Abu Taqi
01-01-2021, 02:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
التفجيرات في مطار عدن
وقع يوم أمس الأربعاء 30 كانون أول/ ديسمبر عدة انفجارات في مطار مدينة عدن اليمنية، بعد وقت قصير من هبوط طائرة تقل أعضاءَ الحكومة الجديدة برئاسة معين عبد الملك، والتي أعلن عن تشكيلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور يوم 18 كانون أول/ديسمبر وفقا لـ"اتفاق الرياض"، وأسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصًا وإصابة العشرات.
ومن قراءة الحدث وما يتصل به يتضح أنه ومنذ توقيع اتفاق الرياض، في 5 نوفمبر/تشرين ثاني 2019، بين الحكومة اليمنية المدعومة سعوديًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا والداعي إلى انفصال الجنوب، والأزمة اليمنية تراوح مكانها، ولم يتم تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق حتى إعلان تشكيل الحكومة في هذا الشهر.
كما يتضح من الضغوط التي مارستها السعودية لوقف القتال في الجنوب منذ بداية الشهر الجاري أن محمد بن سلمان قد اجترح حلًا للمعضلة العسكرية والسياسية بتشكيل الحكومة على عجل وكأنه يسابق الزمن، مما يجعل الحدث مرتبطًا بشكل وثيق بانتقال السلطة في الولايات المتحدة لإدارة بايدن، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإعادة تقييم علاقة بلاده مع السعودية، وسحب الدعم الأميركي للجهود الحربية السعودية، ومساعدتها على "الخروج من المستنقع الذي أوجدته لنفسها" بحسب وصفه، كما لوّح بعدة ملفات في وجه ابن سلمان كقضية اغتيال جمال خاشقجي، بهدف ابتزازه وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لا تقل أهمية عما حققه ترمب، وذلك لحاجة بايدن إلى إنجاز سياسي يعزز مكانته ومكانة الحزب الديمقراطي لدى قوى الضغط والتيار الإنجيلي في الولايات المتحدة نحو جلب ابن سلمان للتطبيع مع "إسرائيل". من هنا كان سعي ابن سلمان لحل النزاع العسكري من دون تجريد مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي من سلاحها وتفكيكها، أو دمجها ضمن مؤسسات الدولة "الشرعية" وتشكيله للحكومة بصورة مستفزة للإمارات؛ لاحتوائها عناصر من "حزب الإصلاح" وتجاهل ابن سلمان لـ"لائتلاف التهامي" الذي هاجم الاتفاق، وحذر من تبعاته وأضراره على "النسيج الوطني والاجتماعي"، واستبعاده للعنصر النسائي الذي ينص اتفاق الرياض على نسبة 30% له، يجعل تشكيل الحكومة غاية شخصية لابن سلمان وحلًا لمشكلته هو، وليس حلًا للأزمة اليمنية، سيما وأن أهليته للحكم باتت مرتهنة بعدد من الملفات من ضمنها الملف اليمني، ما يعني أن هدف ابن سلمان من تشكيل الحكومة في ظل هذه العوامل، وفي ظل إدراكه هدف أميركا من تقسيم اليمن لا يتجاوز العمل الدعائي الذي اشتغل عليه الإعلام السعودي في الأسبوعين المنصرمين في محاولة لإظهار ابن سلمان بمظهر القادر على دفع كافة الأطراف نحو الحل، وإيصال رسالة إلى الرئيس المنتخب الجديد بايدن قبل تسلمه الحكم، وفتح الطريق له؛ للوفاء بما قطعه على نفسه بشأن الملف اليمني، بينما في الحقيقة لا حل حقيقيًّا لأزمة اليمن يلوح في الأفق، وما تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، إلا محاولة لتحسين العلاقة مع الرئيس الأميركي المنتخب، بعد تهديد الأخير بإعادة تقييم علاقة بلاده بالسعودية.
والذي يؤكد ذلك هو توجه رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى الإمارات مباشرة عقب تشكيل الحكومة في الرياض، ولم يصاحب أعضاء الحكومة في رحلتهم إلى عدن؛ لهندسة تفخيخ الاتفاق، وإعاقة عمل الحكومة وبرمجة فصل الجنوب على مراحل. ولم يمض دقائق على وصول الحكومة إلى عدن، والتي يعتبر ابن سلمان تشكيلها إنجازًا يتقدم به إلى الداخل السعودي وإلى الإدارة الأميركية المقبلة حتى أظهر الهجوم عليها عسكريًّا وسياسيًّا فشلاً لابن سلمان وليس إنجازًا. سيما وأن الإمارات قد نأت بنفسها عن تشكيل الحكومة وجعلته خاصًّا بالرياض من خلال وصف وزير خارجية الإمارات أنور قرقاش التفجير في تغريدة له بأن "استهداف مطار عدن هو استهداف لاتفاق الرياض"، وإمعانًا في إحراج ابن سلمان شكك عميل الإمارات في اليمن هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي بضلوع الحوثي في الحادث، رغم اتهام حكومة هادي للحوثيين بوقوفهم وراء الهجوم، فقال: "من العجلة رمي التهمة للحوثي، فليس الحوثي المتضرر من اتفاق الرياض وتشكيلة الحكومة. فالذين صرخوا ألمًا من الاتفاق وإعلان الحكومة كثر.."، بينما نفت جماعة الحوثي التي تدرك الغرض من تعجل ابن سلمان في تشكيل الحكومة علاقتها بالهجوم، وهو الأمر الذي يؤكد أن إفشال الحل السعودي يُعدّ هدفًا تلتقي عليه إيران وذراعها الحوثي والإمارات التي تسيطر على أمن المطار، وتلتقي عليه "إسرائيل" أيضًا؛ لأن مصلحة هذه الأطراف هي إبقاء ابن سلمان عاريًا في مواجهته لإدارة بايدن، وإلجائه لإخراج كرت التطبيع مع الكيان الصهيوني من جعبته، والتحاقه بالدول المطبعة، وهو ما يرنو إليه ترمب ونتنياهو بتواطؤ من الإمارات التي لم يكن دخولها على خط الأزمة اليمنية إلا لمنع احتكار الإدارة السعودية للملف اليمني وإفشالها، وإجبار ابن سلمان على تقديم التنازلات الكبرى بشأن الملفات المطلوب تنفيذها من طرفه قبل توريثه الحكم، وبخاصة ملف صفقة القرن، خدمة لأميركا و"إسرائيل".
ومما يؤكد أن تشكيل الحكومة هو الهدف الوحيد لابن سلمان وأن تشكيلها إنما كان لغاية مرتبطة بمصيره في ظل إدارة بايدن، هو تعجله في تشكيل حكومة على الورق لا قرار لها ولا وجود على الأرض، وإبقاؤه للمليشيات الجنوبية خارج سلطة الدولة، وتجاهل التشكيلة الحكومية لبنود اتفاق الرياض، بل وتجاهله للمشاكل المعقدة على أرض الواقع، كانفصال جزيرة سوقطرة عن الإدارة الجنوبية. وهذا التغييب للدولة وللحقائق وتجاهل الوضع الذي تواطأت فيه الولايات المتحدة في الشمال اليمني من خلال الأمم المتحدة في اتفاق السلم والشراكة الذي فرضته المليشيات الحوثية، عشية سقوط العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/أيلول 2014 يدل على شرعنة الواقع وتثبيته من قبل الولايات المتحدة على قاعدة "إدارة الأزمات"، من خلال خلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى الدائمة من أجل إدارتها على مراحل وتوجيهها في تفكيك اليمن تحت مظلة الشرعية المزعومة. وهي السياسة ذاتها التي تتبعها الولايات المتحدة في ليبيا وسوريا لإعادة هيكلتها، والتي مارستها في السودان وفصلت فيها جنوبه عن شماله، وما تزال تمارسها في جنوب السودان وتتلاعب بقياداته للتضييق على الاستثمارات الصينية وتقويضها.
16/جمادى الأولى/1442هـ
31/12/2020م
متابعة سياسية
التفجيرات في مطار عدن
وقع يوم أمس الأربعاء 30 كانون أول/ ديسمبر عدة انفجارات في مطار مدينة عدن اليمنية، بعد وقت قصير من هبوط طائرة تقل أعضاءَ الحكومة الجديدة برئاسة معين عبد الملك، والتي أعلن عن تشكيلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور يوم 18 كانون أول/ديسمبر وفقا لـ"اتفاق الرياض"، وأسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصًا وإصابة العشرات.
ومن قراءة الحدث وما يتصل به يتضح أنه ومنذ توقيع اتفاق الرياض، في 5 نوفمبر/تشرين ثاني 2019، بين الحكومة اليمنية المدعومة سعوديًّا والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا والداعي إلى انفصال الجنوب، والأزمة اليمنية تراوح مكانها، ولم يتم تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق حتى إعلان تشكيل الحكومة في هذا الشهر.
كما يتضح من الضغوط التي مارستها السعودية لوقف القتال في الجنوب منذ بداية الشهر الجاري أن محمد بن سلمان قد اجترح حلًا للمعضلة العسكرية والسياسية بتشكيل الحكومة على عجل وكأنه يسابق الزمن، مما يجعل الحدث مرتبطًا بشكل وثيق بانتقال السلطة في الولايات المتحدة لإدارة بايدن، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإعادة تقييم علاقة بلاده مع السعودية، وسحب الدعم الأميركي للجهود الحربية السعودية، ومساعدتها على "الخروج من المستنقع الذي أوجدته لنفسها" بحسب وصفه، كما لوّح بعدة ملفات في وجه ابن سلمان كقضية اغتيال جمال خاشقجي، بهدف ابتزازه وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لا تقل أهمية عما حققه ترمب، وذلك لحاجة بايدن إلى إنجاز سياسي يعزز مكانته ومكانة الحزب الديمقراطي لدى قوى الضغط والتيار الإنجيلي في الولايات المتحدة نحو جلب ابن سلمان للتطبيع مع "إسرائيل". من هنا كان سعي ابن سلمان لحل النزاع العسكري من دون تجريد مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي من سلاحها وتفكيكها، أو دمجها ضمن مؤسسات الدولة "الشرعية" وتشكيله للحكومة بصورة مستفزة للإمارات؛ لاحتوائها عناصر من "حزب الإصلاح" وتجاهل ابن سلمان لـ"لائتلاف التهامي" الذي هاجم الاتفاق، وحذر من تبعاته وأضراره على "النسيج الوطني والاجتماعي"، واستبعاده للعنصر النسائي الذي ينص اتفاق الرياض على نسبة 30% له، يجعل تشكيل الحكومة غاية شخصية لابن سلمان وحلًا لمشكلته هو، وليس حلًا للأزمة اليمنية، سيما وأن أهليته للحكم باتت مرتهنة بعدد من الملفات من ضمنها الملف اليمني، ما يعني أن هدف ابن سلمان من تشكيل الحكومة في ظل هذه العوامل، وفي ظل إدراكه هدف أميركا من تقسيم اليمن لا يتجاوز العمل الدعائي الذي اشتغل عليه الإعلام السعودي في الأسبوعين المنصرمين في محاولة لإظهار ابن سلمان بمظهر القادر على دفع كافة الأطراف نحو الحل، وإيصال رسالة إلى الرئيس المنتخب الجديد بايدن قبل تسلمه الحكم، وفتح الطريق له؛ للوفاء بما قطعه على نفسه بشأن الملف اليمني، بينما في الحقيقة لا حل حقيقيًّا لأزمة اليمن يلوح في الأفق، وما تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، إلا محاولة لتحسين العلاقة مع الرئيس الأميركي المنتخب، بعد تهديد الأخير بإعادة تقييم علاقة بلاده بالسعودية.
والذي يؤكد ذلك هو توجه رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى الإمارات مباشرة عقب تشكيل الحكومة في الرياض، ولم يصاحب أعضاء الحكومة في رحلتهم إلى عدن؛ لهندسة تفخيخ الاتفاق، وإعاقة عمل الحكومة وبرمجة فصل الجنوب على مراحل. ولم يمض دقائق على وصول الحكومة إلى عدن، والتي يعتبر ابن سلمان تشكيلها إنجازًا يتقدم به إلى الداخل السعودي وإلى الإدارة الأميركية المقبلة حتى أظهر الهجوم عليها عسكريًّا وسياسيًّا فشلاً لابن سلمان وليس إنجازًا. سيما وأن الإمارات قد نأت بنفسها عن تشكيل الحكومة وجعلته خاصًّا بالرياض من خلال وصف وزير خارجية الإمارات أنور قرقاش التفجير في تغريدة له بأن "استهداف مطار عدن هو استهداف لاتفاق الرياض"، وإمعانًا في إحراج ابن سلمان شكك عميل الإمارات في اليمن هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي بضلوع الحوثي في الحادث، رغم اتهام حكومة هادي للحوثيين بوقوفهم وراء الهجوم، فقال: "من العجلة رمي التهمة للحوثي، فليس الحوثي المتضرر من اتفاق الرياض وتشكيلة الحكومة. فالذين صرخوا ألمًا من الاتفاق وإعلان الحكومة كثر.."، بينما نفت جماعة الحوثي التي تدرك الغرض من تعجل ابن سلمان في تشكيل الحكومة علاقتها بالهجوم، وهو الأمر الذي يؤكد أن إفشال الحل السعودي يُعدّ هدفًا تلتقي عليه إيران وذراعها الحوثي والإمارات التي تسيطر على أمن المطار، وتلتقي عليه "إسرائيل" أيضًا؛ لأن مصلحة هذه الأطراف هي إبقاء ابن سلمان عاريًا في مواجهته لإدارة بايدن، وإلجائه لإخراج كرت التطبيع مع الكيان الصهيوني من جعبته، والتحاقه بالدول المطبعة، وهو ما يرنو إليه ترمب ونتنياهو بتواطؤ من الإمارات التي لم يكن دخولها على خط الأزمة اليمنية إلا لمنع احتكار الإدارة السعودية للملف اليمني وإفشالها، وإجبار ابن سلمان على تقديم التنازلات الكبرى بشأن الملفات المطلوب تنفيذها من طرفه قبل توريثه الحكم، وبخاصة ملف صفقة القرن، خدمة لأميركا و"إسرائيل".
ومما يؤكد أن تشكيل الحكومة هو الهدف الوحيد لابن سلمان وأن تشكيلها إنما كان لغاية مرتبطة بمصيره في ظل إدارة بايدن، هو تعجله في تشكيل حكومة على الورق لا قرار لها ولا وجود على الأرض، وإبقاؤه للمليشيات الجنوبية خارج سلطة الدولة، وتجاهل التشكيلة الحكومية لبنود اتفاق الرياض، بل وتجاهله للمشاكل المعقدة على أرض الواقع، كانفصال جزيرة سوقطرة عن الإدارة الجنوبية. وهذا التغييب للدولة وللحقائق وتجاهل الوضع الذي تواطأت فيه الولايات المتحدة في الشمال اليمني من خلال الأمم المتحدة في اتفاق السلم والشراكة الذي فرضته المليشيات الحوثية، عشية سقوط العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/أيلول 2014 يدل على شرعنة الواقع وتثبيته من قبل الولايات المتحدة على قاعدة "إدارة الأزمات"، من خلال خلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى الدائمة من أجل إدارتها على مراحل وتوجيهها في تفكيك اليمن تحت مظلة الشرعية المزعومة. وهي السياسة ذاتها التي تتبعها الولايات المتحدة في ليبيا وسوريا لإعادة هيكلتها، والتي مارستها في السودان وفصلت فيها جنوبه عن شماله، وما تزال تمارسها في جنوب السودان وتتلاعب بقياداته للتضييق على الاستثمارات الصينية وتقويضها.
16/جمادى الأولى/1442هـ
31/12/2020م