Abu Taqi
26-08-2021, 10:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مفتوح إلى قادة وعناصر طالبان والشعب الأفغاني
الأخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن قضية المسلمين، ليست استلام حكم، وإنما هي بناء دولة، وبناء الدولة يكون بجمع الأمّة على الفكرة الإسلامية، وجعلها تتجه في حياتها على هذه الفكرة، ثم يؤخذ الحكم ويقام على تلك الفكرة. فالدولة هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تعتنقها الأمة وتشكل وجهة نظرها في الحياة، أي أن الدولة هي كيانٌ يقوم على فكرة تعتنقها الأمة وتستعد للتضحية في سبيلها. ولذلك فإن أخذ الحكم لا يعني إقامة دولة، بل تحتاج الدولة إلى بناء الحكم فيها على فكرة تعتنقها الأمة. فالذي يوجِد النهضة هو إقامة الحكم على الفكرة الإسلامية؛ أي العقيدة الإسلامية، فإقامة الدولة على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله هو الذي يوجِد النهضة، أمّا إقامتها على مذهب أبي حنيفة أو على كتاب الطحاوي أو على الأحكام الشرعية فإنه لا يوجِد نهضة مطلقًا؛ لأنها تؤخذ كأنظمة وقوانين فلا تحدِث أي نهضة، وإنما يجب أن تُقام على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ثم بعد ذلك تؤخذ الأحكام الشرعية باعتبارها أوامرَ ونواهٍ من الله فيُعمل بها لأنها أمر لله فهي مأخوذة من (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) وبذلك تحصل النهضة.
نقول هذا الكلام، حتى ندرك الواقع وندرك ما ينبغي أن يكون عليه.
الأخوة الكرام..
إن وجود المسلم في الحياة إنما هو من أجل الإسلام، وإن عمل المسلم في الحياة هو حمل الدعوة الإسلامية، وعمل الدولة الإسلامية هو تطبيق الإسلام وتنفيذ أحكامه في الداخل وحمل الدعوة إليه في الخارج، وإن طريقة ذلك الجهاد تحمله الدولة، فالمسلم إنما يعيش من أجل الإسلام، ويضحي في سبيله، ويحمل الدعوة لرفعته، ويقيم الدولة لتطبيقه، ويجاهد في سبيل الله لنشره، فالله تعالى إنما جعلنا مسلمين، وجعل لنا الشرف باعتناق الإسلام العظيم، وبعث فينا رسولًا منا يتلو علينا آيات الله ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة؛ لنكون شهداء على الناس، بتطبيق الإسلام عليهم في الداخل وحمله رسالة للعالمين في الخارج لتقاسم الهدى معهم وليس لإفنائهم.
ولا شك أن المسلمين ومنذ فجر التاريخ في جهاد عظيم، حيث بدأ العمل للإسلام في الطريق الفكري والسياسي، مجتنبًا ما استطاع الاحتكاك الدموي، منتهيًا عن حمل السلاح في وجه الكفار لحملهم على اعتناق هذا الدين وإقامة دولته. ثم عندما تمكن الإسلام وصارت له دولة، حمل الدعوة في الطريق السياسي والعسكري معًا. ومن أجل هذه الرسالة بذلوا الدماء وضحوا بالغالي والنفيس، حتى صارت الدولة الإسلامية شمس الدنيا المزهرة، والدولة الأولى في العالم بلا منازع.
إلى أن تمكن الكفار من ضرب الأخوة الإسلامية بينهم، وتفكيك بلادهم، وإسقاط دولتهم، فصار المسلمون كالأيتام على موائد اللئام. وقد عانيتم كما عانى المسلمون في كافة البلاد الإسلامية من ذل الاستعمار، وتسلط المستعمرين وأذنابهم، وما نتج عن ذلك من هدر دمائكم، والمعاناة التي نجمت عن ثلاث حملات؛ إنجليزية، وسوفييتية روسية، وأميركية، على أفغانستان، قُتل وشرد وسجن وعذب فيها ملايين من أخوتنا لخدمة مصالح الكفار.
الأخوة الكرام..
إن الله أنزل القرآن الكريم ليوضع موضع تطبيق، فالله تعالى هو الحاكم، وهو الآمر والناهي، وهو الذي يصدر الأحكام على الأفعال والأشياء، فالحاكمية له وحده، والله تعالى جعل السلطان للأمة، تنيب من أبنائها من يطبق شريعة الله؛ فيستمد هذا الحاكم شرعيته من الإسلام بتطبيقه أحكامه، ومن الأمة باختيارها له.
ولذلك لا يجوز لأمة الإسلام أن يخلو زمان من الأزمنة دون أن يكون لها سلطان، ودون أن يحكم فيها بشرع ربها، وإننا نعلم أنكم سبق أن طبقتم الإسلام في أفغانستان إبان سيطرتكم الأولى على البلاد قبل الغزو الأميركي لبلدكم، والذي أطاح بحكمكم، وأسقط إمارتكم. فإننا ندعوكم إلى الارتكاز في أفغانستان بوصفها جزءًا من بلاد المسلمين لا بصفتها القطرية القومية، واستئناف ما بدأتم به من تطبيق للإسلام على المسلمين. فهذه الأمانة العظيمة التي أنتم مؤتمنون عليها، وإن الله عز وجل سيحاسبكم على ما استرعاكم من أمانة يوم تقفون بين يديه.
وإننا لنعلم أيضًا أنكم فاوضتم الأميركان على ترتيب الخروج من أفغانستان، وتسليم البلاد لكم، وهذا واضح من ترك الحكومة العميلة تلقى مصيرها، وعدم دعمها، وترككم تأخذون الولاية تلو الولاية والمديرية تلو الأخرى، دون أن يتدخلوا في ذلك مع قدرتهم على منعكم، فدل ذلك على أن هذا جزء من الاتفاق على خروج الأميركان من بلدكم.
ولذلك فإننا نذكركم بوعود الأميركان التي نكثوها بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي قبل 32 عامًا. فالأميركان لا عهد لهم ولا ذمة، ونظنكم تعلمون كيف تلاعبت أميركا بالمجاهدين بعض خروج المحتل السوفييتي من بلدكم، وكيف أوقعت بهم وجعل بأسهم بينهم، وأدخلت أفغانستان في آتون حرب أهلية مدمرة، بين رفقاء السلاح وأخوة الدين. وتعلمون ماذا فعلت أميركا بالمسلمين في فلسطين وسوريا والعراق ومصر، ونكثت عهودها معهم بل ومع عملائها الذين استُهلكوا أيضًا، خدمة لمصالح شركاتها أولًا، ثم خدمة لأذنابها ممن شاركوها الغزو والحرب، ثم من تواطأ معها من الحكام الخونة أو الطامحين لاستلام الحكم، ولم يبق للشعب في هذه البلاد سوى الجوع والموت.
إن فطنة المؤمن وجديته وعقائديته تُحتم الانتباه إلى القوى السياسية الخفية التي ستعيق أي تغيير جوهري، لا يتماشى مع مصالحها. ودراسة واقع القوى الخارجية ومصالحها في أفغانستان ووضع خطوط وحدود للتعاطي معها.
الأخوة الكرام..
يجب أن تنقوا صفوفكم، وتوحدوا قواكم، وتصالحوا شعبكم وتستندوا إليه، وتفجروا طاقاته لبناء الدولة، والسير بها في طريق النهوض. إن أميركا وبعد احتلال دام ما يقارب عقدين، قد فككت الشعب وزرعت بينه التفرقة، وغرست في صفوفه الجواسيس، ممن يحاولون الهرب معه إلى أماكن آمنة، ولا شك أن هناك غيرهم ممن لا يزالون يحملون فكره وأجندته، سواء في صفوف المدنيين أم العسكريين والقادة والجنود؛ لذلك عليكم الحيطة والحذر وتنقية الصفوف من الخونة والعملاء. وأن تحذروا من تسلل أمثال هؤلاء إلى مراكز القيادة، ولكم في تجربة الأخوان في مصر خير عبرة وعظة على أن لا تركنوا إلى من يتخفى بحبه للإسلام، بينما هو خادم لأميركا معتنق ثقافتها.
الأخوة الكرام..
إن الغاية من الجهاد هي إزالة العوائق المادية لحمل الرسالة، وليست القتل والحرب لأجل الحرب، ولذلك فإن القوة العسكرية هي أمانة لحمل الرسالة، وليست سيفًا مسلطًا على الداخل والشعب. وهي لا تعطيكم الحق في العمل إلا بموجب الحكم الشرعي. وإن الثقافة العسكرية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية هي السبيل الوحيد لتأمين القوات العسكرية من أي تلاعب أو تفاهمات أو صفقات مع أي من القوى السياسية الخارجية وعلى رأسها أميركا.
وإننا وإن كنا نحذر من العلاقة مع أميركا، لكننا لا نقول بالعيش داخل قلعة مقفلة، إذ لا بد أن تعيش الدولة الإسلامية وسط هذا العالم، وأن تشتبك معه بعلاقات إيجابية يمليها منطق الحياة الإنسانية، والمهمة الرسالية التي تستوجب التفاعل مع الأمم، والاتصال بالدول والشعوب لتبليغ الإسلام وتأمين احتياجات الحياة، ولذا فعليكم إدارة العلاقة مع الدول والشعوب بمنطق رسالي وبما يخدم مصلحة الأمة ويدفع الأخطار عنها. مع الوعي على خطط الدول الطامعة في بلادكم، وأساليبهم، والوعي السياسي على المنافقين والمأجورين من العملاء الظاهرين والمتخفين.
إن الشعب الأفغاني شعبٌ مسلمٌ، يحب الله ورسوله، وهم أهل حربٍ وقتالٍ، سبق أن واجهوا الروس والأميركان، وأبلوا في الدفاع عن بلادهم بلاءً حسنًا. فهم ذخيرة قوية لأية جهة تريد أن تحكم أفغانستان بالإسلام، ولذلك عليكم أن تقوموا فقط بتركيز فكرة الإسلام في هذا الشعب، حتى يحيوا بها، وتحيا بهم، وذلك بضخ المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية في المجتمع حتى توجِّه سلوك الناس. والتركيز على مفهوم الأخوة الإسلامية، وأن المسلمين بكافة أعراقهم وقبائلهم ومذاهبهم، هم أمة واحدة من دون الناس، وهم يد على من سواهم.
كما لا بد من نبذ المعالجات الرأسمالية لمشاكل الحياة، وبيان فسادها، وما جلبته على الشعوب التي تعتنق الرأسمالية من ويلات ونكبات. ولا بد من خوض صراع فكري عقدي وكفاح سياسي سافر لتخليص الأمة من سيطرة المستعمرين، وتحريرها من نفوذهم واجتثاث جذورهم الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وسد كافة الثغور في وجوههم. في الوقت الذي يجري فيه بيان معالجات الإسلام لهذه المشاكل، وكيف ينفذ الفرد نظام الإسلام بدافع تقوى الله، وتنفذه الدولة بشعور الجماعة بعدالته، وبتعاون الأمة مع الحاكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبسلطان الدولة، ومحاسبة الشعب والقوى والأحزاب السياسية التي تقوم على أساس العقيدة الإسلامية للحاكم والأمراء وموظفي الدولة.
لذلك يجب أن تُركَّزَ الأفكار الإسلامية السياسية عند الناس تركيزًا قويًّا يظهر في أحاديثهم ومناقشاتهم وعلاقاتهم وتبدو كبدو صلاح الثمر عند نضجه.
كما يجب توحيد وجهة نظر الأمة في الحياة بأن يُجعل مقياسها الكفر والإيمان، والحلال والحرام، وأن يُستنهضوا للعمل بالإسلام وللإسلام.
ولا بد من إشراك غير الطالبان من العرقيات الأخرى في هذا العمل حتى تذوب كافة الأعراق في بوتقة الإسلام، ويزول التفاوت وتغيض الفواصل، ويتوحد المجتمع وترتص صفوفه، ويُصبح بمختلف أعراقه قاعدة شعبية للنظام الجديد. وذلك لا يكون إلا بتوحيد النظرة إلى الحكم ودمج قادة العرقيات الأخرى ومسؤوليهم في منظومة الحكم بمنطق الأخوة الإسلامية ومقياس الكفاءة والصلاح.
إن البناء الفكري المبدئي للأمة، القائم على الإسلام عقيدة ونظامًا، هو الذي يجعل الأمة تسير في الطاعة عن رضىً واطمئنان، وذلك بجعل أفكار (العقيدة والخلافة والجهاد والأخوة الإسلامية) تسيطر على المجتمع سيطرة تؤدي إلى حل أو شل القيادات الأخرى، حتى يبقى الإسلام وحده منفردًا بقيادة الأمة، وتكون الفئة التي تعبر عن عقيدة الأمة وإرادتها هي القائد الفعلي للدولة والمجتمع، وفي هذا الجانب فليتنافس أبناء العقيدة على اختلاف آرائهم ومذاهبهم على اجتذاب الشعب وحكمه وحراسة دينهم وأمتهم.
وإن مقتضى العدل في التطبيق أن يجري توزيع الثروات والمسؤوليات وعدم الاستئثار بها، بل حتى إيثارهم بها على حساب الطالبان، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في العطاء كما جاء في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أيْ قومِ، أسلموا، فوالله إن محمدًا ليعطي عطاء ما لا يخافُ الفقر، قال أنسٌ رضي الله عنه: "إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" رواه مسلم
ومن مقتضى العدل أيضًا اعتبار الجميع بكافة عرقياتهم ومذاهبهم سواسية كأسنان المشط في المحاسبة والمساءلة، مع ضبط سلوك كافة المسؤولين.
كتاب مفتوح إلى قادة وعناصر طالبان والشعب الأفغاني
الأخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن قضية المسلمين، ليست استلام حكم، وإنما هي بناء دولة، وبناء الدولة يكون بجمع الأمّة على الفكرة الإسلامية، وجعلها تتجه في حياتها على هذه الفكرة، ثم يؤخذ الحكم ويقام على تلك الفكرة. فالدولة هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تعتنقها الأمة وتشكل وجهة نظرها في الحياة، أي أن الدولة هي كيانٌ يقوم على فكرة تعتنقها الأمة وتستعد للتضحية في سبيلها. ولذلك فإن أخذ الحكم لا يعني إقامة دولة، بل تحتاج الدولة إلى بناء الحكم فيها على فكرة تعتنقها الأمة. فالذي يوجِد النهضة هو إقامة الحكم على الفكرة الإسلامية؛ أي العقيدة الإسلامية، فإقامة الدولة على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله هو الذي يوجِد النهضة، أمّا إقامتها على مذهب أبي حنيفة أو على كتاب الطحاوي أو على الأحكام الشرعية فإنه لا يوجِد نهضة مطلقًا؛ لأنها تؤخذ كأنظمة وقوانين فلا تحدِث أي نهضة، وإنما يجب أن تُقام على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ثم بعد ذلك تؤخذ الأحكام الشرعية باعتبارها أوامرَ ونواهٍ من الله فيُعمل بها لأنها أمر لله فهي مأخوذة من (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) وبذلك تحصل النهضة.
نقول هذا الكلام، حتى ندرك الواقع وندرك ما ينبغي أن يكون عليه.
الأخوة الكرام..
إن وجود المسلم في الحياة إنما هو من أجل الإسلام، وإن عمل المسلم في الحياة هو حمل الدعوة الإسلامية، وعمل الدولة الإسلامية هو تطبيق الإسلام وتنفيذ أحكامه في الداخل وحمل الدعوة إليه في الخارج، وإن طريقة ذلك الجهاد تحمله الدولة، فالمسلم إنما يعيش من أجل الإسلام، ويضحي في سبيله، ويحمل الدعوة لرفعته، ويقيم الدولة لتطبيقه، ويجاهد في سبيل الله لنشره، فالله تعالى إنما جعلنا مسلمين، وجعل لنا الشرف باعتناق الإسلام العظيم، وبعث فينا رسولًا منا يتلو علينا آيات الله ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة؛ لنكون شهداء على الناس، بتطبيق الإسلام عليهم في الداخل وحمله رسالة للعالمين في الخارج لتقاسم الهدى معهم وليس لإفنائهم.
ولا شك أن المسلمين ومنذ فجر التاريخ في جهاد عظيم، حيث بدأ العمل للإسلام في الطريق الفكري والسياسي، مجتنبًا ما استطاع الاحتكاك الدموي، منتهيًا عن حمل السلاح في وجه الكفار لحملهم على اعتناق هذا الدين وإقامة دولته. ثم عندما تمكن الإسلام وصارت له دولة، حمل الدعوة في الطريق السياسي والعسكري معًا. ومن أجل هذه الرسالة بذلوا الدماء وضحوا بالغالي والنفيس، حتى صارت الدولة الإسلامية شمس الدنيا المزهرة، والدولة الأولى في العالم بلا منازع.
إلى أن تمكن الكفار من ضرب الأخوة الإسلامية بينهم، وتفكيك بلادهم، وإسقاط دولتهم، فصار المسلمون كالأيتام على موائد اللئام. وقد عانيتم كما عانى المسلمون في كافة البلاد الإسلامية من ذل الاستعمار، وتسلط المستعمرين وأذنابهم، وما نتج عن ذلك من هدر دمائكم، والمعاناة التي نجمت عن ثلاث حملات؛ إنجليزية، وسوفييتية روسية، وأميركية، على أفغانستان، قُتل وشرد وسجن وعذب فيها ملايين من أخوتنا لخدمة مصالح الكفار.
الأخوة الكرام..
إن الله أنزل القرآن الكريم ليوضع موضع تطبيق، فالله تعالى هو الحاكم، وهو الآمر والناهي، وهو الذي يصدر الأحكام على الأفعال والأشياء، فالحاكمية له وحده، والله تعالى جعل السلطان للأمة، تنيب من أبنائها من يطبق شريعة الله؛ فيستمد هذا الحاكم شرعيته من الإسلام بتطبيقه أحكامه، ومن الأمة باختيارها له.
ولذلك لا يجوز لأمة الإسلام أن يخلو زمان من الأزمنة دون أن يكون لها سلطان، ودون أن يحكم فيها بشرع ربها، وإننا نعلم أنكم سبق أن طبقتم الإسلام في أفغانستان إبان سيطرتكم الأولى على البلاد قبل الغزو الأميركي لبلدكم، والذي أطاح بحكمكم، وأسقط إمارتكم. فإننا ندعوكم إلى الارتكاز في أفغانستان بوصفها جزءًا من بلاد المسلمين لا بصفتها القطرية القومية، واستئناف ما بدأتم به من تطبيق للإسلام على المسلمين. فهذه الأمانة العظيمة التي أنتم مؤتمنون عليها، وإن الله عز وجل سيحاسبكم على ما استرعاكم من أمانة يوم تقفون بين يديه.
وإننا لنعلم أيضًا أنكم فاوضتم الأميركان على ترتيب الخروج من أفغانستان، وتسليم البلاد لكم، وهذا واضح من ترك الحكومة العميلة تلقى مصيرها، وعدم دعمها، وترككم تأخذون الولاية تلو الولاية والمديرية تلو الأخرى، دون أن يتدخلوا في ذلك مع قدرتهم على منعكم، فدل ذلك على أن هذا جزء من الاتفاق على خروج الأميركان من بلدكم.
ولذلك فإننا نذكركم بوعود الأميركان التي نكثوها بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي قبل 32 عامًا. فالأميركان لا عهد لهم ولا ذمة، ونظنكم تعلمون كيف تلاعبت أميركا بالمجاهدين بعض خروج المحتل السوفييتي من بلدكم، وكيف أوقعت بهم وجعل بأسهم بينهم، وأدخلت أفغانستان في آتون حرب أهلية مدمرة، بين رفقاء السلاح وأخوة الدين. وتعلمون ماذا فعلت أميركا بالمسلمين في فلسطين وسوريا والعراق ومصر، ونكثت عهودها معهم بل ومع عملائها الذين استُهلكوا أيضًا، خدمة لمصالح شركاتها أولًا، ثم خدمة لأذنابها ممن شاركوها الغزو والحرب، ثم من تواطأ معها من الحكام الخونة أو الطامحين لاستلام الحكم، ولم يبق للشعب في هذه البلاد سوى الجوع والموت.
إن فطنة المؤمن وجديته وعقائديته تُحتم الانتباه إلى القوى السياسية الخفية التي ستعيق أي تغيير جوهري، لا يتماشى مع مصالحها. ودراسة واقع القوى الخارجية ومصالحها في أفغانستان ووضع خطوط وحدود للتعاطي معها.
الأخوة الكرام..
يجب أن تنقوا صفوفكم، وتوحدوا قواكم، وتصالحوا شعبكم وتستندوا إليه، وتفجروا طاقاته لبناء الدولة، والسير بها في طريق النهوض. إن أميركا وبعد احتلال دام ما يقارب عقدين، قد فككت الشعب وزرعت بينه التفرقة، وغرست في صفوفه الجواسيس، ممن يحاولون الهرب معه إلى أماكن آمنة، ولا شك أن هناك غيرهم ممن لا يزالون يحملون فكره وأجندته، سواء في صفوف المدنيين أم العسكريين والقادة والجنود؛ لذلك عليكم الحيطة والحذر وتنقية الصفوف من الخونة والعملاء. وأن تحذروا من تسلل أمثال هؤلاء إلى مراكز القيادة، ولكم في تجربة الأخوان في مصر خير عبرة وعظة على أن لا تركنوا إلى من يتخفى بحبه للإسلام، بينما هو خادم لأميركا معتنق ثقافتها.
الأخوة الكرام..
إن الغاية من الجهاد هي إزالة العوائق المادية لحمل الرسالة، وليست القتل والحرب لأجل الحرب، ولذلك فإن القوة العسكرية هي أمانة لحمل الرسالة، وليست سيفًا مسلطًا على الداخل والشعب. وهي لا تعطيكم الحق في العمل إلا بموجب الحكم الشرعي. وإن الثقافة العسكرية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية هي السبيل الوحيد لتأمين القوات العسكرية من أي تلاعب أو تفاهمات أو صفقات مع أي من القوى السياسية الخارجية وعلى رأسها أميركا.
وإننا وإن كنا نحذر من العلاقة مع أميركا، لكننا لا نقول بالعيش داخل قلعة مقفلة، إذ لا بد أن تعيش الدولة الإسلامية وسط هذا العالم، وأن تشتبك معه بعلاقات إيجابية يمليها منطق الحياة الإنسانية، والمهمة الرسالية التي تستوجب التفاعل مع الأمم، والاتصال بالدول والشعوب لتبليغ الإسلام وتأمين احتياجات الحياة، ولذا فعليكم إدارة العلاقة مع الدول والشعوب بمنطق رسالي وبما يخدم مصلحة الأمة ويدفع الأخطار عنها. مع الوعي على خطط الدول الطامعة في بلادكم، وأساليبهم، والوعي السياسي على المنافقين والمأجورين من العملاء الظاهرين والمتخفين.
إن الشعب الأفغاني شعبٌ مسلمٌ، يحب الله ورسوله، وهم أهل حربٍ وقتالٍ، سبق أن واجهوا الروس والأميركان، وأبلوا في الدفاع عن بلادهم بلاءً حسنًا. فهم ذخيرة قوية لأية جهة تريد أن تحكم أفغانستان بالإسلام، ولذلك عليكم أن تقوموا فقط بتركيز فكرة الإسلام في هذا الشعب، حتى يحيوا بها، وتحيا بهم، وذلك بضخ المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية في المجتمع حتى توجِّه سلوك الناس. والتركيز على مفهوم الأخوة الإسلامية، وأن المسلمين بكافة أعراقهم وقبائلهم ومذاهبهم، هم أمة واحدة من دون الناس، وهم يد على من سواهم.
كما لا بد من نبذ المعالجات الرأسمالية لمشاكل الحياة، وبيان فسادها، وما جلبته على الشعوب التي تعتنق الرأسمالية من ويلات ونكبات. ولا بد من خوض صراع فكري عقدي وكفاح سياسي سافر لتخليص الأمة من سيطرة المستعمرين، وتحريرها من نفوذهم واجتثاث جذورهم الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وسد كافة الثغور في وجوههم. في الوقت الذي يجري فيه بيان معالجات الإسلام لهذه المشاكل، وكيف ينفذ الفرد نظام الإسلام بدافع تقوى الله، وتنفذه الدولة بشعور الجماعة بعدالته، وبتعاون الأمة مع الحاكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبسلطان الدولة، ومحاسبة الشعب والقوى والأحزاب السياسية التي تقوم على أساس العقيدة الإسلامية للحاكم والأمراء وموظفي الدولة.
لذلك يجب أن تُركَّزَ الأفكار الإسلامية السياسية عند الناس تركيزًا قويًّا يظهر في أحاديثهم ومناقشاتهم وعلاقاتهم وتبدو كبدو صلاح الثمر عند نضجه.
كما يجب توحيد وجهة نظر الأمة في الحياة بأن يُجعل مقياسها الكفر والإيمان، والحلال والحرام، وأن يُستنهضوا للعمل بالإسلام وللإسلام.
ولا بد من إشراك غير الطالبان من العرقيات الأخرى في هذا العمل حتى تذوب كافة الأعراق في بوتقة الإسلام، ويزول التفاوت وتغيض الفواصل، ويتوحد المجتمع وترتص صفوفه، ويُصبح بمختلف أعراقه قاعدة شعبية للنظام الجديد. وذلك لا يكون إلا بتوحيد النظرة إلى الحكم ودمج قادة العرقيات الأخرى ومسؤوليهم في منظومة الحكم بمنطق الأخوة الإسلامية ومقياس الكفاءة والصلاح.
إن البناء الفكري المبدئي للأمة، القائم على الإسلام عقيدة ونظامًا، هو الذي يجعل الأمة تسير في الطاعة عن رضىً واطمئنان، وذلك بجعل أفكار (العقيدة والخلافة والجهاد والأخوة الإسلامية) تسيطر على المجتمع سيطرة تؤدي إلى حل أو شل القيادات الأخرى، حتى يبقى الإسلام وحده منفردًا بقيادة الأمة، وتكون الفئة التي تعبر عن عقيدة الأمة وإرادتها هي القائد الفعلي للدولة والمجتمع، وفي هذا الجانب فليتنافس أبناء العقيدة على اختلاف آرائهم ومذاهبهم على اجتذاب الشعب وحكمه وحراسة دينهم وأمتهم.
وإن مقتضى العدل في التطبيق أن يجري توزيع الثروات والمسؤوليات وعدم الاستئثار بها، بل حتى إيثارهم بها على حساب الطالبان، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في العطاء كما جاء في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أيْ قومِ، أسلموا، فوالله إن محمدًا ليعطي عطاء ما لا يخافُ الفقر، قال أنسٌ رضي الله عنه: "إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" رواه مسلم
ومن مقتضى العدل أيضًا اعتبار الجميع بكافة عرقياتهم ومذاهبهم سواسية كأسنان المشط في المحاسبة والمساءلة، مع ضبط سلوك كافة المسؤولين.