تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية حول الحملة على الغنوشي ومستقبل النظام السوري



Abu Taqi
24-05-2020, 06:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
أولًا: الحملة الإعلامية على الغنوشي
الحملة على الغنوشي في الأيام الأخيرة ليست للنيل منه شخصيًّا، وإنما هي للنيل مما يرمز إليه باعتباره يمثل معسكر الثورة والربيع العربي، وقد تزامن الهجوم على الغنوشي مع تقهقر معسكر الدولة العميقة في ليبيا المجاورة، مما اضطر قوى الدولة العميقة في تونس إلى التحرك لإثبات وجودهم، والتشويش على معنويات الجماهير التونسية المؤيدة للثورة، ومن أجل خلط الأوراق وسط صراعات داخلية واتهامات بين رجال السلطة في الرئاسة والحكومة والبرلمان وبين الأحزاب السياسية.
والحقيقة أن أعداء الإسلام وعملاءهم في الأنظمة العربية لا يريدون أن يبقى ذكر للإسلام في الحكم ولو صوريًّا، بل ولو كانوا من دعاة التوافق مع العلمانيين والتحالف معهم كما في مصر وتركيا، ولهذا يعملون على شيطنة "الإسلاميين" ودعم اليساريين والحداثيين وبقايا الدولة العميقة في تونس والسودان، وتعزيز جبهة العلمانيين في الجزائر وليبيا وسوريا، ومركزة الوطنية بدل الطائفية الدينية كحراك لبنان والعراق، وتضييق الخناق على من يرمزون إلى الدين بصلة كملالي إيران وسلفية السعودية.
وهذا يعني أنه لم يعد الغرب يواصل أسلوب احتواء الشعوب إلا تكتيكيًا، وأصبح يتبع طريق البطش بهم عسكريًّا على يد عملائه، وتقويض أصحاب التوجه الإسلامي بالهجوم عليهم وعلى الإسلام.
وهذا الأمر بارز في بلدان "الربيع العربي" منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، مرورًا بإرغام حركة النهضة التونسية بالتخلي عن فوزها في الانتخابات، وتمكينها للدولة العميقة، وصولًا إلى الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، وحصر السلطة بيد الجيش بإسناد قوى التغيير اليسارية والعلمانية الذين يتواطؤون بمعية العسكر على تغذية الخلافات القبلية وجر السودان إلى الفوضى والحرب الأهلية ومزيد من التمزق لا قدر الله.

ثانيًّا: النظام السوري في مجرى العاصفة
ظهرت في الآونة الأخيرة مؤشرات تفيد باقتراب التوافق على نظام بديل لنظام بشار الأسد، ومن ذلك ضرب سنده الإقليمي الإيراني، وزهد روسيا ببقائه طالما حفظت مصالحها في سوريا وحصتها في الإعمار عبر تركيا والمعارضة السورية وموافقة أميركية، ومن ذلك أيضًا تشقق الكتلة الصلبة داخل النظام، ومحاولة بشار عرقلة مشروع الدستور، والتشغيب على اتفاق وقف إطلاق النار؛ لأنه يتغذى في بقائه بالحكم على الصراع المسلح، ومتى ألقي السلاح جانبًا وحل مكانه الحل السياسي فلن يكون له دور بعد أن أصبح التحالف معه يشكل إدانة لأي جهة تحالفه.
ومع هذه المؤشرات ومع وقوع إيران تحت الضغط لإجبارها على الخروج من سوريا، وتقزيم نفوذها في العراق لم يعد أمامها سوى محاولة اللعب على الوقت، وانتظار نتائج الانتخابات الأميركية لإدراكهم أن صفقة ترمب وإن كانت سياسة أميركية عامة، لكنها لا تحظى بتوافق كامل لدى صناع السياسة في أميركا كما يدركون بأن ثمة اختلاف في وجهات النظر في أميركا، وبين أميركا وأوروبا من جهة أخرى حول التعاطي مع إيران.
ولذلك تناور القيادة المحافظة في إيران من خلال التعنت تارة، والتجاوب تارة أخرى من أجل أن ترفع ثمن تمكينها لرئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، عميل أميركا في العراق، وثمن تخليها عن بشار وتقليص وجودها العسكري في سوريا، وهو الأمر الذي نلاحظه في تصريح مرشد الثورة علي خامنئي يوم الأحد 17 أيار/مايو حيث أشار إلى أن هناك "مساع يبذلها أعداء إيران تهدف إلى انسحاب واستسلام النظام الإسلامي فيها، مبينًا أنه بفضل الله سبحانه وتعالى ويقظة وصمود الشعب فإن جبهة الاستكبار ستفشل في تحقيق مآربها".
والحاصل أن استراتيجية الولايات المتحدة بشأن صفقة القرن باتت تحدد أولويات مسار الأحداث في سوريا والعراق ولبنان وقضية فلسطين، لا سيما وأن الصفقة هي محور السياسة التي جاء ترمب لتنفيذها في ولايته التي من المفترض أن تمتد لفترة رئاسية ثانية لولا جائحة كورونا التي قضمت من شعبيته وجعلت الجمهوريين في سباق مع الزمن لفرض الأمر الواقع في ملفات "القضية الفلسطينية"، وإخراج إيران من سوريا والعراق وتحجيم نفوذها في لبنان لارتباط هذه الملفات ببعضها.
وهذا ما أشار إليه سفير كيان يهود الغاصب في واشنطن، حيث قال: "يجب أن نمضي قدمًا في الضمّ الآن؛ لأننا لا نعرف ما سيحدث في الانتخابات الأميركية. قد يفوز بايدن. الآن هناك فرصة سانحة، يجب تنفيذ الضم". ومع عزم الجمهوريين على فرض الأمر الواقع وبخاصة إخراج إيران من سوريا، فمن المحتم أن يفقد بشار الأسد سنده الرئيسي على الأرض، ويصبح في مجرى العاصفة التي لا بد أن تطيح به وتأتي بحكومة انتقالية لتضع سوريا في قلب صفقة ترمب.

غرة شوال/ 1441هـ
24/5/2020م