المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متابعة سياسية اليمن والمعادلة الجديدة لأميركا ومستجدات أحداث الخليج



Abu Taqi
22-06-2019, 10:27 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

متابعة سياسية
اليمن والمعادلة الجديدة لأميركا
ومستجدات أحداث الخليج
تصاعدت هجمات جماعة الحوثي على المنشآت السعودية بشكل مستمر في الفترة الأخيرة. وقد انتقل هذا التصعيد في الحرب إلى مرحلة جديدة بعد الهجوم الذي شنته الجماعة يوم الأربعاء 12/6/2019م بصاروخ "كروز" على مطار أبها في منطقة عسير الحدودية، والهجوم الذي شنته يوم السبت 15/6/2019م على مطاري أبها وجازان جنوب السعودية بطائرات مسيرة.
وبغض النظر عما إذا كانت جماعة الحوثي قد حصلت على صواريخ الكروز من ترسانة الجيش اليمني التي استولت عليها في العام 2014م، أم أنها حصلت عليها من إيران، فإن الحرب على اليمن من قبل التحالف وآلية التفتيش الأممية للسفن لم تكن جادة وفاعلة في منع وصول السلاح إلى الحوثيين.
إن استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة وصواريخ "كروز" دون أية اعتراضات تذكر من الدفاعات الجوية السعودية يدل على وجود تطور نوعي في السلاح الاستراتيجي لديهم ويشير في ذات الوقت إلى رضا أميركي وتواطؤ سعودي.
لقد بات واضحًا أن جماعة الحوثي يُراد منهم تكريس معادلة جديدة تتمثل في إيقاف الحرب عبر استهداف المطارات والمواقع الحيوية في السعودية والإمارات مما سيقودهما إلى طاولة المفاوضات.
ولكن ذلك لن يحصل من وجهة نظر أميركا وزعيمي التحالف العربي (السعودية والإمارات) المتآمرين معها إلا بعد أن يتم تضخيم القدرات العسكرية لجماعة الحوثي وتركيز فشل التحالف في القضاء على حكم الحوثي وقدراته العسكرية في صنعاء، وهذا ما عبر عنه محمد البخيتي بقوله: "إن عمليات استهداف العمق السعودي ستتوسع لتشمل منشآت أكثر حساسية ما سيؤدي إلى وقف الحرب". وأضاف أن على القيادتين السعودية والإماراتية "مراجعة حساباتهما لأن الوقت أصبح ضيقا". كما هدد المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام قائلًا: "وجب إفهام دول العدوان بأن مطاراتها في مرمى النيران، وأن إغلاقها أو إصابتها بشلل تام هو أقرب الطرق لفك الحصار عن مطار صنعاء".
إن "عجز" التحالف العربي عن هزيمة جماعة الحوثي عسكريًا أو القضاء عليهم سياسيًا، كما وضع التحالف ذلك ضمن أهدافه قبل خمس سنوات، هو عمل مقصود من أميركا حتى يتم تركيز حكم أنصار الله في شمال اليمن. ومن ثم يتم تثبيت فكرة أن جماعة الحوثي لا يمكن الانتصار عليها، وهي قد أصبحت أمرًا واقعًا في حكم جزء من اليمن ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس.
وهنا تقوم أميركا بتوجيه أحد أدواتها في السياسة الخارجية وهي الأمم المتحدة ومبعوثيها بالانحياز إلى جانب جماعة الحوثي عبر استغلال الوضع الإنساني الخطير الذي يعيشه سكان صنعاء بخاصة من جراء الحرب عليهم من قبل التحالف دون أن تتضرر القدرات العسكرية لجماعة الحوثي.
وقد أحدث هذا الانحياز الأميركي المفضوح للحوثي غضبًا عند الحكومة اليمنية "الشرعية" من بعثة الأمم المتحدة في اليمن. فقد اتهم عبد ربه منصور هادي مؤخرًا المبعوث الأممي مارتن غريفث بـ"التماهي مع مسرحيات الحوثيين في الالتفاف على اتفاق السويد بشأن الحديدة". وقد جاء هذا الاتهام أثناء لقائه مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو في الرياض يوم 10/6/2019.
إن اتهامات السعودية والإمارات لإيران بدعم الحوثيين يأتي خدمة ودعمًا للحملة الإعلامية والدبلوماسية التي تقوم بها أميركا ضد إيران. ذلك أن الهجمات الأخيرة المتوالية للحوثيين على السعودية تأتي وسط توتر متزايد ولكنه مدروس بين الولايات المتحدة وإيران بعد تحركات من واشنطن بتشديد العقوبات على طهران وتعزيز الوجود العسكري الأميركي جندًا وعتادًا في الخليج ردًا على ما وصفته بتهديدات إيرانية.
ويدخل في هذا التوتير المقصود والمدروس إسقاط إيران للطائرة من دون طيار الأميركية في الخليج العربي أمس الخميس وأمر ترامب قواته عقب ذلك بمهاجمة ثلاثة مواقع إيرانية ثم إلغاء الأمر بعد عشرة دقائق. ولا بد من لفت النظر إلى تقصد الإدارة الأميركية تكريس الفزاعة الإيرانية على الصعيد الإقليمي. والضغط على دول أوروبا التى تعاني من غطرسة أميركا وتضررها من العقوبات على إيران التي تضر المصالح الأوروبية، فضلًا عن التحكم بسوق النفط واستنزاف دول الخليج التي تتسابق لطلب الحماية وصفقات السلاح من أمبركا.
إن ما يجري من حرب مستعرة في اليمن ليست ضد جماعة الحوثي بل هي حرب على المسلمين ووحدتهم تم فيها تسليم شمال اليمن لجماعة الحوثي بحجة القضاء على حزب الإصلاح اليمني وتيار الإسلام السياسي (السني). أما الجنوب فإن الإمارات ومن خلال قوات الحزام الأمني تعمل على سحب البساط من حكومة هادي وتهيئة الأرضية الأمنية والسياسية لتمكين التيارت الجنوبية الانفصالية من الاستقلال بجنوب اليمن.
وسواء كان شمال اليمن تحت حكم الحوثيين بدعم إيراني أو كان جنوب اليمن تحت حكم الحراك الانفصالي بدعم إماراتي، فإن الأكيد أن كلا "اليمنيْن" هما تحت وصاية أميركية يتم فيها تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير حيث يجري تقسيم المقسم والاحتلال المباشر للثروات اليمنية المركوزة في باطن الأرض وقاع البحار، هذا فضلًا عن السيطرة على الممرات البحرية وحركة التجارة في البحر الأحمر وخليج عدن.
أما الضغط الذي يمارسه الكونغرس الأميركي بشأن وقف صفقات السلاح للسعودية لأنها تستعمله في قتل اليمنيين وتهييج أميركا والدول الغربية للرأي العام الدولي ضد الحرب في اليمن فيدخل في تهيئة الأجواء الدولية التي ستمكن التحالف العربي والحكومة اليمنية "الشرعية" من إيقاف الحرب والجلوس للمفاوضات مع جماعة الحوثي كمقدمة لازمة لإقرار التقسيم الواقع على الأرض في اليمن بعد أن تكون أميركا قد أحكمت سيطرتها على ثرواته ومياهه وحتى على جزء كبير من أهله.
إن أميركا وأذنابها طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، و{إن ربك لبالمرصاد}

17/شوال/1440هـ
21/6/2019م