Abu Taqi
19-08-2020, 08:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
قرار المحكمة الدولية الخاصة في قضية رفيق الحريري
أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الثلاثاء 18 آب/أغسطس2020م متهمًا واحدًا في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، التي حدثت في شباط/فبراير 2005م. وقد دعا الرئيس اللبناني ميشيل عون "إلى تقبّل قرارات المحكمة" فأعلن سعد الحريري قبوله بقرار المحكمة وطالب بملاحقة الجناة.
وقد تلا القاضي ديفيد ري ملخص قرار المحكمة قائلًا: "ترى المحكمة أن سوريا وحزب الله ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين" مؤكدًا أنه: "ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في عملية الاغتيال"، مضيفًا أنه: "ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر". فيما قالت القاضية ميشلين بريدي "إن اغتيال الحريري نفذ لأهداف سياسية، وإنه لا يوجد دليل على ضلوع سوريا وقادة في حزب الله في القضية". وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قد قال الجمعة الماضية: "إن حزبه سيتعامل مع القرار الذي ستصدره المحكمة وكأنه لم يصدر".
وفي الواقع فإنه ما من شك بأن المؤسسات الدولية ومنها المحكمة الخاصة بلبنان موجهة وليست مستقلة، وأنها أداة بيد الولايات المتحدة تبتز بها الجهات التي تريد أن تخضعها لأجنداتها، مثلما فعلت مع الرئيس السوداني عمر البشير الذي تنازل عن جنوب السودان تحت طائلة الملاحقة الجنائية الدولية.
إن رفض حزب الله المسبق لقرار المحكمة الدولية والذي يحمل رسالة تومئ إلى عزمه على المواجهة إذا اضطر لذلك، يفسر لماذا تم تصميم القرار لإبراء المحكمة لقيادة حزب الله وسورية من دم الحريري، ويكشف عن مدى تلاعب الولايات المتحدة بالدمى التي تسميها مؤسسات دولية، حيث يبدو قرار المحكمة أشبه بمبادرة أميركية لإبرام تفاهم مع حزب الله وإيران لتمرير حكومة طوارئ بأجندة أميركية، على غرار حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، والتي تمثل سابقة تشجع أميركا على تفاهم مماثل في لبنان، سيما وأن الجنرال عون قد أبدى مرونة بشأن اتفاقية سلام مع كيان يهود بقوله: "إن السلام مع إسرائيل يعتمد على حل المشاكل معها أولًا".
فتشكيل حكومة تخلو من تأثير حزب الله هو ما تسعى إليه الولايات المتحدة في هذه المرحلة، خشية أن تنهار الدولة اللبنانية، وحدوث فراغ يُخرج الوضع عن السيطرة، وهي مسألة بالغة الحساسية للموقف الأمني على الحدود الشمالية لكيان يهود الغاصب، وعلى الحدود مع سوريا، التي تحرص الولايات المتحدة على قطع شريان حياتها الاقتصادية من جهة لبنان، وقطع إمدادات إيران لحزب الله من خلالها. وهذا ما يحاول تسويقه رئيس الوزراء الأسبق المرفوض من قبل حزب الله نجيب ميقاتي حيث اقترح تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وقال: "المطلوب أن يتم تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت تضم أشخاصًا يتمتعون بالثقة. وبرأيي المطلوب حكومة طوارئ تعيد إعمار ما تهدم بأسرع وقت ممكن ليعود الناس إلى بيوتهم قبل حلول الشتاء، وتقوم بالإصلاحات المطلوبة والمعروفة بسرعة وتنهي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتضع لبنان على المسار السليم".
وكما هو واضح من تصريح ميقاتي أن المطلوب هو حكومة طوارئ تحول دون انهيار الدولة والعودة إلى مربع الفراغ الدستوري والانفلات الأمني، وأن تحظى بثقة الجميع وهي الترجمة المطلوبة لتجاوز المحاصصة الطائفية، وأن تكون خاضعة لصندوق النقد الدولي وهو المطلوب أميركيًّا لإملاء شروطها، وأن تضع لبنان على المسار الصحيح وهو المسار الملائم للحل الإقليمي مع كيان يهود.
ولعل ما يؤكد أن المطلوب هو استعادة الدولة وانتزاعها من يد حزب الله في هذه المرحلة هو تصريح سعد الحريري عقب إعلان القرار حيث قال: "إن هدف الجريمة الإرهابية كان تغيير وجه لبنان ونظامه وهويته وهذا ما لا مساومة فيه" كما يؤكده تصريح الخارجية السعودية التي طالبت بمعاقبة حزب الله مشيرة إلى أنها تتطلع "إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين بدون استثناء" وهي رسالة تنطوي على تهديد ومزيد من الضغط من خلال رفع سقف المطالب إلى المستوى الذي يمس مركز تنبه حزب الله وهو سلاحه.
ويظهر أن استباق قرار المحكمة بتفجير مرفأ بيروت هو مقدمة لطي قضية الحريري وفتح قضية جديدة (وهي زلزال بيروت)، واتخاذها سيفًا مسلطًا على حزب الله بعد أن استفرغت قضية الحريري مبرر وجودها، وفقدت زخمها بتقادم الأيام وتوفر البديل، وهو الضغط الاقتصادي والاحتجاجات وتفجير المرفأ.
أما ما إذا كان سيقابل حزب الله والجنرال عون الخطوة الأميركية بخطوة مماثلة فالأغلب أن يجد الحزب وشركاؤه في حاجة ترمب لمزيد من الإنجازات طوق نجاة لهم في ظل تبدل اللعبة السياسية، وتغيّر قواعد الاشتباك التي باتت تميل مخرجاتها لصالح خصوم حزب الله وسوريا وإيران.
إلا أن إبرام تفاهم مع أميركا يتوقف على حجم المطالب الأميركية من الحزب وشركائه، حيث أن حجر الزاوية في مقاربات الحزب هو الاحتفاظ بسلاحه، وما دون ذلك لم يعد عائقًا لأي تفاهم يوفر لهم التقاط أنفاسهم. وبخاصة أن ما يطلق عليه مشروع المقاومة علاه الصدأ بفعل الأكاذيب والاستهلاك وجفاف منابعه المذهبية والقومية والمصادر المالية في ظل الخناق الاقتصادي، كما بات يتآكل ويتراجع مقابل معسكر التطبيع والتحالف الاستراتيجي مع كيان يهود الغاصب الذي انطلق بسرعته القصوى قبل أيام.
وأخيرًا ليس على أبناء المسلمين في لبنان (سنة) و(شيعة) بل وكل أهل لبنان أن ينتظروا خيرًا من أميركا وفرنسا وكيان يهود أو أي من دول الكفر, فلن يكون وراء وصفات الإصلاحات الموعودة سوى مزيد من ربط البلاد بشروط صندوق النقد الدولي, ولن يكون وراء الزعامات الحالية للبنان أو أي زعامات سيخلقها الوضع الجديد بناء على تفاهمات مع الغرب سوى مزيد من الفساد والتمزق والعبودية لأميركا والغرب الكافرين, ولا يصح أن يبقوا على تصورهم أن الجبل المسمى لبنان، والذي نفخ حتى أصبح دولة سيكون له أية قيمة في نظر الغرب الكافر ما دام أهله يفكرون في بقائه مستقلًا عن أصله سوريا، والتي كانت بدورها جزءًا من أرض الخلافة الإسلامية، ولذا يتوجب العمل الجاد من كل من حمل أمانة الإسلام في لبنان وغيره من بلاد المسلمين لاستئناف الحياة الإسلامية وصب الجهود للوصول لتحويل بلادهم إلى دار إسلام من جديد، والتخلص من أي تصور موهوم للإنقاذ الحقيقي إلا بكنس الأنظمة الحالية العفنة التي أوصلت الأمة إلى الحال التي نراها جميعًا.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}
29/ذي الحجة/1441هـ
19/8/2020م
متابعة سياسية
قرار المحكمة الدولية الخاصة في قضية رفيق الحريري
أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الثلاثاء 18 آب/أغسطس2020م متهمًا واحدًا في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، التي حدثت في شباط/فبراير 2005م. وقد دعا الرئيس اللبناني ميشيل عون "إلى تقبّل قرارات المحكمة" فأعلن سعد الحريري قبوله بقرار المحكمة وطالب بملاحقة الجناة.
وقد تلا القاضي ديفيد ري ملخص قرار المحكمة قائلًا: "ترى المحكمة أن سوريا وحزب الله ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين" مؤكدًا أنه: "ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في عملية الاغتيال"، مضيفًا أنه: "ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر". فيما قالت القاضية ميشلين بريدي "إن اغتيال الحريري نفذ لأهداف سياسية، وإنه لا يوجد دليل على ضلوع سوريا وقادة في حزب الله في القضية". وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قد قال الجمعة الماضية: "إن حزبه سيتعامل مع القرار الذي ستصدره المحكمة وكأنه لم يصدر".
وفي الواقع فإنه ما من شك بأن المؤسسات الدولية ومنها المحكمة الخاصة بلبنان موجهة وليست مستقلة، وأنها أداة بيد الولايات المتحدة تبتز بها الجهات التي تريد أن تخضعها لأجنداتها، مثلما فعلت مع الرئيس السوداني عمر البشير الذي تنازل عن جنوب السودان تحت طائلة الملاحقة الجنائية الدولية.
إن رفض حزب الله المسبق لقرار المحكمة الدولية والذي يحمل رسالة تومئ إلى عزمه على المواجهة إذا اضطر لذلك، يفسر لماذا تم تصميم القرار لإبراء المحكمة لقيادة حزب الله وسورية من دم الحريري، ويكشف عن مدى تلاعب الولايات المتحدة بالدمى التي تسميها مؤسسات دولية، حيث يبدو قرار المحكمة أشبه بمبادرة أميركية لإبرام تفاهم مع حزب الله وإيران لتمرير حكومة طوارئ بأجندة أميركية، على غرار حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، والتي تمثل سابقة تشجع أميركا على تفاهم مماثل في لبنان، سيما وأن الجنرال عون قد أبدى مرونة بشأن اتفاقية سلام مع كيان يهود بقوله: "إن السلام مع إسرائيل يعتمد على حل المشاكل معها أولًا".
فتشكيل حكومة تخلو من تأثير حزب الله هو ما تسعى إليه الولايات المتحدة في هذه المرحلة، خشية أن تنهار الدولة اللبنانية، وحدوث فراغ يُخرج الوضع عن السيطرة، وهي مسألة بالغة الحساسية للموقف الأمني على الحدود الشمالية لكيان يهود الغاصب، وعلى الحدود مع سوريا، التي تحرص الولايات المتحدة على قطع شريان حياتها الاقتصادية من جهة لبنان، وقطع إمدادات إيران لحزب الله من خلالها. وهذا ما يحاول تسويقه رئيس الوزراء الأسبق المرفوض من قبل حزب الله نجيب ميقاتي حيث اقترح تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وقال: "المطلوب أن يتم تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت تضم أشخاصًا يتمتعون بالثقة. وبرأيي المطلوب حكومة طوارئ تعيد إعمار ما تهدم بأسرع وقت ممكن ليعود الناس إلى بيوتهم قبل حلول الشتاء، وتقوم بالإصلاحات المطلوبة والمعروفة بسرعة وتنهي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتضع لبنان على المسار السليم".
وكما هو واضح من تصريح ميقاتي أن المطلوب هو حكومة طوارئ تحول دون انهيار الدولة والعودة إلى مربع الفراغ الدستوري والانفلات الأمني، وأن تحظى بثقة الجميع وهي الترجمة المطلوبة لتجاوز المحاصصة الطائفية، وأن تكون خاضعة لصندوق النقد الدولي وهو المطلوب أميركيًّا لإملاء شروطها، وأن تضع لبنان على المسار الصحيح وهو المسار الملائم للحل الإقليمي مع كيان يهود.
ولعل ما يؤكد أن المطلوب هو استعادة الدولة وانتزاعها من يد حزب الله في هذه المرحلة هو تصريح سعد الحريري عقب إعلان القرار حيث قال: "إن هدف الجريمة الإرهابية كان تغيير وجه لبنان ونظامه وهويته وهذا ما لا مساومة فيه" كما يؤكده تصريح الخارجية السعودية التي طالبت بمعاقبة حزب الله مشيرة إلى أنها تتطلع "إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين بدون استثناء" وهي رسالة تنطوي على تهديد ومزيد من الضغط من خلال رفع سقف المطالب إلى المستوى الذي يمس مركز تنبه حزب الله وهو سلاحه.
ويظهر أن استباق قرار المحكمة بتفجير مرفأ بيروت هو مقدمة لطي قضية الحريري وفتح قضية جديدة (وهي زلزال بيروت)، واتخاذها سيفًا مسلطًا على حزب الله بعد أن استفرغت قضية الحريري مبرر وجودها، وفقدت زخمها بتقادم الأيام وتوفر البديل، وهو الضغط الاقتصادي والاحتجاجات وتفجير المرفأ.
أما ما إذا كان سيقابل حزب الله والجنرال عون الخطوة الأميركية بخطوة مماثلة فالأغلب أن يجد الحزب وشركاؤه في حاجة ترمب لمزيد من الإنجازات طوق نجاة لهم في ظل تبدل اللعبة السياسية، وتغيّر قواعد الاشتباك التي باتت تميل مخرجاتها لصالح خصوم حزب الله وسوريا وإيران.
إلا أن إبرام تفاهم مع أميركا يتوقف على حجم المطالب الأميركية من الحزب وشركائه، حيث أن حجر الزاوية في مقاربات الحزب هو الاحتفاظ بسلاحه، وما دون ذلك لم يعد عائقًا لأي تفاهم يوفر لهم التقاط أنفاسهم. وبخاصة أن ما يطلق عليه مشروع المقاومة علاه الصدأ بفعل الأكاذيب والاستهلاك وجفاف منابعه المذهبية والقومية والمصادر المالية في ظل الخناق الاقتصادي، كما بات يتآكل ويتراجع مقابل معسكر التطبيع والتحالف الاستراتيجي مع كيان يهود الغاصب الذي انطلق بسرعته القصوى قبل أيام.
وأخيرًا ليس على أبناء المسلمين في لبنان (سنة) و(شيعة) بل وكل أهل لبنان أن ينتظروا خيرًا من أميركا وفرنسا وكيان يهود أو أي من دول الكفر, فلن يكون وراء وصفات الإصلاحات الموعودة سوى مزيد من ربط البلاد بشروط صندوق النقد الدولي, ولن يكون وراء الزعامات الحالية للبنان أو أي زعامات سيخلقها الوضع الجديد بناء على تفاهمات مع الغرب سوى مزيد من الفساد والتمزق والعبودية لأميركا والغرب الكافرين, ولا يصح أن يبقوا على تصورهم أن الجبل المسمى لبنان، والذي نفخ حتى أصبح دولة سيكون له أية قيمة في نظر الغرب الكافر ما دام أهله يفكرون في بقائه مستقلًا عن أصله سوريا، والتي كانت بدورها جزءًا من أرض الخلافة الإسلامية، ولذا يتوجب العمل الجاد من كل من حمل أمانة الإسلام في لبنان وغيره من بلاد المسلمين لاستئناف الحياة الإسلامية وصب الجهود للوصول لتحويل بلادهم إلى دار إسلام من جديد، والتخلص من أي تصور موهوم للإنقاذ الحقيقي إلا بكنس الأنظمة الحالية العفنة التي أوصلت الأمة إلى الحال التي نراها جميعًا.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}
29/ذي الحجة/1441هـ
19/8/2020م