Abu Taqi
16-04-2020, 05:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
أميركا وحرب الأسعار في سوق النفط
اتفقت مجموعة أوبك+ خلال اجتماعها يوم الخميس 9 نيسان/أبريل 2020م، على خفض إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل يوميًّا لكبار المنتجين للشهرين القادمين، وقد جاء هذا الاتفاق بعد التحذير الأميركي المباشر لمجموعة أوبك+ وبخاصة السعودية وروسيا بوجوب تخفيض الإنتاج. وكانت شرارة أزمة أسعار النفط الأخيرة قد انطلقت بعد أن طلبت السعودية من الدول المشاركة في أوبك+ (أوبك + روسيا) زيادة حجم التخفيضات النفطية من 2.1- 3.6 مليون برميل يوميًّا، "إلّا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي شعر بالقلق من التنازل عن الكثير لمنتجي النفط الأميركيين، رفض الموافقة على الخطة، ما دفع وزير الطاقة الروسي، ألكساندر نوفاك، يوم الجمعة، إلى القول إن الدول يمكنها أن تنتج كما يحلو لها ابتداءً من 1 أبريل/نيسان" بحسب سي أن أن العربية.
والظاهر أن أميركا استطاعت من خلال صنيعتها محمد بن سلمان _المغرور والمتهور_ إرغام روسيا على الرضوخ لهيمنتها على سوق النفط، ورغم إظهار روسيا عدم الاكتراث في أول الأمر لما ستصل إليه أسعار النفط، إلا أنها لم تصمد طويلًا لتأثير مثل تلك الأسعار على اقتصادها وفرص نموه، بعد إشهار العصا السعودية في وجهها، والتي قامت بدورها برفع الإنتاج وتخفيض الأسعار ليستفيد ترمب منه في تعزيز شعبيته وملء خزانات الولايات المتحدة بالنفط الرخيص، ريثما تخضع روسيا لاملاءاته مستغلًا جائحة كورونا وأثرها على تدني الطلب العالمي للنفط. وهو ما تحقق لترمب في إرغام روسيا على الجلوس للتفاوض والاتفاق على تخفيض الإنتاج من جديد مع السعودية.
وبالتدقيق فإن أزمة أسعار النفط تدور حول قضايا متعددة أغلبها يتصل بالمصالح الأميركية الداخلية منها والخارجية، ومن أهم تلك المصالح الحفاظ على شركاتها العاملة في استخراج النفط من الصخر الزيتي, كمصدر طاقة داخلي, ومخزون استراتيجي في المقام الأول قبل مردودها الاقتصادي، فضلًا عن توظيفها لكثير من الأيدي العاملة، وبخاصة بعد أن فاق إنتاجها أربعة ملايين برميل يوميًّا، والتي سيكون انهيارها أو توقف إنتاجها مؤثرًا بشكل كبير على القطاع المصرفي، الذي أمدها بقروض بلغت 86 مليار دولار. ولا يخفى أن الحفاظ على مصالح الشركات النفطية ومن توظفهم, والحرص على عدم حصول أي انهيار في القطاع المصرفي، إضافة إلى تخفيض العبء الضريبي بالنفط الرخيص نسبيًّا، يؤثر كل ذلك على السنة الانتخابية لترمب والحزب الجمهوري، وبخاصة بعد إنجازاته الداخلية مثل تخفيض البطالة، والخارجية من مثل قتله للبغدادي وقاسم سليماني وإنجاز الاتفاق مع حركة طالبان.
ومن المصالح الخارجية التي تحققت أن الاتفاق الجديد والذي نتج عنه ارتفاعات سعر النفط الخام ومشتقاته لم يمنح الصين تحديدًا فرصة كافية في استغلال هبوط أسعار النفط لمعالجة الخسائر التي نجمت عن وباء كورونا، والذي ظهر مبكرًا بها، وعطل حجمًا وافرًا من صناعاتها، وبخاصة وأن الصناعات الأميركية لم تتعافَ بعد من آثار الوباء.
والخلاصة، فإنه يمكن القول إن أميركا قد تمكنت من تحقيق أهدافها في خلق توازن لسعر النفط يضمن سلامة شركاتها المنتجة للنفط الصخري، وتلافي انهيارها بسبب الديون، بالإضافة إلى تعزيز ترمب لشعبيته، وتحذير روسيا من التلاعب بشأن الأسعار والإمدادات، وحرمان الصين من مواصلة استغلالها لأزمة السوق النفطية وأسعارها. فضلًا عما ذكرته الأخبار عن تدفق الناقلات العملاقة والمحملة بالنفط السعودي لملء خزاناتها النفطية بالخام الرخيص.
وأخيرًا فإن حرب الأسعار والإنتاج في سوق النفط تجري ظاهريًّا بين السعودية وروسيا لكن الفاعل والموجه الحقيقي لها هو الولايات المتحدة الأميركية. ولقد وصلت درجة العمالة والتفريط في مصالح الأمة أن يقوم حكام آل سعود بدور مخلب القط في هذه المعركة التي تسببت في خسارة مليارات الدولارات من أموال المسلمين لمصلحة أميركا _رغم أن عجز الموازنة في السعودية بلغ 50 مليار دولار للسنة الحالية ويتوقع للعجز أن يتضاعف_ وفي سبيل أن يجلس الأحمق المطاع محمد بن سلمان على عرش المملكة، والذي يعمل لصالح أميركا والغرب الكافرين بكل طاقته لتحقيق ما هو أخطر من ذلك وهو محاربة دين الأمة وتعهير أبنائها.
لقد آن لنا أن ندرك أن مصيرنا نحدده نحن وليس غيرنا، وأننا بقوانا الذاتية والكثيرة نستطيع أن نغير الأوضاع، وننتهز الفرص التي يمر بها العالم لتخليص أنفسنا من سيطرة أميركا وأدواتها، وما تفرضه هذه السيطرة من تعطيل لشرع الله، ونهب لمقدرات الأمة، بل وتسخيرها ضد مصالحنا في المنطقة عمومًا، وتثبيت السيطرة الأميركية على المنطقة خصوصًا.
فالله عز وجل بين لنا أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وتغيير ما بالأنفس يكون بأن نغير ما في نفوسنا من رضًا بواقعنا إلى سخط على هذا الواقع وتحويل هذا السخط إلى قوة مادية مؤثرة تطيح بهذه الأنظمة وتحول السلطان إلى سلطان الإسلام.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم, واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}
22/شعبان/1441هـ
16/4/2020م
متابعة سياسية
أميركا وحرب الأسعار في سوق النفط
اتفقت مجموعة أوبك+ خلال اجتماعها يوم الخميس 9 نيسان/أبريل 2020م، على خفض إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل يوميًّا لكبار المنتجين للشهرين القادمين، وقد جاء هذا الاتفاق بعد التحذير الأميركي المباشر لمجموعة أوبك+ وبخاصة السعودية وروسيا بوجوب تخفيض الإنتاج. وكانت شرارة أزمة أسعار النفط الأخيرة قد انطلقت بعد أن طلبت السعودية من الدول المشاركة في أوبك+ (أوبك + روسيا) زيادة حجم التخفيضات النفطية من 2.1- 3.6 مليون برميل يوميًّا، "إلّا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي شعر بالقلق من التنازل عن الكثير لمنتجي النفط الأميركيين، رفض الموافقة على الخطة، ما دفع وزير الطاقة الروسي، ألكساندر نوفاك، يوم الجمعة، إلى القول إن الدول يمكنها أن تنتج كما يحلو لها ابتداءً من 1 أبريل/نيسان" بحسب سي أن أن العربية.
والظاهر أن أميركا استطاعت من خلال صنيعتها محمد بن سلمان _المغرور والمتهور_ إرغام روسيا على الرضوخ لهيمنتها على سوق النفط، ورغم إظهار روسيا عدم الاكتراث في أول الأمر لما ستصل إليه أسعار النفط، إلا أنها لم تصمد طويلًا لتأثير مثل تلك الأسعار على اقتصادها وفرص نموه، بعد إشهار العصا السعودية في وجهها، والتي قامت بدورها برفع الإنتاج وتخفيض الأسعار ليستفيد ترمب منه في تعزيز شعبيته وملء خزانات الولايات المتحدة بالنفط الرخيص، ريثما تخضع روسيا لاملاءاته مستغلًا جائحة كورونا وأثرها على تدني الطلب العالمي للنفط. وهو ما تحقق لترمب في إرغام روسيا على الجلوس للتفاوض والاتفاق على تخفيض الإنتاج من جديد مع السعودية.
وبالتدقيق فإن أزمة أسعار النفط تدور حول قضايا متعددة أغلبها يتصل بالمصالح الأميركية الداخلية منها والخارجية، ومن أهم تلك المصالح الحفاظ على شركاتها العاملة في استخراج النفط من الصخر الزيتي, كمصدر طاقة داخلي, ومخزون استراتيجي في المقام الأول قبل مردودها الاقتصادي، فضلًا عن توظيفها لكثير من الأيدي العاملة، وبخاصة بعد أن فاق إنتاجها أربعة ملايين برميل يوميًّا، والتي سيكون انهيارها أو توقف إنتاجها مؤثرًا بشكل كبير على القطاع المصرفي، الذي أمدها بقروض بلغت 86 مليار دولار. ولا يخفى أن الحفاظ على مصالح الشركات النفطية ومن توظفهم, والحرص على عدم حصول أي انهيار في القطاع المصرفي، إضافة إلى تخفيض العبء الضريبي بالنفط الرخيص نسبيًّا، يؤثر كل ذلك على السنة الانتخابية لترمب والحزب الجمهوري، وبخاصة بعد إنجازاته الداخلية مثل تخفيض البطالة، والخارجية من مثل قتله للبغدادي وقاسم سليماني وإنجاز الاتفاق مع حركة طالبان.
ومن المصالح الخارجية التي تحققت أن الاتفاق الجديد والذي نتج عنه ارتفاعات سعر النفط الخام ومشتقاته لم يمنح الصين تحديدًا فرصة كافية في استغلال هبوط أسعار النفط لمعالجة الخسائر التي نجمت عن وباء كورونا، والذي ظهر مبكرًا بها، وعطل حجمًا وافرًا من صناعاتها، وبخاصة وأن الصناعات الأميركية لم تتعافَ بعد من آثار الوباء.
والخلاصة، فإنه يمكن القول إن أميركا قد تمكنت من تحقيق أهدافها في خلق توازن لسعر النفط يضمن سلامة شركاتها المنتجة للنفط الصخري، وتلافي انهيارها بسبب الديون، بالإضافة إلى تعزيز ترمب لشعبيته، وتحذير روسيا من التلاعب بشأن الأسعار والإمدادات، وحرمان الصين من مواصلة استغلالها لأزمة السوق النفطية وأسعارها. فضلًا عما ذكرته الأخبار عن تدفق الناقلات العملاقة والمحملة بالنفط السعودي لملء خزاناتها النفطية بالخام الرخيص.
وأخيرًا فإن حرب الأسعار والإنتاج في سوق النفط تجري ظاهريًّا بين السعودية وروسيا لكن الفاعل والموجه الحقيقي لها هو الولايات المتحدة الأميركية. ولقد وصلت درجة العمالة والتفريط في مصالح الأمة أن يقوم حكام آل سعود بدور مخلب القط في هذه المعركة التي تسببت في خسارة مليارات الدولارات من أموال المسلمين لمصلحة أميركا _رغم أن عجز الموازنة في السعودية بلغ 50 مليار دولار للسنة الحالية ويتوقع للعجز أن يتضاعف_ وفي سبيل أن يجلس الأحمق المطاع محمد بن سلمان على عرش المملكة، والذي يعمل لصالح أميركا والغرب الكافرين بكل طاقته لتحقيق ما هو أخطر من ذلك وهو محاربة دين الأمة وتعهير أبنائها.
لقد آن لنا أن ندرك أن مصيرنا نحدده نحن وليس غيرنا، وأننا بقوانا الذاتية والكثيرة نستطيع أن نغير الأوضاع، وننتهز الفرص التي يمر بها العالم لتخليص أنفسنا من سيطرة أميركا وأدواتها، وما تفرضه هذه السيطرة من تعطيل لشرع الله، ونهب لمقدرات الأمة، بل وتسخيرها ضد مصالحنا في المنطقة عمومًا، وتثبيت السيطرة الأميركية على المنطقة خصوصًا.
فالله عز وجل بين لنا أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وتغيير ما بالأنفس يكون بأن نغير ما في نفوسنا من رضًا بواقعنا إلى سخط على هذا الواقع وتحويل هذا السخط إلى قوة مادية مؤثرة تطيح بهذه الأنظمة وتحول السلطان إلى سلطان الإسلام.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم, واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}
22/شعبان/1441هـ
16/4/2020م