Abu Taqi
21-05-2021, 06:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
محاذير العدوان السياسي بعد وقف الحرب
ما أن دخل اتفاق وقف العدوان الصهيوني على غزة حيّز التنفيذ فجر يوم الجمعة21 أيار/مايو، بعد 11 يومًا من القصف الذي أدى إلى استشهاد 240 شخصًا معظمهم من الأطفال والنساء في غزة. حتى سارع الرئيس الأميركي جو بايدن بالإعلان عن "أن وقف إطلاق النار أتاح فرصة حقيقية للتقدم".
وكان البيت الأبيض قد حدد التوجه الأميركي بمعالجة "أسباب التصعيد" المتعلقة بالقدس والمقدسات والتهويد وابتلاع أراضي الفلسطينيين، وهو الأمر الذي طالبت به ألمانيا أيضًا. وحتى لا يتسلح المسلمون بشجاعة مجاهديهم ويحصروا خياراتهم في السلاح، ومن أجل الالتفاف على نتائج المعركة وصد العدوان، وتناغمًا مع الموقف الأميركي، قال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: "إن الحل السياسي فقط هو الذي سيجلب السلام المستدام وينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأبد". بينما قالت الخارجية الروسية إن الهدنة بين الفلسطينيين و"إسرائيل" مهمة لكنها ليست كافية وهناك حاجة لبدء مفاوضات مباشرة.
وفي مساومة خسيسة على تضحيات أهل فلسطين والمتاجرة بدمائهم وغسل عار سلطة التنسيق الأمني "المقدس" وليس من قبيل الوفاء للشهداء، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن السلطة "سترفع جرائم الكيان الصهيوني للمحكمة الدولية"، مُسخّرًا دماء الأطفال والنساء في الدعاية الانتخابية الرخيصة، ومتخذًا منها ورقة تفاوضية للعملية الاستسلامية العبثية المقبلة. وهو ما يمثل بمعية الردع الذي حققته المقاومة، والضغط الدولي والتركيز الإعلامي العالمي على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، بالإضافة إلى سعي الديمقراطيين في أميركا لتعطيل صفقة عسكرية طارئة لإسرائيل عصًا غليظة لإرغام القادة الإسرائيليين والرأي العام الإسرائيلي على قبول الحلول المطروحة من قِبل إدارة بايدن، فيما تقوم أميركا بنفس الوقت بتقديم التحالف والتطبيع والاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة المزمع إبرامها بين "إسرئيل" ودولة الإمارات جزرة لإغراء الكيان الصهيوني بالتقدم بالعملية "السلمية".
وبالتالي فقد بدأت أميركا باستثمار المعطيات القائمة في ظل انقسام القادة الصهاينة وفي ظل حالة الهلع التي يعيشها الشارع الإسرائيلي من ضربات المقاومة. وتوظيفها في تحريك المياه الراكدة بشأن "العملية السلمية" واستكمال مراحل تصفية "قضية فلسطين". ففي استفسار لصحيفة الواشنطن بوست عن التحول المستغرب في نهج النواب الديمقراطيين بخصوص الحرب في فلسطين قال نائب المتحدث الصحفي في البيت الأبيض أندرو باتس: "إن نهج الرئيس يستند إلى مصالح الأمن القومي الأميركية، والحقائق على أرض الواقع، وقناعاته طويلة الأمد ـ وليس الاعتبارات السياسية المحلية"، وهو ما يُفسر الحياد الضاغط والكاذب في الصحف والمواقف الغربية والضغوط الأميركية على نتنياهو، مع التزام أميركا بأمن "إسرئيل" وبقائها.
وفي ضوء هذه المعطيات، ولتجنب لهب العواطف الطائشة والفزعة الساذجة، وانسجامًا مع العاطفة الصادقة والمشاعر المتيقظة، ومن منطلق ما يمليه ديننا، وتُحتّمه تحديات المواجهة مع العابثين والمنتفعين والمتآمرين والأعداء، لا بد من القول صراحة، إن أخطر المواقف التي تواجه "قضية فلسطين" اليوم، هي: مواقف كل من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، والذي بشر في منتصف هذا الشهر بقبوله الدخول في منظمة التحرير، والمشاركة في سلطة التنسيق الأمني "المقدس" مع القتلة الصهاينة، واستعداده للمشاركة في صنع القرار. وموقف الرئيس أردوغان الذي دعا إلى إنشاء لجنة من "الديانات الثلاث لإدارة المقدسات المشتركة في القدس باعتبارها إرثًا تاريخيًّا للعالم كله"، ودعا إلى تقسيم المدينة بين السلطة الفلسطينية وكيان يهود. وخطورة الأمر تكمن في كونهما يحظيان بإكبار وتأييد ومحبة من قبل المسلمين، ولكونهما يتقدمان بوصفهما الأكثر تمثيلًا للبعدين الديني والوطني. ولأنهما يقدمان رؤيتهما باعتبار أنها رؤية إسلامية وواقعية، مما قد يُسهل تمرير الحلول الاستسلامية وتصفية قضية فلسطين على يد أهلها.
والأحرى بهما وبقادة المسلمين الذين يحظون بتأييد سواد الأمة في شتى مواقعهم، أن يعبّروا عن صوت الأمة وقادتها وسلاح مجاهديها الذي خلع قلوب الصهاينة، وعن نبض هذه الأمة وشوقها المتدفق لرؤية جيوشها في ميادين الشرف. وأن يراهنوا على دينهم وأمتهم وأبطالهم الغّر المحجّلين في غزة وفلسطين وسائر بلاد المسلمين لا على الولايات المتحدة وعملائها المطبعين والمجتمع الدولي ومؤسساته المتواطئين.
إن انتهاء هذه الجولة من العدوان الصهيوني بهزيمته العسكرية لا يعني انتهاء الحرب ، وإن اكتمال النصر لا يتحقق بصد العدوان وإفشال أهدافه وحسب، بل بإزالة الاحتلال ومحوه من الوجود. فقد استأنفت الولايات المتحدة والكيان المجرم الحرب السياسية بصورة مباشرة وبالوكالة عبر أزلامهم العملاء في مصر، وقطر التي تحتضن قادة المقاومة لاحتوائهم والتحكم بمسارهم وخياراتهم، وعبر سلطة التنسيق الأمني "المقدس" قبل أن تجف دماء الشهداء ورفع الأنقاض. وعلى المسلمين أن يدركوا إن المعركة القادمة هي معركة وعي في المقام الأول، تستلزم صد المؤامرات السياسية، وتقوية مناعة الأمة وحصونها العقدية ضد سدنة العروش والشياطين الحاكمة وحراس المصالح الغربية في بلاد المسلمين، وبخاصة شيوخ الدجل الديني الذين يرابطون على ثغور الأنظمة ويبررون خيانتها، وغفر السواحل الأطلسية الاستعمارية من المليشيات الحركية والحزبية المسترزِقة سُحتًا بدينها وضروعها والمستبضعة حلولها من سفاح.
ويجب على المسلمين وأهل فلسطين أن يحافظوا على طابع القضية الإسلامي، إذ لو لم تكن القضية إسلامية لها ظهير على امتداد العالم الإسلامي، لانفرد الصهاينة بأهل فلسطين واقتلعوهم من ديارهم. ومع توقف هذه الجولة الهمجية من العدوان الصهيوني على أهلنا في فلسطين، ومع استبسال جنود المقاومة الذين بعثوا برسالة ممهورة بالدم والبارود للكيان المجرم والمتواطئين معه، بأن حروبه لم تعد نزهة لقطف الرؤوس كحروبه مع زرائب حكام العرب اللُقَطاء، وإن عليه أن يدفع ثمنًا باهظًا إذا ما تجاسر وكرر عدوانه على المسلمين. وإزاء رد رجال المقاومة الذي لجَم أطماعهم، وردع تغوّلهم، وأرعب قطعانهم وشراذمهم، وألزمهم أعشاشهم، وأنساهم وساوس كهنتهم ومزاعمهم التوراتية الكاذبة، وأذل سادتهم وكبراءهم، وردّ للمسلمين اعتبارهم وكرامتهم، لنبتهل إلى الله عز وجل أن يجعل تضحيات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه في ميزانهم، وأن يتقبل شهداءهم ويداوي جراحهم ويلبسهم ثوب العزة في الدنيا والآخرة، وأن يُجري الخير على أيديهم ويشف صدور قوم مؤمنين.
أيها الأخوة المجاهدون: الحذر الحذر من دخولكم في منظمة التحرير التي أنشأتها أميركا عن طريق الهالك عبد الناصر لتصفية قضية المسلمين بفلسطين. والحذر كل الحذر من التشارك في سلطة التنسيق الأمني "المقدس" مع الكيان الغاصب وتمرير حل الدولتين المزعوم من فوق جثث الشهداء وأشلاء الأطفال والنساء. فمن يريد أن يشارك الأعداء وأذنابهم وليمتَهم فليعلن أنه منهم لا من الجنود البواسل القابضين على الزناد، ولا ينسب تفريطه بالأرض ودم الشهداء إلى الإسلام بحجة الاضطرار؛ لأن عجز أهل فلسطين عن التحرير معذور شرعًا، أما رفض التنازل بغير إكراه مُلجئ يفضي إلى الهلاك الحتمي الذي لم يتحقق مناطه بعد، فمقدور عليه ولا عذر فيه. فلا تنساقوا وراء التضليل السياسي، أو يفتنكم المال القطري والخليجي، ولا يخدعنكم يهود وعملاؤهم بعهودهم الكاذبة، فتنزلقوا في وحل خيانة الله ورسوله ودم الشهداء والنساء والأطفال الأبرياء، ولا يُضلنكم حكام المسلمين وشيوخ المقاولات الدينية بفتاواهم بحجة المصلحة ولو غلفوها بستار الكعبة.
ومن يخضع لإرادة "المجتمع الدولي" ويحتكم إليه فليعلن أنه جزء من هذا المجتمع الدولي العفِن، وأنه لا ينتمي إلى أمة الإسلام وجذورها النضالية وتاريخها الجهادي وموروثها العقدي والتشريعي الذي لا يصح أن تحتكم إلى غيره أبدًا. وأما الحل، فإنه منوط بالأمة الإسلامية لا بأهل فلسطين وحدهم، وإن طريق التحرير الشرعي المنتج لن يمر إلا من فوق عروش الأنظمة الخيانية العميلة، حين تنهض هذه الأمة العظيمة وتنقاد إلى ثلة من رجالها المخلصين، وتخلع حكامها وتقيم دولتها وشريعة ربها، وتُلبي واجب الإعداد، وتمحو الحدود من بينها وتوحد البلاد، وتُعدُّ للجهاد وتزيل الاحتلال وتثأر لدماء شهدائها، وتمسح العار الذي ألصقه بها حكامها الأنذال.
فليأخذ المسلمون بالأسباب، وما النصر إلا من عند الله..
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
9/شوال/1442هـ
21/5/2021م
متابعة سياسية
محاذير العدوان السياسي بعد وقف الحرب
ما أن دخل اتفاق وقف العدوان الصهيوني على غزة حيّز التنفيذ فجر يوم الجمعة21 أيار/مايو، بعد 11 يومًا من القصف الذي أدى إلى استشهاد 240 شخصًا معظمهم من الأطفال والنساء في غزة. حتى سارع الرئيس الأميركي جو بايدن بالإعلان عن "أن وقف إطلاق النار أتاح فرصة حقيقية للتقدم".
وكان البيت الأبيض قد حدد التوجه الأميركي بمعالجة "أسباب التصعيد" المتعلقة بالقدس والمقدسات والتهويد وابتلاع أراضي الفلسطينيين، وهو الأمر الذي طالبت به ألمانيا أيضًا. وحتى لا يتسلح المسلمون بشجاعة مجاهديهم ويحصروا خياراتهم في السلاح، ومن أجل الالتفاف على نتائج المعركة وصد العدوان، وتناغمًا مع الموقف الأميركي، قال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: "إن الحل السياسي فقط هو الذي سيجلب السلام المستدام وينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأبد". بينما قالت الخارجية الروسية إن الهدنة بين الفلسطينيين و"إسرائيل" مهمة لكنها ليست كافية وهناك حاجة لبدء مفاوضات مباشرة.
وفي مساومة خسيسة على تضحيات أهل فلسطين والمتاجرة بدمائهم وغسل عار سلطة التنسيق الأمني "المقدس" وليس من قبيل الوفاء للشهداء، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن السلطة "سترفع جرائم الكيان الصهيوني للمحكمة الدولية"، مُسخّرًا دماء الأطفال والنساء في الدعاية الانتخابية الرخيصة، ومتخذًا منها ورقة تفاوضية للعملية الاستسلامية العبثية المقبلة. وهو ما يمثل بمعية الردع الذي حققته المقاومة، والضغط الدولي والتركيز الإعلامي العالمي على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، بالإضافة إلى سعي الديمقراطيين في أميركا لتعطيل صفقة عسكرية طارئة لإسرائيل عصًا غليظة لإرغام القادة الإسرائيليين والرأي العام الإسرائيلي على قبول الحلول المطروحة من قِبل إدارة بايدن، فيما تقوم أميركا بنفس الوقت بتقديم التحالف والتطبيع والاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة المزمع إبرامها بين "إسرئيل" ودولة الإمارات جزرة لإغراء الكيان الصهيوني بالتقدم بالعملية "السلمية".
وبالتالي فقد بدأت أميركا باستثمار المعطيات القائمة في ظل انقسام القادة الصهاينة وفي ظل حالة الهلع التي يعيشها الشارع الإسرائيلي من ضربات المقاومة. وتوظيفها في تحريك المياه الراكدة بشأن "العملية السلمية" واستكمال مراحل تصفية "قضية فلسطين". ففي استفسار لصحيفة الواشنطن بوست عن التحول المستغرب في نهج النواب الديمقراطيين بخصوص الحرب في فلسطين قال نائب المتحدث الصحفي في البيت الأبيض أندرو باتس: "إن نهج الرئيس يستند إلى مصالح الأمن القومي الأميركية، والحقائق على أرض الواقع، وقناعاته طويلة الأمد ـ وليس الاعتبارات السياسية المحلية"، وهو ما يُفسر الحياد الضاغط والكاذب في الصحف والمواقف الغربية والضغوط الأميركية على نتنياهو، مع التزام أميركا بأمن "إسرئيل" وبقائها.
وفي ضوء هذه المعطيات، ولتجنب لهب العواطف الطائشة والفزعة الساذجة، وانسجامًا مع العاطفة الصادقة والمشاعر المتيقظة، ومن منطلق ما يمليه ديننا، وتُحتّمه تحديات المواجهة مع العابثين والمنتفعين والمتآمرين والأعداء، لا بد من القول صراحة، إن أخطر المواقف التي تواجه "قضية فلسطين" اليوم، هي: مواقف كل من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، والذي بشر في منتصف هذا الشهر بقبوله الدخول في منظمة التحرير، والمشاركة في سلطة التنسيق الأمني "المقدس" مع القتلة الصهاينة، واستعداده للمشاركة في صنع القرار. وموقف الرئيس أردوغان الذي دعا إلى إنشاء لجنة من "الديانات الثلاث لإدارة المقدسات المشتركة في القدس باعتبارها إرثًا تاريخيًّا للعالم كله"، ودعا إلى تقسيم المدينة بين السلطة الفلسطينية وكيان يهود. وخطورة الأمر تكمن في كونهما يحظيان بإكبار وتأييد ومحبة من قبل المسلمين، ولكونهما يتقدمان بوصفهما الأكثر تمثيلًا للبعدين الديني والوطني. ولأنهما يقدمان رؤيتهما باعتبار أنها رؤية إسلامية وواقعية، مما قد يُسهل تمرير الحلول الاستسلامية وتصفية قضية فلسطين على يد أهلها.
والأحرى بهما وبقادة المسلمين الذين يحظون بتأييد سواد الأمة في شتى مواقعهم، أن يعبّروا عن صوت الأمة وقادتها وسلاح مجاهديها الذي خلع قلوب الصهاينة، وعن نبض هذه الأمة وشوقها المتدفق لرؤية جيوشها في ميادين الشرف. وأن يراهنوا على دينهم وأمتهم وأبطالهم الغّر المحجّلين في غزة وفلسطين وسائر بلاد المسلمين لا على الولايات المتحدة وعملائها المطبعين والمجتمع الدولي ومؤسساته المتواطئين.
إن انتهاء هذه الجولة من العدوان الصهيوني بهزيمته العسكرية لا يعني انتهاء الحرب ، وإن اكتمال النصر لا يتحقق بصد العدوان وإفشال أهدافه وحسب، بل بإزالة الاحتلال ومحوه من الوجود. فقد استأنفت الولايات المتحدة والكيان المجرم الحرب السياسية بصورة مباشرة وبالوكالة عبر أزلامهم العملاء في مصر، وقطر التي تحتضن قادة المقاومة لاحتوائهم والتحكم بمسارهم وخياراتهم، وعبر سلطة التنسيق الأمني "المقدس" قبل أن تجف دماء الشهداء ورفع الأنقاض. وعلى المسلمين أن يدركوا إن المعركة القادمة هي معركة وعي في المقام الأول، تستلزم صد المؤامرات السياسية، وتقوية مناعة الأمة وحصونها العقدية ضد سدنة العروش والشياطين الحاكمة وحراس المصالح الغربية في بلاد المسلمين، وبخاصة شيوخ الدجل الديني الذين يرابطون على ثغور الأنظمة ويبررون خيانتها، وغفر السواحل الأطلسية الاستعمارية من المليشيات الحركية والحزبية المسترزِقة سُحتًا بدينها وضروعها والمستبضعة حلولها من سفاح.
ويجب على المسلمين وأهل فلسطين أن يحافظوا على طابع القضية الإسلامي، إذ لو لم تكن القضية إسلامية لها ظهير على امتداد العالم الإسلامي، لانفرد الصهاينة بأهل فلسطين واقتلعوهم من ديارهم. ومع توقف هذه الجولة الهمجية من العدوان الصهيوني على أهلنا في فلسطين، ومع استبسال جنود المقاومة الذين بعثوا برسالة ممهورة بالدم والبارود للكيان المجرم والمتواطئين معه، بأن حروبه لم تعد نزهة لقطف الرؤوس كحروبه مع زرائب حكام العرب اللُقَطاء، وإن عليه أن يدفع ثمنًا باهظًا إذا ما تجاسر وكرر عدوانه على المسلمين. وإزاء رد رجال المقاومة الذي لجَم أطماعهم، وردع تغوّلهم، وأرعب قطعانهم وشراذمهم، وألزمهم أعشاشهم، وأنساهم وساوس كهنتهم ومزاعمهم التوراتية الكاذبة، وأذل سادتهم وكبراءهم، وردّ للمسلمين اعتبارهم وكرامتهم، لنبتهل إلى الله عز وجل أن يجعل تضحيات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه في ميزانهم، وأن يتقبل شهداءهم ويداوي جراحهم ويلبسهم ثوب العزة في الدنيا والآخرة، وأن يُجري الخير على أيديهم ويشف صدور قوم مؤمنين.
أيها الأخوة المجاهدون: الحذر الحذر من دخولكم في منظمة التحرير التي أنشأتها أميركا عن طريق الهالك عبد الناصر لتصفية قضية المسلمين بفلسطين. والحذر كل الحذر من التشارك في سلطة التنسيق الأمني "المقدس" مع الكيان الغاصب وتمرير حل الدولتين المزعوم من فوق جثث الشهداء وأشلاء الأطفال والنساء. فمن يريد أن يشارك الأعداء وأذنابهم وليمتَهم فليعلن أنه منهم لا من الجنود البواسل القابضين على الزناد، ولا ينسب تفريطه بالأرض ودم الشهداء إلى الإسلام بحجة الاضطرار؛ لأن عجز أهل فلسطين عن التحرير معذور شرعًا، أما رفض التنازل بغير إكراه مُلجئ يفضي إلى الهلاك الحتمي الذي لم يتحقق مناطه بعد، فمقدور عليه ولا عذر فيه. فلا تنساقوا وراء التضليل السياسي، أو يفتنكم المال القطري والخليجي، ولا يخدعنكم يهود وعملاؤهم بعهودهم الكاذبة، فتنزلقوا في وحل خيانة الله ورسوله ودم الشهداء والنساء والأطفال الأبرياء، ولا يُضلنكم حكام المسلمين وشيوخ المقاولات الدينية بفتاواهم بحجة المصلحة ولو غلفوها بستار الكعبة.
ومن يخضع لإرادة "المجتمع الدولي" ويحتكم إليه فليعلن أنه جزء من هذا المجتمع الدولي العفِن، وأنه لا ينتمي إلى أمة الإسلام وجذورها النضالية وتاريخها الجهادي وموروثها العقدي والتشريعي الذي لا يصح أن تحتكم إلى غيره أبدًا. وأما الحل، فإنه منوط بالأمة الإسلامية لا بأهل فلسطين وحدهم، وإن طريق التحرير الشرعي المنتج لن يمر إلا من فوق عروش الأنظمة الخيانية العميلة، حين تنهض هذه الأمة العظيمة وتنقاد إلى ثلة من رجالها المخلصين، وتخلع حكامها وتقيم دولتها وشريعة ربها، وتُلبي واجب الإعداد، وتمحو الحدود من بينها وتوحد البلاد، وتُعدُّ للجهاد وتزيل الاحتلال وتثأر لدماء شهدائها، وتمسح العار الذي ألصقه بها حكامها الأنذال.
فليأخذ المسلمون بالأسباب، وما النصر إلا من عند الله..
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
9/شوال/1442هـ
21/5/2021م