Abu Taqi
23-10-2019, 10:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
إقامة المنطقة الآمنة في الشمال السوري
قبل انتهاء مهلة الأيام الخمسة لانسحاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من حدود المنطقة الآمنة المتفق عليها بين الإدارة الأميركية وتركيا أعلن عن الاتفاق الروسي التركي والذي يقتضي إنهاء عملية نبع السلام العسكرية التركية, وإعطاء مهلة جديدة لإخراج قوات (قسد) مما تبقى من الشريط الحدودي المستهدف من عملية نبع السلام والبالغ ما يقارب 440 كيلو متر وبعمق 32 كيلو متر, حيث كان من نتائج العملية التركية سيطرة القوات التركية وحليفها الجيش الوطني السوري (المعارضة) على حوالي 130 كيلو متر وبعمق 32 كيلو متر.
وقبل الاجتماع بين الرئيسين التركي والروسي أعلنت الإدارة الأميركية عن سحب قواتها من سوريا عدا قاعدة (التنف) وقاعدة أخرى لحماية آبار النفط السورية، فهل كان هذا الإعلان عن سحب القوات الأميركية في مثل هذا التوقيت بريئًا؟ وهل كان انسحاب القوات الأميركية من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا قبيل العملية العسكرية التركية, وبروز تخلي الإدارة الأميركية عن حلفائها الأكراد, وانحسار دور الولايات المتحدة في إحدى المناطق المهمة في الشرق الأوسط مع إفساح المجال لتمدد الدور الروسي, هل كان كل ذلك وغيره يمضي من غير ثمن تجنيه الإدارة الأميركية وبخاصة بعد إعلان انسحاب قواتها من سوريا؟!
إن الناظر في الاتفاق الذي أبرم بين تركيا والولايات المتحدة بشأن انسحاب الأكراد من الشريط الحدودي, يجده مفخخًا وقابلًا للانفجار في أية لحظة، حيث سعت أميركا لكسب الوقت منذ شعرت أن أردوغان قد أدرك موقفها منه, وأدرك خداعها له وعزمها على إقامة الكيان الكردي, فسلحت "قسد" بشكل يوفر للأكراد (قسد) الحماية من قوات الأسد في حال اضطروا إلى الانسحاب من وجه الآلة العسكرية التركية, ولتجعل ثمن العملية العسكرية التركية باهظًا على شعبية أردوغان إذا واصل ملاحقتهم.
ومع محاولة أردوغان قطع الطريق على الولايات المتحدة وشنه العملية العسكرية, التفّتْ الإدارة الأميركية على مسعاه لإنقاذ وحدات الحماية _المكون الرئيسي لقوات (قسد)_ وإنقاذ ماء وجهها في الداخل والخارج، وأبرمت معه اتفاقًا ملغومًا يحصر المنطقة الآمنة في المناطق التي توغل فيها بطول 130 كيلو متر تقريبًا وبعمق 32 كيلو متر بدلًا من 440 كيلو متر، وتحتفظ (قسد) بموجب الاتفاق بباقي المناطق خارج الشريط الحدودي المستهدف من العملية عبر تفاهمات مع روسيا والنظام السوري, وتضع أردوغان في مواجهة مع روسيا والنظام السوري, وهو ما أكده المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، حيث قال إن الاتفاق يركز على "المناطق التي توغل فيها الأتراك في شمال شرق سورية"، وأن الاتراك "يجرون الآن مباحثات خاصة مع الروس والسوريين في مناطق أخرى من الشمال الشرقي وفي منبج إلى الغرب من الفرات".
ويبدو أن المقاربات التي حكمت الموقف التركي والأميركي والروسي وبشار قد خلت من البعد الاستراتيجي وخضعت للمصالح الآنية لكل الأطراف، فبالنسبة لأردوغان اكتفى على ما هو ظاهر بالسيطرة على المنطقة التي تعيق إنشاء كيان كردي قابل للحياة, مع إبقاء الخيار العسكري قائمًا. بينما أنقذت أميركا (قسد) وماء وجه إدارة ترمب، وانتزعت مزيدًا من الوقت لإبقاء ملف الكيان الكردي حيًّا.
أما روسيا فإن الاتفاق عزز حاجة الجميع إليها من خلال الحضانة المؤقتة لـ(قسد) ومنح النظام السوري ورقة تغذي حضوره في المشهد وقد تكسر الجليد الذي اعترى علاقاته بتركيا والدول العربية.
ويبدو أن الجانبين التركي والروسي قد تنبها إلى وضعهما في مواجهة لا يستطيعان الخروج منها دون تقديم تنازلات من كلا الجانبين فجاء الاتفاق مرضيًا ولو بالحد الأدنى للطرفين, ولكن ما هو متوقع أن يظهر الشيطان الأميركي في تفاصيل المشهد السوري المعقد, فالاستبقاء على (قسد) ودعمها, وحضور مشكلة إدلب, وتضخيم إمكانية ظهور تنظيم الدولة بقوة من جديد, وطرح تدويل المنطقة الآمنة برفدها بقوات أوروبية, كل ذلك وغيره من الفخاخ السياسية الخفية, يمكن أن تفجر الأوضاع في سوريا في أية لحظة.
إن المطلوب من الجانب التركي هو الانتباه لكافة الأطراف التي لها علاقة بالملف السوري, وأن يسلط نظره على الوقاية من التورط في فخاخ أميركا ودول الكفر, وأن يلجأ إلى إسناد الأمة له الذي سبق أن هدد فيه الأطراف الاوروبية بتحذيرهم من خروج المارد من قمقمه من جديد, ويقصد الإسلام, فالمعركة صعيدها الكفر والإسلام، وهو ما تعيه القيادة التركية التي تدرك أن أميركا والغرب ترتعد فرائصهم من عودة الأمة إليه, واستئناف حياتها على أساسه من جديد.
24/صفر/1441هـ
23/10/2019م
متابعة سياسية
إقامة المنطقة الآمنة في الشمال السوري
قبل انتهاء مهلة الأيام الخمسة لانسحاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من حدود المنطقة الآمنة المتفق عليها بين الإدارة الأميركية وتركيا أعلن عن الاتفاق الروسي التركي والذي يقتضي إنهاء عملية نبع السلام العسكرية التركية, وإعطاء مهلة جديدة لإخراج قوات (قسد) مما تبقى من الشريط الحدودي المستهدف من عملية نبع السلام والبالغ ما يقارب 440 كيلو متر وبعمق 32 كيلو متر, حيث كان من نتائج العملية التركية سيطرة القوات التركية وحليفها الجيش الوطني السوري (المعارضة) على حوالي 130 كيلو متر وبعمق 32 كيلو متر.
وقبل الاجتماع بين الرئيسين التركي والروسي أعلنت الإدارة الأميركية عن سحب قواتها من سوريا عدا قاعدة (التنف) وقاعدة أخرى لحماية آبار النفط السورية، فهل كان هذا الإعلان عن سحب القوات الأميركية في مثل هذا التوقيت بريئًا؟ وهل كان انسحاب القوات الأميركية من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا قبيل العملية العسكرية التركية, وبروز تخلي الإدارة الأميركية عن حلفائها الأكراد, وانحسار دور الولايات المتحدة في إحدى المناطق المهمة في الشرق الأوسط مع إفساح المجال لتمدد الدور الروسي, هل كان كل ذلك وغيره يمضي من غير ثمن تجنيه الإدارة الأميركية وبخاصة بعد إعلان انسحاب قواتها من سوريا؟!
إن الناظر في الاتفاق الذي أبرم بين تركيا والولايات المتحدة بشأن انسحاب الأكراد من الشريط الحدودي, يجده مفخخًا وقابلًا للانفجار في أية لحظة، حيث سعت أميركا لكسب الوقت منذ شعرت أن أردوغان قد أدرك موقفها منه, وأدرك خداعها له وعزمها على إقامة الكيان الكردي, فسلحت "قسد" بشكل يوفر للأكراد (قسد) الحماية من قوات الأسد في حال اضطروا إلى الانسحاب من وجه الآلة العسكرية التركية, ولتجعل ثمن العملية العسكرية التركية باهظًا على شعبية أردوغان إذا واصل ملاحقتهم.
ومع محاولة أردوغان قطع الطريق على الولايات المتحدة وشنه العملية العسكرية, التفّتْ الإدارة الأميركية على مسعاه لإنقاذ وحدات الحماية _المكون الرئيسي لقوات (قسد)_ وإنقاذ ماء وجهها في الداخل والخارج، وأبرمت معه اتفاقًا ملغومًا يحصر المنطقة الآمنة في المناطق التي توغل فيها بطول 130 كيلو متر تقريبًا وبعمق 32 كيلو متر بدلًا من 440 كيلو متر، وتحتفظ (قسد) بموجب الاتفاق بباقي المناطق خارج الشريط الحدودي المستهدف من العملية عبر تفاهمات مع روسيا والنظام السوري, وتضع أردوغان في مواجهة مع روسيا والنظام السوري, وهو ما أكده المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، حيث قال إن الاتفاق يركز على "المناطق التي توغل فيها الأتراك في شمال شرق سورية"، وأن الاتراك "يجرون الآن مباحثات خاصة مع الروس والسوريين في مناطق أخرى من الشمال الشرقي وفي منبج إلى الغرب من الفرات".
ويبدو أن المقاربات التي حكمت الموقف التركي والأميركي والروسي وبشار قد خلت من البعد الاستراتيجي وخضعت للمصالح الآنية لكل الأطراف، فبالنسبة لأردوغان اكتفى على ما هو ظاهر بالسيطرة على المنطقة التي تعيق إنشاء كيان كردي قابل للحياة, مع إبقاء الخيار العسكري قائمًا. بينما أنقذت أميركا (قسد) وماء وجه إدارة ترمب، وانتزعت مزيدًا من الوقت لإبقاء ملف الكيان الكردي حيًّا.
أما روسيا فإن الاتفاق عزز حاجة الجميع إليها من خلال الحضانة المؤقتة لـ(قسد) ومنح النظام السوري ورقة تغذي حضوره في المشهد وقد تكسر الجليد الذي اعترى علاقاته بتركيا والدول العربية.
ويبدو أن الجانبين التركي والروسي قد تنبها إلى وضعهما في مواجهة لا يستطيعان الخروج منها دون تقديم تنازلات من كلا الجانبين فجاء الاتفاق مرضيًا ولو بالحد الأدنى للطرفين, ولكن ما هو متوقع أن يظهر الشيطان الأميركي في تفاصيل المشهد السوري المعقد, فالاستبقاء على (قسد) ودعمها, وحضور مشكلة إدلب, وتضخيم إمكانية ظهور تنظيم الدولة بقوة من جديد, وطرح تدويل المنطقة الآمنة برفدها بقوات أوروبية, كل ذلك وغيره من الفخاخ السياسية الخفية, يمكن أن تفجر الأوضاع في سوريا في أية لحظة.
إن المطلوب من الجانب التركي هو الانتباه لكافة الأطراف التي لها علاقة بالملف السوري, وأن يسلط نظره على الوقاية من التورط في فخاخ أميركا ودول الكفر, وأن يلجأ إلى إسناد الأمة له الذي سبق أن هدد فيه الأطراف الاوروبية بتحذيرهم من خروج المارد من قمقمه من جديد, ويقصد الإسلام, فالمعركة صعيدها الكفر والإسلام، وهو ما تعيه القيادة التركية التي تدرك أن أميركا والغرب ترتعد فرائصهم من عودة الأمة إليه, واستئناف حياتها على أساسه من جديد.
24/صفر/1441هـ
23/10/2019م