المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية حول ماكرون يطالب مسلمي فرنسا بالارتداد عن دينهم



Abu Taqi
19-11-2020, 11:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
ماكرون يطالب مسلمي فرنسا بالارتداد عن دينهم
{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
استقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مساء الأربعاء 18 تشرين الثاني/نوفمبر، قادة المجلس الإسلامي الفرنسي واتحاداته، لبحث "الخطوط العريضة لتشكيل مجلس وطني للأئمة" يكون مسؤولًا عن إصدار الاعتمادات لرجال الدين، طالبًا منهم وضع ميثاق يؤكد أن دينهم "ليس سياسيًّا".
وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون طلب أيضًا من محاوريه أن يضعوا في غضون 15 يومًا "ميثاقًا للقيم الجمهورية"، يتعين على المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والاتحادات التسعة التي يتألف منها الالتزام به. وشددت الرئاسة على أن ماكرون أمهل مسؤولي المجلس مدة أسبوعين ليحضروا له هذا الميثاق.
وطلب ماكرون أن يتضمن الميثاق تأكيدًا على الاعتراف بقيم الجمهورية، وأن يحدد أن الإسلام في فرنسا هو دين وليس حركة سياسية، وأن ينص على إنهاء التدخل أو الانتماء لدول أجنبية. وهذا بالطبع يضع المسلمين في فرنسا في امتحان قيمي، فإما أن ينزلقوا في وحل العلمانية الليبرالية ويتنازلوا عن عقيدتهم وأحكام دينهم وعن مروءتهم، وأن تتنازل المسلمات عن عِفتهنّ، وإما العقاب، فإن لم يكن هذا هو الإرهاب فما هو الإرهاب؟!!. وإن لم تكن هذه هي امتهان كرامة الإنسان وحرية الاعتقاد التي زعم ماكرون أنه يصونها فما هو انتهاك الكرامة وصيانة الحقوق الدينية؟!!
إن الدول الغربية قاطبة تخشى من التوسع السكاني للمسلمين في أوروبا وأميركا بقدر ما تخشى على قيمها الليبرالية التي تبدو بهيمية أمام عفة المسلمين وآدميتهم. ولا يُستبعد أن تندرج هذه السياسة التي هم بصددها في إطار التصدي للمشكلة السكانية مع المسلمين إلى جانب التصدي للإسلام ذاته.
فبحسب الباحث الدكتور نافيز أحمد "قبل ثلاثة أشهر من إعلان حملة ترمب لحظر المسلمين، قال رجل يعمل في جماعة ضغط تابعة لحزب المحافظين مرتبطة ببوريس جونسون لمستشار ترمب فرانك غافني أن حظر المسلمين هو الحل للقنبلة الديموغرافية الإسلامية"، بينما قال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز بتاريخ 11تشرين الثاني/نوفمبر 2020: "سننشئ جريمة جنائية تسمى الإسلام السياسي حتى نتمكن من اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين ليسوا إرهابيين، لكنهم يخلقون أرضية خصبة لهم".
والحقيقة أن من شأن المطالب التي أملاها ماكرون على قادة الجالية الإسلامية أن تؤول بمن يستجيب لها ويؤمن بمضامينها إلى الكفر البواح، وأن تُمكّن ماكرون من تجاوز أزمته الداخلية والخارجية وتمنحه ترياقُا يُلح عليه لمواجهة النقد الداخلي والخارجي واستمالة اليمين المتطرف، وتجعل امتهان كرامة المسلمين في أوروبا والتضييق عليهم سياسة عامة للدول الأوروبية، تقيّد حياة المسلمين في أوروبا وتجرم المخالف لها.
ولو كان مطلب ماكرون بأن لا يتدخل المسلمون بشؤون الحكم في الجمهورية الفرنسية لهان الأمر، أما أن يطلب من المسلمين أن يبدلوا دينهم فليس لهم أن يستجيبوا؛ لأن حالة الإكراه المُلجئ لا تنطبق عليهم. إن أخطر ما في هذه المطالب التي أملاها ماكرون هو أن يعترف المسلمون بأن "دينهم ليس سياسيًّا"، وأن يعترفوا بـ"قيم الجمهورية الفرنسية" العلمانية دين الفرنسيين، ذلك أن اعتراف المسلمين بخلو الإسلام من السياسة هو إنكار لقطعي النصوص القرآنية، مثل قوله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}، وقوله تعالى: {ألا له الخلق والأمر}، وإنكار قطعي القرآن كفر لا جدال فيه. فعلى المسلمين في فرنسا أن يعلموا بأن هذا الاعتراف ارتداد عن دين الله، وعليهم أن يستمسكوا بدينهم ولو أدى إلى طردهم من فرنسا، فأرض الله واسعة، {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}. وعليهم أن لا يُقدموا القيمة المادية الزائلة على القيمة الروحية الباقية، {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
إن الرد المناسب على مطالب ماكرون الذي لم ينسجم مع عقيدته ودستور بلاده الذي يقضي بحرية الاعتقاد، لا لشيء إلا لحقده على الإسلام، أن ينسجم المسلمون في فرنسا مع عقيدتهم، ويقبضوا على دينهم كما أمسك عليه نبيهم يوسف عليه السلام في أقل مما يدعوهم إليه ماكرون، {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}، ولا يخذلوا ربهم إرضاءً له، قال رسول الله ﷺ: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" رواه ابن حبان في صحيحه.
فيا أيها المسلمون في فرنسا بخاصة ودول الغرب بعامة اصدقوا الله يصدقكم، وانتصروا لدينكم ونبيكم، وأثلجوا صدور أمتكم، ولا تكونوا كمن قال فيهم الله عز وجل :
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّه}ِ

4/ ربيع الثاني/1442هـ
19/11/2020م