Abu Taqi
13-07-2020, 10:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
ملامح خطة إعادة انتخاب ترمب
منذ ليلة الرابع من تموز/يوليو ٢٠٢٠م وعلى امتداد عطلة عيد الاستقلال الأميركي اتضحت ملامح الخطة العامة وتفاصيل حملة ترمب لإعادة انتخابه.
فأميركا والتي تعاني من انقسام تسببت به جائحة كورونا, ثم مظاهرات الحقوق بعد مقتل جورج فلويد, تواجه الآن حقيقة سياسية أنكرتها على مدى قرنين من الزمان، وهي أن كيانها اقيم على دماء وجثث الأفارقة والهنود الحمر, وأن دستورها راعى الحل الوسط مع ملاك العبيد, فمثل هذه الآلية السياسية والتي تسعى للنتيجة دون الاكتراث للطريقة ومخاطر وأبعاد هدم القيم لأجل الوصول إلى اتفاق مهما كان, ستؤدي لا محالة إلى سقوط فكرة هذه الدولة الهجينة بإذن الله.
ان حملة ترمب الأولى بنيت على إشعال وتأجيج التظلم والشكوى لدى البيض وبخاصة النساء في الريف والرجال البيض بشكل عام، الذين صوتوا له بنسبة ٨٧٪، وكذلك سياسة الارتجاعية أو الرد العرقي العنيف بعد إدارة أول رئيس أميركي من أصول إفريقية.
وحملته الثانية لا تبتعد كثيرًا عن ذلك، ولكنها أخذت خطًا واضحًا أنها ترتكز على هوية أميركا الثقافية والتاريخية، وذلك بزرع وتأجيج خوف البيض من التغيير القادم, وربطه بتدمير مسلمات ومقومات الجمهورية حيث ذكر في خطابه: "هناك حشود من المتظاهرين الغاضبين الذين يحاولون تحطيم تماثيل الآباء المؤسسين وتخريب أهم النصب التذكارية والإقدام على تنفيذ موجة من الجرائم العنيفة"، ولتحفيز قاعدته على التفاعل قال إنهم يقومون بذلك لأنهم "يظنون أن الشعب الأميركي ضعيف وعاطفي ومستسلم. لكن لا، الشعب الأميركي قوي وفخور، ولن يسمح لبلدنا، وجميع قيمها وتاريخها وثقافتها، أن تؤخذ منهم".
وبهذا يبني ترمب خطة إعادة انتخابه على أسس "نحن ضد الجميع" وهي عامة وغامضة ومبهمة لا تعني شيئًا لشريحة كبيرة من المجتمع وتترك معان كافية؛ ليجد أكبر عدد من الأجنحة المختلفة لهم ارتباطًا بها.
ومن تحليل خطاباته الأخيرة يتضح أن ترمب يعمد إلى توحيد كل أطياف الفرقة والانقسامات، ويمنحهم منصة ليكون السبيل لتحقيق مصالحهم وأجنداتهم المختلفة، فترمب وقاعدته لا يرونه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية وإنما رئيسًا لناخبي ترمب.
فترمب سيعتمد على أن ٣٨-٤٠٪ من الناخبين الأميركيين لن يتنازلوا عنه, وإذًا فعليه أن يؤجج ويشعل ويحقن الوضع لاستئصال جزء من الـ٦٠٪ المصطفين خلف بايدن حاليًا وذلك عبر ٣ استراتيجيات:
1_ مهاجمة بايدن شخصيًّا، ليس للحصول على أصوات ناخبيه بل لثنيهم عن التصويت له.
2_ وضع مقترحات وسياسات تقنع جزءًا من الناخبين المستقلين أو الوسط لاستقطاب ٨-١٠٪ إضافية بأن ترمب أخف الضررين، وهنا تأتي سياسة ربط الديمقراطيين بالفكر اليساري المنحرف.
3_ توظيف استراتيجية كبت الناخب الأسود وتعطيل خروجه لصالح المنافس. وربما كان إعلان المغني الشهير كانيي ويست المؤيد لترمب نيته الترشح للانتخابات موجه لتشتيت أصوات الناخبين السود، وثنيهم عن التوجه للانتخابات على الأقل، وبخاصة في ظل الظروف المحتقنة ضد ترمب بسبب العنصرية.
ومن جهة أخرى فإن هدف ترمب وتركيزه سيكون على المجمع الانتخابي والحصول على ٢٧٠ صوتًا، ولن يهتم لأمر الحصول على أكبر عدد من الأصوات، لأنها ليس ذات أهمية أو تأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وإذًا، فإن من المبكر الجزم بما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية، والترجيح بأن حظوظ بايدن كبيرة بسبب تقدمه بقرابة عشرة نقاط على ترمب، فسكوت كبار الجمهوريين والابتعاد عن أية تصريحات رسمية أو علنية ضده، واستمراره للحصول على أضعاف مضاعفة من الإعلانات المجانية عبر تتبع الإعلام الأميركي الفاسد لكل كلمة وتغريدة يصدرها ترمب، ونشرها عبر مختلف قنوات الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، ووصولًا لكل وسائل الاتصال بالناخب ليلًا ونهارًا يعني أنه سيكون في مخيلة الناخب حتى صندوق الاقتراع.
لقد بدأ العد التنازلي لـ ١٢٠ يومًا المتبقية لبدء الانتخابات ولكن ذلك لن يعني شيئًا؛ لأن واشنطن ستأخذ إجازة لمدة عشرة أيام ثم تعود للعمل، ثم تأخذ إجازة صيفية لمدة شهر ابتداءً من أول شهر آب, فالعمل السياسي لحملة الانتخابات سيبدأ من شهر أيلول/سبتمبر ومنها تتويج المرشحين من قبل الحزبين, ثم تستمر الحملة على امتداد شهر أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر بزيارة أكبر عدد من الولايات الأميركية.
فشهر تشرين أول/أكتوبر هو شهر المفاجآت، وفيه تتحدد ملامح حقيقة استطلاعات الرأي التي يتم الحديث عنها الآن، وفيه ستتبين حقيقة توجه الدولة العميقة، ومخرجات المرحلة القادمة للجمهورية، فهل ستكتفي النخبة الرأسمالية بما تحقق من منجزات على يد ترمب وتتوقف عن إسناده وتتيح المجال لبايدن ليعالج مسألة الوئام الوطني؟ أم انها ستستمر في دفع سياسة أميركا أولًا وشيطنة الصين وروسيا كأقطاب يتوجب مواجهتهم لحماية المصالح الأميركية؟ وهو ما سيجعل الانتخابات المقبلة وأدواتها ونتائجها معركة غير مسبوقة لها تداعياتها داخل الولايات المتحدة وخارجها،هذا ما ستكشف الأشهر القليلة المقبلة.
21/ذي القعدة/1441هـ
12/7/2020م
متابعة سياسية
ملامح خطة إعادة انتخاب ترمب
منذ ليلة الرابع من تموز/يوليو ٢٠٢٠م وعلى امتداد عطلة عيد الاستقلال الأميركي اتضحت ملامح الخطة العامة وتفاصيل حملة ترمب لإعادة انتخابه.
فأميركا والتي تعاني من انقسام تسببت به جائحة كورونا, ثم مظاهرات الحقوق بعد مقتل جورج فلويد, تواجه الآن حقيقة سياسية أنكرتها على مدى قرنين من الزمان، وهي أن كيانها اقيم على دماء وجثث الأفارقة والهنود الحمر, وأن دستورها راعى الحل الوسط مع ملاك العبيد, فمثل هذه الآلية السياسية والتي تسعى للنتيجة دون الاكتراث للطريقة ومخاطر وأبعاد هدم القيم لأجل الوصول إلى اتفاق مهما كان, ستؤدي لا محالة إلى سقوط فكرة هذه الدولة الهجينة بإذن الله.
ان حملة ترمب الأولى بنيت على إشعال وتأجيج التظلم والشكوى لدى البيض وبخاصة النساء في الريف والرجال البيض بشكل عام، الذين صوتوا له بنسبة ٨٧٪، وكذلك سياسة الارتجاعية أو الرد العرقي العنيف بعد إدارة أول رئيس أميركي من أصول إفريقية.
وحملته الثانية لا تبتعد كثيرًا عن ذلك، ولكنها أخذت خطًا واضحًا أنها ترتكز على هوية أميركا الثقافية والتاريخية، وذلك بزرع وتأجيج خوف البيض من التغيير القادم, وربطه بتدمير مسلمات ومقومات الجمهورية حيث ذكر في خطابه: "هناك حشود من المتظاهرين الغاضبين الذين يحاولون تحطيم تماثيل الآباء المؤسسين وتخريب أهم النصب التذكارية والإقدام على تنفيذ موجة من الجرائم العنيفة"، ولتحفيز قاعدته على التفاعل قال إنهم يقومون بذلك لأنهم "يظنون أن الشعب الأميركي ضعيف وعاطفي ومستسلم. لكن لا، الشعب الأميركي قوي وفخور، ولن يسمح لبلدنا، وجميع قيمها وتاريخها وثقافتها، أن تؤخذ منهم".
وبهذا يبني ترمب خطة إعادة انتخابه على أسس "نحن ضد الجميع" وهي عامة وغامضة ومبهمة لا تعني شيئًا لشريحة كبيرة من المجتمع وتترك معان كافية؛ ليجد أكبر عدد من الأجنحة المختلفة لهم ارتباطًا بها.
ومن تحليل خطاباته الأخيرة يتضح أن ترمب يعمد إلى توحيد كل أطياف الفرقة والانقسامات، ويمنحهم منصة ليكون السبيل لتحقيق مصالحهم وأجنداتهم المختلفة، فترمب وقاعدته لا يرونه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية وإنما رئيسًا لناخبي ترمب.
فترمب سيعتمد على أن ٣٨-٤٠٪ من الناخبين الأميركيين لن يتنازلوا عنه, وإذًا فعليه أن يؤجج ويشعل ويحقن الوضع لاستئصال جزء من الـ٦٠٪ المصطفين خلف بايدن حاليًا وذلك عبر ٣ استراتيجيات:
1_ مهاجمة بايدن شخصيًّا، ليس للحصول على أصوات ناخبيه بل لثنيهم عن التصويت له.
2_ وضع مقترحات وسياسات تقنع جزءًا من الناخبين المستقلين أو الوسط لاستقطاب ٨-١٠٪ إضافية بأن ترمب أخف الضررين، وهنا تأتي سياسة ربط الديمقراطيين بالفكر اليساري المنحرف.
3_ توظيف استراتيجية كبت الناخب الأسود وتعطيل خروجه لصالح المنافس. وربما كان إعلان المغني الشهير كانيي ويست المؤيد لترمب نيته الترشح للانتخابات موجه لتشتيت أصوات الناخبين السود، وثنيهم عن التوجه للانتخابات على الأقل، وبخاصة في ظل الظروف المحتقنة ضد ترمب بسبب العنصرية.
ومن جهة أخرى فإن هدف ترمب وتركيزه سيكون على المجمع الانتخابي والحصول على ٢٧٠ صوتًا، ولن يهتم لأمر الحصول على أكبر عدد من الأصوات، لأنها ليس ذات أهمية أو تأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وإذًا، فإن من المبكر الجزم بما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية، والترجيح بأن حظوظ بايدن كبيرة بسبب تقدمه بقرابة عشرة نقاط على ترمب، فسكوت كبار الجمهوريين والابتعاد عن أية تصريحات رسمية أو علنية ضده، واستمراره للحصول على أضعاف مضاعفة من الإعلانات المجانية عبر تتبع الإعلام الأميركي الفاسد لكل كلمة وتغريدة يصدرها ترمب، ونشرها عبر مختلف قنوات الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، ووصولًا لكل وسائل الاتصال بالناخب ليلًا ونهارًا يعني أنه سيكون في مخيلة الناخب حتى صندوق الاقتراع.
لقد بدأ العد التنازلي لـ ١٢٠ يومًا المتبقية لبدء الانتخابات ولكن ذلك لن يعني شيئًا؛ لأن واشنطن ستأخذ إجازة لمدة عشرة أيام ثم تعود للعمل، ثم تأخذ إجازة صيفية لمدة شهر ابتداءً من أول شهر آب, فالعمل السياسي لحملة الانتخابات سيبدأ من شهر أيلول/سبتمبر ومنها تتويج المرشحين من قبل الحزبين, ثم تستمر الحملة على امتداد شهر أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر بزيارة أكبر عدد من الولايات الأميركية.
فشهر تشرين أول/أكتوبر هو شهر المفاجآت، وفيه تتحدد ملامح حقيقة استطلاعات الرأي التي يتم الحديث عنها الآن، وفيه ستتبين حقيقة توجه الدولة العميقة، ومخرجات المرحلة القادمة للجمهورية، فهل ستكتفي النخبة الرأسمالية بما تحقق من منجزات على يد ترمب وتتوقف عن إسناده وتتيح المجال لبايدن ليعالج مسألة الوئام الوطني؟ أم انها ستستمر في دفع سياسة أميركا أولًا وشيطنة الصين وروسيا كأقطاب يتوجب مواجهتهم لحماية المصالح الأميركية؟ وهو ما سيجعل الانتخابات المقبلة وأدواتها ونتائجها معركة غير مسبوقة لها تداعياتها داخل الولايات المتحدة وخارجها،هذا ما ستكشف الأشهر القليلة المقبلة.
21/ذي القعدة/1441هـ
12/7/2020م