المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام هو النهج الذي يخرج البلاد من أزماتها



Abu Taqi
12-10-2018, 06:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


الإسلام هو النهج الذي يخرج البلاد من أزماتها

نجحت الضغوط الأميركية على الأردن في إشغال الرأي العام حول مصير البلد ومصير الملك، وبخاصة بعد القرارات الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان اليهودي، وإلغاء دعم الأونروا لشطب صفة لاجئ عن ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن والدول المجاورة. وبعد ما يقارب العقدين من خضوع النظام لصندوق النقد الدولي ووصفاته، والذي جرَّد الأردن من أصوله الاقتصادية، وأجبره على بيع قطاعه العام وثرواته في برنامج الخصخصة ورفع الدعم عن السلع والخدمات المقدمة للشعب في الأردن، وفرض عليهم ضرائب باهظة ومتنوعة بحجة سد العجز في الميزانية وخدمة الدين الخارجي للصندوق. ورغم أن الشعب في الأردن تحمل التخبط الاقتصادي والارتجالية في اتخاذ القرارات، وإهدار المال العام، ونهبه من قبل عصابة فسادة مفسدة يحميها النظام، إلا أن هذا التخبط وما تبعه من فساد لم يكن ليحصل دون معرفة بل ومباركة من أميركا، وهي تدرك أنه سيكون العصا التي ستستعملها في الضغط على الشعب والنظام، والذي سينتهي برضوخ ملك الأردن لمتطلبات التغيير في المنطقة، ورضوخ الشعب لاستحقاقات هذا التغيير، وبخاصة فيما يتعلق بتوطين اللاجئين الفسلطينيين، وبالتالي تكريس أغلبيتهم وأحقيتهم في الحكم وتسلم المناصب القيادية في الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية _بعد أن كانت سياسة الأردنة مبررة بمواجهة مشروع الوطن البديل_ وتحويل الأردن إلى وطن بديل بتوطين اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون "أرقامًا وطنية"، وربط فلسطينيي الضفة بالأردن؛ ليتحمل النظام الجديد أعباء الفلسطينيين في الضفة الغربية بدلًا عن إسرائيل.
وهذا يقتضي تغييرات هائلة في بنية نظام الحكم، بتحويل النظام الملكي المطلق إلى ملكية دستورية، وذلك بتقليص صلاحيات الملك، وتوسيع صلاحيات رئيس الوزراء؛ ليكون رئيسَ وزراءٍ منتخبًا. وكان الملك قد صرّح قبل سنوات لصحيفة "لونوفيل أوبزرفاتور" الفرنسية: (لن تكون الملكية التي يرثها ولدي نفس الملكية التي ورثتها أنا)، وقال أيضًا في تصريح سابق لمجلة "ذا أتلانتك": أن أفضل ما يمكن تقديمه لابنه الآن هو التخفيف من تركيز قوة العرش. (الملكيات ستتغير، عندما يصبح ابني ملكًا، النظام سيكون قد استقر وسيكون ملكية دستورية على الطراز الغربي) وأضاف: (حتى مع كل التغيير الذي أقوم به هنا سيستمر وجود الملكية)، وهذا يعني أن كثيرًا من الصلاحيات التي يتمتع بها الملك سيتنازل عنها لصالح رئيس الوزراء، ورغم هذه التصريحات التي صدرت عن ملك الأردن، إلا أنه لم يتخذ خطوات جدية في ذلك، فكان لا بد من الاستمرار بالضغط على النظام والشعب معًا؛ للسير في التحول نحو الوضع الجديدة. والذي يبدو أن هذا الضغط قد بدأ يؤتي أكله، فرئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز بدأ عمليًا السير في استرداد الولاية العامة منذ تعيينه رئيسًا للوزراء، وكان الرزاز عندما زار مديرية الدفاع المدني اصطحب معه رئيس الديوان الملكي ووزير الداخلية ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومدراء الأجهزة الأمنية بمن فيهم مدير المخابرات العامة ومدير عام دائرة الجمارك، في إشارة واضحة إلى ما يقوم به من تحضيرات لتسلم رئيس الوزراء كامل الولاية العامة.
ومنذ سنوات طويلة ودجالو الأردن يبشرون بنهج اقتصادي جديد، لم ير منه الناس سوى الفقر والقهر والظلم. ففي خضم حالة الفوضى التي يعيشها الأردن تتوالى الأفكار التي تطرحها بعض النخب لمستقبل النظام الذي سيحكمهم، وتتوالى الاقتراحات والتوصيات بنهج جديد، يمني الناس بالحياة الكريمة، ورفع الظلم عن كواهلهم، ومن دعوات لتغيير النهج الاقتصادي، لنهج اقتصادي جديد قوامه النمو والعدالة، ولكن الشعب في الأردن وهو يعيش تجارب "النهج الاقتصادي الجديد" وما جرته عليه هذه التجارب من ويلات ومصائب، وفقر وإفلاس، وركود وبطالة، لم يعد يثق بالنظام ولا بالحكومة ولا بمن يتصل بهما أو يدلي إليهما بسبب، ولكنه غير محصن تجاه أولئك الذين يتبنون قضاياه، وأيديهم تصافح من أوصلهم إلى هذه الحال من قوى ومؤسسات دولية. فالرجالات المرتبطة بأميركا يخادعون الناس مرة بعد أخرى بالترويج ليل نهار لنهج جديد وتحت لافتة جديدة يخلص البلاد من أزماتها، ويعيد بعضًا من الكرامة لهم، وهم كالغريق الذي يتعلق بقشة، ولا يدري أنها لن تحميه من الغرق.
إن المصيبة الفادحة أن هذه الاقتراحات والتوصيات لم يجعل أصحابها من الإسلام أساسًا ومرجعًا ومنطلقًا، بل يجعلون الحضارة الغربية بما أفرزته من رأسمالية اقتصادية، وديموقراطية سياسية زائفة، الأساس في هذه الاقتراحات والتوصيات، مع استبعاد الإسلام ومعالجاته استبعادًا كليًا، فهؤلاء لم يؤمنوا يومًا بالإسلام كنظام للحياة، وإنما يؤمنون بفصل الدين عن الحياة.
فجمهرة أصحاب هذه الاقتراحات من السياسيين، والعاملين في الحقل السياسي الذين اتخذوا السياسة الميكافيلية منهجاً لهم، ومن قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" أساساً لتحقيق غاياتهم، والوصول إلى أهدافهم، لا يهمهم إن وضعوا أيديهم بأيدي جلادي الأمة، وتبنوا نهجهم وفكرهم ومعالجاتهم وسوقوها بين مؤيديهم ومناصريهم؛ لاستبدال نهجهم الذي غلفوه بغلاف الألفاظ الجاذبة كالعيش الكريم والنمو والعدالة، بالنهج الفاسد الذي يعيشه الناس في الأردن، فمن كان هذا منهجه، وتلك قاعدة سلوكه وتعامله، فليس مستغرَباً أن يجعل من دوس إرادة الشعب وتجاهلها، وتسويق ما يريده الغرب وسيلة لتحقيق غايته، والوصول إلى هدفه.

أيها المسلمون في الأردن..
إن أي نهج يستبعد الإسلام كعلاج وحيد لما يعيشه الناس في الأردن هو نهج فاسد، ودعاته حراس لحالة الفساد القائمة منذ عقود، وهم خونة للأمة في تعاملهم مع عدوها، وحملهم مفاهيمه عن الحياة وتسويقها بين المسلمين. وإن النهج الوحيد الذي ينقذ العباد والبلاد هو بنبذ الخونة من حكام وسياسيين وحراكيين فاسدين وموجهين، ودعوة المخلصين من أبناء الأمة من أصحاب القوة والمنعة أن يقوموا بتصحيح الأوضاع، ونبذ الرأسمالية الغربية وتطبيق الإسلام في الحياة والدولة والمجتمع تطبيقًا انقلابيًا شاملًا، وإقامة العلاقات مع الأمم الأخرى على أساس مصلحة الأمة، لا على أساس التبعية والخضوع لإملاءات دول الإجرام العالمي التي تسلطت عقودًا طويلة على المسلمين ونهبت ثرواتهم وأفقرت شعوبهم، ونكلت بها، ولم يأت من أنظمتها ومعالجاتها إلا الفساد والإفساد.
ولذلك فإننا ندعو المسلمين في الأردن إلى اليقظة التامة، وإدراك خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد، ثم بالحركة بالاتجاه الصحيح، متمثلة في طرح الحكام والسياسيين المرتبطين بالغرب عن ظهورنا بعد أن سامونا صنوف الذلة والهوان، وجرّعونا كؤوس الظلم والبغي، ثم تصحيح الأوضاع واستئناف الحياة الإسلامية، وما لم يتحقق ذلك فستبقى الأمور مقلوبة، ويبقى الغرب الكافر متحكمًا ببلادنا ومقدراتنا، ونهجه الفاسد مفسدًا لحياتنا.
قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون، أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون، أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}
2/صفر الخير/1440هـ حزب التحرير
11/10/2018م ولاية الأردن