المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية حول التعديلات الدستورية في الجزائر



Abu Taqi
02-07-2020, 02:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
التعديلات الدستورية في الجزائر
مع بداية توليه الرئاسة أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه سيقوم بتعديلات دستورية تتعلق بوظيفة الجيش وهوية البلاد ومنصب الرئاسة، وقد تناولت مجلة الجيش الجزائري في عددها الصادر في شهر حزيران/يونيو2020 مقترح دسترة مشاركة الجزائر في عمليات "حفظ السلام" خارج البلاد تحت رعاية الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية.
وتزامن ذلك كله مع لقاءات عقدها الرئيس عبد المجيد تبون مع السفير الأميركي والسفير الألماني. وبحسب بيان رئاسة الجمهورية بخصوص اللقاء مع السفير الأميركي فقد تم "استعراض العلاقات الثنائية، والوضع في ليبيا، والمنطقة عمومًا" ومن جهته، قال السفير الأميركي في الجزائر: "أعتقد أن لدينا الكثير من العمل سويًّا لتحقيق أهدافنا".
وبالنظر إلى الظروف المحيطة فإن مقترحات الرئيس الجزائري بشأن التعديلات الدستورية وبخاصة تعديل وظيفة الجيش الجزائري تندرج في سياق إحكام قبضة النظام على المجتمع، وتقليم أظافر بعض القوى السياسية المنافسة، وإعادة هيكلة الجيش وتأكيد وظيفته في حماية النظام داخليًّا، واستكمال إعادة إنتاجه بعد أن همشت عصابة عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه على أكتاف الحراك الشعبي تمامًا كما حصل في السودان.
كما تندرج التغييرات الدستورية المقترحة في سياق المعطيات الخارجية ومواجهة تداعياتها، وبخاصة فيما يتعلق بالمستجدات الليبية التي ستفضي إلى توافقات جديدة لصالح قوى الثورة الليبية المضادة، وعلى حساب الفصائل المقاتلة في العاصمة طرابلس بموجب توصيات مؤتمر برلين، وهو الأمر الذي أصبح الشغل الشاغل في ليبيا عقب اجتماع السراج بالسفير الأميركي وقائد قوات "أفريكوم" في يونيو/حزيران الفائت، والذي ركز على فرز الفصائل "المقاتلة" تمهيدًا لدمج بعضها في صفوف القوات النظامية.
ويندرج التغيير المقترح في الجزائر أيضًا في سياق ردع التيار الشعبي المؤيد لـ"الثورة" وتحصين جبهة القوى العلمانية والدولة العميقة في تونس من تداعيات الوضع الليبي، وكذلك في سياق الوضع الفرنسي العاجز في مالي والذي ثار الجدل حوله داخل الولايات المتحدة في كانون ثاني/يناير من هذا العام لناحية العبء الذي خلفه العجز الفرنسي في ضبط الوضع في مالي ومنطقة الساحل والصحراء دون عائد معتبر بحسب البنتاغون.
ومن هنا تبرز أهمية تعديل وظيفة الجيش الجزائري والعمل على توسيع مهماته في دول الجوار وتخفيف العبء الذي تتحمله أميركا في تأمين القوات الفرنسية لوجستيًّا دون طائل. وهو الأمر الذي ينطوي على رسالة إلى الدول الأوروبية بأن الرهان على قوتهم الذاتية رهان خاسر.
أما في الشأن الليبي فإن الجيش الجزائري سيلعب دور العصا على الفصائل المقاتلة في طرابلس؛ لضبطهم وفق توصيات مؤتمر برلين مقابل الجزرة التي مدت إليهم عبر تركيا بتوافق مع الولايات المتحدة، إذ ليس من المتوقع أن تمارس تركيا دور العصا على من مدت إليهم يد العون وبالتالي يكون الدور الجزائري رديفًا للدور التركي وليس متناقضًا معه أو موجهًا ضده.
وبخاصة أن مقترحات الرئيس الجزائري حول إدخال تعديلات دستورية على مهمة الجيش، تجري وسط الضغوطات التي تتعرض لها القوى المحسوبة على الثورة في تونس، ووسط حركة سياسية نشطة من قبل الأطراف ذات الصلة بالشأن الليبي، نحو اجتماع الرئيس الجزائري بسفيري كل من أميركا وألمانيا "الراعية لمؤتمر برلين حول ليبيا" وزيارة عقيلة صالح للجزائر وزيارة الرئيس التونسي إلى فرنسا، وزيارة وفد من كبار المسؤولين في تركيا إلى ليبيا وتصريح وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أن "ترامب وافق على مقترح قدَّمه أردوغان للعمل معًا" وأن أردوغان قد أوعز إلى المسؤولين بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة في الشأن الليبي.
أما ما يتعلق بالتعديلات المقترحة التي من شأنها العبث بهوية الأمة فقد جاءت من خلال استبعاد اللغة العربية والهوية الإسلامية من الدستور القادم أو الذي يليه، حيث صرح كل من رئيس لجنة الخبراء المكلفة بتعديل الدستور اظ”حمد لعرابة ومقررها وليد لعقون، في مقابلة مع صحيفة "ليبرتي" الصادرة بتاريخ 8/6/2020 "ونحن بلد يعيش الانتقال الديمقراطي، لذا مسالة المواطنة ليست محسومة. الدساتير موجهة لمواطنين وليس لمؤمنين، ما يعني اظ”ن عناصر الهوية يمكن إبعادها عن الدستور ليصبح بإمكانك أن تكون جزائريًّا دون اظ”ن تكون عربيًّا ولا أمازيغيًّا ولا مسلمًا". وأضافا: "وسترون اظ”ن هذه العناصر المكونة للهوية ستختفي من الدستور مستقبلًا".
وما إن صدرت هذه التصريحات حتى توالت الاحتجاجات ضدها مما اضطر عبد المجيد تبون نفسه للدفاع عن رئيس اللجنة أحمد لعرابة، قائلًا: "أنا عندي ثقة كبيرة فيه لأنه ابن شهيد"!!.
إن دفاع تبون عن لعرابة يؤكد تواطؤ الرئاسة على حذف مواد الهوية بالتنسيق مع الجيش، ما من شأنه أن يؤسس لمرحلة قد تجر الجزائر إلى قطار الفدرلة التي تقتحم المنطقة؛ وذلك لما لوتر القومية من دور مركزي في ضرب وحدة الشعب ثقافيًّا وجغرافيًّا.
أما التعديل الدستوري المقترح والثالث في الأهمية فيتعلق باستحداث منصب نائب الرئيس لأول مرة في تاريخ الجزائر الحديث. وحسب التعديل، فإن نائب الرئيس المعين من الرئيس المنتخب، يمكنه خلافة رئيس الدولة واستكمال ولايته الرئاسية في حال حدوث أي مانع للرئيس، كالعجز الصحي أو الموت. ويهدف هذا المقترح الخبيث إلى تحصين جبهة النظام أمام الشعب، وشلِّ حركته دستوريًّا في حال انتفاضه على رئيس الدولة، إذ يكفي استقالة الرئيس وتولي نائبه الحكم للالتفاف على مطالب الشعب وتحصين النظام وتلافي محاذير انفلات الشارع وخروجه عن السيطرة لا سيما وأن تدخل الجيش بات يشكل حالة مرفوضة شعبيًا في بلاد "الربيع العربي".
لقد أخبرنا تبارك وتعالى منذ فجر الإسلام أن الكفار لن يتركوا هذه الأمة المجيدة تهنأ بدينها حيث قال: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}. وقد محضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نصحه إذ قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا، كتاب الله وسنتي".
فإلى رفض مؤامرات ومشاريع الكفار وخدمة مصالحهم ندعوكم أيها المسلمون في الجزائر وسائر بلاد الإسلام، ونخص منها تسخير جيوش الأمة في الجزائر ومصر وغيرها من جيوش بلاد المسلمين لاستعمالها عصًا بيد دول الكفر ينكلون بواسطتها بإخوانهم المسلمين بخاصة ويضعفونها بحروب تخدم مخططاتهم, بعد أن كانت هاجسًا يقض مضاجع الكفار حين كانت تجمع الأمة دولة واحدة, ترفع راية التوحيد ولا تكاد تصمد أمام جيوشهم قوة في الأرض لقرون طويلة.
10/ذي القعدة/1441هـ
1/7/2020م