Abu Taqi
28-07-2021, 11:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
سد النهضة والمؤامرة على مصر والسودان
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
سد النهضة والمؤامرة على مصر والسودان
أعلن وزير الخارجية الإثيوبي غدو أندريجا شاو يوم 22 يوليو/تموز الجاري أن "النيل كان نهرًا وبات الآن نهرًا وبحيرة". وأضاف في "فرحة انتصار" إن "النيل فعلًا بات ملكنا"!
لقد جاء هذا التصريح بمناسبة تنفيذ إثيوبيا المرحلة الأولى من ملء سد النهضة بفعل الأمطار كما يدعي زعماؤها.
لقد جاء هذا الإعلان الإثيوبي بعد يوم من فشل القمة الثلاثية التي توسط فيها الاتحاد الإفريقي. ورغم أن بناء هذا السد له تبعات خطيرة على الأمن المائي والغذائي لكل من مصر والسودان إلا أن حكومتيهما تعاملتا بكل تخاذل مع هذا الموضوع، بل إن مدير إدارة مياه النيل في وزارة الري السودانية عبد الرحمن صغيرون، قال في تصريح صحفي، إن مستوى تدفق المياه في النيل الأزرق قد عاد إلى معدلاته الطبيعية بعد انتهاء إثيوبيا من الملء الثاني لسد النهضة، وإن سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا لم يعد يتحكم بتدفق المياه في النيل الأزرق، بينما قالت القاهرة إنها تراقب الوضع!!
لقد كان اتفاق إعلان المبادئ بين الدول الثلاث حول سد النهضة بمنزلة تقنين لعمل غير مشروع، أقدمت عليه إثيوبيا، ثم جُعل مشروعًا بتواطئ مصري سوداني. ذلك أن تنازل السودان عن إقليم بني شنقول عام 1902 بضغط بريطاني كان مشروطًا بعدم بناء إثيوبيا أي سد أو تغيير وصول مياه النيل إلى مصر والسودان. ولتجاوز هذا الاتفاق التاريخي بدأت إثيوبيا في العام 2011 وبتكلفة 5 مليارات دولار وقد تصل في نهايته إلى 8 مليارات دولار، في بناء سد النهضة على بعد كيلومترات معدودة من حدود السودان. وهذا يمثل في حد ذاته خطرًا وتهديدًا كبيرًا قد ينتج عنه طوفان يجتاح المنطقة في حالة انهيار السد، سواء لعوامل طبيعية وتقنية، أو لاستهدافه من قَبل أعداء المسلمين. لا سيما وأن تناقص حصص مصر والسودان من مياه النيل له تأثير كبير على منتجات الطاقة الكهربائية والمحاصيل الزراعية في البلدين.
ومما يؤكد تآمر السيسي وعبد الفتاح البرهان مع إثيوبيا في بناء سد النهضة هو مشاركة جهات مصرية في توفير الموارد المالية لعملية البناء؛ نذكر منها نجيب سويريس بخاصة، والذي يعتبر من أكبر المستثمرين في هذا المشروع، فضلًا عن عدد من البنوك في مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل وإيطاليا والصين وغيرها من الدول. أما عبد الفتاح البرهان، فعلى الرغم من أن إثيوبيا ظلت مصرة حتى آخر لحظة على الملء الثاني، وأن هذا شأن محلي، برغم ما ينطوي ذلك على مخاطر استراتيجية في التحكم بمياه النيل، إلا أنه وفي لقائه مبعوثة الاتحاد الأوروبي لشؤون القرن الإفريقي دانيت ويبر، صرح أن الحوار هو الطريق الأوحد لمعالجة قضية سد النهضة، ثم سلم وزير الري السوداي بأن الملء الثاني لم يؤثر على مستوى تدفق المياه في النيل الأزرق، وأنه عاد لمعدلاته الطبيعية!
كما أن التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في حالة تعرضه لأي عدوان عسكري بسبب سد النهضة يدل على أنه يحظى بحماية غربية فيما يقوم به من أعمال تهدد حياة المسلمين في مصر والسودان.
وكل ذلك يشير إلى أن هناك عملية تأهيل واستثمار سياسي واقتصادي وتفعيل من قبل الولايات المتحدة للدور الإثيوبي في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي؛ لقربها من منطقة الخليج والملاحة الدولية، وضرورة التحكم بها لمواجهة مشروع الحزام والطريق، وضبط فائض التمدد الصيني في إفريقيا، بالإضافة إلى البعد المتعلق بإحكام السيطرة على مصر والسودان من خارج حدودهما، وعدم الاعتماد على النفوذ الأميركي الداخلي فقط، رغم تواطؤ نظام السيسي في التعاطي مع قضية سد النهضة وجزيرتي تيران وصنافير اللتين تنازل عنهما السيسي للسعودية؛ بهدف تحويل الممر المائي الفاصل بين السعودية ومصر إلى ممرٍ دوليٍّ خاضعٍ للإرادة والقوانين الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة وليس لأهل المنطقة. وبالتالي فإن مشروع السدود الإثيوبية لا يخرج عن كونه مخططًا أميركيًّا للتحكم بمصير مصر والسودان، ومنع أي توجه لوحدتهما في المستقبل البعيد لخطورة ذلك على المصالح الاستراتيجية الأميركية والغربية، وبخاصة بعد أن أظهر الربيع العربي خطورة المواقف الشعبية وتعاظم رغبة أهل المنطقة بل وإرادتهم للتحرر والانعتاق من النفوذ الأميركي.
ومما يؤكد أن الأمر مدبر لهذه الأغراض هو التوجه الروسي في رفض مساندة مطالب السودان ومصر لتدويل القضية بنقلها لمجلس الامن. فقد رفضت روسيا مطالب مصر، وسارت مع أميركا في ضرورة مساندة أعمال التسوية عبر الاتحاد الإفريقي.
وسبق وأن عيّنت أميركا مبعوثًا رسميًّا للقرن الإفريقي للإشراف على النزاعات وضبط الخلافات ودعمت الوساطة السعودية بين مصر وإثيوبيا، وباركت إن لم يكن قد أوعزت بإيداع رجل الأعمال السعودي محمد العمودي ما قيمته نصف مليار دولار من الذهب في الخزينة الإثيوبية.
كما أن الخطاب الأميركي لم يختلف منذ تولي بايدن الحكم، ومنها التصريحات المتتالية على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة والصادرة عن الإدارة الأميركية التي تؤكد على أهمية "سلامة ووحدة إثيوبيا الإقليمية"، وتأكيد مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان على "أهمية استمرار الحوار الإقليميّ لحل النزاع المتعلق بسد النهضة"، بالإضافة إلى الضغوط الأميركية على السيسي لضبط خطاباته التي لوح فيها بالحل العسكري، ودفعه قدمًا في الحلول السياسية لتمرير مشروع السد من خلال مطالبة السيسي بالإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين البارزين، والذين سبق أن طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالإفراج عنهم تحديدًا، وهو الأمر الذي جعل السيسي يصرِّح قائلًا: "نسعى للحصول على حقنا في مياه النيل لا أكثر" ويتراجع فورًا عن الحل العسكري، ويمضي في الحلول السياسية التآمرية التي بات سكوت المسلمين عليها وعدم تحركهم لخلع العملاء وإقامة دولتهم يهدد قوتهم وحياتهم ومستقبلهم.
17/ذي الحجة/1442هـ
27/7/2021م
متابعة سياسية
سد النهضة والمؤامرة على مصر والسودان
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
سد النهضة والمؤامرة على مصر والسودان
أعلن وزير الخارجية الإثيوبي غدو أندريجا شاو يوم 22 يوليو/تموز الجاري أن "النيل كان نهرًا وبات الآن نهرًا وبحيرة". وأضاف في "فرحة انتصار" إن "النيل فعلًا بات ملكنا"!
لقد جاء هذا التصريح بمناسبة تنفيذ إثيوبيا المرحلة الأولى من ملء سد النهضة بفعل الأمطار كما يدعي زعماؤها.
لقد جاء هذا الإعلان الإثيوبي بعد يوم من فشل القمة الثلاثية التي توسط فيها الاتحاد الإفريقي. ورغم أن بناء هذا السد له تبعات خطيرة على الأمن المائي والغذائي لكل من مصر والسودان إلا أن حكومتيهما تعاملتا بكل تخاذل مع هذا الموضوع، بل إن مدير إدارة مياه النيل في وزارة الري السودانية عبد الرحمن صغيرون، قال في تصريح صحفي، إن مستوى تدفق المياه في النيل الأزرق قد عاد إلى معدلاته الطبيعية بعد انتهاء إثيوبيا من الملء الثاني لسد النهضة، وإن سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا لم يعد يتحكم بتدفق المياه في النيل الأزرق، بينما قالت القاهرة إنها تراقب الوضع!!
لقد كان اتفاق إعلان المبادئ بين الدول الثلاث حول سد النهضة بمنزلة تقنين لعمل غير مشروع، أقدمت عليه إثيوبيا، ثم جُعل مشروعًا بتواطئ مصري سوداني. ذلك أن تنازل السودان عن إقليم بني شنقول عام 1902 بضغط بريطاني كان مشروطًا بعدم بناء إثيوبيا أي سد أو تغيير وصول مياه النيل إلى مصر والسودان. ولتجاوز هذا الاتفاق التاريخي بدأت إثيوبيا في العام 2011 وبتكلفة 5 مليارات دولار وقد تصل في نهايته إلى 8 مليارات دولار، في بناء سد النهضة على بعد كيلومترات معدودة من حدود السودان. وهذا يمثل في حد ذاته خطرًا وتهديدًا كبيرًا قد ينتج عنه طوفان يجتاح المنطقة في حالة انهيار السد، سواء لعوامل طبيعية وتقنية، أو لاستهدافه من قَبل أعداء المسلمين. لا سيما وأن تناقص حصص مصر والسودان من مياه النيل له تأثير كبير على منتجات الطاقة الكهربائية والمحاصيل الزراعية في البلدين.
ومما يؤكد تآمر السيسي وعبد الفتاح البرهان مع إثيوبيا في بناء سد النهضة هو مشاركة جهات مصرية في توفير الموارد المالية لعملية البناء؛ نذكر منها نجيب سويريس بخاصة، والذي يعتبر من أكبر المستثمرين في هذا المشروع، فضلًا عن عدد من البنوك في مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل وإيطاليا والصين وغيرها من الدول. أما عبد الفتاح البرهان، فعلى الرغم من أن إثيوبيا ظلت مصرة حتى آخر لحظة على الملء الثاني، وأن هذا شأن محلي، برغم ما ينطوي ذلك على مخاطر استراتيجية في التحكم بمياه النيل، إلا أنه وفي لقائه مبعوثة الاتحاد الأوروبي لشؤون القرن الإفريقي دانيت ويبر، صرح أن الحوار هو الطريق الأوحد لمعالجة قضية سد النهضة، ثم سلم وزير الري السوداي بأن الملء الثاني لم يؤثر على مستوى تدفق المياه في النيل الأزرق، وأنه عاد لمعدلاته الطبيعية!
كما أن التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في حالة تعرضه لأي عدوان عسكري بسبب سد النهضة يدل على أنه يحظى بحماية غربية فيما يقوم به من أعمال تهدد حياة المسلمين في مصر والسودان.
وكل ذلك يشير إلى أن هناك عملية تأهيل واستثمار سياسي واقتصادي وتفعيل من قبل الولايات المتحدة للدور الإثيوبي في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي؛ لقربها من منطقة الخليج والملاحة الدولية، وضرورة التحكم بها لمواجهة مشروع الحزام والطريق، وضبط فائض التمدد الصيني في إفريقيا، بالإضافة إلى البعد المتعلق بإحكام السيطرة على مصر والسودان من خارج حدودهما، وعدم الاعتماد على النفوذ الأميركي الداخلي فقط، رغم تواطؤ نظام السيسي في التعاطي مع قضية سد النهضة وجزيرتي تيران وصنافير اللتين تنازل عنهما السيسي للسعودية؛ بهدف تحويل الممر المائي الفاصل بين السعودية ومصر إلى ممرٍ دوليٍّ خاضعٍ للإرادة والقوانين الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة وليس لأهل المنطقة. وبالتالي فإن مشروع السدود الإثيوبية لا يخرج عن كونه مخططًا أميركيًّا للتحكم بمصير مصر والسودان، ومنع أي توجه لوحدتهما في المستقبل البعيد لخطورة ذلك على المصالح الاستراتيجية الأميركية والغربية، وبخاصة بعد أن أظهر الربيع العربي خطورة المواقف الشعبية وتعاظم رغبة أهل المنطقة بل وإرادتهم للتحرر والانعتاق من النفوذ الأميركي.
ومما يؤكد أن الأمر مدبر لهذه الأغراض هو التوجه الروسي في رفض مساندة مطالب السودان ومصر لتدويل القضية بنقلها لمجلس الامن. فقد رفضت روسيا مطالب مصر، وسارت مع أميركا في ضرورة مساندة أعمال التسوية عبر الاتحاد الإفريقي.
وسبق وأن عيّنت أميركا مبعوثًا رسميًّا للقرن الإفريقي للإشراف على النزاعات وضبط الخلافات ودعمت الوساطة السعودية بين مصر وإثيوبيا، وباركت إن لم يكن قد أوعزت بإيداع رجل الأعمال السعودي محمد العمودي ما قيمته نصف مليار دولار من الذهب في الخزينة الإثيوبية.
كما أن الخطاب الأميركي لم يختلف منذ تولي بايدن الحكم، ومنها التصريحات المتتالية على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة والصادرة عن الإدارة الأميركية التي تؤكد على أهمية "سلامة ووحدة إثيوبيا الإقليمية"، وتأكيد مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان على "أهمية استمرار الحوار الإقليميّ لحل النزاع المتعلق بسد النهضة"، بالإضافة إلى الضغوط الأميركية على السيسي لضبط خطاباته التي لوح فيها بالحل العسكري، ودفعه قدمًا في الحلول السياسية لتمرير مشروع السد من خلال مطالبة السيسي بالإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين البارزين، والذين سبق أن طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالإفراج عنهم تحديدًا، وهو الأمر الذي جعل السيسي يصرِّح قائلًا: "نسعى للحصول على حقنا في مياه النيل لا أكثر" ويتراجع فورًا عن الحل العسكري، ويمضي في الحلول السياسية التآمرية التي بات سكوت المسلمين عليها وعدم تحركهم لخلع العملاء وإقامة دولتهم يهدد قوتهم وحياتهم ومستقبلهم.
17/ذي الحجة/1442هـ
27/7/2021م