المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتجاجات في البلاد ومستقبل النظام



Abu Taqi
06-06-2018, 05:59 PM
بسم الله الر حمن الرحيم

الاحتجاجات في البلاد ومستقبل النظام
في خطوة متوقعة تقدم الدكتور هاني الملقي رئيس الوزراء الأردني باستقالة حكومته للملك عبدالله الثاني، بطلب من الملك نفسه، وذلك إثر احتجاجات واسعة بعد أن تقدمت حكومة الملقي بمشروع معدل لضريبة الدخل، والذي أتبعته بزيادة أسعار المحروقات وأسعار الكهرباء؛ وذلك بزعم أنها سوف تقوم بتحسين الخدمات للناس، لكنها في الحقيقة امتداد للسياسات الاقتصادية والمالية التي ينتهجها النظام وبخاصة سياسة الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي أغرق الأردن بالقروض وسياسة التفريط بمصادر الدخل وملكيات الدولة والأمة، حيث ستذهب تلك الزيادات من أجل تسديد فوائد وأقساط القروض التي أغرقت فيها البلاد.
وكانت الإجراءات الاقتصادية والتي تزيد من أعباء الناس المنهكين معيشيًّا في البلاد قد تتالت بسرعة في الأشهر القليلة الماضية. فمن رفع أسعار الخبز إلى رفع ضريبة المبيعات إلى مشروع ضريبة الدخل الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب لإقراره إلى رفع أسعار المحروقات والكهرباء مؤخرًا والتي سارع الملك إلى تجميدها.
وقد تجاوزت بعض الاحتجاجات سقف رئيس الوزراء لتطال الملك مباشرة، وأنه هو المسؤول عن الفساد وتردي الأوضاع الاقتصادية لرعايته للفاسدين، وأنه هو من يعين رئيس الوزراء والذي طالب بعضهم بانتخابه من الشعب. ومما يلفت النظر البُعد عن الحالة الصدامية مع المحتجين مما يشير إلى محاولة احتواء المحتجين وامتصاص نقمتهم وتوجيههم من خلال أدوات النظام من منظمات وتنظيمات، فضلًا عن إدراك الملك أن شعبيته بانخفاض مستمر أمام وعي الناس على واقع حكمه وفساده، بل ورعايته الدائمة للفساد والفاسدين.
والظاهر أن الإجراءات الاقتصادية الآنفة الذكر والتي كانت حافزًا حادًا لاندفاع الناس للاحتجاج لم تكن مجرد علاج فيه ثقل شديد على عيش الناس في ظل الوضع الاقتصادي المتردي من بنات أفكار حكومة الملقي. بل هي صدى لضغوط وإملاءات خارجية؛ منها تخفيض دول الخليج والدول المانحة دعمها للموازنة بشكل متعمد، ومنها ازدياد أعباء خدمة الدين العام نتيجة القروض وتراكمها التي اقتضت إملاءات متكررة لصندوق النقد لرفع الدعم عن السلع الأساسية، ومنها إغلاق بعض الأسواق أمام السلع الاردنية.
ومن الجدير ملاحظته أنه رغم أن العلاقات مع الدول الخليجية وبخاصة السعودية تمر بحالة فتور واضحة فإن الملك عبدالله تلقى _عقب استقالة حكومة الملقي_ اتصالات من كل من ولي العهد السعودي ومن الإمارات والرئيس المصري. والذي يفهم من تلك الاتصالات الداعمة للملك من توابع أميركا في مثل هذا الظرف الدقيق، أن هناك أمرًا ما قد تم، ونال رضىً من الإدارة الأميركية دفعها للإيعاز لاولئك العملاء المسارعة بالاتصال والدعم.
وعليه فإنه من المرجح أن يكون الملك قد قدَّم بعض التنازلات السياسية، بل وقد يكون هناك تنازلات طالت بنية النظام وتركيبته بعد الضغوط الاقتصادية التي تسببت باندلاع تلك الاحتجاجات. وإن صح ذلك فإن آثار تلك التنازلات ستظهر في الفترة القادمة.
ولعل هناك من يتساءل: إذا كان الملك يسير حسب أوامر الإدارة الأميركية، فلماذا تمارس عليه تلك الإدارة الضغوط؟! والجواب أن العملاء حين يتم التعرض لصلاحياتهم أو يتم تهديد بقاءهم، يمكن أن يقوموا بما من شأنه إبعاد تلك المخاطر عنهم, سواءٌ أكان ذلك بالمراوغة أو كسب الوقت انتظارًا منهم حدوث تغيير أو لمحاولة إقناع أسيادهم أو غير ذلك. والملك عبد الله الذي اعتاد كغيره من حكام المنطقة أن تكون صلاحيات الحكم في يده من الطبيعي أن يحاول كسب الوقت لمحاولة إثناء الأميركان على ارغامه القيام بتنازلات سياسية تنتقص من دوره، أو إثنائهم عن إمكانية تقليص صلاحياته أو التخلص منه.
إن عودة دول الخليج والدول المانحة المحتملة لدعم الأردن، وإمكانية فتح الأسواق أمام السلع الأردنية، وضخ استثمارات جديدة في ظل حكومة الرزاز الذي يحظى ببعض الشعبية هي مؤشرات تعزز أن هناك صفقة غير معلنة جرت بين الإدارة الأميركية والملك الأردني اقتضت منه تقديم تنازلات .
ولعل بعض الضغوطات التي يتعرض لها الأردن على مستوى الشعب أو على مستوى الحكم إنما تقوم بها أميركا وعملاؤها في المنطقة من أجل تمرير ما أطلق عليه "صفقة القرن" في جزئها الخاص بالأردن.اما الضغوطات الأخرى فيشير إليها تصريح الملك أمام حشد من الإعلاميين تعليقًا على الأزمة التي تمر بها البلاد بأن الأردن على مفترق طرق حيث يأتي هذا التصريح في ظل ترويج بعض الدوائر الأميركية لمسألة وجوب التخلص من الحكم الهاشمي نهائيًّا والانتقال إلى حكم جمهوري، مما يجعل من قضية تحويل النظام الملكي القائم الى ملكية دستورية، يملك فيها الملك ولا يحكم ويتم فيها انتخاب رئيس للوزراء يملك صلاحيات واسعة، أهون الشرين بالنسبة له.

أيها المسلمون في الأردن
أما آن لكم أن تهبوا لتخليص السلطة من تلك الأيادي المجرمة والفاسدة والتي أذلت وأفقرت العباد والبلاد؟
أما آن لكم أن يكون البديل هو إسلامكم العظيم وليس تلك الأنظمة العلمانية المهترئة؟
إن أصل الفساد هو الأساس الرأسمالي الذي يقوم عليه النظام الأردني والذي يزيد الفقير فقرًا والغني غنىً.
إن الزكاة في الإسلام تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء، وهي عكس ضريبة المبيعات التي تؤخذ من الفقراء لترد إلى الاغنياء. وبالمناسبة فإن حجم مال الزكاة لو جمع في نظام يقوم على الإسلام لوفر من بلد مثل الاردن أكثر مما توفره ضريبة المبيعات سيئة الذكر.
أما مورد الخراج وهو من أموال الدولة في الإسلام فقد كان يفيض عن حاجة نفقات ولاية الأردن في عهود كثير من الخلفاء.
عدا عن أن تطبيق الإسلام يجعل من المعادن المستخرجة من باطن الأرض كالبوتاس والفوسفات من الملكية العامة وليس ملكية شركة تذهب أموالها للفاسدين.
أيها المسلمون في الأردن..
لقد آن لنا أن ندرك أن مستقبلنا لن يكون أفضل من الحال الذي وصلنا إليه طالما بقيت هذه الأنظمة متآمرة مع الغرب الرأسمالي الاستعماري المجرم، إذ أنه لا ضمانة لتحسن الوضع الاقتصادي والمالي دون سيادة الشعوب على مقدراتها ودون نظام يكفل توزيعًا عادلًا للثروة وهو نظام الإسلام. ولذلك لا بد أن نصر على استعادة السلطان الذي سلبه الغرب الكافر منا وسلمه لنواطير يحرسون مصالحه، وإن تغيير الحكومات لن يغير شيئًا ما دام أصل النظام فاسدًا، بل لا بد أن ندرك أن هؤلاء الحكام لن يتورعوا عن التفريط بكل شيء ما دام سقف مطالبنا لا يمس جوهر القضية وهو غياب الاسلام عن واقع الحياة وهو ما ينبغي أن تكون أنظارنا مسلطة إليه حين نستعيد سلطاننا من أولئك النواطير.
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}.

20/رمضان/1439هـ حزب التحرير
6/6/2018م ولاية الأردن