Abu Taqi
26-08-2017, 10:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة أسئلة
السؤال الأول: ما حقيقة تقارب أو تصالح السعودية مع علي عبد الله صالح؟
الجواب: إن التحول الذي نراه في العلاقة بين السعودية وعلي عبدالله صالح ليس تحولًا ذاتيًّا بل هو جزءٌ من تنفيذ أجندة أميركا في تقسيم اليمن وإجهاض أي تحرك شعبي حقيقي يمكن أن يهدد المصالح الإستراتيجية لأميركا في المنطقة.
ولذلك لا يجب أن ننسى أن دخول التحالف العربي عسكريًّا لليمن كان بأمر من أميركا بعد أن مهدت هذه الأخيرة الطريق أمام أنصار الله للوصول إلى الحكم وطرد جناح منصور هادي من صنعاء.
وإن ما يلاحظ من تقارب بين علي صالح والسعودية ليس جديدًا بل هو استكمال لهذا المخطط الذي مما اقتضاه في مرحلته الأولى تقوية دور حزب المؤتمر الشعبي العام - جناح منصور وإضعاف قوة ودور حزب التجمع اليمني للإصلاح.
صحيح أن السعودية قد أعلنت الحرب على صالح وحليفه الحوثي ولكن ذلك كان ضمن عملية التخلص من التجمع اليمني في الشمال وتقوية دور الانفصاليين في الجنوب.
ولذلك وجدنا الإمارات قد تبنت الجماعات السلفية في محافظات الجنوب وجعلتها سندًا للحراك الانفصالي بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فيما تبنت السعودية المؤتمر الشعبي العام جناح منصور هادي دون أن تتخلى كليًّا عن جناح علي عبدالله صالح .
واليوم وبعد أن توطدت الأوضاع السياسية والأمنية في السياق الذي تريده أميركا جاء الوقت لتفعيل دور المؤتمر الشعبي - جناح صالح من جديد وتحقيق المصالحة بينه وبين جناح منصور هادي وحاضنته السعودية.
أما بالنسبة للحوثي فإن إيران هي من تتولى رعايته وتوجيهه ضمن السياق العام لخطة أميركا في تقسيم اليمن وبالتعاون السري بينها وبين السعودية في ظل عهد محمد بن سلمان.
وفي هذا السياق بدأت الإمارات والسعودية في إيجاد ترتيبات لعقد مصالحات بين جناحي المؤتمر الشعبي كمقدمة لتسوية سياسية قادمة في الشمال تنتهي بحكومة جديدة يتولى فيها أحمد علي عبدالله صالح (المقيم في الإمارات) منصب وزير الدفاع. فقد تناقلت أنباء أن وفدًا عسكريًّا من "التحالف العربي" التقى في منتصف حزيران/يونيو 2017 مع العميد أحمد علي عبدالله صالح في الإمارات، دون كشف عن طبيعة اللقاء ومحتواه. كما وردت أنباء عن زيارة قام بها القيادي في جماعة أنصار الله، يوسف الفيشي، المقرَّب من علي عبدالله صالح إلى ظهران الجنوب في السعودية.
وفي إطار الحملة الهادفة لإعادة تسويق حزب "المؤتمر" بجناحيه في اليمن، كتب وكيل وزارة الإعلام في حكومة هادي، نجيب غلاب، منشورًا على "فيسبوك" ذكر فيه أن "المؤتمر لا يزال القوة اليمنية الأكثر قدرة على التحرك للخروج من المعضلة التي تزداد تعقيداً يومياً". وأضاف قائلًا: "المؤتمر كحزب لا يحمل أي عداء ضد السعودية والخليج بل إنه أكثر الأحزاب قدرة على التناغم الكامل مع منظورات الأمن الجديد الذي فرضته التحولات".
إن ما يجري في اليمن من مصالحة بين السعودية وجناح علي صالح يدخل كذلك في سياق السياسة العامة التي تسير فيها أميركا مؤخرًا من إعادة تأهيل ما يسمى بـ"أزلام الثورة المضادة" في المنطقة ليعودوا للمشهد السياسي من باب المصالحة (السبسي في تونس، سيف الإسلام في ليبيا، صالح في اليمن). فهؤلاء وتوابعهم وهم الأحرص على تنفيذ مخططات أميركا الإستراتيجية لطمعهم بعودة أمجادهم الزائفة بعد أن أجهضت واشنطن وحلفاؤها تطلعات الشعوب في المنطقة الإسلامية للتغيير والانعتاق بعد المعاناة الشديدة لأبناء الأمة من مسرحية ما أسموه بالربيع العربي التي وضعت نتائجها الناس بين الانعتاق والتغيير ونتائجه المدمرة فضلًا عن عدم الحصول على شيء من ذلك وبين الأمان من القتل والتهجير والدمار والخيانة دون تحقيق أية آمال تنشدها الأمة التي أمعن الكفار وأدواتهم في ظلمها حتى كادت ترضى بأخف الضررين.
أما بالنسبة لليمن خصوصًا فإن أكثر ما يخيف حكام السعودية وبقية دول الخليج هو أن تمتد التحركات الشعبية في اليمن إلى وعي الشعب في الخليج أو أن يتوسع خطر الحوثي إلى شيعة الخليج. ولمنع حصول ذلك تسير السعودية وبقية دول الخليج في المشروع الأميركي لتقسيم اليمن إلى ثلاثة أقاليم في صنعاء والمكلا وعدن. ولن تجد أميركا وعملاؤها في السعودية وبقية دول الخليج أفضل من علي عبدالله صالح لتحقيق هكذا مشاريع بعد التوافق مع منصور هادي والحوثي وعيدروس الزبيدي وبعد التخلص من تأثير حزب التجمع اليمني للإصلاح.
السؤال الثاني: ما هو الرأي في حادثة الدهس في برشلونة وتداعياتها؟
الجواب: إن عملية الدهس في مدينتي برشلونة وكامبرس والتي تمت بتاريخ 17/8/2017 جاءت في ظل الظروف التالية:
أولًا: من المعلوم أن حكومة كاتلونيا أعلنت في بداية حزيران/يونيو الفائت أن استفتاءً عامًّا حول استقلال هذا الإقليم عن إسبانيا سيجري في 1 تشرين أول/أكتوبر2017. وحيث أن المحكمة الدستورية الإسبانية لا تزال ترفض قرار إجراء استفتاء حول استقلال كاتلونيا دخلت الحكومة المركزية في مجريط (مدريد) في مفاوضات سرية مع حكومة الإقليم للوصول إلى بديل آخر غير الاستفتاء على الانفصال الذي يعتبر غير قانوني من وجهة نظر الحكومة المركزية والمحكمة الدستورية في العاصمة.
ويبدو أن هذه المفاوضات لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوة من قبل الحكومة الإسبانية، ولذلك فلا بد من فرض إجراءات أمنية في إقليم كاتلونيا – وهذا ما تمخضت عنه عملية الدهس- تمنع السير في موضوع الاستفتاء وتنذر سياسيي الإقليم (وهذا مما يتوافق مع السياسة الأميركية في أوروبا) بأنه لا سبيل إلى الحصول على استقلال للإقليم؛ لأن ذلك له تأثير الدومينو على مجمل الإقاليم التي تطمح للانفصال في أوروبا، وهي أقاليم كثيرة جدًا.
وإن أهمية بقاء الوضع الجغرافي على حاله ومنع عمليات الانفصال داخل أوروبا يمثل مصلحة أميركية في إبقاء سياسة التوزان بأوروبا مستمرة كما هي، دون إخلال أو تغيير في ميزانيات الدفاع والتركيبات السكانية التي لا يمكن المحافظة عليها لو حصل أي تغيير في الجغرافيا السياسية لدول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها.
ثانيًا: أما في الجوار المغربي، فمن المعلوم أن شمال المغرب أو ما يعرف بـ"الريف" يعيش حالة من الاحتجاج والمظاهرات المستمرة منذ شهور بسبب ما تعتبره المعارضة الريفية اعتداءً على "الحريات الفردية والجماعية" في التعبير والتنظم من قبل قوات الدرك و"المخزن" المغربي.
ويمثل هذا الموضوع ظاهريًا قلقًا كبيرًا بالنسبة للحكومة الإسبانية بسبب إمكانية تأثيره في الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، والأهم من ذلك هو الخوف من إمكانية انتقال تلك التحركات الشعبية إلى مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين من إسبانيا والموجودتين في منطقة "الريف" نفسها. ولكن الحقيقة أن إسبانيا نفسها لها يد خفية في هذه التحركات وهي تنوب عن أميركا في دفع أجندة انفصال "الريف".
وأمام هذه الأوضاع الجارية في "الريف" أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية يوم 14/8/2017 أنها ستعمد إلى استعمال وسائل تكنولوجية متطورة جدًا لمراقبة حدود سبتة ومليلة المحتلتين، في مقدمتها طائرات حديثة من دون طيار (درون) ستتكلف بمسح الشريط الحدودي بعد تنامي اقتحام المهاجرين للسياج الحدودي بالمدينتين شمال المغرب. ولكن هذا الإجراء تعارضه الحكومة المغربية كثيرًا لأن هذه الطائرات ستأخذ صورًا من داخل التراب المغربي.
ومن هنا جاءت عملية الدهس في اقليم كاتلونيا التي "تبناها" تنظيم الدولة (داعش) حتى تعزز الشعور بالحاجة إلى استعمال تقنية طائرات الدرون وكل أجهزة المراقبة والتجسس وجمع المعطيات عن شمال المغرب بحجة التصدي لخطر داعش والهجرة غير النظامية. وما يؤكد ذلك أن السلطات الإسبانية أعلنت يوم 18/8/2017 أنها اعتقلت أربعة أشخاص يُشتبه في صلتهم بهجوم مدينتي برشلونة وكامبريلس وهم ثلاثة مغاربة وإسباني من مدينة مليلية.
أما فيما يتعلق بتبعات عملية هجوم برشلونة ضمن عموم السياسة الأميركية في أوروبا فهي التسريع باستصدار القوانين والإجراءات التي تحد من حركة الهجرة نحو إسبانيا وتسمح للشرطة الإسبانية بالقيام باقتحامات البيوت بدعوى محاربة الإرهاب بغض النظر عن "حقوق الإنسان" و"الحريات" الفردية التي يتشدقون بها في صالوناتهم الفكرية ووسائل اعلامهم.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه من خلال هذه العملية وغيرها من العمليات، التي تخطط لها وتنفذها خلية الحرب التابعة لحلف الناتو والمسماة بغلاديو (الخنجر الصغير)، يجري تأجيج نار الإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب. ففي الوقت الذي دعا فيه رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، إلى رد عالمي على ما وصفه بـ"الإرهاب الجهادي"، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا، مباشرة بعد هجوم برشلونة، هاشتاغات بالإسبانية تحت عنوان "stop islam"، (أوقفوا الإسلام) احتوت على حملة واسعة من التحريض ضد المسلمين. بينما هدد عمدة مدينة البندقية الإيطالية اليميني لويجي برونيارو بإطلاق النار على كل من يصيح بعبارة "الله أكبر" في ساحة عامة، وأضاف: "سنرسلهم مباشرة إلى الله، قبل أن يلحقوا ضررًا بنا"، في تصريحات تثير الكراهية ليس للمسلمين في إيطاليا فحسب، بل في سائر أوروبا أيضًا.
3/ذي الحجة/1438هـ
25/8/2017م
أجوبة أسئلة
السؤال الأول: ما حقيقة تقارب أو تصالح السعودية مع علي عبد الله صالح؟
الجواب: إن التحول الذي نراه في العلاقة بين السعودية وعلي عبدالله صالح ليس تحولًا ذاتيًّا بل هو جزءٌ من تنفيذ أجندة أميركا في تقسيم اليمن وإجهاض أي تحرك شعبي حقيقي يمكن أن يهدد المصالح الإستراتيجية لأميركا في المنطقة.
ولذلك لا يجب أن ننسى أن دخول التحالف العربي عسكريًّا لليمن كان بأمر من أميركا بعد أن مهدت هذه الأخيرة الطريق أمام أنصار الله للوصول إلى الحكم وطرد جناح منصور هادي من صنعاء.
وإن ما يلاحظ من تقارب بين علي صالح والسعودية ليس جديدًا بل هو استكمال لهذا المخطط الذي مما اقتضاه في مرحلته الأولى تقوية دور حزب المؤتمر الشعبي العام - جناح منصور وإضعاف قوة ودور حزب التجمع اليمني للإصلاح.
صحيح أن السعودية قد أعلنت الحرب على صالح وحليفه الحوثي ولكن ذلك كان ضمن عملية التخلص من التجمع اليمني في الشمال وتقوية دور الانفصاليين في الجنوب.
ولذلك وجدنا الإمارات قد تبنت الجماعات السلفية في محافظات الجنوب وجعلتها سندًا للحراك الانفصالي بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فيما تبنت السعودية المؤتمر الشعبي العام جناح منصور هادي دون أن تتخلى كليًّا عن جناح علي عبدالله صالح .
واليوم وبعد أن توطدت الأوضاع السياسية والأمنية في السياق الذي تريده أميركا جاء الوقت لتفعيل دور المؤتمر الشعبي - جناح صالح من جديد وتحقيق المصالحة بينه وبين جناح منصور هادي وحاضنته السعودية.
أما بالنسبة للحوثي فإن إيران هي من تتولى رعايته وتوجيهه ضمن السياق العام لخطة أميركا في تقسيم اليمن وبالتعاون السري بينها وبين السعودية في ظل عهد محمد بن سلمان.
وفي هذا السياق بدأت الإمارات والسعودية في إيجاد ترتيبات لعقد مصالحات بين جناحي المؤتمر الشعبي كمقدمة لتسوية سياسية قادمة في الشمال تنتهي بحكومة جديدة يتولى فيها أحمد علي عبدالله صالح (المقيم في الإمارات) منصب وزير الدفاع. فقد تناقلت أنباء أن وفدًا عسكريًّا من "التحالف العربي" التقى في منتصف حزيران/يونيو 2017 مع العميد أحمد علي عبدالله صالح في الإمارات، دون كشف عن طبيعة اللقاء ومحتواه. كما وردت أنباء عن زيارة قام بها القيادي في جماعة أنصار الله، يوسف الفيشي، المقرَّب من علي عبدالله صالح إلى ظهران الجنوب في السعودية.
وفي إطار الحملة الهادفة لإعادة تسويق حزب "المؤتمر" بجناحيه في اليمن، كتب وكيل وزارة الإعلام في حكومة هادي، نجيب غلاب، منشورًا على "فيسبوك" ذكر فيه أن "المؤتمر لا يزال القوة اليمنية الأكثر قدرة على التحرك للخروج من المعضلة التي تزداد تعقيداً يومياً". وأضاف قائلًا: "المؤتمر كحزب لا يحمل أي عداء ضد السعودية والخليج بل إنه أكثر الأحزاب قدرة على التناغم الكامل مع منظورات الأمن الجديد الذي فرضته التحولات".
إن ما يجري في اليمن من مصالحة بين السعودية وجناح علي صالح يدخل كذلك في سياق السياسة العامة التي تسير فيها أميركا مؤخرًا من إعادة تأهيل ما يسمى بـ"أزلام الثورة المضادة" في المنطقة ليعودوا للمشهد السياسي من باب المصالحة (السبسي في تونس، سيف الإسلام في ليبيا، صالح في اليمن). فهؤلاء وتوابعهم وهم الأحرص على تنفيذ مخططات أميركا الإستراتيجية لطمعهم بعودة أمجادهم الزائفة بعد أن أجهضت واشنطن وحلفاؤها تطلعات الشعوب في المنطقة الإسلامية للتغيير والانعتاق بعد المعاناة الشديدة لأبناء الأمة من مسرحية ما أسموه بالربيع العربي التي وضعت نتائجها الناس بين الانعتاق والتغيير ونتائجه المدمرة فضلًا عن عدم الحصول على شيء من ذلك وبين الأمان من القتل والتهجير والدمار والخيانة دون تحقيق أية آمال تنشدها الأمة التي أمعن الكفار وأدواتهم في ظلمها حتى كادت ترضى بأخف الضررين.
أما بالنسبة لليمن خصوصًا فإن أكثر ما يخيف حكام السعودية وبقية دول الخليج هو أن تمتد التحركات الشعبية في اليمن إلى وعي الشعب في الخليج أو أن يتوسع خطر الحوثي إلى شيعة الخليج. ولمنع حصول ذلك تسير السعودية وبقية دول الخليج في المشروع الأميركي لتقسيم اليمن إلى ثلاثة أقاليم في صنعاء والمكلا وعدن. ولن تجد أميركا وعملاؤها في السعودية وبقية دول الخليج أفضل من علي عبدالله صالح لتحقيق هكذا مشاريع بعد التوافق مع منصور هادي والحوثي وعيدروس الزبيدي وبعد التخلص من تأثير حزب التجمع اليمني للإصلاح.
السؤال الثاني: ما هو الرأي في حادثة الدهس في برشلونة وتداعياتها؟
الجواب: إن عملية الدهس في مدينتي برشلونة وكامبرس والتي تمت بتاريخ 17/8/2017 جاءت في ظل الظروف التالية:
أولًا: من المعلوم أن حكومة كاتلونيا أعلنت في بداية حزيران/يونيو الفائت أن استفتاءً عامًّا حول استقلال هذا الإقليم عن إسبانيا سيجري في 1 تشرين أول/أكتوبر2017. وحيث أن المحكمة الدستورية الإسبانية لا تزال ترفض قرار إجراء استفتاء حول استقلال كاتلونيا دخلت الحكومة المركزية في مجريط (مدريد) في مفاوضات سرية مع حكومة الإقليم للوصول إلى بديل آخر غير الاستفتاء على الانفصال الذي يعتبر غير قانوني من وجهة نظر الحكومة المركزية والمحكمة الدستورية في العاصمة.
ويبدو أن هذه المفاوضات لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوة من قبل الحكومة الإسبانية، ولذلك فلا بد من فرض إجراءات أمنية في إقليم كاتلونيا – وهذا ما تمخضت عنه عملية الدهس- تمنع السير في موضوع الاستفتاء وتنذر سياسيي الإقليم (وهذا مما يتوافق مع السياسة الأميركية في أوروبا) بأنه لا سبيل إلى الحصول على استقلال للإقليم؛ لأن ذلك له تأثير الدومينو على مجمل الإقاليم التي تطمح للانفصال في أوروبا، وهي أقاليم كثيرة جدًا.
وإن أهمية بقاء الوضع الجغرافي على حاله ومنع عمليات الانفصال داخل أوروبا يمثل مصلحة أميركية في إبقاء سياسة التوزان بأوروبا مستمرة كما هي، دون إخلال أو تغيير في ميزانيات الدفاع والتركيبات السكانية التي لا يمكن المحافظة عليها لو حصل أي تغيير في الجغرافيا السياسية لدول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها.
ثانيًا: أما في الجوار المغربي، فمن المعلوم أن شمال المغرب أو ما يعرف بـ"الريف" يعيش حالة من الاحتجاج والمظاهرات المستمرة منذ شهور بسبب ما تعتبره المعارضة الريفية اعتداءً على "الحريات الفردية والجماعية" في التعبير والتنظم من قبل قوات الدرك و"المخزن" المغربي.
ويمثل هذا الموضوع ظاهريًا قلقًا كبيرًا بالنسبة للحكومة الإسبانية بسبب إمكانية تأثيره في الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، والأهم من ذلك هو الخوف من إمكانية انتقال تلك التحركات الشعبية إلى مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين من إسبانيا والموجودتين في منطقة "الريف" نفسها. ولكن الحقيقة أن إسبانيا نفسها لها يد خفية في هذه التحركات وهي تنوب عن أميركا في دفع أجندة انفصال "الريف".
وأمام هذه الأوضاع الجارية في "الريف" أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية يوم 14/8/2017 أنها ستعمد إلى استعمال وسائل تكنولوجية متطورة جدًا لمراقبة حدود سبتة ومليلة المحتلتين، في مقدمتها طائرات حديثة من دون طيار (درون) ستتكلف بمسح الشريط الحدودي بعد تنامي اقتحام المهاجرين للسياج الحدودي بالمدينتين شمال المغرب. ولكن هذا الإجراء تعارضه الحكومة المغربية كثيرًا لأن هذه الطائرات ستأخذ صورًا من داخل التراب المغربي.
ومن هنا جاءت عملية الدهس في اقليم كاتلونيا التي "تبناها" تنظيم الدولة (داعش) حتى تعزز الشعور بالحاجة إلى استعمال تقنية طائرات الدرون وكل أجهزة المراقبة والتجسس وجمع المعطيات عن شمال المغرب بحجة التصدي لخطر داعش والهجرة غير النظامية. وما يؤكد ذلك أن السلطات الإسبانية أعلنت يوم 18/8/2017 أنها اعتقلت أربعة أشخاص يُشتبه في صلتهم بهجوم مدينتي برشلونة وكامبريلس وهم ثلاثة مغاربة وإسباني من مدينة مليلية.
أما فيما يتعلق بتبعات عملية هجوم برشلونة ضمن عموم السياسة الأميركية في أوروبا فهي التسريع باستصدار القوانين والإجراءات التي تحد من حركة الهجرة نحو إسبانيا وتسمح للشرطة الإسبانية بالقيام باقتحامات البيوت بدعوى محاربة الإرهاب بغض النظر عن "حقوق الإنسان" و"الحريات" الفردية التي يتشدقون بها في صالوناتهم الفكرية ووسائل اعلامهم.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه من خلال هذه العملية وغيرها من العمليات، التي تخطط لها وتنفذها خلية الحرب التابعة لحلف الناتو والمسماة بغلاديو (الخنجر الصغير)، يجري تأجيج نار الإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب. ففي الوقت الذي دعا فيه رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، إلى رد عالمي على ما وصفه بـ"الإرهاب الجهادي"، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا، مباشرة بعد هجوم برشلونة، هاشتاغات بالإسبانية تحت عنوان "stop islam"، (أوقفوا الإسلام) احتوت على حملة واسعة من التحريض ضد المسلمين. بينما هدد عمدة مدينة البندقية الإيطالية اليميني لويجي برونيارو بإطلاق النار على كل من يصيح بعبارة "الله أكبر" في ساحة عامة، وأضاف: "سنرسلهم مباشرة إلى الله، قبل أن يلحقوا ضررًا بنا"، في تصريحات تثير الكراهية ليس للمسلمين في إيطاليا فحسب، بل في سائر أوروبا أيضًا.
3/ذي الحجة/1438هـ
25/8/2017م