Abu Taqi
20-08-2017, 09:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
حول استفتاء كردستان العراق
انتهت زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري لتركيا، وهي الأولى من نوعها والتي جاءت بدعوة من رئيس الأركان التركي، وبدأت في الخامس عشر من الشهر الجاري ولمدة ثلاثة أيام، التقى خلالها عددًا من المسؤولين العسكريين الأتراك كما التقى بالرئيس أردوغان، وكانت الأخبار قد ذكرت أن المباحثات ستتناول الأوضاع في سوريا والعراق، كما ستتناول موضوع الاستفتاء في كردستان العراق، ويبدو أن هذا الموضوع الأخير هو سبب الزيارة الحقيقي، وذلك لقرب الاستفتاء حول تقرير المصير في الإقليم حيث تشكل القضية الكردية قلقًا للطرفين لتأثيرها المباشر على الأمن القومي لكلا البلدين.
وكان الزعيم الكردي مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان سبق أن أعلن عن موعد للاستفتاء على استقلال الإقليم سوف يتم إجراؤه بتاريخ 25/9/2017. ورغم أن نتائج هذا الاستفتاء، لو قدر له أن يجري، لن تستعمل في إعلان الاستقلال مباشرة؛ لأنها غير ملزمة و"ستكون بمثابة استطلاع آراء مواطني الإقليم لا أكثر"، لكنها تمثل خطوة عملية هامة في طريق كردستان الكبرى التي تسعى إليها أميركا ضمن مشروعها "الشرق الأوسط الكبير".
إن ما يجب أن ندركه أن مسألة استفتاء إقليم كردستان العراق وما يمكن أن يترتب عليها من إمكانية إعلان الاستقلال في مرحلة لاحقة ليست بمعزل عن السياسة الدولية لأميركا في المنطقة. صحيح أن مواقف الأحزاب الكردية المختلفة داخل الإقليم من هذه المسألة تنبع من صراعات داخلية حول موقعها في السلطة ونفوذها في الشارع الكردي، ولكن أيضًا يجب اعتبار مواقفها من مسألة الاستفتاء عملية تموضع في العلاقة مع أميركا وبخاصة بعد الإعلان عن انتهاء العمليات الحربية الكبرى ضد تنظيم الدولة (داعش) في الموصل.
فأول ما يجب أن ندركه أن الأحزاب الكردية في العراق (بما في ذلك الأحزاب ذات الميول الإسلامية) متفقة على مسألة استقلال الإقليم ولكنها مختلفة في كيفية وتوقيت حصول ذلك بسبب خوفها من أن استقلال كردستان سوف يكون بداية لأزمات اقتصادية وأمنية داخلية ومشاكل كبيرة للإقليم مع تركيا وإيران وحتى مع الحكومة المركزية في العراق التي لا يبدو أنها مستعدة لبحث مسألة الاستفتاء دون حل المشاكل السياسية والمالية والدستورية مع الإقليم.
موقف الأحزاب
حاولت أميركا أن يتفق الحزبان الرئيسيان في كردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني) على إجراء الاستفتاء من أجل فرض واقع جديد على الحكومة العراقية في بغداد يمهد للبحث في آليات الاستقلال عبر تسوية سياسية وبغض النظر عن الدستور العراقي. وبما أن الحزب الوطني الكردستاني –جناح كوسرت رسول ما زال متحفظًا إن لم يكن رافضًا لمسألة الاستفتاء دفعت أميركا بجناح زوجة جلال طالباني في الحزب الوطني الكردستاني إلى تأييد مواقف مسعود برزاني، بالإضافة إلى تأييد بعض الإسلاميين من الإخوان والسلفية الذين لا ثقل سياسيًّا لهم.
أما بقية الأحزاب الأخرى مثل حزب التغيير (حركة كوران) وجناح كوسرت رسول في الحزب الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني بالإضافة إلى العرب والتركمان، فهي متمسكة برفضها للاستفتاء؛ لأنها ترى فيه مجرد مناورة من مسعود برزاني للهروب من الاستحقاقات السياسية وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية. وهنا حاول مسعود برزاني أن يقدم وعدًا للأحزاب الرافضة بأنه سوف يقوم بإجراء انتخابات برلمانية وانتخاب رئيس جديد لٌلإقليم في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2017.
ولكن الأحزاب الرافضة للاستفتاء لا تثق كثيرًا بتعهدات برزاني الذي ما زال في الحكم رغم انتهاء ولايته منذ سنتين، ولذلك فهي تشترط أولًا تفعيل برلمان الإقليم وتحسين أوضاع المواطنين كشرط ضروري لحث جمهورها على المشاركة في عملية الاستفتاء. فهي ترى أن طرح الاستفتاء في هذا الوقت الحالي جاء من أجل تحقيق مكاسب حزبية ضيقة لمصلحة عائلة برزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني؛ وأهم هذه المكاسب هو البقاء في رئاسة الإقليم أطول فترة ممكنة.
ويبدو أن جبهة رفض الاستفتاء تتجه نحو التوسع ما لم يقم مسعود برزاني بتلبية شروط المعارضة. فقد شهدت مدينة السليمانية (معقل المعارضة) وبمشاركة شعبية ونخب ثقافية يوم 9/8/2017 حراكًا سياسيًّا تحت اسم "لا – في الوقت الحالي" يرفض الاستفتاء المزمع اجراؤه في أيلول/سبتمبر؛ لأنه "غير شرعي ومفتقر إلى السند القانوني والإجماع الوطني". وقد وجه هذا الحراك اتهامه للأحزاب المتبنية للاستفتاء بأنها تسببت في انقسام سكان الإقليم، إلى جبهتي "لا" و"نعم" بشكل حاد بدل جمعهم حول طرح وطني موحد في قضية مصيرية.
دعم الإمارات و"إسرائيل"
وأمام هذه الرفض الداخلي تسعى أميركا إلى توفير دعم إقليمي لموضوع الاستفتاء وجدته في الإمارات وإسرائيل. فالإمارات وبالنيابة عن أميركا تدعم بقوة خيار انفصال كردستان عن العراق من خلال تعهد أبوظبي لمسعود برزاني بتمويل مشروع الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه نهاية العام الحالي على الرغم من رفض الداخل الكردي وحكومة المركز في بغداد. فقد وقعت أربيل مذكرة تفاهم مع رئيس مركز الإمارات للسياسات ابتسام الكتبي؛ للمساعدة في تنظيم عملية استفتاء الانفصال. والملاحظ هنا أن الإمارات، وهي تعمل على إبعاد شراكة عائلة برزاني مع تركيا، قامت بدعمه ماليًّا عبر بوابة الاستثمارات في قطاعات الإسكان والصحة والسياحة، فضلًا عن الدعم الإغاثي والصحي للنازحين وبالشراكة مع "مؤسسة برزاني الخيرية".
أما الدعم الإقليمي الثاني الذي يحصل عليه مسعود برزاني فهو دعم "إسرائيل" وجهودها الدبلوماسية والسياسية في دعم الاستفتاء ومشروع الانفصال. فقد كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست"، في عددها الصادر يوم 12/6/2017، أن أحد مستشاري رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني قام قبل شهرين بزيارة إلى إسرائيل بهدف الحصول على إسناد إسرائيلي وتعهد بمحاولة تأمين دعم أميركي لمواجهة رفض الحكومة العراقية لانفصال الإقليم، والتغلب على حذر بعض الأطراف الدولية من هذه الفكرة.
وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن بشكل صريح دعم إسرائيل المطلق لإقامة دولة كردية. ومن أكثر المتحمسين لهذا المشروع هو وزير الداخلية الإسرائيلي السابق، جدعون ساعر، والذي يعد الرجل الثاني في حزب الليكود الحاكم. وفي مقابلة أجرتها معه "جيروزاليم بوست"، طالب ساعر، الذي كان من بين الشخصيات التي التقت مبعوث برزاني، الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقيادة تحرك عالمي وإقليمي لمساعدة إقليم كردستان في التحول إلى دولة.
مواقف بغداد وطهران وأنقرة
وأمام هذا الدعم من الامارات و"إسرائيل" للاستفتاء والانفصال نجد أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قد شن، خلال مؤتمر صحافي بتاريخ 18/7/2017، هجومًا شديد اللهجة على استفتاء الانفصال، مبينًا أن هذا الاستفتاء غير دستوري لأن إقليم كردستان جزءٌ من العراق، ومن مصلحة الأكراد أن يكونوا مع العراق. ويلقى هذا الموقف لحكومة بغداد دعمًا من قبل إيران وتركيا حيث يوجد ملايين الأكراد فيهما.
ورغم أن إيران متخوفة من أي استقلال لإقليم كردستان لكن تركيا تشعر أنها هي الأكثر تهديدًا في أمنها القومي من وجود هذا الكيان في الوقت الحالي بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني وحركته في كل من شمال العراق وشمال سوريا وجنوب تركيا. ولهذا السبب نجد أن تركيا هي الأكثر رفضًا لاستفتاء كردستان العراق وهي لا تزال تملك أوراق قوة في الإقليم بعد أن وثقت علاقاتها به وعقدت معه اتفاقيات أمنية واقتصادية يمكن أن تؤثر بها في استقرار الإقليم الحبيس والبعيد عن المنافذ البحرية.
وتعتبر زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري إلى تركيا زيارة بالغة الأهمية في العلاقات التركية الإيرانية. وتنبع أهمية هذه الزيارة، من أنها جاءت للتصدي لتبعات نتائج الاستفتاء في كردستان العراق حيث تدفع أميركا وأوروبا بشكل خفي أجندة فصل الإقليم.
وقد اختار وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو وجود رئيس الأركان الإيراني في أنقرة ليعلن يوم 16/8/2017 بقوة أن استفتاء أكراد العراق على الاستقلال "لن يؤدي سوى إلى تفاقم الوضع. يمكن -لا سمح الله- أن يؤدي إلى حرب أهلية".
على ان تركيا تأمل أن يكون من نتائج زيارة رئيس الأركان الإيراني لها أن تجد فرصًا للتعاون مع إيران وبشكل غير مباشر مع نظام بشار الأسد في هجومها المرتقب (سيف الفرات) بذريعة محاصرة جبهة النصرة (الإرهابية) في محافظة إدلب حيث تدرك تركيا دعم أميركا لتوسيع نفوذ وحدات الحماية الكردية انطلاقًا من عفرين من أجل منع تركيا من إطلاق عمليتها العسكرية التي من أهم أهدافها حماية منطقة درع الفرات وطرد الوحدات الكردية من عفرين وإقامة قاعدة عسكرية تركية في إدلب بمشاركة قوات من روسيا وكازاخستان. ومن هنا استحوذت محافظة إدلب على حيز مهم في المباحثات التركية الإيرانية خلال هذه الزيارة.
متابعة سياسية
حول استفتاء كردستان العراق
انتهت زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري لتركيا، وهي الأولى من نوعها والتي جاءت بدعوة من رئيس الأركان التركي، وبدأت في الخامس عشر من الشهر الجاري ولمدة ثلاثة أيام، التقى خلالها عددًا من المسؤولين العسكريين الأتراك كما التقى بالرئيس أردوغان، وكانت الأخبار قد ذكرت أن المباحثات ستتناول الأوضاع في سوريا والعراق، كما ستتناول موضوع الاستفتاء في كردستان العراق، ويبدو أن هذا الموضوع الأخير هو سبب الزيارة الحقيقي، وذلك لقرب الاستفتاء حول تقرير المصير في الإقليم حيث تشكل القضية الكردية قلقًا للطرفين لتأثيرها المباشر على الأمن القومي لكلا البلدين.
وكان الزعيم الكردي مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان سبق أن أعلن عن موعد للاستفتاء على استقلال الإقليم سوف يتم إجراؤه بتاريخ 25/9/2017. ورغم أن نتائج هذا الاستفتاء، لو قدر له أن يجري، لن تستعمل في إعلان الاستقلال مباشرة؛ لأنها غير ملزمة و"ستكون بمثابة استطلاع آراء مواطني الإقليم لا أكثر"، لكنها تمثل خطوة عملية هامة في طريق كردستان الكبرى التي تسعى إليها أميركا ضمن مشروعها "الشرق الأوسط الكبير".
إن ما يجب أن ندركه أن مسألة استفتاء إقليم كردستان العراق وما يمكن أن يترتب عليها من إمكانية إعلان الاستقلال في مرحلة لاحقة ليست بمعزل عن السياسة الدولية لأميركا في المنطقة. صحيح أن مواقف الأحزاب الكردية المختلفة داخل الإقليم من هذه المسألة تنبع من صراعات داخلية حول موقعها في السلطة ونفوذها في الشارع الكردي، ولكن أيضًا يجب اعتبار مواقفها من مسألة الاستفتاء عملية تموضع في العلاقة مع أميركا وبخاصة بعد الإعلان عن انتهاء العمليات الحربية الكبرى ضد تنظيم الدولة (داعش) في الموصل.
فأول ما يجب أن ندركه أن الأحزاب الكردية في العراق (بما في ذلك الأحزاب ذات الميول الإسلامية) متفقة على مسألة استقلال الإقليم ولكنها مختلفة في كيفية وتوقيت حصول ذلك بسبب خوفها من أن استقلال كردستان سوف يكون بداية لأزمات اقتصادية وأمنية داخلية ومشاكل كبيرة للإقليم مع تركيا وإيران وحتى مع الحكومة المركزية في العراق التي لا يبدو أنها مستعدة لبحث مسألة الاستفتاء دون حل المشاكل السياسية والمالية والدستورية مع الإقليم.
موقف الأحزاب
حاولت أميركا أن يتفق الحزبان الرئيسيان في كردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني) على إجراء الاستفتاء من أجل فرض واقع جديد على الحكومة العراقية في بغداد يمهد للبحث في آليات الاستقلال عبر تسوية سياسية وبغض النظر عن الدستور العراقي. وبما أن الحزب الوطني الكردستاني –جناح كوسرت رسول ما زال متحفظًا إن لم يكن رافضًا لمسألة الاستفتاء دفعت أميركا بجناح زوجة جلال طالباني في الحزب الوطني الكردستاني إلى تأييد مواقف مسعود برزاني، بالإضافة إلى تأييد بعض الإسلاميين من الإخوان والسلفية الذين لا ثقل سياسيًّا لهم.
أما بقية الأحزاب الأخرى مثل حزب التغيير (حركة كوران) وجناح كوسرت رسول في الحزب الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني بالإضافة إلى العرب والتركمان، فهي متمسكة برفضها للاستفتاء؛ لأنها ترى فيه مجرد مناورة من مسعود برزاني للهروب من الاستحقاقات السياسية وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية. وهنا حاول مسعود برزاني أن يقدم وعدًا للأحزاب الرافضة بأنه سوف يقوم بإجراء انتخابات برلمانية وانتخاب رئيس جديد لٌلإقليم في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2017.
ولكن الأحزاب الرافضة للاستفتاء لا تثق كثيرًا بتعهدات برزاني الذي ما زال في الحكم رغم انتهاء ولايته منذ سنتين، ولذلك فهي تشترط أولًا تفعيل برلمان الإقليم وتحسين أوضاع المواطنين كشرط ضروري لحث جمهورها على المشاركة في عملية الاستفتاء. فهي ترى أن طرح الاستفتاء في هذا الوقت الحالي جاء من أجل تحقيق مكاسب حزبية ضيقة لمصلحة عائلة برزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني؛ وأهم هذه المكاسب هو البقاء في رئاسة الإقليم أطول فترة ممكنة.
ويبدو أن جبهة رفض الاستفتاء تتجه نحو التوسع ما لم يقم مسعود برزاني بتلبية شروط المعارضة. فقد شهدت مدينة السليمانية (معقل المعارضة) وبمشاركة شعبية ونخب ثقافية يوم 9/8/2017 حراكًا سياسيًّا تحت اسم "لا – في الوقت الحالي" يرفض الاستفتاء المزمع اجراؤه في أيلول/سبتمبر؛ لأنه "غير شرعي ومفتقر إلى السند القانوني والإجماع الوطني". وقد وجه هذا الحراك اتهامه للأحزاب المتبنية للاستفتاء بأنها تسببت في انقسام سكان الإقليم، إلى جبهتي "لا" و"نعم" بشكل حاد بدل جمعهم حول طرح وطني موحد في قضية مصيرية.
دعم الإمارات و"إسرائيل"
وأمام هذه الرفض الداخلي تسعى أميركا إلى توفير دعم إقليمي لموضوع الاستفتاء وجدته في الإمارات وإسرائيل. فالإمارات وبالنيابة عن أميركا تدعم بقوة خيار انفصال كردستان عن العراق من خلال تعهد أبوظبي لمسعود برزاني بتمويل مشروع الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه نهاية العام الحالي على الرغم من رفض الداخل الكردي وحكومة المركز في بغداد. فقد وقعت أربيل مذكرة تفاهم مع رئيس مركز الإمارات للسياسات ابتسام الكتبي؛ للمساعدة في تنظيم عملية استفتاء الانفصال. والملاحظ هنا أن الإمارات، وهي تعمل على إبعاد شراكة عائلة برزاني مع تركيا، قامت بدعمه ماليًّا عبر بوابة الاستثمارات في قطاعات الإسكان والصحة والسياحة، فضلًا عن الدعم الإغاثي والصحي للنازحين وبالشراكة مع "مؤسسة برزاني الخيرية".
أما الدعم الإقليمي الثاني الذي يحصل عليه مسعود برزاني فهو دعم "إسرائيل" وجهودها الدبلوماسية والسياسية في دعم الاستفتاء ومشروع الانفصال. فقد كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست"، في عددها الصادر يوم 12/6/2017، أن أحد مستشاري رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني قام قبل شهرين بزيارة إلى إسرائيل بهدف الحصول على إسناد إسرائيلي وتعهد بمحاولة تأمين دعم أميركي لمواجهة رفض الحكومة العراقية لانفصال الإقليم، والتغلب على حذر بعض الأطراف الدولية من هذه الفكرة.
وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن بشكل صريح دعم إسرائيل المطلق لإقامة دولة كردية. ومن أكثر المتحمسين لهذا المشروع هو وزير الداخلية الإسرائيلي السابق، جدعون ساعر، والذي يعد الرجل الثاني في حزب الليكود الحاكم. وفي مقابلة أجرتها معه "جيروزاليم بوست"، طالب ساعر، الذي كان من بين الشخصيات التي التقت مبعوث برزاني، الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقيادة تحرك عالمي وإقليمي لمساعدة إقليم كردستان في التحول إلى دولة.
مواقف بغداد وطهران وأنقرة
وأمام هذا الدعم من الامارات و"إسرائيل" للاستفتاء والانفصال نجد أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قد شن، خلال مؤتمر صحافي بتاريخ 18/7/2017، هجومًا شديد اللهجة على استفتاء الانفصال، مبينًا أن هذا الاستفتاء غير دستوري لأن إقليم كردستان جزءٌ من العراق، ومن مصلحة الأكراد أن يكونوا مع العراق. ويلقى هذا الموقف لحكومة بغداد دعمًا من قبل إيران وتركيا حيث يوجد ملايين الأكراد فيهما.
ورغم أن إيران متخوفة من أي استقلال لإقليم كردستان لكن تركيا تشعر أنها هي الأكثر تهديدًا في أمنها القومي من وجود هذا الكيان في الوقت الحالي بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني وحركته في كل من شمال العراق وشمال سوريا وجنوب تركيا. ولهذا السبب نجد أن تركيا هي الأكثر رفضًا لاستفتاء كردستان العراق وهي لا تزال تملك أوراق قوة في الإقليم بعد أن وثقت علاقاتها به وعقدت معه اتفاقيات أمنية واقتصادية يمكن أن تؤثر بها في استقرار الإقليم الحبيس والبعيد عن المنافذ البحرية.
وتعتبر زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري إلى تركيا زيارة بالغة الأهمية في العلاقات التركية الإيرانية. وتنبع أهمية هذه الزيارة، من أنها جاءت للتصدي لتبعات نتائج الاستفتاء في كردستان العراق حيث تدفع أميركا وأوروبا بشكل خفي أجندة فصل الإقليم.
وقد اختار وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو وجود رئيس الأركان الإيراني في أنقرة ليعلن يوم 16/8/2017 بقوة أن استفتاء أكراد العراق على الاستقلال "لن يؤدي سوى إلى تفاقم الوضع. يمكن -لا سمح الله- أن يؤدي إلى حرب أهلية".
على ان تركيا تأمل أن يكون من نتائج زيارة رئيس الأركان الإيراني لها أن تجد فرصًا للتعاون مع إيران وبشكل غير مباشر مع نظام بشار الأسد في هجومها المرتقب (سيف الفرات) بذريعة محاصرة جبهة النصرة (الإرهابية) في محافظة إدلب حيث تدرك تركيا دعم أميركا لتوسيع نفوذ وحدات الحماية الكردية انطلاقًا من عفرين من أجل منع تركيا من إطلاق عمليتها العسكرية التي من أهم أهدافها حماية منطقة درع الفرات وطرد الوحدات الكردية من عفرين وإقامة قاعدة عسكرية تركية في إدلب بمشاركة قوات من روسيا وكازاخستان. ومن هنا استحوذت محافظة إدلب على حيز مهم في المباحثات التركية الإيرانية خلال هذه الزيارة.