المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية التوجه السياسي لقادة المقاو مة



Abu Taqi
28-05-2021, 10:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
التوجه السياسي لقادة المقاو مة
في أثناء جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين في المنطقة، قال إسماعيل هنـ ية رئيس المكتب السياسي لحر كة حمـ اس عبر قناة الجزيرة يوم الأربعاء 26 أيار/مايو: "سددنا ضربة قوية لصفقة القرن، وأعدنا القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وأدخلنا القدس في قواعد الاشتباك"، وقال: "على الاحتـ لال أن يلتقط هذه الرسالة فيما يتعلق بالقدس والمقدسات".
وفيما يتعلق بالمواقف الدولية، قال: "نقدر هذا التغير النسبي في مواقف أوروبا والولايات المتحدة، ونرحب بتغيير وتصحيح الموقف الذي نعتبر أنه كان خاطئا في السابق". ومن المعلوم أن الموقف السابق هو موقف ترمب، وأن المواقف التي قال بأنه يقدرها ويرحب بها هي "حل الدولتين" الذي لم يصدر عن الأطراف الدولية غيرها.
وأضاف : "إن أي تغيير إيجابي حيال القضية وفصـ ائل المقـ اومة سنتعامل معه بإيجابية" وأضاف أيضًا: "أن يُعرض علينا بالتأكيد مشاريع يمكن أن توصلنا في المحصلة الأخيرة إلى إنهاء الاحتـ لال، إنهاء الاستيطـ ان، إلى القدس عاصمة، إلى تأمين حق العودة، إلى تحرير الأسرى من سجون الاحتلال، نحن كفلسطينيين سنتعامل مع ذلك بإيجابية وانفتاح".
وكان رئيس حركة حمـ اس في غزة يحيى السنـ وار أكثر صراحة عندما قال في مؤتمره الصحفي بنفس اليوم: "إذا تمكن العالم من الضغط على الاحتـ لال بأن ينسحب من الضفة الغربية وتفكيك المستو طنات في الضفة الغربية، والانسحاب من القدس الشرقية، وإطلاق سراح الأسرى، وإنهاء الحصار عن قطاع غزة، وأن يسمح لنا بإجراء انتخاباتنا في القدس، وإقامة دولتنا الفلسطينية على جزء من أرضنا فبالتأكيد هناك إمكانية أن يتحقق من خلاله هدنة طويلة الأمد نسبيا تؤجل الصراع، وتحقق حالة من الاستقرار في المنطقة". وأردف قائلًا بأن عقيدة حمـ اس السياسية هي "إزالـ ـة إسر ائيل بالجـ هاد والكـ فاح المسـ لح، ولكن من أجل الموقف الفلسطيني الموحد، والقواسم الفلسطينية المشتركة، ولأن هناك إرادة دولية، قلنا نحن جاهزون للذهاب إلى هذا الخيار". وأضاف "اليوم أمام القوى الدولية فرصة لأن يترجموا مخرجات هذه المعركة إلى إنجاز سياسي".
وهذه التصريحات التي تكررت على لسان قادة المقا ومة هي بالضبط ما تسعى الولايات المتحدة لتصفية قضية فلسطين على أساسه، وقد عبر عن ذلك وزير خارجيتها أنتوني بلنكين بوضوح حيث قال: "إن دبلوماسية بايدن الهادئة التي لا هوادة فيها هي التي مهدت الطريق لاتفاق وقف اطلاق النار. وهو ما يمنحنا فرصة لإحداث نقطة ارتكاز لبناء شيء أكثر إيجابية". كما وأكد بلنكين أن حل الدولتين هو ما يسعى له بايدن وأنه هو "الحل الوحيد الذي يضمن مستقبل دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية يهودية. ويمنح كذلك الفلسطينيين الدولة التي يستحقونها". وأضاف: "علينا البدء في تهيئة الوضع الذي من شأنه أن يسمح لكلا الطرفين بالانخراط بطريقة ذات مغزى وإيجابية تجاه حل الدولتين. إذا لم يكن هناك تغيير إيجابي، ولا سيما إذا لم نتمكن من إيجاد طريقة لمساعدة الفلسطينيين على العيش بمزيد من الكرامة وبأمل أكبر، من المحتمل أن تتكرر الدورة نفسها، وهذا ليس في مصلحة أحد".
وفي ضوء هذا التطابق بين مواقف قادة المقاو مة وموقف الإدارة الأميركية، لا بد من التنبيه على أن الهدنة والمعاهدات المؤقتة والمنضبطة بالأحكام الشرعية يقرُّها الشرع، ولكن تغليف السير في ركب السلطة العميلة والعملية "السلمية" بـ"الهدنة طويلة الأجل"، وتبرير قبول حل الدولتين بـ"الموقف الفلسطيني الموحد" و"الإرادة الدولية" والفصل بين "العقيدة السياسية لحمـ اس وبين سلوكها ومقتضيات الواقع" لا قيمة له شرعًا، بل هو تضليل ومشاركة في تصفية قضية فلسطين إلى الأبد؛ لأن هذا الحل المطروح هو الحل النهائي الذي لن يتم إلا في إطار الاعتراف بحق الكيان الغا صب بالوجود؛ أي لا يتحقق إلا بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين، وتقسيم القدس، ووضع المقدسات تحت إدارة دولية. وهذا هو الحل المطروح من قبل السلطة والولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولي وليس شيئًا آخر، وبخاصة مسألة "الهدنة طويلة الأجل" التي يحاول قادة المقا ومة تبرير قبولهم بحل الدولتين من خلالها. ولهذا كان الجاسوس محمود عباس واضحًا في لقائه مع وزير الخارجية الأميركي حينما اشترط على المقاو مة الإقرار بالاتفاقيات السابقة، وقال: "ملتزمون بالمقا ومة الشعبية السلمية وأننا ننبذ العنف والإر هاب، ونريد فقط تحقيق حل سياسي من خلال الوسائل السلمية بيننا وإسرائيل"، وأضاف: "إنشاء حكومة وحدة وطنية، بشرط أن تلتزم حمـ اس وجميع الأطراف بكافة المقررات والاتفاقيات الشرعية الدولية المعروفة للجميع". بالإضافة إلى مطالبه السابقة بنزع سلاح المقاو مة أو وضعها تحت تصرف السلطة، وتوحيد قرار السلم والحرب تحت مظلة السلطة ومنظمة التحرير كشرط للمصالحة الوطنية التي تقود إلى وحدة السلطة والمواقف والقرارت. وبالتالي فإن الواجب الشرعي على قوى المقاو مة هو المحافظة على معادلة الردع والبقاء شوكة في حلوق العملاء والصها ينة، ومقابلة الحراك السياسي الذي يريد تسخير مخرجات الحرب لتحريك المسار الخياني بالرفض القاطع، وليس بدعوة العدو وعملائه لاغتنام الفرصة وتدوير النتائج وتحويلها إلى إنجاز سياسي يخدم إدارة بايدن ويُلغي حق المسلمين بكامل فلسطين بذريعة الهدنة طويلة الأجل!!
ومن الجريمة بحق الإسلام والمسلمين وأهل فلسطين ودماء الشهداء والأبرياء من النساء والأطفال أن يقدم قادة المقا ومة تضحيات أبنائهم إلى الولايات المتحدة لتدويرها وتحويلها إلى نفايات سياسية لاستهلاك المسلمين وتخديرهم، ولا تجنِ المقا ومة وأهل فلسطين والمسلمين سوى مصادرة أرضهم ومقدساتهم وتثبيت الكيان المجرم. ويصبح رجالهم الأبطال في الميدان أداة لأميركا تهش بهم على نتنياهو وقطعانه اليمينيين الرافضين لحل الدولتين.
وباختصار نقول لقادة المقا ومة ليست القدس والأقصى وحدهما خطًا أحمرَ، بل كل شبر في فلسطين خط أحمر دونه الدماء والشهـ داء؛ لأن جعل القدس وحدها خطًا أحمرَ دون باقي أرض فلسطين هو مضمون حل الدولتين الذي لا يمثل سوى قنبلة دخانية لحجب رؤية المسلمين عن استيلاء الكيان الغاصب لأرضهم. وحتى تكون يد المقا ومة هي العليا عليها أن تجعل كلمة الله هي العليا في صراعها العسكري والسياسي، وكلمة الله العليا توجب إزالة الا حتلال وعملائه عن كامل فلسطين وليس عن الضفة الغربية أو القدس وحدهما، إن لم يكن اليوم فغدًا، بالصبر والإعداد المستمر، والذي استطاع أن يطور في أسلحة المقا ومة من الحجر والمقلاع حتى الحزام الناسف ثم إلى الصواريخ والطائرات المسيرة، لقادر على الاستمرار من دون تنازلات، وإن قضية فلسطين هي قضية المسلمين جميعهم، والمقا ومة جزء منهم، وإن مواجهة الكيان الغاصب هو واجب الأمة كلها، ومهما تخلفت الأمة الإسلامية عن الجهاد وتحرير فلسطين بسبب تمزقها وغياب دولتها وتحكم الغرب وعملائه بها، لا يبرر الحلول الاستسلامية التي يجب رفضها، والنأي بالنفس عن سماسرتها، ورد القضية لأصحابها وهم المسلمين جميعًا، فقد احتل الصليبيون الأقصى مدة أطول من هذه ولم يقبل المسلمون التنازل عنها حتى جاء صلاح الدين وحررها.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون}
16/شوال/1442هـ
28/5/2021م