعارك العسكرية على الأرض.
ويأتي ذلك كله في إطار تحريك الملف النووي الإيراني وإعادة إيران إلى مربعها الوظيفي قبل "الربيع العربي"، وتحجيم نشاط أذرعها في المنطقة، وفي ظل تعهد ابن سلمان بتغيير وجه السعودية في السنوات الخمس المقبلة؛ أي أن أهداف الحرب اليمنية قد أوشكت على تحقيق أغراضها المتمثلة بفدرلة اليمن، وإفزاع السعودية وإعادة هيكلتها، وإعادة إيران إلى سابق وظيفتها. ولهذا ربط وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في حوار له مع صحيفة "إيلاف" الصادرة في لندن، يوم الثلاثاء ٣٠ تشرين ثاني/نوفمبر فشل المبعوثين الأمميين الى اليمن بـ"الدور الإيراني الذي يستخدم اليمن جزءًا من مشروعه في المنطقة ولتعزيز موقفه التفاوضي، وبعدم وجود أدوات ضغط دولية فعلية على الحوثيين تجبرهم على خيار السلام" مستنكرًا دور المبعوثين الأمميين لليمن والذي في تقديره لا يجدي دون إرادة دولية للحل قائلًا إن "أي مبعوث دولي لا يمثل إرادته الشخصية، بل الإرادة الدولية، بالتالي يتعلق جزء كبير من أي إخفاقات يواجهها أي مبعوث بمدى الدعم الذي يحظى به، ومدى تأثير الفاعلين الدوليين في معالجة العوامل التي تعيق السلام" وهو الأمر الذي يعزز بصورة غير مباشرة التدخل الخارجي ويفرض إملاءات الولايات المتحدة صاحبة النفوذ والعلاقة. ذلك أنه ومنذ العام ٢٠١١ تعاقب على اليمن أربعة مبعوثين أمميين آخرهم هانس غروندبرغ الذي تولى قبل أشهر مهمته بعد فشل أسلافه (غريفيث، ولد الشيخ، بن عمر) في تحقيق سلام مستدام. ويؤكد ذلك ما صرح به وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة مع قناة ٢٤ الفرنسية في (١٤/١١/٢٠٢١): أن بلاده "ملتزمة بإنهاء الصراع في اليمن"، مجددًا المشروع السعودي الداعي لوقف إطلاق النار، راميًا اللوم على أذرع إيران (الحوثي وحزب الله) في استمرار النزاع حيث قال: "لكن الحوثيين المدعومين من حزب الله يرفضون التجاوب مع تلك الدعوات، على الرغم من أنها ما زالت قائمة، في المقابل، الحوثيون مستمرون في هجومهم على مدينة مأرب، وفي إطلاق الصواريخ البالستية على المملكة".
وقد ألمح الوزير السعودي إلى رغبة بلاده من خلال المحادثات السعودية - الإيرانية في "الانتقال إلى البحث في قضايا جوهرية تشغل السعودية" ملوحًا بأن حل القضايا التي تُشغل بال دول المنطقة مرتبطة "بالتوصل إلى اتفاق نهائي في الملف النووي".
ومن قراءة التصريحات السعودية واليمنية (الشرعية) نجد توجهًا للضغط على الحوثي وإخراجه بصورة المتطرف والمهدد للأمن وربطه بـ"حزب الله" والتنديد برؤيته السياسية القائمة على "التمسك بالحق الإلهي في الحكم" وإخلاء مسؤولية الشرعية من تقسيم اليمن وتحميلها للحوثيين. وهي دعوات وردت في خطاب الرئيس هادي في ذكرى ٣٠ تشرين ثاني/نوفمبر والذي قال فيه "تخضع هذه المليشيا للسلام والإجماع الوطني ... وتستفيق من أوهام الهيمنة السياسية والتفوق العرقي والسلالي"، كما صدرت على لسان وزير الخارجية اليمني في منتدى روما لحوارات المتوسط في دورته السابعة المنعقد حاليًا في العاصمة الإيطالية بأن السلام في اليمن يتطلب "تخلي مليشيا الحوثي عن التمسك بالحق الإلهي بالحكم والالتزام بالمواطنة المتساوية كبند دستوري وشرط أساسي للسلام الدائم في اليمن".
وهذا النهج قد ظهرت بوادره في الولايات المتحدة في تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نقله موقع "مأرب برس" جاء فيه أن "الحوثيين هم المشكلة التي تعيق جهود حل الأزمة اليمنية... مشيرًا بأن المليشيات أثبتت عنادها بانتظام، وتناور اليوم بشعار السلام بهدف كسب الوقت فقط لاستئناف المزيد من العمليات الإرهابية" مشيرًا إلى أن إعادة إدراج الحوثي في قائمة الإرهاب قد "استوفى المعايير، وهو موضوع نقاش اليوم، لدى الإدارة الأميركية" مضيفًا بأن سيطرة الحوثي على الساحل الغربي لليمن يمكنه من تهديد نقل ٦ ملايين برميل نفط يوميًّا عبر البحر الاحمر. وهي إشارة تنطوي على تحذير لأوروبا ومصالحها في باب المندب واستدعائها لدعم الحلول الأميركية، وبخاصة مع تفجر النزاع الأثيوبي.
وأما بخصوص جملة الانسحابات العسكرية التي طرأت في ميادين القتال، فقد فسرها قائد قوات التحالف عميد ركن طيار تركي المالكي بأنها "عملية إعادة انتشار يتماشى مع الخطة الاستراتيجية للتحالف"، دون أي إيضاح للخطة الاستراتيجية والتي يمكن قراءتها من خلال المطالبات السياسية الأميركية من التحالف باتخاذ تدابير بناء الثقة لتنفيذ الاتفاق النهائي لليمن، والتي يتوقع منها إنهاء الصراع بمنح الحوثي بعضًا مما يطلبه وهو رفع الحظر الجوي والبحري عن (ميناء الحديدة ومطار صنعاء) وتأمين وضعه المالي وأمن الطاقة في مأرب بتقاسم عوائد النفط والضرائب، مع ضمان تحقيق مطالب ابن سلمان بالحماية الأميركية وتلبية مخاوفه الأمنية وتهديدات الحوثي، ومنحه أسلحة متطورة ضد الصواريخ البالستية والمسيَّرَات. وكذلك تأمين وضع محافظة تعز الاستراتيجية والتي تعد المدخل الجنوبي الغربي لصنعاء، حيث تم إعادة انتشار "ألوية العمالقة". كما أن الهجوم الكاسح الذي شنته قوات الحوثي على مأرب والذي أودى بحياة ١٥ ألف مجند حوثي خلال الأشهر الستة الماضية بـ(حسب تصريح للحركة)، أخرج الحوثي من معاقله الجبلية إلى المساحات المسطحة والمفتوحة في مأرب وبيحان وشبوة، مما سهل مهام قوات التحالف وإضعاف الحوثي وأدى إلى التفاف بعض القبائل والأحزاب والحركات اليمنية الجنوبية حول قوات التحالف لصد الهجمات الحوثية. وهي رسالة للحوثي بأن دائرة العنف لن تنتهي إلا بالتنازلات السياسية والخضوع للإملاءات الخارجية، عبر التفاهمات مع السعودية الإيرانية في اجتماعات بغداد. وهو النهج الذي يصب تمامًا في السياق الذي تريده أميركا وسياساتها الداعية لقبول سلطة الأمر الواقع والتقسيم على أساسه.
ومن المؤكد ان المنطقة ستدخل نفقًا معتمًا جديدًا لن ترى النور آخره، ما دام الذي يتصرف في أمورها عبارة عن بيادق بين الدول الطامعة في بلادنا، والتي تعيد ترتيبها للحفاظ على مصالحها، بغض النظر عن مصالح المسلمين أصحاب هذه البلاد. ومن المؤكد أيضًا أن هذه البلاد ستبقى على ما هي عليه ما لم تتحرك الأمة بالسيطرة على قواها لتصحيح الأوضاع، وإزالة هذه الكيانات الهزيلة التي تستمد وجودها من الإذعان لمطالب الدول الطامعة، وإقامة دولة الخلافة التي تعيد للمسلمين وللعالم حكم الله في الأرض، وتسعى لرفع الظلم ليس عن المسلمين فحسب، بل عن أمم وشعوب الأرض كلها.
{والله غالب على أمره}
2/جمادى الأولى/1443هـ
6/12/2021م