المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية حول كورونا هل هو مؤامرة أم انتشار وباء؟



Abu Taqi
05-04-2020, 11:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


متابعة سياسية
كورونا هل هو مؤامرة أم انتشار وباء؟

المؤامرات هي واقع موجود منذ القدم {إن الملاْ يأتمرون بك ليقتلوك}، ولذلك لا سبيل لإنكار وجودها، وهناك بالتأكيد دوافع ومبررات للحكم بوجود مؤامرة، ولكن ثمة فرق بين الحكم بوجود مؤامرة استنادًا إلى شواهد تؤيد الرأي، وبين الرأي بوجود مؤامرة استنادًا إلى فكرة المؤامرة بلا شواهد، أو بشواهد متوهمة أو معلومات زائفة، أو استنادًا إلى الشعور بوجود مؤامرة لانعدام الثقة بالأعداء، أو استنادًا إلى التفكير النمطي السائد، والقياس على ما جرت عليه العادة في الحوادث الكبرى وتعميمها على كل ظاهرة مماثلة.
إن مما ينبغي إدراكه أن من أسس المفاهيم السياسية الضابطة للفهم أن تُبحث القضايا على صعيدها الأصلي، سواء على مستوى التشخيص والتحليل، أو على مستوى المعالجات وإعطاء الرأي من زاوية خاصة.
فقد تكون القضية اقتصادية كارتفاع وهبوط أسعار النفط، لكن صعيدها الأصلي سياسيٌّ أو العكس، وقد تكون معطيات القضية واقعية كالوباء في أزمة كورونا، ومثل الفقر والقهر السياسي كدوافع واقعية لـ"لربيع العربي"، لكن صعيدها الأصلي سياسيٌّ، وقد يكون طابع المسألة فكريًّا لكن صعيدها سياسي؛ كالحملة على السنة النبوية وأصول الدين بغية استكمال هدم الإسلام، وتركيز فصل الدين عن الدولة، وإضفاء الشرعية على الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين، وقد يكون طابعها سياسيًّا مجتمعيًّا كتمكين المرأة في الحياة العامة، لكن صعيدها عقائديٌّ. وفي كل الأحوال لا بد من ربط القضايا بصعيدها الأصلي، وبالمعلومات المتعلقة بها ومن نوعها عند التحليل والمعالجة.
والربط كعملية تفكيرية هو خطوة في اتجاه الوعي, وهو من نوع التفكير العميق بصرف النظر عن صحة ما يتوصل إليه من رأي؛ إذ أن الخطأ في الرأي ليس انحرافًا، ما لم يصدر بمعزل عن طريقة الفهم.
وصحة الرأي تتوقف على دقة الربط ووفرة المعلومات وصحتها، وتجنب مفسدات الرأي السياسي كالأسلوب المنطقي، وتجريد الحدث من ظروفه، والقياس الشمولي، والتعميم.
والحال مع أزمة كورونا أن صعيدها الأصلي هو وباء قد انتشر وتم استغلاله والاستثمار فيه لأغراض سياسية, ولا يبدو انتشاره مقصودًا إلى الآن بدليل تردد منظمة الصحة العالمية والدول الغربية قاطبة في التعاطي معه.
إذ أن كون الأمر مدبرًا يقتضي أن يكون الإجراء مدروسًا بعناية، وأن تجري الإجراءات بشكل سلس ومبرمج، وهو ما لم يظهر في ردود أفعال أميركا والدول الغربية الكبرى، رغم أنهم انتهزوا الفرصة سريعًا لتعلق الحدث بمركز التنبه الرأسمالي وهو المنفعة، وتعلقه كذلك بالخلاف مع الصين، وقاموا بتوظيفه وجندوا الإعلام الدولي لخدمة أهدافهم الآنية والاستراتيجية السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، فقد اتهموا الصين فورًا بأنها سبب الفايروس، وأمِلوا أن يدوم الوباءُ فيها طويلًا لإشغالها وعرقلة مخططاتها الاقتصادية الخارجية وكبح قدرتها على مواصلة سياسة الإقراض التي تفتح أمامها الأسواق والموارد الطبيعية. لكن سرعان ما انتقل إلى العالم وأصبحت أوروبا وأميركا بؤرة الوباء، وليس لمصلحة أي من الدول الغربية أن تظهر بمظهر العاجز عن مواجهة الخطر حتى لا تضيع هيبتها الدولية، كما ليس من مصلحة ترمب في عامه الانتخابي أن يخوض معركة محفوفة بالمخاطر ذات الطبيعة المؤثرة على الناخبين والتي قد تعصف بحظه بالفوز في الانتخابات الأميركية نهاية هذا العام.
والملاحظ أن الشواهد على تصنيع الفايروس قد ثبت زيفها حتى الآن، وصار لا بد من التعامل مع مجريات الحدث والتركيز عليه لا سيما أن أسبابه ومدخلاته لا تؤثر في مآلاته ومخرجاته من ناحية سياسية واقتصادية، ولا يُتوقع أن تؤثر في المنظومة السياسية الدولية، وستقتصر على ابتزاز الدول التابعة وشعوب العالم لصالح قوى رأس المال ومؤسساته ودوله العظمى، فقد جرى استثمار الأزمة في توجيه الشعوب لتقبل الإملاءات الحكومية المشبوهة والمرتقبة، وفرضها تحت وطأة الهلع واستجابة الشعوب لتغيير وسائل وأساليب عيشهم وسلوكهم الفردي والمجتمعي.
وكمثال على الاستغلال السياسي للحدث، فقد استغل ترمب انشغال الشعب بالوباء وقام بتصفية بعض حساباته مع خصومه، والانتقام منهم، كعزله مايكل كي أتكنسون، المفتش العام للاستخبارات الذي نقل فحوى مكالمة ترمب مع الرئيس الأوكراني إلى الكونجرس وتسبب بمحاكمته. كما أن ترمب تعمد الظهور بشكل يومي مظهرًا اهتمامه البالغ بأحوال الناس المعيشية ومستلزمات الولايات الطبية مما رفع أسهمه حسب استطلاعات للرأي.
كما استخدم الجمهوريون محاكمة الرئيس كذريعة لتحميل الديمقراطيين مسؤولية فشل الدولة في التحضير لمواجهة الوباء، فقد قال زعيم الغالبية الجمهورية السناتور ميتش ماكونيل "فقد حرف انتباه الحكومة لأن كل شيء وكل يوم كان عن المحاكمة".
وبخصوص أمتنا الإسلامية فهي ما تزال مسلوبة الإرادة ومرتهنة للنظام الدولي وقواه المتغطرسة، ومختطفة بقوة السلاح من قبل عملائه، ومُضلَلة فكريًّا وشعوريًّا لإعاقة انطلاقها للتغيير والتعبير عن إرادتها، وبات حجر الزاوية والحالة هذه مواصلة معركة الوعي لإخراج الأمة من وهدة التيه التي تردت فيها لحمايتها من المكائد والخطط التي تُحاك لها في ظل غياب راعٍ يحميها.
قال تعالى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}
11/شعبان/1441هـ
5/4/2020م