Abu Taqi
17-12-2018, 08:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
الاستحقاقات المدمرة لاتفاقية السويد
بالتزامن مع محادثات استوكهولم خرج علينا مجلس الشيوخ الأميركي يوم 12/12/2018 بقرار يطالب فيه الحكومة الأميركية بإنهاء مساعدتها العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية في حرب اليمن. وبعد ذلك بيوم أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستطلب من السعودية والإمارات دفع 331 مليون دولار، كمتعلقات تكاليف إمدادات الوقود لغارات التحالف على اليمن.
والمدقق في اتفاقية السويد يجد أنها قد كرست سلطة الحوثيين في حكم الشمال وحققت لهم اعترافًا رسميًّا من الحكومة الشرعية باعتبارهم قد باتوا سلطة أمر واقع، وطرفًا شرعيًّا في حكم جزء من اليمن. ويعتبر هذا الأمر في حد ذاته إنجازًا كبيرًا نجحت أميركا في تحقيقه، بعد أن حصرت وجود الحكومة الشرعية في تعز وبعض المناطق في الجنوب.
وهكذا وبعد أربع سنوات من الحرب في اليمن نجحت أميركا من خلال عملائها في الإقليم (إيران والسعودية) في تمرير خطة تقسيم اليمن في هذه المرحلة إلى قسمين: شمال اليمن وعاصمته صنعاء تحت حكم الحوثيين وجنوب اليمن وعاصمته عدن تحت حكم الانفصاليين بدعم مباشر من الإمارات.
أما الحكومة الشرعية فإن أميركا لا تريد لها أن تكون الحاكم الفعلي لا في شمال اليمن ولا في جنوبه، ونجحت في ذلك من خلال الدور الإماراتي في الجنوب والدور السعودي في الشمال. فدولة الإمارات قد أوجدت سلطة سياسية وعسكرية انفصالية تتولى التحكم الفعلي بالمطار والميناء بعدن، وهي بديلة عن الحكومة الشرعية.
وبالعودة إلى اتفاقية السويد فإن أميركا استغلت الضغط الدولي الذي تمر به السعودية بسبب قضية خاشقجي، وأجبرت الحكومة الشرعية على توقيع هذه الاتفاقية التي نصت على وقف فوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بالإضافة إلى ملفي الأسرى وإدخال المساعدات.
وتعتبر مسألة ميناء الحديدة ذات أهمية بالغة في إرساء حكم الحوثيين في الشمال باعتبار أن ذلك هو منفذهم البحري الوحيد إلى العالم الخارجي بعد أن نجحت في تمكين انفصاليي الجنوب من السيطرة على ميناء عدن بالنيابة عن أميركا. وهكذا بدا واضحًا ما كانت تخطط له أميركا وأوكلت تنفيذه إلى عملائها في الإقليم: إيران والسعودية.
ولذلك فإنه ليس مستغربًا أن ترحب كلٌ من أميركا والسعودية وإيران باتفاقية السويد. أما دور الأمم المتحدة ومبعوثها مارتن غريفث فليس سوى دور شاهد الزور الذي يقوم بإضفاء الصيغة القانونية والصبغة الأممية على مشروع أميركا في تقسيم اليمن وفق حيثيات خطة الشرق الأوسط الكبير.
وحيث أن هذه الاتفاقية سوف تجد معارضين لها في الداخل وبخاصة في مدينة تعز فإن الاتفاقية قد ربطت بين الحديدة وتعز في أولوية إدخال المساعدات الإنسانية إليهما. وإذا ما وجدت معارضة لهذه الاتفاقية فإن الضغط على المعارضين سوف يزداد عليهم ليس من السعودية والإمارات فقط كما جرت العادة في "الضربات الجوية الخاطئة" بل أيضًا مما يسمى زورًا وبهتانًا بـ"المجتمع الدولي" الممثل تحديدًا في أميركا وتابعيْها من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
لقد وفر (مقتل جمال خاشقجي) المبرر الكافي للإدارة الأميركية لترفع السعودية بشكل علني وسريع دعمها للحكومة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي التي لم يحصل أن مُكنت من الوجود الكامل على الأرض ومن باب أولى أن تمكَن من مزاولة وظيفتها.
لقد تم تصوير مفاوضات استكهولهم وقرار مجلس الشيوخ الأميركي وكأنهما إنجاز تاريخي جاء أحدهما وكأنه رد على جريمة مقتل جمال خاشقجي بينما جاء الثاني وكأنه تجسيد لعاطفة إنسانية أمام معاناة الناس في اليمن من ويلات الحرب والمرض والجوع.
ولكن الحقيقة التي لا لبس فيها أن مفاوضات السويد وقرار مجلس الشيوخ قد جاءا بعد أن أدركت الحكومة الأميركية أن أجندتها في تقسيم اليمن قد آتت أكلها بعد سنوات الحرب الموجهَة وأنه قد حان وقت قطاف ثمارها الخبيثة على الأرض. فأميركيًا، جاء وقت إنهاء مسرحية التدخل الإقليمي سواء بفعل قضية خاشقجي بالنسبة للسعودية أو بفعل الضغط بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي بالنسبة لإيران.
إن السير في تنفيذ اتفاقية السويد سوف يكون كارثة على المسلمين في اليمن وفي الجوار؛ وذلك لما ستؤدي إليه هذه الاتفاقية من إجراءات سياسية وعملية لفرض التقسيم على اليمن. ولذلك فإن الحل العاجل لإيقاف هذه الاتفاقية هو أن تقوم "الحكومة الشرعية" بحل نفسها وترجع القرار للمسلمين المخلصين الواعين في الداخل حتى يأخذوا بزمام المبادرة في النضال السياسي والكشف الإعلامي ضد هذه الاتفاقية.
وإنه بهذا الشكل فقط تبرئ حكومة هادي مسؤوليتها الشرعية والسياسية والتاريخية من التبعات الإجرامية والخيانية لهذه الاتفاقية الأثيمة ومن ثم فلن تجد أميركا وعملاؤها أيَّ طرف مقابل للحوثي تمرر من خلاله أجندة التقسيم.
وبعد أن تحل الحكومة الشرعية نفسها ويتولي المسلمون الشرفاء ينبغي أن تقوم هبة شعبية واسعة ورافضة بشكل علني لمشاريع التقسيم وكل من يروج لها في الداخل والخارج تحت شعارات إيقاف الحرب وتحقيق السلم وربط إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة بحلول سياسية استعمارية تزيد الأمة تفتتًا وتتبيرًا.
أما الحل الجذري للصراع في اليمن فهو مرتبط بقضية الأمة كلها وهي تمر اليوم بأكثر فترات تاريخها دموية وتحاك ضدها أكبر المؤامرات الدولية على أبنائها وعقيدتها وثقافتها وثرواتها وأراضيها. هذه هي النظرة العميقة التي يجب أن ينطلق منها المخلصون لربهم في اليمن. فالحل لقضاياهم لا يوجد في مفاوضات استكهولم ولا في أروقة الأمم المتحدة ولا عند أميركا وعملائها في إيران والسعودية.
إن الحل موجود في كتاب ربهم وسنة نبيهم اللذيْن يوجبان الوحدة على قاعدة الإسلام ونبذ ما سواه من أفكار وأحكام لا أصل لها في العقيدة والشريعة مثل الفدرالية والكونفدرالية والتصالح مع الخونة والعملاء. فهذه كلها هي أدوات يختبئ وراءها الكافر العلماني المستعمر لتمرير مخططاته الخبيثة على الأمة كلها.
8/ربيع الثاني/1440هـ
16/12/2018م
متابعة سياسية
الاستحقاقات المدمرة لاتفاقية السويد
بالتزامن مع محادثات استوكهولم خرج علينا مجلس الشيوخ الأميركي يوم 12/12/2018 بقرار يطالب فيه الحكومة الأميركية بإنهاء مساعدتها العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية في حرب اليمن. وبعد ذلك بيوم أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستطلب من السعودية والإمارات دفع 331 مليون دولار، كمتعلقات تكاليف إمدادات الوقود لغارات التحالف على اليمن.
والمدقق في اتفاقية السويد يجد أنها قد كرست سلطة الحوثيين في حكم الشمال وحققت لهم اعترافًا رسميًّا من الحكومة الشرعية باعتبارهم قد باتوا سلطة أمر واقع، وطرفًا شرعيًّا في حكم جزء من اليمن. ويعتبر هذا الأمر في حد ذاته إنجازًا كبيرًا نجحت أميركا في تحقيقه، بعد أن حصرت وجود الحكومة الشرعية في تعز وبعض المناطق في الجنوب.
وهكذا وبعد أربع سنوات من الحرب في اليمن نجحت أميركا من خلال عملائها في الإقليم (إيران والسعودية) في تمرير خطة تقسيم اليمن في هذه المرحلة إلى قسمين: شمال اليمن وعاصمته صنعاء تحت حكم الحوثيين وجنوب اليمن وعاصمته عدن تحت حكم الانفصاليين بدعم مباشر من الإمارات.
أما الحكومة الشرعية فإن أميركا لا تريد لها أن تكون الحاكم الفعلي لا في شمال اليمن ولا في جنوبه، ونجحت في ذلك من خلال الدور الإماراتي في الجنوب والدور السعودي في الشمال. فدولة الإمارات قد أوجدت سلطة سياسية وعسكرية انفصالية تتولى التحكم الفعلي بالمطار والميناء بعدن، وهي بديلة عن الحكومة الشرعية.
وبالعودة إلى اتفاقية السويد فإن أميركا استغلت الضغط الدولي الذي تمر به السعودية بسبب قضية خاشقجي، وأجبرت الحكومة الشرعية على توقيع هذه الاتفاقية التي نصت على وقف فوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بالإضافة إلى ملفي الأسرى وإدخال المساعدات.
وتعتبر مسألة ميناء الحديدة ذات أهمية بالغة في إرساء حكم الحوثيين في الشمال باعتبار أن ذلك هو منفذهم البحري الوحيد إلى العالم الخارجي بعد أن نجحت في تمكين انفصاليي الجنوب من السيطرة على ميناء عدن بالنيابة عن أميركا. وهكذا بدا واضحًا ما كانت تخطط له أميركا وأوكلت تنفيذه إلى عملائها في الإقليم: إيران والسعودية.
ولذلك فإنه ليس مستغربًا أن ترحب كلٌ من أميركا والسعودية وإيران باتفاقية السويد. أما دور الأمم المتحدة ومبعوثها مارتن غريفث فليس سوى دور شاهد الزور الذي يقوم بإضفاء الصيغة القانونية والصبغة الأممية على مشروع أميركا في تقسيم اليمن وفق حيثيات خطة الشرق الأوسط الكبير.
وحيث أن هذه الاتفاقية سوف تجد معارضين لها في الداخل وبخاصة في مدينة تعز فإن الاتفاقية قد ربطت بين الحديدة وتعز في أولوية إدخال المساعدات الإنسانية إليهما. وإذا ما وجدت معارضة لهذه الاتفاقية فإن الضغط على المعارضين سوف يزداد عليهم ليس من السعودية والإمارات فقط كما جرت العادة في "الضربات الجوية الخاطئة" بل أيضًا مما يسمى زورًا وبهتانًا بـ"المجتمع الدولي" الممثل تحديدًا في أميركا وتابعيْها من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
لقد وفر (مقتل جمال خاشقجي) المبرر الكافي للإدارة الأميركية لترفع السعودية بشكل علني وسريع دعمها للحكومة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي التي لم يحصل أن مُكنت من الوجود الكامل على الأرض ومن باب أولى أن تمكَن من مزاولة وظيفتها.
لقد تم تصوير مفاوضات استكهولهم وقرار مجلس الشيوخ الأميركي وكأنهما إنجاز تاريخي جاء أحدهما وكأنه رد على جريمة مقتل جمال خاشقجي بينما جاء الثاني وكأنه تجسيد لعاطفة إنسانية أمام معاناة الناس في اليمن من ويلات الحرب والمرض والجوع.
ولكن الحقيقة التي لا لبس فيها أن مفاوضات السويد وقرار مجلس الشيوخ قد جاءا بعد أن أدركت الحكومة الأميركية أن أجندتها في تقسيم اليمن قد آتت أكلها بعد سنوات الحرب الموجهَة وأنه قد حان وقت قطاف ثمارها الخبيثة على الأرض. فأميركيًا، جاء وقت إنهاء مسرحية التدخل الإقليمي سواء بفعل قضية خاشقجي بالنسبة للسعودية أو بفعل الضغط بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي بالنسبة لإيران.
إن السير في تنفيذ اتفاقية السويد سوف يكون كارثة على المسلمين في اليمن وفي الجوار؛ وذلك لما ستؤدي إليه هذه الاتفاقية من إجراءات سياسية وعملية لفرض التقسيم على اليمن. ولذلك فإن الحل العاجل لإيقاف هذه الاتفاقية هو أن تقوم "الحكومة الشرعية" بحل نفسها وترجع القرار للمسلمين المخلصين الواعين في الداخل حتى يأخذوا بزمام المبادرة في النضال السياسي والكشف الإعلامي ضد هذه الاتفاقية.
وإنه بهذا الشكل فقط تبرئ حكومة هادي مسؤوليتها الشرعية والسياسية والتاريخية من التبعات الإجرامية والخيانية لهذه الاتفاقية الأثيمة ومن ثم فلن تجد أميركا وعملاؤها أيَّ طرف مقابل للحوثي تمرر من خلاله أجندة التقسيم.
وبعد أن تحل الحكومة الشرعية نفسها ويتولي المسلمون الشرفاء ينبغي أن تقوم هبة شعبية واسعة ورافضة بشكل علني لمشاريع التقسيم وكل من يروج لها في الداخل والخارج تحت شعارات إيقاف الحرب وتحقيق السلم وربط إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة بحلول سياسية استعمارية تزيد الأمة تفتتًا وتتبيرًا.
أما الحل الجذري للصراع في اليمن فهو مرتبط بقضية الأمة كلها وهي تمر اليوم بأكثر فترات تاريخها دموية وتحاك ضدها أكبر المؤامرات الدولية على أبنائها وعقيدتها وثقافتها وثرواتها وأراضيها. هذه هي النظرة العميقة التي يجب أن ينطلق منها المخلصون لربهم في اليمن. فالحل لقضاياهم لا يوجد في مفاوضات استكهولم ولا في أروقة الأمم المتحدة ولا عند أميركا وعملائها في إيران والسعودية.
إن الحل موجود في كتاب ربهم وسنة نبيهم اللذيْن يوجبان الوحدة على قاعدة الإسلام ونبذ ما سواه من أفكار وأحكام لا أصل لها في العقيدة والشريعة مثل الفدرالية والكونفدرالية والتصالح مع الخونة والعملاء. فهذه كلها هي أدوات يختبئ وراءها الكافر العلماني المستعمر لتمرير مخططاته الخبيثة على الأمة كلها.
8/ربيع الثاني/1440هـ
16/12/2018م