المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتخابات النيابية المقبلة في الأردن



Abu Taqi
17-09-2020, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الانتخابات النيابية المقبلة في الأردن
دعا ملك الأردن إلى إجراء الانتخابات النيابية بتاريخ 10/11/2020م؛ لاختيار أعضاء مجلس النواب التاسع عشر، في ظل استحقاقات إقليمية ومحلية، أبرزها صفقة القرن، وما سينتج عنها من تداعيات تتعلق بقضية فلسطين، والقدس، واللاجئين، ومستقبل وطبيعة النظام الأردني. والتي سيكون للمجلس القادم دور كبير في الاتكاء عليه لتبرير اتخاذ أية إجراءات تتعلق بهذه الملفات الساخنة.
إن الشرعية السياسية هي مركز تنبه الحكام والأنظمة، وطريقهم إلى ذلك هو إيهام الشعب بالمشاركة السياسية؛ ولذلك تجد أعتى المستبدين يتعلق بأهداب الديموقراطية باعتبار أنها "حكم الشعب"، والتي من خلال آلياتها الانتخابية "البرلمانية والبلدية"، ومن خلال شعارات الحرية والمساواة والتعددية السياسية يمرر الحكام أعظم الخيانات، ويبررون قراراتهم ويضفون الشرعية على حكمهم، ويُخلون طرفهم من المسؤولية ويحملونها للشعب وخياراته.
ولهذا يُعنى كل نظام بتعبئة الشعب للانتخابات وإنجاحها، ويحرص على إظهار نسبة بسيطة من الأخطاء؛ لإضفاء النزاهة والشرعية عليها، بينما يكون قد تحكم في نتائجها مسبقًا من خلال الدستور وقانون الانتخاب وبالتزوير والمساومات وقوة المال وشراء الذمم والترهيب والترغيب والابتزاز.
وتنعكس شرعية النظام والقرارات بمقدار المشاركة الانتخابية، وتنخفض بمقدار عزوف الشعب عن الانتخابات، وهو ما يُفزع الحكام لجهة صورتهم في الخارج لإدراكهم بأن تدني شرعية النظام وشعبيته يقلق الغرب على مصالحه ويُهدد وظيفية العملاء وبقاءهم.
وكون الانتخابات البرلمانية في بلداننا تفتقر إلى النزاهة فإن عضو مجلس النواب ليس إلا ديكور أو لص أو عامل نظافة لمسح أوساخ الحكومة برتبة نائب. فمن الجريمة والحالة هذه أن يترشح من يتصفون بالنزاهة لمجلس النواب، ومن الجهل أن يشارك الشعب في الانتخابات؛ لأنهم يضفون الشرعية على جلاديهم وعلى الأنظمة العميلة التي تفقرهم وتبطش بهم وتفرط بقضاياهم وترعى مصالح أعدائهم ولا تحكم بما أنزل الله.
إن الأشد دهشة هو استماتة بعض القوى السياسية الحزبية والمستقلة ممن يحظون بشعبية على الترشح للانتخابات!! رغم إدراكهم لعدم جدوى العمل النيابي في التغيير، وهم الذين شاركوا في البرلمان لعقود.
ففي الأردن تجري التحضيرات لتفصيل مجلس نيابي على مقاس النظام والمرحلة المقبلة على قدم وساق، حيث انتشرت أخبار اللقاءات والمساومات والضغوطات التي تمارسها الحكومة وأجهزة الأمن على الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الدكتور عبدالله العكايلة؛ لمنعه من الترشح وتحديد نسبة الإخوان في البرلمان مسبقًا، والضغط أيضًا على بعض القوى المستقلة مثل صداح الحباشنة وغازي الهواملة لثنيهم عن الترشح للانتخابات، مما يشي بأن ثمة نية للنظام بتكييف موقفه مع استحقاقات المرحلة الإقليمية وتنفيذ الإملاءات الخارجية بتوقيع الشعب عبر البرلمان. إن المشاركة في الانتخابات النيابية من أجل التشريع؛ أي باعتبار أن مجلس النواب مجلسًا تشريعيًّا "مصدر التشريع" حرام؛ لأن ذلك إقرار بحاكمية الشعب وهذا شِرك، علاوة على أن المشاركة في مجلس دمى بيد السلطة لتمرير المشاريع الباطلة والقوانين الفاجرة، هو مشاركة في إقرار الباطل وإضفاء الشرعية عليه حتى ولو عارض النائب القوانين والتشريعات؛ لأن المعارضة جزء من آلية التشريع لجهة الحكم على التشريعات والقوانين بالقبول أو الرفض تجسيدًا لمركزية الشعب في التحسين والتقبيح وإقرار القوانين أو رفضها، مما يعد خرقًا لمركزية الشرع.
أما دخول المجلس النيابي للصدع بالحق ومحاسبة السلطة وحجب الثقة عن الحكومة والامتناع عن التصويت بالقبول أو الرفض، فهو مباح وإن كان تركه في هذه المرحلة أولى؛ لأن وجود عدد من النواب من المشهود لهم بالنزاهة والتقوى وسط بؤرة تشرع الخيانات والفواحش والفجور هو تزيين للباطل وإضفاء للشرعية عليه.
وإذا ما أصر هؤلاء القوم على المشاركة في البرلمان وهم يعلمون مسبقًا أن معارضتهم للنظام نافعة له، فإن أهدافهم شخصية وفئوية ضيقة ولا تمت لمصالح الشعب وقضايا الأمة بصلة، وهم شركاء في الجريمة والخيانة. وعلى أهل الأردن الأوفياء لدينهم وقضايا أمتهم أن لا يمكنوا نائبًا من المشاركة وأن يقاطعوا الانتخابات النيابية حتى لو كانت جائزة في ظروفها الصحيحة وشروطها الشرعية. وأن يظهروا إرادتهم الحقيقية في رفض كل الإجراءات التي تفرضها أميركا على فلسطين والأردن، بالتواطؤ مع هؤلاء الحكام.

29/محرم/1442هـ حزب التحرير
17/9/2020م ولاية الأردن