المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية حول التصعيد في القدس وسائر المدن الفلسطينية



Abu Taqi
11-05-2021, 03:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


متابعة سياسية
التصعيد في القدس وسائر المدن الفلسطينية
هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي في اليومين الأخيرين المصلين في المسجد الأقصى وفي محيطه؛ مما أسفر عن مئات الإصابات في صفوفهم. بينما أعرب البيت الأبيض اليوم عن مخاوف جدية إزاء "أعمال العنف" في القدس الشرقية المحتلة، وسط تصاعد التوترات على خلفية اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.
وكان الناطق باسم "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، أبو عبيدة، قد أمهل القوات الإسرائيلية للانسحاب من المسجد الأقصى حتى السادسة من مساء هذا اليوم، محذرًا من العواقب. أعقبها إطلاق رشقات من الصواريخ من غزة باتجاه المواقع الإسرائيلية في تل الربيع والقدس ومحيط غزة. وهو الأمر الذي أدانه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، مشددًا على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، موضحًا أن الولايات المتحدة ملتزمة بشكل كامل بالعمل على تهدئة الأوضاع في القدس.
إن التصعيد مع غزة والاستفزازات المتمثلة باقتحام المسجد الأقصى وإخلائه من المسلمين من قِبل إسرائيل يهدف إلى استدراج الفصائل الفلسطينية للعمل المسلح، وعسكرة الصدام لتبرير القمع المفرط، ووقف المقاومة "الشعبية" المُحرجة، وكسر وحدة الشعب ومؤازرته لأهالي القدس، وإجهاض سابقة التمرد على الكيان المجرم بشأن مصادرة الأراضي والبيوت، وشيطنة الحراك الفلسطيني وقلب الرأي العام العالمي ضد هبة الشباب الفلسطيني المسلم دفاعًا عن مقدساته.
وأما ردود فعل الحكام المخزية والخسيسة إزاء العدوان الصهيوني على المسلمين والمقدسات فتؤكد مجددًا وتستدعي تكثيف الجهود لخلعهم؛ لأنهم العائق دون وحدة الأمة الإسلامية وقوتها وقيامها بواجب الجهاد، ولأنهم الحارس الأمين للكيان المجرم وسبب تغوّله ووحشيته بحق أهلنا في فلسطين.
إن إدانة الأنظمة العربية والنظام المصري والسعودي وأكشاك الخليج بوجه خاص للعدوان الإسرائيلي على المقدسات، وتشكيل ضغط دبلوماسي وازن على الكيان الصهيوني إنما يعكس الإرادة الأميركية بتدويل المقدسات وانتزاعها من المسلمين، وتفويت الفرصة على نتنياهو من فرض الأمر الواقع، وتنفيذه لخطة ترمب، وخلطه الأوراق لتلافي أزمته السياسية، وتفويت الفرصة عليه في استثمار الأحداث لصالحه بخصوص تشكيل الحكومة، سيما وأن القوى السياسية في الولايات المتحدة رغم اتفاقها على حماية "إسرائيل" ودعمها، إلا أنهم يختلفون في تأييد السياسات الإسرائيلية كاختلاف الحزب الديمقراطي مع سياسة الأمر الواقع التي تتخذها "إسرائيل" نهجًا في سياستها تجاه القضية الفلسطينية، من منطلق حفاظ الولايات المتحدة على المصلحة الإسرائيلية، وهو ما صرح به جون كيري في خلافاته مع نتنياهو في آخر عهد أوباما. وفي هذا السياق يمكن تفسير الموقف الأميركي الذي يفصل بين المساس بأمن إسرائيل وبين السلوك السياسي الإسرائيلي، ويفضل إبداء موقفه الحقيقي للكيان الصهيوني إزاء سلوكه سرًا، وتفسير موقفه في مجلس الأمن الذي يبدو في ظاهره مؤيدًا للسلوك الإسرائيلي فيما هو توريط لنتنياهو وخادم لأجندة الولايات المتحدة بشأن تدويل المقدسات.
ومن هنا جاء التجييش في الإعلام العربي الموجَّه وغير البريء وقناة الجزيرة بخاصة، ومن هنا أيضًا جاء تشجيع فصائل المقاومة من خلال الدعم والتضخيم الإعلامي للدخول على خط المواجهات، وترويع السكان الصهاينة، وتسخيرها في تأليب الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو وإحراجه، وتسخيرها في خلق الأجواء الملائمة لتدويل الأزمة وإحياء مشروع تدويل المقدسات، ومن هنا جاء تشجيع الفلسطينيين في مدن الداخل أيضًا للتظاهر وإرباك الرأي العام الإسرائيلي اليميني الداعم لسياسة نتنياهو عبر التصريحات والمقالات الناقدة، كما جاء توسيع الاحتجاجات التي طالت منطقة النقب بشكل غير مسبوق لإدامة المقاومة الشعبية وإبقاء قضية المقدسات حية تلح بإيجاد حل لها، ولهذا فهمت الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية دورها وبنت موقفها في ضوء قراءتها للأحداث وردود الفعل الدولي وتوجهاته، وصعدت من لهجتها الدبلوماسية. ومما يؤكد أن المقدسات هي صعيد الأحداث هو ربط الأحداث كلها بقضية المقدسات بما في ذلك شروط حماس لوقف التصعيد، ولذلك تصدت الشرطة الإسرائيلية للمحتجين في القدس والداخل الفلسطيني بعنف، وواصلت التصعيد ضد حماس والتعهد بضربها تحديدًا وحشد التأييد الداخلي والدولي، واستدراج صدام عسكري مع حماس من طرف نتنياهو لإثارة مخاوف الصهاينة الأمنية وتعبئتهم وكسب تأييدهم والخروج من أزمته، ولفتح المجال أمام التراجع بدعوى المطالب الإقليمية الدولية حفظًا لماء وجهه في حال فشل في فرض الواقع، واجتذاب تأييد اليمين الديني المتطرف لصالحه من بوابة سلب أهل فلسطين والمسلمين أرضهم ومقدساتهم.
إن المسلمين غير معنيين بالمواقف السياسية والحلول البراغماتية المطروحة، ولا يعنيهم اختلاف المستعمرين على طريقة الذبح والامتهان والعدوان التي يعدونها لفلسطين ومقدسات المسلمين. وقد قال أهل فلسطين رجالاً ونساءً وسائر المسلمين كلمتهم دون خَوَر أو تخاذل وترجموها في نضالهم وبطولاتهم ونصرتهم لمقدساتهم وكتبوها بدمائهم وأسمعوها لعدوهم بأيديهم وبحجارتهم واعتصامهم، لا بهواتفهم وإفطارهم على موائد أعداء الله أو باللجوء إلى المجتمع الدولي، أن لا تنازل عن شبر من بلاد المسلمين، ولا تهاون بشأن مقدساتهم، بل الدم الدم، والهدم الهدم، الذي منع الصهاينة من فرض إرادتهم وأراغمهم على الانسحاب من ساحات الأقصى وتأجيل الملف القضائي بشأن إخلاء أهالي حي الشيخ جراح. ولسان حالهم ينادي المسلمين خارج فلسطين أن أنقذوا أنفسكم من إخوان الصهاينة اليهود من الحكام، وانفضوا غبار الذل الذي يسربل القاعدين منكم، وجسّدوا نصرتكم لإخوانكم ومقدساتكم في فلسطين والقدس بانتصاركم لدينكم وخلع أنظمتكم التي استعبدتكم وإقامة دولتكم وحكم الله فيكم.
{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
28/رمضان/1442هـ
10/5/2021م