Abu Taqi
13-07-2020, 09:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
إعادة هيكلة النظام العراقي
رغم أن الباحث العراقي هشام الهاشمي الذي اغتيل قبل أيام لا يمثل رقمًا مهمًا في المشهد السياسي العراقي، لكن اغتياله من قبل أشخاص مكشوفي الوجه في هذا التوقيت، ينطوي على تحدٍ واضح ورسالة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي؛ لردعه عن الذهاب بعيدًا في تقويض النفوذ الإيراني في العراق. فقد جاءت عملية اغتيال الهاشمي في لجة الضغوطات الأميركية بأشكالها المختلفة ومستوياتها المتباينة؛ لتقليم مخالب إيران وضبط سلوكها في العراق وسوريا ولبنان، تمهيدًا للحل الإقليمي الذي تمليه صفقة ترمب، التي يقف خلفها اليمين الإنجيلي في الولايات المتحدة.
فقد جاء اغتيال الباحث هشام الهاشمي المعروف بعلاقته الوطيدة برئيس الوزراء وبنقده اللاذع لإيران وقوى الحشد الشعبي بُعيد التغييرات التي أجراها رئيس الوزراء في القيادات الأمنية، والتي شملت رئيس جهاز الأمن الوطني فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي المقرب من إيران، وتعيين عبد الغني الأسدي القائد السابق في العمليات الخاصة، والمقرب من رئيس الوزراء بدلًا منه.
ومن المعروف أن مصطفى الكاظمي قد فُرض رئيسًا للوزراء من قبل الولايات المتحدة، وبدعم من الرئيس العراقي برهم صالح، وبعض القوى الشيعية المدعومة من النجف، على إثر الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين أول/أكتوبر 2019، واضطرت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاستقالة. وبعد نحو سبعة أشهر من تعطيل تشكيل الحكومة بسبب الخلاف على شخصية الرئيس، والمحصاصة الحزبية، وبرنامج الحكومة الذي يدور حول النفوذ الإيراني والأميركي في العراق، ولا يتصل بالمطالب الشعبية إلا صوريًّا تمامًا كما يحصل في لبنان.
لقد لعب الرئيس العراقي برهم صالح دورًا بارزًا في دعم الكاظمي ورفض مرشحي الكتل الشيعية الموالية لطهران، وهي سابقة لم تكن لتحصل منذ الغزو الأميركي، لولا إصرار الولايات المتحدة على تحجيم النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة، وإسناد المهمة لمدير المخابرات مصطفى الكاطمي، الذي رفع شعار "استعادة الدولة" تماهيًّا مع مطالب المحتجين، الذين سئموا استحواذ الفريق الموالي لإيران على القرار، وإثراءهم الفاحش، وتأمينهم مصالح إيران الاقتصادية والسياسية على حساب الشعب، فضلًا عن بطشهم الذي لم يقتصر على المكون السني بل تعداه لخطف وقتل المحتجين من المكون الشيعي المحسوب على القوى السياسية الشيعية الموالية لحوزة النجف.
وبحسب المعلومات التي يؤيدها الواقع فإن الكاظمي هو عميل للمخابرات الأميركية منذ أن كان ناشطًا في المعارضة العراقية، ومرتبط بأحمد الجلبي، الذي زود الولايات المتحدة بتقارير زائفة حول امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، والتي استغلت كذريعة لغزو العراق سنة 2003.
وبالطبع لم يكن خافيًا على إيران ورجالها في العراق والمنطقة جنوح الولايات المتحدة نحو مرحلة تقتضي تحجيم إيران، وإعادة إنتاج دورها الوظيفي في إطار إفزاع دول الخليج، وتوفير المبرر لهم من أجل التحالف مع كيان يهود. وهو الدور التقليدي الذي طالما لعبته إيران منذ زمن الشاه وما تزال تمارسه خدمة للولايات المتحدة نحو قيامها بضرب المنشآت النفطية السعودية وضرب السفن في الموانئ الإماراتية وتزويدها للحوثي بالصواريخ البالستية وطائرات الدرون لتهديد العواصم الخليجية، بالإضافة إلى نشرها لصواريخ موجهة للسواحل الخليجية في الآونة الأخيرة، والتي تعاملت معها الولايات المتحدة بتواطؤ وصل حد سحب الولايات المتحدة لبعض منظومات باتريوت الدفاعية من السعودية.
ويأتي تنصيب الكاظمي رئيسًا للوزراء في إطار تحجيم دور إيران في العراق، بالتزامن مع ما تقوم به الولايات المتحدة من تقويض للدور الإيراني في سوريا ولبنان، عبر إحكام قبضتها على النظام السوري وتفكيك نواته الصلبة بالضغط الاقتصادي، الذي طال قاعدته العلوية في الساحل، والمظاهرات الدرزية في السويداء، وعبر قانون قيصر الذي سيُضعف السند الإيراني والروسي للنظام, وسيولد مزيدًا من الاحتقان الشعبي، وبخاصة في مناطق النظام، ويشجع على التمرد في صفوف الجيش.
هذا علاوة على ما يقوم به كيان يهود من ضربات عسكرية للوجود الإيراني في سوريا، ولا يُستبعد أن تكون التفجيرات الأخيرة التي طالت مواقع عسكرية في ضواحي طهران داخلة في نفس السياق رغم أنها قد تؤسس لافتعال مواجهة محدودة تزامنًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية وتصب في صالح ترمب وتبرر للأنظمة العربية التحالف العلني مع كيان يهود وتخدم نتنياهو في أجندته السياسية الداخلية.
المؤسف أن أغلب الساسة والتنظيمات السياسية، ليس في العراق وحسب، بل وفي بلاد المسلمين بعامة، لا يمثلون إرادة أهل المنطقة، ويثبتون دومًا أنهم مجرد زبائن للقوى الرأسمالية الاستعمارية التي تبيعهم السلطة لقاء مقاولات ومشاريع وأجندات تخدم مصالح الغرب، ورغم أن بلاد المسلمين تملك مقومات الدولة العظمى التي يمكنها صد أعدائها ومواجهتهم لو وجدت رجالاً مخلصين لا يخافون في الله لومة لائم، إلا أن معظم حكامنا بتبعيتهم يزجون أبناء الأمة في حروب لا تخدم في محصلتها سوى أسيادهم من الكفار على حساب كرامة ودماء وثروات الأمة, وليس في تلك الحروب والفتن للدين نصيب سوى الشعارات.
لقد آن للمسلمين أن يدركوا بأن الله عز وجل لا يهب النصر بالمعجزات وإنما بالنواميس الكونية والإعداد، فلم يعد أمام أمتنا سوى التبرؤ من الباطل وأهله، والانحياز إلى الشرع وأهله، وأن يشمر أبناؤها عن سواعد الجد، ويتخلصوا من حكام الدمى الذين جعلوا المسلمين أضحوكة بين الأمم وجعلوا دماءهم رخيصة وثرواتهم نهباً لكل طامع.
{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}
21/ذي القعدة/1441هـ
12/7/2020م
متابعة سياسية
إعادة هيكلة النظام العراقي
رغم أن الباحث العراقي هشام الهاشمي الذي اغتيل قبل أيام لا يمثل رقمًا مهمًا في المشهد السياسي العراقي، لكن اغتياله من قبل أشخاص مكشوفي الوجه في هذا التوقيت، ينطوي على تحدٍ واضح ورسالة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي؛ لردعه عن الذهاب بعيدًا في تقويض النفوذ الإيراني في العراق. فقد جاءت عملية اغتيال الهاشمي في لجة الضغوطات الأميركية بأشكالها المختلفة ومستوياتها المتباينة؛ لتقليم مخالب إيران وضبط سلوكها في العراق وسوريا ولبنان، تمهيدًا للحل الإقليمي الذي تمليه صفقة ترمب، التي يقف خلفها اليمين الإنجيلي في الولايات المتحدة.
فقد جاء اغتيال الباحث هشام الهاشمي المعروف بعلاقته الوطيدة برئيس الوزراء وبنقده اللاذع لإيران وقوى الحشد الشعبي بُعيد التغييرات التي أجراها رئيس الوزراء في القيادات الأمنية، والتي شملت رئيس جهاز الأمن الوطني فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي المقرب من إيران، وتعيين عبد الغني الأسدي القائد السابق في العمليات الخاصة، والمقرب من رئيس الوزراء بدلًا منه.
ومن المعروف أن مصطفى الكاظمي قد فُرض رئيسًا للوزراء من قبل الولايات المتحدة، وبدعم من الرئيس العراقي برهم صالح، وبعض القوى الشيعية المدعومة من النجف، على إثر الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين أول/أكتوبر 2019، واضطرت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاستقالة. وبعد نحو سبعة أشهر من تعطيل تشكيل الحكومة بسبب الخلاف على شخصية الرئيس، والمحصاصة الحزبية، وبرنامج الحكومة الذي يدور حول النفوذ الإيراني والأميركي في العراق، ولا يتصل بالمطالب الشعبية إلا صوريًّا تمامًا كما يحصل في لبنان.
لقد لعب الرئيس العراقي برهم صالح دورًا بارزًا في دعم الكاظمي ورفض مرشحي الكتل الشيعية الموالية لطهران، وهي سابقة لم تكن لتحصل منذ الغزو الأميركي، لولا إصرار الولايات المتحدة على تحجيم النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة، وإسناد المهمة لمدير المخابرات مصطفى الكاطمي، الذي رفع شعار "استعادة الدولة" تماهيًّا مع مطالب المحتجين، الذين سئموا استحواذ الفريق الموالي لإيران على القرار، وإثراءهم الفاحش، وتأمينهم مصالح إيران الاقتصادية والسياسية على حساب الشعب، فضلًا عن بطشهم الذي لم يقتصر على المكون السني بل تعداه لخطف وقتل المحتجين من المكون الشيعي المحسوب على القوى السياسية الشيعية الموالية لحوزة النجف.
وبحسب المعلومات التي يؤيدها الواقع فإن الكاظمي هو عميل للمخابرات الأميركية منذ أن كان ناشطًا في المعارضة العراقية، ومرتبط بأحمد الجلبي، الذي زود الولايات المتحدة بتقارير زائفة حول امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، والتي استغلت كذريعة لغزو العراق سنة 2003.
وبالطبع لم يكن خافيًا على إيران ورجالها في العراق والمنطقة جنوح الولايات المتحدة نحو مرحلة تقتضي تحجيم إيران، وإعادة إنتاج دورها الوظيفي في إطار إفزاع دول الخليج، وتوفير المبرر لهم من أجل التحالف مع كيان يهود. وهو الدور التقليدي الذي طالما لعبته إيران منذ زمن الشاه وما تزال تمارسه خدمة للولايات المتحدة نحو قيامها بضرب المنشآت النفطية السعودية وضرب السفن في الموانئ الإماراتية وتزويدها للحوثي بالصواريخ البالستية وطائرات الدرون لتهديد العواصم الخليجية، بالإضافة إلى نشرها لصواريخ موجهة للسواحل الخليجية في الآونة الأخيرة، والتي تعاملت معها الولايات المتحدة بتواطؤ وصل حد سحب الولايات المتحدة لبعض منظومات باتريوت الدفاعية من السعودية.
ويأتي تنصيب الكاظمي رئيسًا للوزراء في إطار تحجيم دور إيران في العراق، بالتزامن مع ما تقوم به الولايات المتحدة من تقويض للدور الإيراني في سوريا ولبنان، عبر إحكام قبضتها على النظام السوري وتفكيك نواته الصلبة بالضغط الاقتصادي، الذي طال قاعدته العلوية في الساحل، والمظاهرات الدرزية في السويداء، وعبر قانون قيصر الذي سيُضعف السند الإيراني والروسي للنظام, وسيولد مزيدًا من الاحتقان الشعبي، وبخاصة في مناطق النظام، ويشجع على التمرد في صفوف الجيش.
هذا علاوة على ما يقوم به كيان يهود من ضربات عسكرية للوجود الإيراني في سوريا، ولا يُستبعد أن تكون التفجيرات الأخيرة التي طالت مواقع عسكرية في ضواحي طهران داخلة في نفس السياق رغم أنها قد تؤسس لافتعال مواجهة محدودة تزامنًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية وتصب في صالح ترمب وتبرر للأنظمة العربية التحالف العلني مع كيان يهود وتخدم نتنياهو في أجندته السياسية الداخلية.
المؤسف أن أغلب الساسة والتنظيمات السياسية، ليس في العراق وحسب، بل وفي بلاد المسلمين بعامة، لا يمثلون إرادة أهل المنطقة، ويثبتون دومًا أنهم مجرد زبائن للقوى الرأسمالية الاستعمارية التي تبيعهم السلطة لقاء مقاولات ومشاريع وأجندات تخدم مصالح الغرب، ورغم أن بلاد المسلمين تملك مقومات الدولة العظمى التي يمكنها صد أعدائها ومواجهتهم لو وجدت رجالاً مخلصين لا يخافون في الله لومة لائم، إلا أن معظم حكامنا بتبعيتهم يزجون أبناء الأمة في حروب لا تخدم في محصلتها سوى أسيادهم من الكفار على حساب كرامة ودماء وثروات الأمة, وليس في تلك الحروب والفتن للدين نصيب سوى الشعارات.
لقد آن للمسلمين أن يدركوا بأن الله عز وجل لا يهب النصر بالمعجزات وإنما بالنواميس الكونية والإعداد، فلم يعد أمام أمتنا سوى التبرؤ من الباطل وأهله، والانحياز إلى الشرع وأهله، وأن يشمر أبناؤها عن سواعد الجد، ويتخلصوا من حكام الدمى الذين جعلوا المسلمين أضحوكة بين الأمم وجعلوا دماءهم رخيصة وثرواتهم نهباً لكل طامع.
{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}
21/ذي القعدة/1441هـ
12/7/2020م