Abu Taqi
29-03-2021, 05:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الذي يحدث في الأردن؟
أصدر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بلاغًا يقضي بتمديد العمل بأحكام البلاغين (26) و(27) الصادرين استنادًا إلى أحكام أمر الدفاع رقم (19) لسنة 2020م، والمتعلقيْن بساعات الحظر الليلي، وحظر التجول الشامل ليوم الجمعة، والقطاعات المغلقة، وحتى تاريخ 15مايو/أيار 2021م.
والحقيقة أنه لم يعد خافيًا على أهل الأردن أن حكومته تُسخر بكل وقاحة قضية الوباء لأهداف سياسية بحتة؛ لأن إجراءات الحظر لم تمنع انتشار الوباء، وقد لاحظنا أن الوباء بات ذريعة لتدجين الشعب وتبرير تقييده؛ لأن إجراءات الحظر باتت مضطردة مع سخونة الأجواء السياسية والتذمر الشعبي من الفساد المالي والإداري ومن الأداء السياسي والاقتصادي الذي يسير بخطوات مدروسة نحو إعادة هيكلة النظام الأردني وفق الحل الإقليمي وتصفية قضية فلسطين، وما يترتب عليها من التزامات على الجانب الأردني لتسهيل الإملاءات الاقتصادية والحلول السياسية على حساب أهل الأردن وفلسطين، سواء تحت مسمى "الوطن البديل" أو "حل الدولتين" الذي تُشير الوقائع على الأرض بأنه مجرد ذر للرماد في العيون.
وكل ذلك يتطلب تكميم الأفواه وقمع المعترضين وقهر إرادة الشعب. فعقب إعلان الحكومة الأردنية عن اتفاقية الدفاع المشترك التي أبرمتها الحكومة مع الولايات المتحدة بتاريخ 31 كانون ثاني/يناير 2021 والتي تضع الأردن تحت تصرف الولايات المتحدة لمدة 15 عام، ومع ارتفاع أصوات تنادي بإلغاء الاتفاقية ومحاسبة المسؤولين عن توقيعها، ومع تجدد الحراك الأردني المطالب بإصلاحات دستورية أعلنت الحكومة عن تمديد إجراءات الحظر حتى 15 مايو/أيار 2021 ومواصلة إذلال الشعب وحرمانه من ممارسة شعائر دينه في شهر رمضان الذي تتأجج فيه مشاعر وحدة المسلمين، التي تحرص الحكومات المجرمة على منعها، والحيولة دون تحققها، وانبعاث مظاهرها حتى في العبادات.
وهذا الحظر وقانون الدفاع لا مبرر له سوى الحفاظ على النظام الهش ضد أي تحرك شعبي قد يطيح به وبأجندة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إذ أن التقارير الحكومية تشير إلى أن الوباء قد بلغ ذروته وهو في اتجاه التسطيح وانخفاض معدلات الإصابة، مما يؤكد تسييس الحكومة لقضية الوباء وتسخيره في إرهاب الشعب وتكميم أفواهه، كما يؤكد أن اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة تندرج في سياق الوقاية من خطر انهيار النظام بفعل القرارات المتعلقة بهيكلة النظام، وبخاصة ضد الجيش الذي لم يعد يخفى على أفراده وضباطه فساد النظام والوسط السياسي وخيانته.
وفي هذ السياق لا يستبعد أن يكون الإعلان عن اتفاقية الدفاع المذلة مع الولايات المتحدة والحوادث التي وقعت وستقع بشكل مضطرد مع التغييرات الداخلية بالإضافة إلى قضايا الفساد والضغوط السياسية والاقتصادية التي لم يعد يتحملها الشعب مقصودًا لإثارة غضبه، وتسريع التغييرات الدستورية التي ستبدو تلبية لمطالب الحراك، وهي في حقيقتها تصب في مسار هيكلة النظام لاستيعاب مخرجات تصفية قضية فلسطين، عبر توطين اللاجئين الفلسطينيين، ومنحهم الحقوق السياسية في إطار قانون انتخاب جديد يعكس الواقع "الديموغرافي"، ويؤول إلى ملكية دستورية وحكومة برلمانية منتخبة توازن بين مكونات الشعب، وتمثل كافة السكان. حيث أن اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة تهدف بحسب ما هو معلن إلى تعزيز "أمن واستقرار الأردن" المختزل بالنظام، وتنص على وجوب حماية الأردن للقوات الأميركية التي تستبيح أراضيه، ما يعني أن مهمة القوات الأميركية موجهة لحماية النظام غير المستقر والذي سيتعرض لهزات كبرى بفعل مخرجات الحلول على الجانب الفلسطيني؛ أي أن الاتفاقية علاوة على ترسيخها للدور الوظيفي الأردني هي رسالة تهديد وتخويف للشعب، وتذكير له بما فعلت القوات الأميركية والمتعاقدين معها بأهل العراق، وهي رسالة إلى القوى "الوطنية" والجيش والأمن والمتقاعدين العسكريين والحراك الأردني، وهي رسالة إلى دول الجوار "سوريا والسعودية والعراق وإيران"، والغرض من نشرها في هذا الوقت هو تطبيع الوجود الأميركي عبر نشر بنود الاتفاقية كما هي حتى لا تُستخدم من قبل "القوى الوطنية في الجيش والأجهزة الأمنية" بطريق التسريب الذي لم يتمكن الملك من وقف نزيفه.
ويمكن القول إن نشر الاتفاقية هو عمل في غاية الخبث؛ لأنه يفوت الفرصة على المتربصين من جهة، ويقود قوى المعارضة إلى ردّ الاتفاقية لمجلس النواب الذي يتلقى الأوامر من الأجهزة الأمنية والقصر؛ لتفضي الاتفاقية بعد ذلك إلى القوننة بصورة شرعية، وتمنع الجيش من ممارسة وظيفته أو التعرض للقوات الأميركية، وتحيله إلى حارس يسهل للعدو مهماته. وكل ذلك لأنه لا ثقة للملك وأميركا بالجيش الأردني الذي قد يعترض التغييرات الدستورية والهيكلة المطلوبة لمخرجات الحلول الاستسلامية؛ ولانه لا ثقة بتقبل أهل الأردن لمخرجات تصفية "القضية الفلسطينية". وبالتالي فإن الاتفاقية التي تمتد لـ15 عام تنطوي على جملة من الرسائل الداخلية في المقام الأول، ولا تخلو من رسائل إلى دول الجوار وبخاصة سوريا.
لقد تجاوز النظام الأردني كل الحدود في امتهانه لكرامة أهل الأردن والتفريط بمقدراتهم، ولم تعد كذبة "الدولة الريعية" التي يتخذها النظام ذريعة للتضييق على الناس وحرمانهم من حقوقهم وتحميلهم تبعات فشله وفساده وخيانته تنطلي على أحد، فالدولة الريعية هي الدولة التي تعتمد على 65% من دخلها القومي من مصدر واحد، والتي لا تعتمد فيها الدولة على الضرائب ويعتمد فيها الشعب على الدولة، وهذا بخلاف واقع النظام في الأردن. إذ أن ميزانية الأردن سنة 2019 والبالغة حوالي 9 ونصف مليار دولار، تعتمد على ما يقارب 8 مليار دولار من الضرائب المباشرة وغير المباشرة. والقضية لم تعد وباء كورونا الذي تكبل الحكومة الشعب بحجته، بل القضية هي وباء النظام الفاجر الذي دأب على الكذب والخيانة والتسلط على رقاب الناس ولا خلاص منه إلا باستئصاله.
ولذا يتوجب على الشعب أن يدرك أن أحوال الأمم والشعوب لا تتتغير إلا إذا تغيرت الشعوب نفسها وعادت أمة تربطها العقيدة، ولا تفرقها القومية والجهوية والأعراق، ولا تغيير حقيقيًّا يفضي إلى النهضة والتحرر من الاستعمار وأذنابه إلا التغيير على أساس الإسلام كما فعل نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم.
15/شعبان/1442هـ حزب التحرير
29/3/2021م ولاية الأردن
ما الذي يحدث في الأردن؟
أصدر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بلاغًا يقضي بتمديد العمل بأحكام البلاغين (26) و(27) الصادرين استنادًا إلى أحكام أمر الدفاع رقم (19) لسنة 2020م، والمتعلقيْن بساعات الحظر الليلي، وحظر التجول الشامل ليوم الجمعة، والقطاعات المغلقة، وحتى تاريخ 15مايو/أيار 2021م.
والحقيقة أنه لم يعد خافيًا على أهل الأردن أن حكومته تُسخر بكل وقاحة قضية الوباء لأهداف سياسية بحتة؛ لأن إجراءات الحظر لم تمنع انتشار الوباء، وقد لاحظنا أن الوباء بات ذريعة لتدجين الشعب وتبرير تقييده؛ لأن إجراءات الحظر باتت مضطردة مع سخونة الأجواء السياسية والتذمر الشعبي من الفساد المالي والإداري ومن الأداء السياسي والاقتصادي الذي يسير بخطوات مدروسة نحو إعادة هيكلة النظام الأردني وفق الحل الإقليمي وتصفية قضية فلسطين، وما يترتب عليها من التزامات على الجانب الأردني لتسهيل الإملاءات الاقتصادية والحلول السياسية على حساب أهل الأردن وفلسطين، سواء تحت مسمى "الوطن البديل" أو "حل الدولتين" الذي تُشير الوقائع على الأرض بأنه مجرد ذر للرماد في العيون.
وكل ذلك يتطلب تكميم الأفواه وقمع المعترضين وقهر إرادة الشعب. فعقب إعلان الحكومة الأردنية عن اتفاقية الدفاع المشترك التي أبرمتها الحكومة مع الولايات المتحدة بتاريخ 31 كانون ثاني/يناير 2021 والتي تضع الأردن تحت تصرف الولايات المتحدة لمدة 15 عام، ومع ارتفاع أصوات تنادي بإلغاء الاتفاقية ومحاسبة المسؤولين عن توقيعها، ومع تجدد الحراك الأردني المطالب بإصلاحات دستورية أعلنت الحكومة عن تمديد إجراءات الحظر حتى 15 مايو/أيار 2021 ومواصلة إذلال الشعب وحرمانه من ممارسة شعائر دينه في شهر رمضان الذي تتأجج فيه مشاعر وحدة المسلمين، التي تحرص الحكومات المجرمة على منعها، والحيولة دون تحققها، وانبعاث مظاهرها حتى في العبادات.
وهذا الحظر وقانون الدفاع لا مبرر له سوى الحفاظ على النظام الهش ضد أي تحرك شعبي قد يطيح به وبأجندة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إذ أن التقارير الحكومية تشير إلى أن الوباء قد بلغ ذروته وهو في اتجاه التسطيح وانخفاض معدلات الإصابة، مما يؤكد تسييس الحكومة لقضية الوباء وتسخيره في إرهاب الشعب وتكميم أفواهه، كما يؤكد أن اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة تندرج في سياق الوقاية من خطر انهيار النظام بفعل القرارات المتعلقة بهيكلة النظام، وبخاصة ضد الجيش الذي لم يعد يخفى على أفراده وضباطه فساد النظام والوسط السياسي وخيانته.
وفي هذ السياق لا يستبعد أن يكون الإعلان عن اتفاقية الدفاع المذلة مع الولايات المتحدة والحوادث التي وقعت وستقع بشكل مضطرد مع التغييرات الداخلية بالإضافة إلى قضايا الفساد والضغوط السياسية والاقتصادية التي لم يعد يتحملها الشعب مقصودًا لإثارة غضبه، وتسريع التغييرات الدستورية التي ستبدو تلبية لمطالب الحراك، وهي في حقيقتها تصب في مسار هيكلة النظام لاستيعاب مخرجات تصفية قضية فلسطين، عبر توطين اللاجئين الفلسطينيين، ومنحهم الحقوق السياسية في إطار قانون انتخاب جديد يعكس الواقع "الديموغرافي"، ويؤول إلى ملكية دستورية وحكومة برلمانية منتخبة توازن بين مكونات الشعب، وتمثل كافة السكان. حيث أن اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة تهدف بحسب ما هو معلن إلى تعزيز "أمن واستقرار الأردن" المختزل بالنظام، وتنص على وجوب حماية الأردن للقوات الأميركية التي تستبيح أراضيه، ما يعني أن مهمة القوات الأميركية موجهة لحماية النظام غير المستقر والذي سيتعرض لهزات كبرى بفعل مخرجات الحلول على الجانب الفلسطيني؛ أي أن الاتفاقية علاوة على ترسيخها للدور الوظيفي الأردني هي رسالة تهديد وتخويف للشعب، وتذكير له بما فعلت القوات الأميركية والمتعاقدين معها بأهل العراق، وهي رسالة إلى القوى "الوطنية" والجيش والأمن والمتقاعدين العسكريين والحراك الأردني، وهي رسالة إلى دول الجوار "سوريا والسعودية والعراق وإيران"، والغرض من نشرها في هذا الوقت هو تطبيع الوجود الأميركي عبر نشر بنود الاتفاقية كما هي حتى لا تُستخدم من قبل "القوى الوطنية في الجيش والأجهزة الأمنية" بطريق التسريب الذي لم يتمكن الملك من وقف نزيفه.
ويمكن القول إن نشر الاتفاقية هو عمل في غاية الخبث؛ لأنه يفوت الفرصة على المتربصين من جهة، ويقود قوى المعارضة إلى ردّ الاتفاقية لمجلس النواب الذي يتلقى الأوامر من الأجهزة الأمنية والقصر؛ لتفضي الاتفاقية بعد ذلك إلى القوننة بصورة شرعية، وتمنع الجيش من ممارسة وظيفته أو التعرض للقوات الأميركية، وتحيله إلى حارس يسهل للعدو مهماته. وكل ذلك لأنه لا ثقة للملك وأميركا بالجيش الأردني الذي قد يعترض التغييرات الدستورية والهيكلة المطلوبة لمخرجات الحلول الاستسلامية؛ ولانه لا ثقة بتقبل أهل الأردن لمخرجات تصفية "القضية الفلسطينية". وبالتالي فإن الاتفاقية التي تمتد لـ15 عام تنطوي على جملة من الرسائل الداخلية في المقام الأول، ولا تخلو من رسائل إلى دول الجوار وبخاصة سوريا.
لقد تجاوز النظام الأردني كل الحدود في امتهانه لكرامة أهل الأردن والتفريط بمقدراتهم، ولم تعد كذبة "الدولة الريعية" التي يتخذها النظام ذريعة للتضييق على الناس وحرمانهم من حقوقهم وتحميلهم تبعات فشله وفساده وخيانته تنطلي على أحد، فالدولة الريعية هي الدولة التي تعتمد على 65% من دخلها القومي من مصدر واحد، والتي لا تعتمد فيها الدولة على الضرائب ويعتمد فيها الشعب على الدولة، وهذا بخلاف واقع النظام في الأردن. إذ أن ميزانية الأردن سنة 2019 والبالغة حوالي 9 ونصف مليار دولار، تعتمد على ما يقارب 8 مليار دولار من الضرائب المباشرة وغير المباشرة. والقضية لم تعد وباء كورونا الذي تكبل الحكومة الشعب بحجته، بل القضية هي وباء النظام الفاجر الذي دأب على الكذب والخيانة والتسلط على رقاب الناس ولا خلاص منه إلا باستئصاله.
ولذا يتوجب على الشعب أن يدرك أن أحوال الأمم والشعوب لا تتتغير إلا إذا تغيرت الشعوب نفسها وعادت أمة تربطها العقيدة، ولا تفرقها القومية والجهوية والأعراق، ولا تغيير حقيقيًّا يفضي إلى النهضة والتحرر من الاستعمار وأذنابه إلا التغيير على أساس الإسلام كما فعل نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم.
15/شعبان/1442هـ حزب التحرير
29/3/2021م ولاية الأردن