Abu Taqi
12-06-2021, 07:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مهزلة الإصلاح في الأردن
صدر يوم الخميس 10 حزيران/يونيو إرادة ملكية بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة سمير الرفاعي. حيث قال الملك في رسالته إلى الرفاعي: "أضمن أمامكم وأمام الأردنيين أن نتائج ما ستقدمه اللجنة ستتبناه حكومتي وتنقله إلى مجلس النواب، على أن ذلك سيحصل دون أي تدخلات أو تأثيرات أو حتى محاولات تغيير"، ملتزمًا أمام الأردنيين جميعًا بنتائج مخرجاتها على أساس أن الحكومة والبرلمان القادمين سيُشَكلان على هذا الأساس.
ومن الواضح أن غياب خبراء اقتصاديين عن اللجنة يحصر وظيفة اللجنة بالمسائل السياسية التي تُمهد لاستقبال مخرجات تصفية قضية فلسطين، وبخاصة ملف اللاجئين كثمن لتلبية مطالب الإصلاح الدستوري التي ينادي بها أهل الأردن.
ومن الواضح أيضًا أن اختيار الملك لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي الذي غرد سابقًا بأن "المطلوب نسخة عربية من الغلاسنوست مع البيروسترويكا بدءًا من مفهوم جديد للعلاقات بين الدولة والمواطن" والذي فشلت حكومته في الإصلاح لا يُنبئ بإصلاحات سياسية حقيقية، وإنما يُبشر بمزيد من التفكيك الذي قد يؤول إلى ما آلت إليه البيروسترويكا السوفيتية التي أطاحت بالدولة والمجتمع، لا سيما وأن شخصيات غالبية أعضاء اللجنة المكونة من 92 عضو لا تعكس إرادة الشعب بقدر ما تعكس أرادة النظام وتطلعاته.
إن الإصلاحات السياسية التي تقودها اللجنة الملكية برئاسة سمير الرفاعي هي حصان طروادة، الذي سيتم من خلاله إعادة هيكلة النظام، بما يلبي جزءًا من طموحات الشعب لتفريغ احتقانه، بعد أن أطلقت أميركا عن قصد وتواطؤ داخلي يد الفاسدين؛ مثل باسم عوض الله والحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة سمير الرفاعي منذ تولي الملك عبدالله الحكم إلى يومنا هذا؛ لتفكيك النظام وإضعاف مؤسساته العسكرية والأمنية والتشريعية والتنفيذية والقضائية وبنيته العشائرية، بحيث جعلت أميركا أهدافها هي مطلب الشعب والمعارضة للإصلاح السياسي؛ أي جعلت مطالب الإصلاح الذي تريده منبعثة من "المكون الأردني"، الذي يقف عقبة أمام إغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.
ولذلك كان الإصلاح السياسي منذ تولي الملك عبدلله الحكم، وبخاصة مع انطلاق "الربيع العربي"، مرتهنًا لمسار الحل على الجانب الفلسطيني الذي اضطرب بسبب أجندة نتنياهو وترمب والإنجيليين في الولايات المتحدة، وبسبب المحاذير التي كان لا بد للملك عبدالله من توخي تداعياتها على مستقبله السياسي وأسرته، وبالتالي كانت مماطلة النظام الأردني بالإصلاح مرتبطة بإيقاع السياسة الأميركية للشرق الأوسط، ومرتهنة بالرؤية الأميركية وبتبدل الإدارة وتوجهات صناع القرار في أميركا، واستدارتهم نحو حل الدولتين، مع الاحتفاظ بما تحقق على يد إدارة ترمب من مكاسب كنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكسر الحواجز أمام التطبيع والتحالف ودمج الكيان الغاصب في المنطقة.
وكما يبدو أن ملف الإصلاح السياسي الذي سوّق له رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز قبل شهر، قد اتخذ شكلًا مؤسسيًّا بتكليف سمير الرفاعي بالإشراف عليه، وذلك بموازاة نتائج الحرب على غزة وقضية القدس وسقوط نتنياهو وسعي محمود عباس ومصر وقطر لدمج فصائل المقاومة الفلسطينية بالسلطة ومنظمة التحرير واستئناف المفاوضات واستكمال مسلسل تصفية قضية فسطين. ومن لوازم ذلك إعادة هيكلة النظام الأردني تحت عنوان الإصلاح السياسي الذي سيطال قانون انتخاب يضمن توسيعَ تمثيل "المكون الفلسطيني" والوصول إلى حكومة برلمانية يحصل "المكون الفلسطيني" من خلالها على "الحقوق السياسية" ويُغلق معها ملف اللاجئين، وقد يتم من خلالها التوصل إلى صيغة أردنية مع السلطة الفلسطينية لرعاية سكان الضفة والقطاع، مع احتفاظ الكيان الغاصب بالسيادة على الأرض. وبخاصة وأن النظام قد استغل نتائج حادثة النائب أسامة العجارمة وتعاطف عشائر الأردن مع أهل فلسطين لتوسيع مفهوم "المواطنة" واستيعاب اللاجئين في النسيج المجتمعي لدواعي سياسية لا علاقة لها بالوطنية والأخوة الإسلامية، كما استغلها لحشد التأييد للملك على قاعدة "الضربة التي لا تقتلك تقويك"، بحيث تمكن النظام من تعبئة الرأي العام ضد النائب العجارمة وتحويل موقف العشائر والمعارضة لصالح الملك، رغم أن سقف المطالب التي نادى بها النائب هي ذاتها التي كانت تنادي بها العشائر والمعارضة، بل وتمكن النظام بأكثر من ذلك حيث شكك في النائب المغامر ذاته وعشيرته بأهليته العقلية مستغلاً خطابه ليلة 28 أيار/مايو الذي طغى عليه الزعامة الشخصية والقبلية وأحدث ثغرة ولج منها النظام لتنفير العشائر من العشائرية ومن النائب المغامر. كما اقتنص النظام الفرصة لاستعادة زمام المبادرة وطرح مسألة الإصلاح السياسي وتفويت فرصة المبادرة على الشعب.
وعليه، فإن الإصلاح السياسي الذي يدفع في هذا الاتجاه متعاليًّا على الإصلاح والتغيير المعبر عن عقيدة الأمة وإرادتها هو جعجعة بلا طحين، وسلم يتسلق عليه النظام لضمان بقائه وتخطي المحاسبة والافلات من العقاب على جرائمه السياسية والاقتصادية، ولن يزيد أهل الأردن وفلسطين إلا تيهًا وشقاء.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
2/ذي القعدة/1442هـ حزب التحرير
12/6/2021م ولاية الأردن
مهزلة الإصلاح في الأردن
صدر يوم الخميس 10 حزيران/يونيو إرادة ملكية بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة سمير الرفاعي. حيث قال الملك في رسالته إلى الرفاعي: "أضمن أمامكم وأمام الأردنيين أن نتائج ما ستقدمه اللجنة ستتبناه حكومتي وتنقله إلى مجلس النواب، على أن ذلك سيحصل دون أي تدخلات أو تأثيرات أو حتى محاولات تغيير"، ملتزمًا أمام الأردنيين جميعًا بنتائج مخرجاتها على أساس أن الحكومة والبرلمان القادمين سيُشَكلان على هذا الأساس.
ومن الواضح أن غياب خبراء اقتصاديين عن اللجنة يحصر وظيفة اللجنة بالمسائل السياسية التي تُمهد لاستقبال مخرجات تصفية قضية فلسطين، وبخاصة ملف اللاجئين كثمن لتلبية مطالب الإصلاح الدستوري التي ينادي بها أهل الأردن.
ومن الواضح أيضًا أن اختيار الملك لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي الذي غرد سابقًا بأن "المطلوب نسخة عربية من الغلاسنوست مع البيروسترويكا بدءًا من مفهوم جديد للعلاقات بين الدولة والمواطن" والذي فشلت حكومته في الإصلاح لا يُنبئ بإصلاحات سياسية حقيقية، وإنما يُبشر بمزيد من التفكيك الذي قد يؤول إلى ما آلت إليه البيروسترويكا السوفيتية التي أطاحت بالدولة والمجتمع، لا سيما وأن شخصيات غالبية أعضاء اللجنة المكونة من 92 عضو لا تعكس إرادة الشعب بقدر ما تعكس أرادة النظام وتطلعاته.
إن الإصلاحات السياسية التي تقودها اللجنة الملكية برئاسة سمير الرفاعي هي حصان طروادة، الذي سيتم من خلاله إعادة هيكلة النظام، بما يلبي جزءًا من طموحات الشعب لتفريغ احتقانه، بعد أن أطلقت أميركا عن قصد وتواطؤ داخلي يد الفاسدين؛ مثل باسم عوض الله والحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة سمير الرفاعي منذ تولي الملك عبدالله الحكم إلى يومنا هذا؛ لتفكيك النظام وإضعاف مؤسساته العسكرية والأمنية والتشريعية والتنفيذية والقضائية وبنيته العشائرية، بحيث جعلت أميركا أهدافها هي مطلب الشعب والمعارضة للإصلاح السياسي؛ أي جعلت مطالب الإصلاح الذي تريده منبعثة من "المكون الأردني"، الذي يقف عقبة أمام إغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.
ولذلك كان الإصلاح السياسي منذ تولي الملك عبدلله الحكم، وبخاصة مع انطلاق "الربيع العربي"، مرتهنًا لمسار الحل على الجانب الفلسطيني الذي اضطرب بسبب أجندة نتنياهو وترمب والإنجيليين في الولايات المتحدة، وبسبب المحاذير التي كان لا بد للملك عبدالله من توخي تداعياتها على مستقبله السياسي وأسرته، وبالتالي كانت مماطلة النظام الأردني بالإصلاح مرتبطة بإيقاع السياسة الأميركية للشرق الأوسط، ومرتهنة بالرؤية الأميركية وبتبدل الإدارة وتوجهات صناع القرار في أميركا، واستدارتهم نحو حل الدولتين، مع الاحتفاظ بما تحقق على يد إدارة ترمب من مكاسب كنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكسر الحواجز أمام التطبيع والتحالف ودمج الكيان الغاصب في المنطقة.
وكما يبدو أن ملف الإصلاح السياسي الذي سوّق له رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز قبل شهر، قد اتخذ شكلًا مؤسسيًّا بتكليف سمير الرفاعي بالإشراف عليه، وذلك بموازاة نتائج الحرب على غزة وقضية القدس وسقوط نتنياهو وسعي محمود عباس ومصر وقطر لدمج فصائل المقاومة الفلسطينية بالسلطة ومنظمة التحرير واستئناف المفاوضات واستكمال مسلسل تصفية قضية فسطين. ومن لوازم ذلك إعادة هيكلة النظام الأردني تحت عنوان الإصلاح السياسي الذي سيطال قانون انتخاب يضمن توسيعَ تمثيل "المكون الفلسطيني" والوصول إلى حكومة برلمانية يحصل "المكون الفلسطيني" من خلالها على "الحقوق السياسية" ويُغلق معها ملف اللاجئين، وقد يتم من خلالها التوصل إلى صيغة أردنية مع السلطة الفلسطينية لرعاية سكان الضفة والقطاع، مع احتفاظ الكيان الغاصب بالسيادة على الأرض. وبخاصة وأن النظام قد استغل نتائج حادثة النائب أسامة العجارمة وتعاطف عشائر الأردن مع أهل فلسطين لتوسيع مفهوم "المواطنة" واستيعاب اللاجئين في النسيج المجتمعي لدواعي سياسية لا علاقة لها بالوطنية والأخوة الإسلامية، كما استغلها لحشد التأييد للملك على قاعدة "الضربة التي لا تقتلك تقويك"، بحيث تمكن النظام من تعبئة الرأي العام ضد النائب العجارمة وتحويل موقف العشائر والمعارضة لصالح الملك، رغم أن سقف المطالب التي نادى بها النائب هي ذاتها التي كانت تنادي بها العشائر والمعارضة، بل وتمكن النظام بأكثر من ذلك حيث شكك في النائب المغامر ذاته وعشيرته بأهليته العقلية مستغلاً خطابه ليلة 28 أيار/مايو الذي طغى عليه الزعامة الشخصية والقبلية وأحدث ثغرة ولج منها النظام لتنفير العشائر من العشائرية ومن النائب المغامر. كما اقتنص النظام الفرصة لاستعادة زمام المبادرة وطرح مسألة الإصلاح السياسي وتفويت فرصة المبادرة على الشعب.
وعليه، فإن الإصلاح السياسي الذي يدفع في هذا الاتجاه متعاليًّا على الإصلاح والتغيير المعبر عن عقيدة الأمة وإرادتها هو جعجعة بلا طحين، وسلم يتسلق عليه النظام لضمان بقائه وتخطي المحاسبة والافلات من العقاب على جرائمه السياسية والاقتصادية، ولن يزيد أهل الأردن وفلسطين إلا تيهًا وشقاء.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
2/ذي القعدة/1442هـ حزب التحرير
12/6/2021م ولاية الأردن