Abu Taqi
07-04-2021, 10:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
تداعيات قضية الأمير حمزة
لم تمضِ ساعات بالأمس على ادعاء القصر أنه أنهى الخلاف بين الملك وأخيه في إطار العائلة، وإعلانه عن اصطفاف الأمير حمزة خلف قيادة أخيه الملك، حتى نشر الأمير حمزة تسجيلًا للقاء الذي جمعه مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، وجاء فيه اتهام مباشر من قِبل الأمير لأخيه الملك بالفساد والتخريب، مما يُعدُّ مؤشرًا على استمرار الخلاف رغم كلمة الملك التي نُشرت مساء هذا اليوم، وأكد فيها "وأد الفتنة"، وأن الأمير حمزة في قصره وفي رعايته.
ولعل أهم ما جاء في كلمة الملك بما يبدو منعزلًا عن سياق القضية هو قوله: "والخطوات القادمة ستكون محكومة بالمعيار الذي يحكم كل قراراتنا مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي"، بعد أن شدد على "التزام الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصًا لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه، فوق أي اعتبارات أخرى".
والذي قد يوحي بنية البطش بكل معارض وتكميم أفواه الشعب، وربما يوحي أيضًا بنية تنازل الملك عن العرش لابنه ولي العهد الأمير حسين، بعد خلق أجواء عرفية لاجمة، وحسم قضية الأمير حمزة تمامًا، سيما وأن ثمة مؤشرات في القضية والظروف الداخلية تشي بتهديدات وضغوط خارجية قد تُفقد الملك فرصة توريث ولده، حيث بدت الأزمة استفتاءً على مستقبل العرش، فعززت رصيد الأمير حمزة ولم تأت لصالح الملك وولي عهده، وبعثت برسالة مرعبة للملك وولي عهده في الداخل والخارج.
وإزاء هذه الأحداث كان لا بد لأهل الأردن أن يُدركوا ما يلي:
أولًا: إن انحياز الشعب لملك متهم من قبل أخيه بالفساد والتغول على الشعب والتنمر عليه أو الانحياز لأمير متهم من قبل أخيه بالتآمر مع الخارج، وسقوط الشعب في فخ التأطير والخيار بين خادمين للمصالح الأميركية، وحارسين للكيان الصهيوني، وحاكمين بغير ما أنزل الله، لن يُخرِج أهل الأردن من غيبوبة تبعية الأشخاص والارتهان للظلم والفقر والفساد الفاحش، ولن يُحرر القرار السياسي الأردني الذي لم يُتخذ في يوم من الأيام لصالح شعب هو خارج معادلة الحكم في المقام الأول، رغم أنه صاحب السلطان والولاية على نفسه شرعًا، ورغم أنه هو الطرف الرئيس في عقد الحكم وهو الذي يجوع ويدمى ويعرى وليس ملوكه، وذلك منذ تآمر جد هذه العائلة الشريف حسين بن علي وأولاده عبدالله وفيصل مع بريطانيا على الدولة العثمانية، ومنذ تواطأوا مع الحركة الصهيونية على إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين وتثبيته وتوسيعه وحراسته، إذ كان يُتخذ قرار هذه العائلة، التي زرعها المستعمر في جسد الأمة لحفظ مصالح الغرب و"إسرائيل"، من أجل استمرار تسيُّدهم على الشعب، وثرائهم هم وحاشيتهم من الطبقة المستغربة العميلة على حساب الأردن وأهله وقضاياهم. ولا يجادل في ذلك إلا جاهل أو مستعطٍ على موائد الملك وأعتاب السفارات الغربية.
ثانيًا: إن الخطوة التي أقدم عليها الملك عبدالله لإزاحة أخيه حمزة من المشهد السياسي والمجتمعي، نجمت عن استفحال الفحش والفساد والمحسوبية وتضييع مقدرات الدولة والشعب، والذي تسبب بتفكيك السند العشائري وأجهزة الأمن والجيش للملك وأزال هيبته وأضعف ولاء مؤسسات الدولة له، وهدد مستقبله وأطمع أخوه في "مُلكه"، وقوّض فرصة نقل السلطة إلى ولده سواء بالتنازل عن العرش بهدف تجديد النظام وتلافي خسارة السلطة، أو ضمان انتقالها لابنه بعد رحيله، وهذا هو الدافع الحقيقي للملك المأزوم مع أخيه الطامع والمتربص والخائف على إرث أبيه لا على مصالح شعبه.
والحال أن المسار الذي رسمته الولايات المتحدة للملك خلسةً منذ توليه الحكم كان يمضي لحرق الملك وولي عهده، ويرفع رصيد أخيه الأمير حمزة الذي حصنته أميركا ضد الفساد المبرمج والموجه من خلال إبعاده عن ولاية العهد وادخاره كصمام أمان لاستمرار النظام الأردني ودوره الوظيفي، وتقديمه بديلًا عن الملك وولده وأسرته الفاسدة في الوقت المناسب الذي بات يشعر الملك أنه قد اقترب مع قطع ترمب مراحل كبيرة في صفقة القرن والحل الإقليمي. حيث انحصر الدور الوظيفي للملك عبدالله بعد التطبيع الخليجي مع "إسرائيل" في مواصلة ما بدأه عن سبق إصرار منذ توليه العرش في تفكيك الهوية "الوطنية" المختزلة بـ"المكون الشرق أردني" لإعادة إنتاج الهوية "الوطنية" لتستوعب في شقها السياسي "المكون الفلسطيني" وإنهاء "حق العودة" حفاظًا على الهوية اليهودية لـ"إسرائيل" وهو الشغل الشاغل الذي تعمل عليه أميركا والسعودية والإمارات والسلطة الفلسطينية والوسط السياسي الإسرائيلي برمته، والذي تصب فيه أيضًا مطالب المعارضة "الوطنية" الأردنية بعلم وتواطؤ أو بجهل ورهانات غبية على صبي أبعدته أميركا عن الفساد لحشد تأييد السند العشائري الأردني المعرقل لتوطين الفلسطينيين واحتوائه عن طريقه.
ولذلك لا يُستبعد أن يكون الهدف من لقاء السفير الأميركي ووزيرالخارجية السعودية بالملك هو إنقاذ الأمير حمزة "الرهان الأميركي والإسرائيلي الرابح" بحسب المعطيات السياسية الداخلية في الأردن، والذي لا يزال مصيره حتى اللحظة مجهولًا. وإنقاذ العميل الفاسد باسم عوض الله الذي لم يحاكم على فساده وإضراره بالشعب، بل على "إضراره" المزعوم بالملك، هذا إذا حوكم ولم تنقذه أميركا وتُمعن في تأزيم الملك وإذلاله لتقويض الملكية وخلخلة النظام، وتعجيل الإصلاحات السياسية الملائمة لتصفية القضية "الفلسطينية".
ثالثًا: إن خطورة الموقف في هذه الأزمة تكمن في وضع الشعب أمام ازدواجية الخيار بين عميل فاسد وبين ملك أفسد من أخيه، مع أن أجندة التوطين وتصفية قضية فلسطين التي تفرضها الولايات المتحدة و"إسرائيل" والتي هي لب قضية التغييرات في الأردن، ماضية بكلا الأخوين. بل وماضية عن طريق السلطة العميلة والمعارضة الغبية والطائشة التي همها إبعاد ولي العهد الأمير حسين عن العرش، ومحاكمة بعض الفاسدين. وذلك أن مطالب المعارضة بتغيير قانون الانتخاب وحكومة برلمانية وملكية دستورية هو عين ما تريده أميركا، وسوف تنتهي الإصلاحات السياسية وهيكلة النظام وفق هوية "وطنية" معدّلة بتوافق بين النظام والمعارضة معًا، وبموجب البراغماتية السياسية وتحت عناوين الحاجة الملحة ووطأة التردي الاقتصادي.
رابعًا: إن الحل هو الاحتكام إلى الشرع شاء من شاء وأبى من أبى، إذ أن الشرع يوجب الوحدة وأخوة الإسلام ومعيار التقوى. ومن أعرض عن ذكر الله فإن له معيشة ضنكًا.
على الشعب المسلم في الأردن أن ينتزع سلطانه من هذا النظام الهش الممزق قبل أن ينقلوا الفتنة من القصر إلى أبنائه وقبل أن يسبقه إليه عملاء أميركا، وعلى الشعب المسلم أن لا يقبل بغير الحكم بشريعة ربه بديلًا. فهو المسؤول أمام الله أولًا وأخيرًا ولن ينفعه حمزة ولا عبد الله، إذ أنه لم ينفعه أسلافهم.
{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}
26/شعبان/1442هـ
7/4/2021م
متابعة سياسية
تداعيات قضية الأمير حمزة
لم تمضِ ساعات بالأمس على ادعاء القصر أنه أنهى الخلاف بين الملك وأخيه في إطار العائلة، وإعلانه عن اصطفاف الأمير حمزة خلف قيادة أخيه الملك، حتى نشر الأمير حمزة تسجيلًا للقاء الذي جمعه مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، وجاء فيه اتهام مباشر من قِبل الأمير لأخيه الملك بالفساد والتخريب، مما يُعدُّ مؤشرًا على استمرار الخلاف رغم كلمة الملك التي نُشرت مساء هذا اليوم، وأكد فيها "وأد الفتنة"، وأن الأمير حمزة في قصره وفي رعايته.
ولعل أهم ما جاء في كلمة الملك بما يبدو منعزلًا عن سياق القضية هو قوله: "والخطوات القادمة ستكون محكومة بالمعيار الذي يحكم كل قراراتنا مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي"، بعد أن شدد على "التزام الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصًا لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه، فوق أي اعتبارات أخرى".
والذي قد يوحي بنية البطش بكل معارض وتكميم أفواه الشعب، وربما يوحي أيضًا بنية تنازل الملك عن العرش لابنه ولي العهد الأمير حسين، بعد خلق أجواء عرفية لاجمة، وحسم قضية الأمير حمزة تمامًا، سيما وأن ثمة مؤشرات في القضية والظروف الداخلية تشي بتهديدات وضغوط خارجية قد تُفقد الملك فرصة توريث ولده، حيث بدت الأزمة استفتاءً على مستقبل العرش، فعززت رصيد الأمير حمزة ولم تأت لصالح الملك وولي عهده، وبعثت برسالة مرعبة للملك وولي عهده في الداخل والخارج.
وإزاء هذه الأحداث كان لا بد لأهل الأردن أن يُدركوا ما يلي:
أولًا: إن انحياز الشعب لملك متهم من قبل أخيه بالفساد والتغول على الشعب والتنمر عليه أو الانحياز لأمير متهم من قبل أخيه بالتآمر مع الخارج، وسقوط الشعب في فخ التأطير والخيار بين خادمين للمصالح الأميركية، وحارسين للكيان الصهيوني، وحاكمين بغير ما أنزل الله، لن يُخرِج أهل الأردن من غيبوبة تبعية الأشخاص والارتهان للظلم والفقر والفساد الفاحش، ولن يُحرر القرار السياسي الأردني الذي لم يُتخذ في يوم من الأيام لصالح شعب هو خارج معادلة الحكم في المقام الأول، رغم أنه صاحب السلطان والولاية على نفسه شرعًا، ورغم أنه هو الطرف الرئيس في عقد الحكم وهو الذي يجوع ويدمى ويعرى وليس ملوكه، وذلك منذ تآمر جد هذه العائلة الشريف حسين بن علي وأولاده عبدالله وفيصل مع بريطانيا على الدولة العثمانية، ومنذ تواطأوا مع الحركة الصهيونية على إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين وتثبيته وتوسيعه وحراسته، إذ كان يُتخذ قرار هذه العائلة، التي زرعها المستعمر في جسد الأمة لحفظ مصالح الغرب و"إسرائيل"، من أجل استمرار تسيُّدهم على الشعب، وثرائهم هم وحاشيتهم من الطبقة المستغربة العميلة على حساب الأردن وأهله وقضاياهم. ولا يجادل في ذلك إلا جاهل أو مستعطٍ على موائد الملك وأعتاب السفارات الغربية.
ثانيًا: إن الخطوة التي أقدم عليها الملك عبدالله لإزاحة أخيه حمزة من المشهد السياسي والمجتمعي، نجمت عن استفحال الفحش والفساد والمحسوبية وتضييع مقدرات الدولة والشعب، والذي تسبب بتفكيك السند العشائري وأجهزة الأمن والجيش للملك وأزال هيبته وأضعف ولاء مؤسسات الدولة له، وهدد مستقبله وأطمع أخوه في "مُلكه"، وقوّض فرصة نقل السلطة إلى ولده سواء بالتنازل عن العرش بهدف تجديد النظام وتلافي خسارة السلطة، أو ضمان انتقالها لابنه بعد رحيله، وهذا هو الدافع الحقيقي للملك المأزوم مع أخيه الطامع والمتربص والخائف على إرث أبيه لا على مصالح شعبه.
والحال أن المسار الذي رسمته الولايات المتحدة للملك خلسةً منذ توليه الحكم كان يمضي لحرق الملك وولي عهده، ويرفع رصيد أخيه الأمير حمزة الذي حصنته أميركا ضد الفساد المبرمج والموجه من خلال إبعاده عن ولاية العهد وادخاره كصمام أمان لاستمرار النظام الأردني ودوره الوظيفي، وتقديمه بديلًا عن الملك وولده وأسرته الفاسدة في الوقت المناسب الذي بات يشعر الملك أنه قد اقترب مع قطع ترمب مراحل كبيرة في صفقة القرن والحل الإقليمي. حيث انحصر الدور الوظيفي للملك عبدالله بعد التطبيع الخليجي مع "إسرائيل" في مواصلة ما بدأه عن سبق إصرار منذ توليه العرش في تفكيك الهوية "الوطنية" المختزلة بـ"المكون الشرق أردني" لإعادة إنتاج الهوية "الوطنية" لتستوعب في شقها السياسي "المكون الفلسطيني" وإنهاء "حق العودة" حفاظًا على الهوية اليهودية لـ"إسرائيل" وهو الشغل الشاغل الذي تعمل عليه أميركا والسعودية والإمارات والسلطة الفلسطينية والوسط السياسي الإسرائيلي برمته، والذي تصب فيه أيضًا مطالب المعارضة "الوطنية" الأردنية بعلم وتواطؤ أو بجهل ورهانات غبية على صبي أبعدته أميركا عن الفساد لحشد تأييد السند العشائري الأردني المعرقل لتوطين الفلسطينيين واحتوائه عن طريقه.
ولذلك لا يُستبعد أن يكون الهدف من لقاء السفير الأميركي ووزيرالخارجية السعودية بالملك هو إنقاذ الأمير حمزة "الرهان الأميركي والإسرائيلي الرابح" بحسب المعطيات السياسية الداخلية في الأردن، والذي لا يزال مصيره حتى اللحظة مجهولًا. وإنقاذ العميل الفاسد باسم عوض الله الذي لم يحاكم على فساده وإضراره بالشعب، بل على "إضراره" المزعوم بالملك، هذا إذا حوكم ولم تنقذه أميركا وتُمعن في تأزيم الملك وإذلاله لتقويض الملكية وخلخلة النظام، وتعجيل الإصلاحات السياسية الملائمة لتصفية القضية "الفلسطينية".
ثالثًا: إن خطورة الموقف في هذه الأزمة تكمن في وضع الشعب أمام ازدواجية الخيار بين عميل فاسد وبين ملك أفسد من أخيه، مع أن أجندة التوطين وتصفية قضية فلسطين التي تفرضها الولايات المتحدة و"إسرائيل" والتي هي لب قضية التغييرات في الأردن، ماضية بكلا الأخوين. بل وماضية عن طريق السلطة العميلة والمعارضة الغبية والطائشة التي همها إبعاد ولي العهد الأمير حسين عن العرش، ومحاكمة بعض الفاسدين. وذلك أن مطالب المعارضة بتغيير قانون الانتخاب وحكومة برلمانية وملكية دستورية هو عين ما تريده أميركا، وسوف تنتهي الإصلاحات السياسية وهيكلة النظام وفق هوية "وطنية" معدّلة بتوافق بين النظام والمعارضة معًا، وبموجب البراغماتية السياسية وتحت عناوين الحاجة الملحة ووطأة التردي الاقتصادي.
رابعًا: إن الحل هو الاحتكام إلى الشرع شاء من شاء وأبى من أبى، إذ أن الشرع يوجب الوحدة وأخوة الإسلام ومعيار التقوى. ومن أعرض عن ذكر الله فإن له معيشة ضنكًا.
على الشعب المسلم في الأردن أن ينتزع سلطانه من هذا النظام الهش الممزق قبل أن ينقلوا الفتنة من القصر إلى أبنائه وقبل أن يسبقه إليه عملاء أميركا، وعلى الشعب المسلم أن لا يقبل بغير الحكم بشريعة ربه بديلًا. فهو المسؤول أمام الله أولًا وأخيرًا ولن ينفعه حمزة ولا عبد الله، إذ أنه لم ينفعه أسلافهم.
{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}
26/شعبان/1442هـ
7/4/2021م